کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تقريب القرآن إلى الأذهان

الجزء الخامس

تتمة سورة فصلت 42 سورة الشورى مكية - مدنية/ آياتها(54) 43 سورة الزخرف مكية/ آياتها(90) 44 سورة الدخان مكية/ آياتها(60) 45 سورة الجاثية مكية آياتها/(38) 46 سورة الأحقاف مكية/ آياتها(36) 47 سورة محمد مدنية/ آياتها(39) 48 سورة الفتح مدنية: آياتها(30) 49 سورة الحجرات مدنية/ آياتها(19) 50 سورة(ق) مكية/ آياتها(46) 51 سورة الذاريات مكية/ آياتها(61) 52 سورة الطور مكية/ آياتها(50) 53 سورة النجم مكية - مدنية/ آياتها(63) 54 سورة القمر مكية/ آياتها(56) 55 سورة الرحمن مكية أو مدنية/ آياتها(79) 56 سورة الواقعة مكية/ آياتها(97) 57 سورة الحديد مدنية/ آياتها(30) 58 سورة المجادلة مدنية/ آياتها(23) 59 سورة الحشر مدنية/ آياتها(25) 60 سورة الممتحنة مدنية/ آياتها(14) 61 سورة الصف مدنية/ آياتها(15) 62 سورة الجمعة مدنية/ آياتها(12) 63 سورة المنافقون مدنية/ آياتها(12) 64 سورة التغابن مدنية/ آياتها(19) 65 سورة الطلاق مدنية/ آياتها(13) 66 سورة التحريم مدنية/ آياتها(13) 67 سورة الملك مكية/ آياتها(31) 68 سورة القلم مكية/ آياتها(53) 69 سورة الحاقة مكية/ آياتها(53) 70 سورة المعارج مكية/ آياتها(45) 71 سورة نوح مكية/ آياتها(29) 72 سورة الجن مكية/ آياتها(29) 73 سورة المزمل مكية - مدنية/ آياتها(21) 74 سورة المدثر مكية/ آياتها(57) 75 سورة القيامة مكية/ آياتها(41) 76 سورة الإنسان مدنية/ آياتها(32) 77 سورة المرسلات مكية/ آياتها(51) 78 سورة النبأ مكية/ آياتها(41) 79 سورة النازعات مكية/ آياتها(47) 80 سورة عبس مكية/ آياتها(43) 81 سورة التكوير مكية/ آياتها(30) 82 سورة الإنفطار مكية/ آياتها(20) 83 سورة المطففين مكية - مدنية/ آياتها(37) 84 سورة الانشقاق مكية/ آياتها(26) 85 سورة البروج مكية/ آياتها(23) 86 سورة الطارق مكية/ آياتها(18) 87 سورة الأعلى مكية/ آياتها(20) 88 سورة الغاشية مكية/ آياتها(27) 89 سورة الفجر مكية/ آياتها(31) 90 سورة البلد مكية/ آياتها(21) 91 سورة الشمس مكية/ آياتها(16) 92 سورة الليل مكية/ آياتها(22) 93 سورة الضحى مكية/ آياتها(12) 94 سورة الشرح مكية/ آياتها(9) 95 سورة التين مكية/ آياتها(9) 96 سورة العلق مكية/ آياتها(20) 97 سورة القدر مكية أو مدنية/ آياتها(6) 98 سورة البينة مدنية أو مكية/ آياتها(9) 99 سورة الزلزلة مدنية أو مكية/ آياتها(9) 100 سورة العاديات مدنية أو مكية/ آياتها(12) 101 سورة القارعة مكية أو مدنية/ آياتها(12) 102 سورة التكاثر مكية/ آياتها(9) 103 سورة العصر مكية/ آياتها(4) 104 سورة الهمزة مكية/ آياتها(10) 105 سورة الفيل مكية/ آياتها(6) 106 سورة قريش مكية/ آياتها(5) 107 سورة الماعون مكية أو مدنية/ آياتها(8) 108 سورة الكوثر مكية أو مدنية/ آياتها(4) 109 سورة الكافرون مكية أو مدنية/ آياتها(7) 110 سورة النصر مدنية/ آياتها(4) 111 سورة المسد مكية/ آياتها(6) 112 سورة الإخلاص مكية أو مدنية/ آياتها(5) 113 سورة الفلق مدنية/ آياتها(6) 114 سورة الناس مدنية/ آياتها(7) المصادر و المراجع

تقريب القرآن إلى الأذهان


صفحه قبل

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 136

هناك إسماعيل و أمه هاجر، دون إسحاق و أمه سارة، فقد كانا عنده قرب فلسطين، حيث مخيمه و مضيفه و ماشيته، و قد أمر الله سبحانه إبراهيم بهذا الإسكان، عند البيت لينتشر البلاغ و الدعوة من هناك، و قد كان إبراهيم يتراوح بين مكة و فلسطين، و قد صار ما قدره الله سبحانه من انتشار الدعوة من هناك، و لعلّ جعل إسماعيل الصغير و أمه هاجر، في تلك الصحراء القفر الموحش حكمة جلب أنظار المارة، و من حولهم- بعيدا- في الأخبية من البدو النزل، إلى هذا البيت، فيكون ذلك سببا للهداية فإن الفطرة البشرية تعطف على المظلوم و الغريب و الكسير و من إليهم، مما يهيئ الجو المستعد للبلاغ و الإرشاد.

عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ‏ و إنما قال عليه السّلام عند بيتك و لم يبين بعد، لأن البيت كان سابقا على إبراهيم و لذا ورد أن آدم عليه السّلام حج البيت، و إنما خرّب بعد ذلك حتى ذهب أثره، إما بفعل الطبيعة، أو بعض الأشخاص كما قال بعض المفسرين أنه خربه «طسم» و «جديس» و إضافة البيت إليه سبحانه تشريفي، و وصف البيت بالمحرم لأنه لا يجوز الوصول إليه إلا بالإحرام، أو بمعنى العظيم الحرمة، أو لأنه يحرم فيه بعض الأشياء كالصيد و ما أشبه.

رَبَّنا إني قد أسكنتهم هناك‏ لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ و لعلّ المراد إقامتها بإرشاد الناس إليها و دعوتهم إلى الصلاة، لا أنهم يصلونها، فإن ذلك كان ممكنا حتى عند غير البيت، أو المراد أن كونهم في البيت هو الذي يحفزهم على إقامة الصلاة، فإن الإنسان إذا كان في مراكز القدس، يمثل نفسه إلى الابتهال و الاتصال بالله سبحانه، بخلاف‏

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 137

[سورة إبراهيم (14): آية 38]

رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى‏ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ (38)

الإنسان الذي هو بعيد فإن المحيط يوحي بما يحمل معه من المعاني الخيرة أو الشريرة فَاجْعَلْ‏ يا رب‏ أَفْئِدَةً جمع فؤاد، و هو القلب‏ مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ‏ أي تميل إليهم و تهواهم، و ذلك سبب لتعمير البيت أولا، و إقبال الناس على الحق ثانيا، و سيادة الذرية ثالثا، و من المعلوم أن من المرغوب فيه أن يكون أبناء الإنسان سادة، سواء للدين أو الدنيا، كما قال سبحانه حكاية عن المؤمنين ( وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) «1» هذا بالإضافة إلى إصلاح أمور معايشهم إذا هوتهم الأفئدة فاختلف الناس إليهم.

وَ ارْزُقْهُمْ‏ يا رب‏ مِنَ الثَّمَراتِ‏ و لعل هذا الدعاء كان لأجل أن مكة لجدب أرضها لا تنبت ثمرا، إلا أن يشاء الله أن يؤتي إليها بالثمار، و قد استجاب الله كل دعاء إبراهيم عليه السّلام التي منها هذا الدعاء، فإن مكة إلى هذا اليوم يجبي إليها ثمرات كل شي‏ء، فالحاج يرى هناك من أنواع الثمار المجبية من أطراف الأرض ما يدهشه‏ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ‏ أي لكي يشكروا نعمك و يعرفوا فضلك فيفوزوا بسعادة الدنيا و الآخرة، و «لعلّ»، علة لما تقدّمه من أدعية إبراهيم عليه السّلام أي افعل بهم كذا و كذا لكي يشكروا، أو رجاء أن يشكروا فإن الإنسان جبل على شكر المنعم.

[39] ثم يظهر إبراهيم عليه السّلام أن دعائه بتلك الدعوات ليس لمظاهر ريائية، و إنما الأدعية انقطاع إليه سبحانه، و تضرع و طلب من الله، و كيف‏

(1) الفرقان: 75.

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 138

[سورة إبراهيم (14): آية 39]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (39)

يمكن لإبراهيم عليه السّلام أن يريد المظهر في دعائه أو يجد الرياء إلى عمله سبيلا- كبعض الداعين- و هو العالم بأن الله سبحانه يعلم ما خفي و ما علن؟ رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي‏ في نفوسنا، أو نخفيه عن الناس‏ وَ ما نُعْلِنُ‏ بإظهاره أمام الملأ، فلا نفعل شيئا إلا لك و من أجلك، في حال نراك رقيبا علينا تعلم خفايانا وَ ما يَخْفى‏ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ فهو المطلع على كل شي‏ء، و لعل ذكر هذه الأدعية هنا، للتعريض بكفار قريش حيث استجاب الله فيهم دعاء إبراهيم، فالحرم آمن، و الثمرات تجبى، و القلوب تهوى محلهم، مع ذلك هم يكفرون بالله، و لا يقيمون الصلاة، و أعمالهم رياء و مكاء و تصدية.

[40] ثم أخذ إبراهيم عليه السّلام في الشكر، فإن الشكر مفتاح إجابة الأدعية، إذ الشاكر يزاد و الكفور يزاد، كما قال سبحانه ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) «1» فقال عليه السّلام‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ أي كبر سنّي‏ إِسْماعِيلَ‏ ابن هاجر وَ إِسْحاقَ‏ ابن سارة إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ أي يسمع دعاء من دعاه، و ليس كسائر العظماء لا يسمعون إلا دعاء بعض الناس لهم، أو المراد بسميع الدعاء، أنه يستجيب، لأنه ربما يكون كناية عنه.

(1) إبراهيم: 8.

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 139

[سورة إبراهيم (14): الآيات 40 الى 41]

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (41)

[41] يا رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ بأمر الناس لها و الإرشاد إليها، أو المراد أدم توفيقك لأكون في المستقبل مقيما كما كنت في الماضي كذلك، مثل‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي‏ اجعلهم مقيمين للصلاة، و دخول «من» هنا و في قوله عليه السّلام «من الناس» إما للنشوء و الجنس أي أفئدة من هذا الجنس، و اجعل من جنس ذريتي فيكون الدعاء عاما، و لا منافاة بين دعاء الخير للعموم و إن علم الإنسان أنه لا يستجاب إلا لبعض، كما

في الدعاء: «اللهم اغفر للمسلمين و المسلمات»

و إما للتبعيض و إنما دعاه للبعض، لأنه علم عدم الاستجابة بالنسبة إلى الكل‏ رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ أي دعائي، و حذف ياء المتكلم تخفيفا، لدلالة الكسرة عليه.

[42] رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَ‏ و المراد بالغفران الستر، و ذلك لا ينافي عدم العصيان فإن للمعصومين عليهم السّلام حالات مباحة، بل راجحة هي دون شأنهم لا يحبون أن تظهر للملأ، كما أن كل أحد فهو قاصر أو مقصّر بالنسبة إلى مقامه سبحانه، و إن صرف كل وقته في طاعته، كما نجد هذا بالوجدان فيما لو استضاف الإنسان ملكا و هيّأ له كل إمكاناته، مما كانت قاصرة عن شأن الملك، فإنه يعتذر و يطلب غفرانه، و على هذا يحمل ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ) «1» و أمثال ذلك- على وجه- و التفصيل في علم الكلام‏ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ يدخل فيهم المؤمنات، و إنما أتى بالمذكر تغليبا يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ‏

(1) الفتح: 3.

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 140

[سورة إبراهيم (14): الآيات 42 الى 43]

وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (43)

أي يقوم الخلق للحساب، فالإسناد مجاز عقلي.

[43] و إذ يفرغ الكلام حول المثال بالنبي العظيم إبراهيم عليه السّلام، للعبد الصالح لله سبحانه يرجع السياق نحو «الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً» فلا يظن أولئك أنهم عملوا ما شاؤوا بلا رقيب و لا حساب، بل أنهم يؤخّرون حتى يأتي دورهم يوم القيامة وَ لا تَحْسَبَنَ‏ أي لا تظنن يا رسول الله، أو كل من يتأتى منه التفكر في أمثال هذه الشؤون‏ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ‏ بأنفسهم، أو بغيرهم، فإن الله سبحانه عالم بكل حركة و سكون منهم، و أن كل أعمالهم تكتب في كتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها، و إنما لا يعجّل بالأخذ و الانتقام لمصلحة مقررة، و أن يثيب المظلوم، و يظهر ما في نفس الظالم، لئلا يكون له حجة إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ‏ أي الظالمين يؤخر عقابهم‏ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ شخوص البصر ذهولها و عدم غمضها، فإن يوم القيامة لا يدع المجرم أن يغمض بصره، بل هو كالإنسان المسافر الذي لا يهدأ، شاخص نحو الأهوال الجارية في القباحة ليرى ماذا يصنع به؟.

[44] في حال كون الظالمين‏ مُهْطِعِينَ‏ الإهطاع الإسراع، أي يسرعون إلى هنا و هناك لعلهم يجدون شفيعا أو مخلصا مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ‏ الإقناع رفع الرأس، أي رافعين رؤوسهم إلى السماء ليروا ماذا ينزل من طرفها حيث يرون الآيات الهائلة المتتالية التي تنزل من طرف العلو،

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 141

[سورة إبراهيم (14): آية 44]

وَ أَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (44)

أو المراد ناكسي رؤوسهم- قيل و هو لغة قريش- كما قال سبحانه:

( وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) «1» و لا تنافي فإن مواقف القيامة كثيرة، ففي موقع يكونون هكذا، و في موقع هكذا لا يَرْتَدُّ أي لا يرجع‏ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ‏ أي عينهم فإنهم لا يطبقونها و لا يغمضونها، إذ هي مفتوحة مذهولة مبهوتة وَ أَفْئِدَتُهُمْ‏ أي قلوبهم‏ هَواءٌ أي مجوّفة لا تعي شيئا للخوف و الفزع، شبهت بهواء الجو، و ذلك لأن الإنسان الخائف لا تحضر نفسه لفهم شي‏ء حيث توجهت جميع حواسه إلى ذلك الخوف الهائل.

[45] وَ أَنْذِرِ يا رسول الله‏ النَّاسَ‏ عن‏ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ‏ هو يوم القيامة، أو يوم الموت، فإن العذاب يشرع من هناك، أو المراد عذاب الدنيا حين الاحتضار و نحوه‏ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر أو العصيان‏ رَبَّنا أَخِّرْنا أي أرجعنا إلى الدنيا، أو مدّ في أعمارنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ‏ أي مدة قصيرة نُجِبْ دَعْوَتَكَ‏ «نجب» مجزوم بكونه جواب الأمر، أي إن تؤخرنا نجب دعوتك و أوامرك‏ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ‏ فيما قالوا و أمروا و لكن هيهات أن يردّوا أو يؤخروا، لأنهم استوفوا مدتهم، و لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه، و هنا يتوجه الخطاب إليهم بالتقريع‏ أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أيها الظالمون‏

(1) السجدة: 13.

تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏3، ص: 142

[سورة إبراهيم (14): الآيات 45 الى 46]

وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (45) وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (46)

أَقْسَمْتُمْ‏ حلفتم‏ مِنْ قَبْلُ‏ في دار الدنيا ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ‏ و انتقال عن دار الدنيا إلى دار الآخرة، و من نعيم الدنيا إلى جحيم العذاب؟ فهل كان ذلك صحيحا؟

[46] وَ سَكَنْتُمْ‏ أيها الظالمون‏ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ‏ قبلكم فلم تعتبروا بأحوالهم، فكيف تطلبون الآن أن نؤخركم إلى أجل قريب حتى تتوبوا؟ فإن كانت نفوسكم مستعدة للتوبة، لتبتم قبل هذا اليوم حيت رأيتم مساكن الظالمين، و سكنتم فيها وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ‏ من الإهلاك و الاستئصال‏ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ‏ على لسان الأنبياء و الصالحين، فقد بينوا لكم أخبار الماضين من قبلكم كيف عتوا عن أوامر الله سبحانه، و كيف أن الله سبحانه عاقبهم و أخذهم، فلم ينفع فيكم ذلك، أو المراد ضرب المثل عملا بإهلاك الطغاة و إبادتهم عن الوجود.

صفحه بعد