کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

جامع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

مقدمة المؤلف

(القول فى البيان عن اتفاق معانى آي القرآن و معانى منطق من نزل بلسانه من وجه البيان و الدلالة على أن ذلك من الله جل و عز هو الحكمة البالغة مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام) (القول فى البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب و ألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم) (القول فى اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب) القول فى البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة و ذكر الاخبار المروية بذلك القول فى الوجوه التي من قبلها يوصل الى معرفة تأويل القرآن ذكر بعض الاخبار التي رويت بالنهى عن القول فى تأويل القرآن بالرأى ذكر بعض الاخبار التي رويت فى الحض على العلم بتفسير القرآن و من كان يفسره من الصحابة ذكر بعض الاخبار التي غلط فى تأويلها منكر و القول فى تأويل القرآن ذكر الاخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير و من كان منهم مذموما علمه بذلك (القول فى تاويل أسماء القرآن و سوره و آيه) القول فى تأويل أسماء فاتحة الكتاب القول فى تأويل الاستعاذة
تفسير سورة الفاتحة تفسير سورة البقرة

جامع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 385

لا قيم بأمركم سواي، و لا ناصر لكم غيري، و أنا المنفرد بولايتكم و الدفاع عنكم، و المتوحد بنصرتكم بعزي و سلطاني و قوتي على من ناوأكم و حادكم و نصب حرب العداوة بينه و بينكم، حتى أعلي حجتكم، و أجعلها عليهم لكم. و الولي معناه" فعيل"، من قول القائل: وليت أمر فلان: إذا صرت قيما به فأنا أليه فهو وليه و قيمه؛ و من ذلك قيل: فلان ولي عهد المسلمين، يعني به: القائم بما عهد إليه من أمر المسلمين.

و أما النصير فإنه فعيل من قولك: نصرتك أنصرك فأنا ناصرك و نصيرك؛ و هو المؤيد و المقوي. و أما معنى قوله: مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ فإنه سوى الله و بعد الله. و منه قول أمية بن أبي الصلت:

يا نفس مالك دون الله من واقي‏

و ما على حدثان الدهر من باقي‏

يريد: مالك سوى الله و بعد الله من يقيك المكاره. فمعنى الكلام إذا: و ليس لكم أيها المؤمنون بعد الله من قيم بأمركم و لا نصير فيؤيدكم و يقويكم فيعينكم على أعدائكم. القول في تأويل قوله تعالى:

أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية. فقال بعضهم بما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثني يونس بن بكير، و حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قالا: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال:

حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس‏ : قال رافع بن حريملة و وهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه و سلم: ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه و فجر لنا أنهارا نتبعك و نصدقك فأنزل الله في ذلك من قولهم: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ الآية. و قال آخرون بما:

حدثنا بشر بن معاذ، قال ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ و كان موسى يسأل فقيل له: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي‏ : أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ أن يريهم الله جهرة، فسألت العرب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يأتيهم بالله فيروه جهرة. و قال آخرون بما:

حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ أن يريهم الله جهرة. فسألت قريش محمدا صلى الله عليه و سلم أن يجعل الله له الصفا ذهبا، قال:" نعم، و هو لكم ك مائدة بني إسرائيل إن كفرتم".

فأبوا و رجعوا. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال:

سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا، فقال:" نعم، و هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم".

فأبوا و رجعوا، فأنزل الله‏ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ أن يريهم الله جهرة.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. و قال آخرون بما: حدثني به المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية ، قال: قال رجل: يا رسول الله لو كانت كفاراتنا كفارات بني إسرائيل فقال النبي صلى الله عليه و سلم:

" اللهم لا نبغيها ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل؛ فقال النبي: كانت بنو إسرائيل إذا فعل أحدهم الخطيئة

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 386

وجدها مكتوبة على بابه و كفارتها، فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا، و إن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة. و قد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل، قال: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً " قال: و قال:" الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن". و قال:" من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها، و لا يهلك على الله إلا ها لك". فأنزل الله: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى‏ مِنْ قَبْلُ‏ . و اختلف أهل العربية في معنى‏ أَمْ‏ التي في قوله: أَمْ تُرِيدُونَ‏ . فقال بعض البصريين: هي بمعنى الاستفهام، و تأويل الكلام: أ تريدون أن تسألوا رسولكم؟ و قال آخرون منهم: هي بمعنى استفهام مستقبل منقطع من الكلام، كأنك تميل بها إلى أوله كقول العرب: إنها لإِبل يا قوم أم شاء، و لقد كان كذا و كذا أم حدس نفسي. قال: و ليس قوله: أَمْ تُرِيدُونَ‏ على الشك؛ و لكنه قاله ليقبح له صنيعهم. و استشهد لقوله ذلك ببيت الأَخطل:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط

غلس الظلام من الرباب خيالا

و قال بعض نحويي الكوفيين: إن شئت جعلت قوله: أَمْ تُرِيدُونَ‏ استفهاما على كلام قد سبقه، كما قال جل ثناؤه: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏ فجاءت" أم" و ليس قبلها استفهام. فكان ذلك عنده دليلا على أنه استفهام مبتدأ على كلام سبقه. و قال قائل هذه المقالة:" أم" في المعنى تكون ردا على الاستفهام على جهتين، إحداهما: أن تعرف معنى" أي"، و الأَخرى أن يستفهم بها، و يكون على جهة النسق، و الذي ينوي به الابتداء؛ إلا أنه ابتداء متصل بكلام، فلو ابتدأت كلاما ليس قبله كلام ثم استفهمت لم يكن إلا بالأَلف أو ب" هل". قال: و إن شئت قلت في قوله: أَمْ تُرِيدُونَ‏ قبله استفهام، فرد عليه و هو في قوله: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ . و الصواب من القول في ذلك عندي على ما جاءت به الآثار التي ذكرناها عن أهل التأويل أنه استفهام مبتدأ بمعنى: أ تريدون أيها القوم أن تسألوا رسولكم؟ و إنما جاز أن يستفهم القوم ب" أم" و إن كانت" أم" أحد شروطها أن تكون نسقا في الاستفهام لتقدم ما تقدمها من الكلام؛ لأَنها تكون استفهاما مبتدأ إذا تقدمها سابق من الكلام، و لم يسمع من العرب استفهام بها و لم يتقدمها كلام. و نظيره قوله جل ثناؤه: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏ . و قد تكون" أم" بمعنى" بل" إذا سبقها استفهام لا يصلح فيه" أي"، فيقولون: هل لك قبلنا حق، أم أنت رجل معروف بالظلم؟ و قال الشاعر:

فو الله ما أدري أسلمى تغولت‏

أم القوم أم كل إلي حبيب‏

يعني: بل كل إلي حبيب. و قد كان بعضهم يقول منكرا قول من زعم أن" أم" في قوله: أَمْ تُرِيدُونَ‏ استفهام مستقبل منقطع من الكلام يميل بها إلى أوله أن الأَول خبر و الثاني استفهام، و الاستفهام لا يكون في الخبر، و الخبر لايكون في الاستفهام؛ و لكن أدركه الشك بزعمه بعد مضي الخبر، فاستفهم. فإذا كان معنى" أم" ما وصفنا، فتأويل الكلام: أ تريدون أيها القوم أن تسألوا رسولكم من الأَشياء نظير ما سأل قوم موسى من قبلكم، فتكفروا إن منعتموه في مسألتكم ما لا يجوز في حكمة الله إعطاؤكموه، أو أن تهلكوا، إن كان مما يجوز في حكمته عطاؤكموه فأعطاكموه ثم كفرتم من بعد ذلك، كما هلك من كان‏

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 387

قبلكم من الأَمم التي سألت أنبياءها ما لم يكن لها مسألتها إياهم، فلما أعطيت كفرت، فعوجلت بالعقوبات لكفرها بعد إعطاء الله إياها سؤلها. القول في تأويل قوله تعالى: وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ‏ . يعني جل ثناؤه بقوله: وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ‏ و من يستبدل الكفر؛ و يعني بالكفر: الجحود بالله و بآياته‏ بِالْإِيمانِ‏ ، يعني بالتصديق بالله و بآياته و الإِقرار به. و قد قيل عني بالكفر في هذا الموضع الشدة و بالإِيمان الرخاء. و لا أعرف الشدة في معاني الكفر، و لا الرخاء في معنى الإِيمان، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بتأويله الكفر بمعنى الشدة في هذا الموضع و بتأويله الإِيمان في معنى الرخاء ما أعد الله للكفار في الآخرة من الشدائد، و ما أعد الله لأَهل الإِيمان فيها من النعيم، فيكون ذلك وجها و إن كان بعيدا من المفهوم بظاهر الخطاب. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه أبي جعفر، عن أبي العالية : وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ‏ يقول: يتبدل الشدة بالرخاء. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسن، قال: حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية بمثله. و في قوله: وَ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ‏ دليل واضح على ما قلنا من أن هذه الآيات من قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا خطاب من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و عتاب منه لهم على أمر سلف منهم مما سر به اليهود و كرهه رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم، فكرهه الله لهم. فعاتبهم على ذلك، و أعلمهم أن اليهود أهل غش لهم و حسد و بغي، و أنهم يتمنون لهم المكاره و يبغونهم الغوائل، و نهاهم أن ينتصحوهم، و أخبرهم أن من ارتد منهم عن دينه فاستبدل بإيمانه كفرا فقد أخطأ قصد السبيل. القول في تأويل قوله تعالى: فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ‏ . أما قوله:

فَقَدْ ضَلَ‏ فإنه يعني به ذهب و حاد. و أصل الضلال عن الشي‏ء: الذهاب عند و الحيد. ثم يستعمل في الشي‏ء الهالك و الشي‏ء الذي لا يؤبه له، كقولهم للرجل الخامل الذي لا ذكر له و لا نباهة: ضل بن ضل، و قل بن قل؛ كقول الأَخطل في الشي‏ء الهالك:

كنت القذى في موجز أكبر مزبد

قذف الأَتي به فضل ضلالا

يعني: هلك فذهب. و الذي عنى الله تعالى ذكره بقوله: فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ‏ فقد ذهب عن سواء السبيل و حاد عنه. و أما تأويل قوله: سَواءَ السَّبِيلِ‏ فإنه يعني بالسواء: القصد و المنهج، و أصل السواء:

الوسط؛ ذكر عن عيسى بن عمر النحوي أنه قال:" ما زلت أكتب حتى انقطع سوائي"، يعني وسطي. و قال حسان بن ثابت:

يا ويح أنصار النبي و نسله‏

بعد المغيب في سواء الملحد

يعني بالسواء الوسط. و العرب تقول: هو في سواء السبيل، يعني في مستوى السبيل. و سواء الأَرض مستواها عندهم، و أما السبيل فإنها الطريق المسبول، صرف من مسبول إلى سبيل. فتأويل الكلام إذا: و من يستبدل بالإِيمان بالله و برسوله الكفر فيرتد عن دينه، فقد حاد عن منهج الطريق و وسطه الواضح المسبول. و هذا القول ظاهره الخبر عن زوال المستبدل بالإِيمان و الكفر عن الطريق، و المعنى‏

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 388

به الخبر عنه أنه ترك دين الله الذي ارتضاه لعباده و جعله لهم طريقا يسلكونه إلى رضاه، و سبيلا يركبونها إلى محبته و الفوز بجناته. فجعل جل ثناؤه الطريق الذي إذا ركب محجته السائر فيه و لزم وسطه المجتاز فيه، نجا و بلغ حاجته و أدرك طلبته لدينه الذي دعا إليه عباده مثلا لإِدراكهم بلزومه و اتباعه إدراكهم طلباتهم في آخرتهم، كالذي يدرك اللازم محجة السبيل بلزومه إياها طلبته من النجاة منها، و الوصول إلى الموضع الذي أمه و قصده. و جعل مثل الحائد عن دينه و الحائد عن اتباع ما دعاه إليه من عبادته في حياته ما رجا أن يدركه بعمله في آخرته و ينال به في معاده و ذهابه عما أمل من ثواب عمله و بعده به من ربه، مثل الحائد عن منهج الطريق و قصد السبيل، الذي لا يزداد وغولا في الوجه الذي سلكه إلا ازداد من موضع حاجته بعدا، و عن المكان الذي أمه و أراده نأيا. و هذه السبيل التي أخبر الله عنها أن من يتبدل الكفر بالإِيمان فقد ضل سواءها، هي الصراط المستقيم الذي أمرنا بمسألته الهداية له بقوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ . القول في تأويل قوله تعالى:

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً قال أبو جعفر:

و قد صرح هذا القول من قول الله جل ثناؤه، بأن خطابه بجميع هذه الآيات من قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا و إن صرف في نفسه الكلام إلى خطاب النبي صلى الله عليه و سلم، إنما هو خطاب منه للمؤمنين و أصحابه، و عتاب منه لهم، و نهي عن انتصاح اليهود و نظرائهم من أهل الشرك و قبول آرائهم في شي‏ء من أمور دينهم، و دليل على أنهم كانوا استعملوا، أو من استعمل منهم في خطابه و مسألته رسول الله صلى الله عليه و سلم الجفاء، و ما لم يكن له استعماله معه، تأسيا باليهود في ذلك أو ببعضهم. فقال لهم ربهم ناهيا عن استعمال ذلك: لا تقولوا لنبيكم صلى الله عليه و سلم كما تقول له اليهود:" راعنا" تأسيا منكم بهم، و لكن قولوا:" انظرنا و اسمعوا"، فإن أذى رسول الله صلى الله عليه و سلم كفر بي و جحود لحقي الواجب لي عليكم في تعظيمه و توقيره، و لمن كفر بي عذاب أليم؛ فإن اليهود و المشركين ما يودون أن ينزل عليكم من خير من ربكم، و لكن كثيرا منهم ودوا أنهم يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم لكم و لنبيكم محمد صلى الله عليه و سلم، من بعد ما تبين لهم الحق في أمر محمد و أنه نبي إليهم و إلى خلقي كافة. و قد قيل إن الله جل ثناؤه عنى بقوله: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ‏ كعب بن الأَشرف. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري‏ في قوله: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ‏ هو كعب بن الأَشرف. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان العمري، عن معمر، عن الزهري و قتادة : وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ‏ قال: كعب بن الأَشرف. و قال بعضهم بما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق. و حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس‏ قال: كان حيي بن أخطب و أبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا، إذ

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 389

خصهم الله برسوله صلى الله عليه و سلم، و كانا جاهدين في رد الناس عن الإِسلام بما استطاعا، فأنزل الله فيهما: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ‏ الآية. و ليس لقول القائل عنى بقوله: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ‏ كعب بن الأَشرف معنى مفهوم؛ لأَن كعب بن الأَشرف واحد، و قد أخبر الله جل ثناؤه أن كثيرا منهم يودون لو يردون المؤمنين كفارا بعد إيمانهم. و الواحد لا يقال له كثير بمعنى الكثرة في العدد، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بوجه الكثرة التي وصف الله بها من وصفه بها فى هذه الآية الكثرة في العز و رفعة المنزلة في قومه و عشيرته، كما يقال: فلان في الناس كثير، يراد به كثرة المنزلة و القدر. فإن كان أراد ذلك فقد أخطأ، لأَن الله جل ثناؤه قد وصفهم بصفة الجماعة، فقال: لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً فذلك دليل على أنه عنى الكثرة في العدد. أو يكون ظن أنه من الكلام الذي يخرج مخرج الخبر عن الجماعة، و المقصود بالخبر عنه الواحد، نظير ما قلنا آنفا في بيت جميل؛ فيكون ذلك أيضا خطأ، و ذلك أن الكلام إذا كان بذلك المعنى فلا بد من دلالة فيه تدل على أن ذلك معناه، و لا دلالة تدل في قوله: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ‏ أن المراد به واحد دون جماعة كثيرة، فيجوز صرف تأويل الآية إلى ذلك و إحالة دليل ظاهره إلى غير الغالب في الاستعمال. القول في تأويل قوله تعالى:

حَسَداً . و يعني جل ثناؤه بقوله: حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏ أن كثيرا من أهل الكتاب يودون للمؤمنين ما أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يودونه لهم من الردة عن إيمانهم إلى الكفر حسدا منهم و بغيا عليهم. و الحسد إذا منصوب على غير النعت للكفار، و لكن على وجه المصدر الذي يأتي خارجا من معنى الكلام الذي يخالف لفظه لفظ المصدر، كقول القائل لغيره: تمنيت لك ما تمنيت من السوء حسدا مني لك. فيكون الحسن مصدرا من معنى قوله: تمنيت من السوء؛ لأَن في قوله تمنيت لك ذلك، معنى حسدتك على ذلك. فعلى هذا نصب الحسد، لأَن في قوله: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً يعني: حسدكم أهل الكتاب على ما أعطاكم الله من التوفيق، و وهب لكم من الرشاد لدينه و الإِيمان برسوله، و خصكم به من أن جعل رسوله إليكم رجلا منكم رءوفا بكم رحيما، و لم يجعله منهم، فتكونوا لهم تبعا. فكان قوله: حَسَداً مصدرا من ذلك المعنى.

و أما قوله: مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏ فإنه يعني بذلك: من قبل أنفسهم، كما يقول القائل: لي عندك كذا و كذا، بمعنى: لي قبلك. و كما: حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه أبو جعفر، عن الربيع بن أنس‏ قوله: مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ‏ قال: من قبل أنفسهم. و إنما أخبر الله جل ثناؤه عنهم المؤمنين أنهم ودوا ذلك للمؤمنين من عند أنفسهم إعلاما منه لهم بأنهم لم يؤمروا بذلك في كتابهم، و أنهم يأتون ما يأتون من ذلك على علم منهم بنهي الله إياهم عنه. القول في تأويل قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ . يعني جل ثناؤه بقوله: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ أي من بعد ما تبين لهؤلاء الكثير من أهل الكتاب الذين يودون أنهم يردونكم كفارا من بعد إيمانكم الحق في أمر محمد صلى الله عليه و سلم و ما جاء به من عند ربه و الملة التي دعا إليها فأضاء لهم أن ذلك الحق الذي لا يمترون فيه. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة :

مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ من بعد ما تبين لهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و الإِسلام دين‏

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 390

الله. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية : مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ يقول: تبين لهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإِنجيل.

حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه أبو جعفر، عن الربيع‏ ، مثله؛ و زاد فيه: فكفروا به حسدا و بغيا، إذ كان من غيرهم. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي‏ : مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ قال: الحق: هو محمد صلى الله عليه و سلم؛ فتبين لهم أنه هو الرسول. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد : مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ قال: قد تبين لهم أنه رسول الله.

قال أبو جعفر: فدل بقوله ذلك أن كفر الذين قص قصتهم في هذه الآية بالله و برسوله عناد، و على علم منهم و معرفة، بأنهم على الله مفترون. كما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس‏ : مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ‏ يقول الله تعالى ذكره: من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئا، و لكن الحسد حملهم على الجحد. فعيرهم الله و لامهم و وبخهم أشد الملامة. القول في تأويل قوله تعالى: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ يعني جل ثناؤه بقوله: فَاعْفُوا فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة و خطأ في رأي أشاروا به عليكم في دينكم، إرادة صدكم عنه، و محاولة ارتدادكم بعد إيمانكم و عما سلف منهم من قيلهم لنبيكم صلى الله عليه و سلم:

اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ‏ و اصفحوا عما كان منهم من جهل في ذلك حتى يأتي الله بأمره، فيحدث لكم من أمره فيكم ما يشاء، و يقضي فيهم ما يريد. فقضى فيهم تعالى ذكره، و أتى بأمره، فقال لنبيه صلى الله عليه و سلم و للمؤمنين به: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ‏ فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم و الصفح بفرض قتالهم على المؤمنين حتى تصير كلمتهم و كلمة المؤمنين واحدة، أو يؤدوا الجزية عن يد صغارا. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس‏ قوله: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و نسخ ذلك قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏ . حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة : فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ فأتى الله بأمره فقال:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ حتى بلغ: وَ هُمْ صاغِرُونَ‏ أي صغارا و نقمة لهم؛ فنسخت هذه الآية ما كان قبلها: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ . حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال:

ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه أبو جعفر، عن الربيع‏ في قوله: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ قال: اعفوا عن أهل الكتاب حتى يحدث الله أمرا. فأحدث الله بعد فقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى: وَ هُمْ صاغِرُونَ‏ . حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أما معمر، عن قتادة في قوله: فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ قال: نسختها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏ . حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي‏ : فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ‏ قال: هذا

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 391

منسوح، نسخه‏ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله: وَ هُمْ صاغِرُونَ‏ . القول في تأويل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ قال أبو جعفر: قد دللنا فيما مضى على معنى القدير و أنه القوي. فمعنى الآية هاهنا: أن الله على كل ما يشاء بالذين وصفت لكم أمرهم من أهل الكتاب و غيرهم قدير، إن شاء الانتقام منهم بعنادهم ربهم و إن شاء هداهم لما هداكم الله له من الإِيمان، لا يتعذر عليه شي‏ء أراده و لايتعذر عليه أمر شاء قضاءه؛ لأَن له الخلق و الأَمر. القول في تأويل قوله تعالى:

وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ قال أبو جعفر: قد دللنا فيما مضى على معنى إقامة الصلاة و أنها أداؤها بحدودها و فروضها، و على تأويل الصلاة و ما أصلها، و على معنى إيتاء الزكاة و أنه إعطاؤها بطيب نفس على ما فرضت و وجبت، و على معنى الزكاة و اختلاف المختلفين فيها، و الشواهد الدالة على صحة القول الذي اخترنا في ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. و أما قوله: وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ‏ فإنه يعني جل ثناؤه بذلك:

و مهما تعملوا من عمل صالح في أيام حياتكم فتقدموه قبل وفاتكم ذخرا لأَنفسكم في معادكم، تجدوا ثوابه عند ربكم يوم القيامة، فيجازيكم به. و الخير: هو العمل الذي يرضاه الله. و إنما قال: تَجِدُوهُ‏ و المعنى:

تجدوا ثوابه. كما: حدثت عن عمار بن الحسن. قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه أبو جعفر، عن الربيع‏ قوله:

تَجِدُوهُ‏ يعني: تجدوا ثوابه عند الله. قال أبو جعفر: لاستغناء سامعي ذلك بدليل ظاهر على معنى المراد منه، كما قال عمر بن لجأ:

و سبحت المدينة لا تلمها

رأت قمرا بسوقهم نهارا

و إنما أراد: و سبح أهل المدينة. و إنما أمرهم جل ثناؤه في هذا الموضع بما أمرهم به من إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و تقديم الخيرات لأَنفسهم، ليطهروا بذلك من الخطأ الذي سلف منهم في استنصاحهم اليهود، و ركون من كان ركن منهم إليهم، و جفاء من كان جفا منهم في خطابه رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله: راعِنا إذ كانت إقامة الصلوات كفارة للذنوب، و إيتاء الزكاة تطهيرا للنفوس و الأَبدان من أدناس الآثام، و في تقديم الخيرات إدراك الفوز برضوان الله. القول في تأويل قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . و هذا خبر من الله جل ثناؤه للذين خاطبهم بهذه الآيات من المؤمنين أنهم مهما فعلوا من خير و شر سرا و علانية، فهو به بصير لايخفى عليه منه شي‏ء، فيجزيهم بالإِحسان جزاءه و بالإِساءة مثلها. و هذا الكلام و إن كان خرج مخرج الخبر، فإن فيه وعدا و وعيدا، و أمرا و زجرا؛ و ذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ليجدوا في طاعته، إذ كان ذلك مذخورا لهم عنده حتى يثيبهم عليه، كما قال: وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ‏ و ليحذروا معصيته، إذ كان مطلعا على راكبها بعد تقدمه إليه فيها بالوعيد عليها. و ما أوعد عليه ربنا جل ثناؤه فمنهي عنه، و ما وعد عليه فمأمور به. و أما قوله: بَصِيرٌ فإنه مبصر صرف إلى بصير، كما صرف مبدع إلى بديع، و مؤلم إلى أليم. القول في تأويل قوله تعالى:

صفحه بعد