کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 289
زيد من البصرة خرج فعل و زيد اسم و من حرف فيجعل كلا من الثلاثة محكوما عليه لكن وضع غير قصدي و لا يصير اللفظ به مشتركا و لا يفهم منه معنى مسماه و قد اتفق لبعض الأفعال أن وضعت لها أسماء أخر غير لفظها تطلق و يراد بها الأفعال من حيث دلالتها على معانيها لا من حيث إنها يراد بها أنفسها و سموها أسماء الأفعال فإذا قلت آمين مثلا فهم منه لفظ استجب أو ما يرادفه مقصودا به طلب الاستجابة كما في قولك اللهم استجب لا مقصودا به نفسه كما في قولك استجب صيغة أمر و بذلك صح كونها اسما و إن استفدنا منها معاني الأفعال لأن مدلولاتها التي وضعت هي لها ألفاظ لم يعتبر معها اقترانها بزمان و أما المعاني المقترنة بالزمان فهي مدلولة لتلك الألفاظ ينتقل من الأسماء إليها بواسطتها و هذا تأويل مناسب لتسميتها بأسماء الأفعال كذا قالوا و يرد عليه أن الدال على الدال على الشيء دال على ذلك الشيء فتدل الألفاظ المذكورة على المعاني المقترنة بالزمان فتكون أفعالا و لعل هذا منشأ مذهب الكوفيين من أنها أفعال و دخول التنوين لا يضر كقوله تعالى:
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق: 15] الآية و كذا دخول اللام في بعضها و بالجملة أن ما قالوه من أن هذه الكلمات ليست أفعال مع تأديتها معانيها لأن صيغتها مخالفة لصيغ الأفعال و أنها لا تتصرف فيها تصرفها و تدخل اللام في بعضها و التنوين في بعضها غير تام لما ذكرنا فتأمل «1» في جوابه و أما الإشكال بأنه لا يصح أن يخبر عنها و الاسم ما يصح أن يخبر عنه متساوية الإقدام في جواز الإخبار عن ألفاظها بل هو جاز في الألفاظ المهملة كقولك جسق مركب من حروف ثلاثة و دعوى أن الواضع وضع المهملات بإزاء أنفسها وضعا قصديا أو غير قصدي و أنها أسماء بهذا الاعتبار خروج عن الإنصاف و مكابرة في قواعد اللغة على أن إثبات وضع غير قصدي أمر لا يساعده عقل و لا نقل و إنما ارتكبه تفصيا عن إلزام الاشتراك في جميع الكلم و التحقيق أنه إنما أريد الحكم على لفظ يتلفظ بنفسه لم يحتج هناك إلى وضع و لا إلى دال على المحكوم للاستغناء بذاته عما يدل عليه فتشارك الألفاظ كلها في صحة الحكم عليها عند التلفظ بها أنفسها و إنما تحتاج إلى ذلك إذا لم يكن المحكوم عليه لفظا أو كان و لم يتلفظ به فنصب هناك ما يدل عليه ليتوجه الحكم إليه و ما وقع في عبارة بعضهم من أن ضرب و من و أخواتها أسماء الألفاظ الدالة على معانيها و أعلام لها فكلام تقريبي فقالوا ذلك لقيامها مقام أسماء الأعلام في تحصيل المراد أقول إذا كان من العلماء من ذهب إلى ذلك القول و صح حمل ذلك القول إلى الكلام التقريبي فليكن كلام مولانا السعد التفتازاني رحمه اللّه في هذا المقام تقريرا لكلامهم هذا بحسب التوجيه التقريبي و التأويل بقدر الإمكان و لم يكن هو رحمه اللّه منفردا في إحداث هذا الكلام و لم يخترعه هو من نفسه حتى يطعن في قوله هذا تعصبا و يحكم بأنه خروج عن الإنصاف و لا يستحق العتاب من أورد كلام القوم و وجهه بحسب الإمكان و العقوبة لا تكون إلا بقدر الجرم و لو فرض أن هذا الكلام جرم فالإنصاف أن ينسب الجرم إلى فاعله لا إلى حاكيه و ناقله وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام: 164].
(1) و جوابه أنه لا نسلم أن كل ما دل على معنى مقترن بالزمان فهو فعل و إنما كان كذلك إذا كان دلالته بالوضع و بالذات و هنا ليس كذلك.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 290
إما الكبرى فظاهر و إما الصغرى فلأن معناها ألفاظ الأفعال المراد به معانيها التي لا يمكن أن يخبر عنها فيمتنع الإخبار عن تلك الكلمات لكون معانيها و هي ألفاظ الأفعال كذلك فلا وجه للقول بكونها أسماء فمدفوع بأن امتناع الخبر عن المعاني لا يستلزم امتناع الخبر عن الألفاظ التي يراد بها حال إرادتها منها ألا يرى أن الإخبار عن مفهوم ضرب ممتنع مع إمكان الإخبار عن لفظه بأنه فعل ماضي حال إرادة معناه منه و كذا الإخبار عن مفهوم اسكت بأنه فعل أمر حال إرادة معناه منه كما صرح السيد السند في صحة الإسناد إلى أنفسها سواء كانت مجردة عن ملاحظة معانيها كما في قولك ألف ضرب من ثلاثة أحرف أو مأخوذ معها كما في قولك لا تفسد و أنهى و آمنوا أمر إذ المسند إليه باعتبار الدلالة على المعنى انتهى كذا قيل «1» و سره إن كل لفظ وضع بإزاء معنى اسما كان أو فعلا أو حرفا فله اسم هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم أو الفعل و الحرف فيصير كل من هذه الثلاثة محكوما عليه حتى الحرف فما ظنك بالفعل و كونه محكوما عليه باعتبار كونه اسما لنفسه لا فعلا لا يضر المق إذ المط أن أسماء الأفعال يمكن أن يخبر عنها لكون معانيها و هي الألفاظ المذكورة صحيح الإخبار عنها و لو كان ذلك باعتبار كونها اسما لأنفسها لكن فيه شيء «2» فتأمل.
قوله: (الذي هو استجب) لا اسم للفعل الذي هو أفعل و ما وقع في كلام ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما فمأول و في كلامه رد قول من قال إنه مسامحة و قصر المسافة و مرادهم أنه اسم المعنى المصدري و منصوب على المصدرية من الأفعال المحذوفة أبدا و أيضا فيه رد من قال إنها أفعال كما سبق كرد قول إنها خارجة عن الأقسام الثلاثة و إن آمين اسم اللّه تعالى و التقدير يا آمين و ضعفه أبو البقاء بوجهين «3» .
قوله: (و عن ابن عباس) رضي اللّه تعالى عنهما (سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن معناه فقال افعل) قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف أنه واه جدا و أخرجه الثعلبي عن أبي الصالح كما في الدر المنثور و هذا كناية عن فعل خاص و هو هنا استجب كقول الأصوليين الأمر قول القائل استعلاء افعل فقيل افعل كناية عن كل ما يدل على الطلب من صيغ أية لغة كانت و كذا هنا و كذا صرح صاحب الكشاف بأن الفعل كناية عن فعل خاص و هو كثير في القرآن فهذه الرواية تؤيد كون آمين بمعنى الأمر و ترد قول من قال إنه اسم المعنى المصدري و لما كان معنى افعل استجب لما ذكرنا من أنه كناية عن فعل خاص إذ لا وجود
(1) غنىزاده.
(2) وجهه أن تلك الكلمات كونها أسماء لألفاظ الأفعال باعتبار دلالتها و هي باعتبار ذلك لا تكون محكوما عليها و كونها محكوما عليها باعتبار كونها أسماء لا نفسها لا يجدي نفعا فالاعتراض قوي و الجواب غير جلي.
(3) أحدهما أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضم لأنه منادى مفرد معرفة و الثاني أن أسماء اللّه تعالى توقيفية كذا نقله صاحب اللباب و للقائل أن يقول إنه لما ورد في الحديث الشريف يكون مسموعا من الشرع و القول بأنه اسم اللّه مبنى على ذلك و لعل هذا القائل لا يسلم كونه مبنيا على الفتح.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 291
للعام إلا في ضمن الخاص كان شاملا للدعاء الذي بصيغة النهي كشمول استجب في مثل قولنا اللهم لا تعذبنا و لا تزغ قلوبنا و لا تهلكنا و لو قيل إن افعل في هذه الرواية علم جنس لكل طلب كفعل و يفعل لكل ما ينبي للمفعول من الفعلين أو بصيغة الخبر كرحم اللّه كان شموله بالدعاء الوارد بصيغة النهي أظهر كشمولها «1» لكل نفي و نهي كما صرح به شراح الكافية و آوى إليه صاحب المرآة في بحث الأمر.
قوله: (بني على الفتح كائن) هذا متضمن دعاوى ثلاثة بناؤه و البناء على الحركة و البناء على الفتح من بين الحركات قوله (لالتقاء الساكنين) علة للبناء على الحركة دون السكون و لا يكون علة على اختيار الفتحة لأن مثبت العام لا يثبت الخاص و القول بأنه علة لاختيار الفتحة أيضا لأن الفتحة تناسب ما يدفع بها و هو السكون يعارضه أن الكسرة تناسب ما يدفع بها و قد اشتهر أن الساكن إذا حرك حرك بالكسر على أنه يحتاج في إثباته إلى هذه المقدمة فلا يثبت إثباته البناء على الحركة وجه اختيار الفتح للخفة في لفظ يكثر استعماله جدا و وجه بنائه شبهه بالفعل بحسب المعنى و لم يتعرض لهما لظهورهما و لانفهامهما من كلامه إما البناء فمن التعبير باسم الفعل المشعر بشبهه به و إما الفتح فمن قوله كائن و القول بأن وجه الحركة أيضا مستفاد منه لا يضر إذ العلة مصححة و الاطراد ليس بشرط و أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب عند المحققين على ما نقله ابن مالك و الجمهور على ما نقله ابن هشام و هو المختار عندهما و قال الدماميني هذا مذهب الأخفش كذا قيل وجه كونه مختارا هو كونها بمعنى الفعل و إن قلنا إنها أسماء ألفاظ الأفعال مع أن المختار عند المحققين أنها أسماء معاني الأفعال و قيل إنها مرفوعة المحل على الابتداء و فاعلها ساد مسد الخبر كما في أقائم الزيدان و قيل إنها منصوبة المحل بأفعال محذوفة على مفعول مطلق و الأقرب إلى القبول هو الاحتمال الأول فإن في الأخيرين إشكالا «2» قويا كما بين في كتب النحو و حكمها حكم أفعالها في التعدي و اللزوم غالبا و لا علامة للمضمر المرتفع بها من علامة التأنيث و التثنية و الجمع بل مفرد مذكر دائما و إنما قيد بغالبا فإن آمين بمعنى استجب المتعدي و لم يسمع لآمين مفعول ثم تكلموا في آمين فقيل إنه أعجمي معرب هامين لأن فاعيل كقابيل و هابيل ليس من أوزان العرب و الأشبه أنه من أوزان العرب فإن أصله أمين بوزن كريم فأشبع فصار أمين بالمد فعلم أن قول من قال إن المد أصل و القصر فرع ضعيف بل الصواب عكسه.
قوله: (و جاء مد ألفه) للإشباع و رفع الصوت بالدعاء فإنه أحسن في التضرع و النداء فوزنه فعيل لا أفعيل و لا فاعيل و لا فعييل لأنها ليس من أوزان العرب (و) جاء في اللغة (قصرها) و هو الأصل لما مر و القول بأنه ليس بمعروف و لم يجىء إلا لضرورة الشعر لا
(1) أي كشمول فعل و يفعل.
(2) خصوصا في الأسماء التي بمعنى الأمر كلفظ آمين و نزال و تراك فإن كونها محل المرفوع على الابتداء أو منصوبة المحل على المصدرية مع أن معناها إنشاء بعيد جدا.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 292
يضر الأصالة إذ شهرة المد لغرض صحيح و هو رفع الصوت لا يفيد الأصالة إذ لم يوجد له نظير و لا وزن في كلام العرب العرباء و قد يشدد الميم الممدود و روي عن الحسن و جعفر الصادق جواز تشديد الميم مع المد صونا لصلاة العامة عن الفساد لأن معناه القصد لأنه حينئذ جمع آم بالمد اسم فاعل من آم بمعنى قصد كما في قوله تعالى: آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [المائدة: 2] الآية بمعنى قاصدي فيكون نصبه حينئذ على الحال من مفعول اهْدِنَا [الفاتحة: 6] أي نطلب منك الهداية قاصدي إجابتك كذا قيل «1» .
قوله: (قال) أي المجنون العامري المشهور بحب ليلى روي أنه لما أمره أبوه حين قدم مكة أن يتشبث بأستار الكعبة و اسأل اللّه تعالى الخلاص من حب ليلى أخذ بحلقة الباب فقال اللهم منّ «2» عليّ بليلى فضربه أبوه فبكى قائلا:
( يا رب لا تسلبني حبها أبدا
و يرحم اللّه عبدا قال آمينا )
بمد الألف و روي أنه لما أنشد هذا البيت بكى أبوه و قال آمينا فخلاه و سبيله و لم يمنعه عن حبها بعد و هذا البيت شاهد على المد ثم قال مستشهد المجيء قصر ألفه (و قال) آخر غير الأول قيل قائله جبر بن الأضبط أو له تباعد عنى فحطل إذ دعوته (آمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا) فحطل بفتح الفاء و سكون الحاء المهملة و فتح الطاء كجعفر اسم رجل و المعنى تباعد عنى هذا الرجل المسمى بفحطل إذ دعوته و حق آمين أن يؤخر عن الدعاء و هو قوله فزاد اللّه لأن طلب الاستجابة إنما يكون بعده لكنه قدم اهتماما بالإجابة أو لمحافظة الوزن و هو الظاهر و قيل الرواية فيه المد أيضا و ما «3» هنا محرف و هو هكذا تباعد عنى فحطل و ابن أمه فأمين زاد اللّه ما بيننا بعد أو لم يلتفت إليه المصنف إذ ما اختاره هو المشهور.
قوله: قال و يرحم اللّه عبدا قال آمينا المصراع للمجنون العامري و هذا مصراع أخير من أبيات ثلاثة هي قوله:
يا رب إنك ذو من و مغفرة
بيت بعافية ليل المحبينا
الذاكرين الهوى من بعد ما رقدوا
و النائمين على الأيدي مكبينا
يا رب لا تسلبني حبها أبدا
و يرحم عبدا قال آمينا
حكي أن أباه عيره على حب امرأة من العرب و لامه بافتضاحه به بين الناس و نصحه بأن يزور بيت اللّه و يحج و يتوب عن حب ليلى فلما وصل الكعبة أخذ حلقة الباب فأنشد هذه الأبيات.
قوله: و قال آمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا أوله تباعد عني فطحل إذ سألته قال الجوهر فطحل بفتح الفاء علم رجل و نقل الطيبي رحمه اللّه عن الزجاج إذ لقيته بدل إذ سألته و حق آمين التأخير عن قوله فزاد اللّه لأنه دعا و طلب الاستجابة يكون بعده إلا أنه قدم للاهتمام و المبالغة و المحافظة للوزن و آمين بعد تمام هذه السورة لطلب استجابة الدعاء لأن القارىء داع بإهدنا و عن الحسن أنه لا يقول الإمام آمين بل يقوله المأموم.
(1) ابن صدر الدين.
(2) من أمر من من يمن كمد يمد.
(3) أي ما ذكر هنا نسخه.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 293
قوله: (و ليس من القرآن وفاقا) و كتبه في المصحف بدعة لا يرخص به بل يؤدب كاتبه و ما نقل في بعض الكتب لا ينبغي نقله كما في التيسير إنها من السورة عند مجاهد و لعدم اعتداد المصنف به قال وفاقا فلا حاجة إلى ما قيل إنه محمول على اجماع من بعد عصر مجاهد بل لا وجه له لأنه يشعر بعدم الإجماع قبل عصر مجاهد و هو خلاف ما قيل من أن عدم قرآنيته مما اتفق عليه الأمة و صار مجمعا عليه حتى حكم بارتداد من قال بقرآنيته لأنه لم يكتب في الإمام و لم ينقل أحد من نقله القرآن من الصحابة و التابعين أنه قرآن فعلى هذا قول مجاهد يشبه خرق الإجماع فكيف يقال إنه محمول على إجماع من بعد عصر مجاهد.
قوله: (لكن يسن ختم السورة) أي سورة الفاتحة (به) فاللام فيها للعهد الخارجي لكن للاستدراك فإنه لما نفى كونه قرآنا أوهم ذلك أن لا يحسن ختم السورة به و هذا خلاف ما تعارف من السلف دفعه بقوله لكن يسن.
قوله: (لقوله عليه السلام علمني جبرائيل عليه السلام آمين) أي أن أقوله فالتعليم لقوله لا لنفسه و في الكشاف موافقا لكتب الحديث لقنني به بدل علمني و هذا الحديث رواه البيهقي و غيره و النقل بالمعنى لا يساعد إذا كان لفظ الحديث الشريف مضبوطا معلوما و هنا كذلك قوله لقوله تعليل لكونه سنة و يجوز أن يكون تعليلا أيضا لكونه ليس من القرآن لقوله (عند فراغي من قراءة الفاتحة) فإنه صريح في أنه ليس منها و إذا لم يكن من سورة الفاتحة فلا يتوهم من غيرها لأن ختم السور به غير سورة الفاتحة غير مشروع فلا يتوهم كونه جزءا من غير الفاتحة و فيه دليل على جواز إطلاق الفاتحة على سورة الفاتحة (و قال) أي جبرائيل عليه السلام (أنه) أي آمين (كالختم على الكتاب) أي المكتوب وجه الشبه هو أنه يمنع الدعاء من فساد الخيبة كما أن الختم يمنع الكتاب من فساد التغيير و ظهور ما فيه لغير أهله و بعبارة أخرى أنه لا يعتد بالدعاء بدونه كما أن الكتاب لا يعتد به إذا لم يختم هذا أي كون ضمير قال لجبرائيل هو المناسب للسوق و قيل إنه للنبي عليه السلام لأنه معطوف بحسب المعنى على قوله لقوله عليه السلام فإن معناه لأنه قال عليه السلام فحاصل المعنى لأنه قال النبي عليه السلام: «علمني جبرائيل» الحديث و قال أيضا عليه السلام في حديث آخر: «أنه كالختم» الخ قيل «1» و قال الشيخ المحدث ذكره السيوطي في تخريجه أي قال النبي عليه السلام في حديث آخر ثم قال روى الخبر الأول البيهقي و غيره و الثاني أبو داود في سننه قوله: أنه كالختم على الكتاب قال الطيبي رحمه اللّه روينا عن أبي زهير النميري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لرجل الخ. في المسألة أوجب إن ختم فقيل بأي شيء قال بآمين قال أبو زهير آمين مثل الطابع على الصحيفة أخرجه أبو داود كما أن الختم على الكتاب يمنع من ظهور ما فيه على غير المكتوب إليه و هو فساده كذلك الختم في الدعاء يمنعه من الفساد الذي هو الخيبة.
(1) سيالكوتي.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 294
انتهى. فعلى هذا ضمير قال متعين للنبي عليه السلام و قد رجح هذا القائل كونه لجبرائيل فحينئذ في رواية المص نوع تعقيد إذا لظ و لقوله عليه السلام قال مولانا خسرو و قال الزيلعي لم أجده هكذا و في الدعاء لابن أبي شيبة من رواية أبي ميسرة أحد كبار التابعين قال جبرائيل اقرأ النبي عليه السلام فاتحة الكتاب فلما قال: وَ لَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 7] قال له قل آمين و روى أبو داود عن أبي زهير قال آمين مثل الطابع على الصحيفة و روى ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين انتهى. فعلى هذا إسناد المصنف هذا إلى علي رضي اللّه تعالى عنه دون النبي عليه السلام فيه خلل ظاهر إلا أن يقال هذه رواية و ما ساقه المصنف رواية أخرى و اللّه تعالى اعلم بما هو الصواب و الأحرى.
قوله: (و في معناه قول علي رضي اللّه تعالى عنه آمين خاتم رب العالمين ختم به دعاء عبده) و قد سبق أن ابن مردويه روى هذا عن أبي هريرة مرفوعا فلا حاجة إلى ما قيل هذا الموقوف في حكم المرفوع و إنما قال في معناه لأن بينهما فرقا من وجه و هو أن هذا يدل على أن الختم من جانب رب العالمين على دعاء عباده المؤمنين و ذلك يدل بظاهره على أن الختم من جانب العبد «1» الداعين و إن احتمل كونه من قبل اللّه المجيب للمضطرين و أيضا أن آمين شبه في هذا بالخاتم و في ذلك شبه بالختم نفسه وجه الشبه حينئذ أنه كما أن من أعظم شأنه إذا وقع كتاب أحد عنده من صك أو محضر و وضع عليه خاتمه يصير ذلك سببا لنفاذه و قبوله كذلك آمين إذا قاله العبد بعد الدعاء كأنه وضع عند رب العالمين و ختم على كتاب دعاء عباده الراجين و لا قبول فوقه و لا سرور فيما سواه و وجه الشبه بين آمين و بين الختم من جانب العبد قد مر توضيحه و لما كان الفرق بهذا الوجه ظاهرا قال و في معناه و وجه كونه في معناه إنه كالختم على كلا التقديرين سواء كان من جهة العبد أو من جانب الرب.
قوله: (يقوله الإمام) أي في كل صلاة (و يجهر به في الجهرية) هذا مذهب الشافعي و تخصيص الذكر بالإمام لقوله و يجهر به و إلا فالإمام و المأموم و المنفرد سواء في قول ذلك و اختار المصنف أن الجهر لا يسن للمقتدي في الجهرية و هو قول الشافعي في الجديد و في قوله القديم يؤمن المقتدي جهرا أيضا و عن مالك في أحد قوليه إنه لا يسن التأمين للمصلي أصلا كذا نقله البعض «2» عن العلماء و في شرح الوجيز أنه يستحب لكل من قرأ الفاتحة خارج الصلاة أو فيها أن يقول عقيبها آمين بعد سكتة لطيفة ليتميز القرآن عن غيره و يستوي في استحبابها الإمام و المأموم و المنفرد و يجهر بها الإمام و المنفرد في الجهرية تبعا للقراءة لحديث وائل المذكور انتهى فحينئذ تخصيص الذكر بالإمام ليس في محله إلا أن يقال إنه
(1) شهاب.
(2) و ما روي أن النبي عليه السلام قال لرجل قد ألحّ في سؤاله أوجب إن ختم فقيل بأي شيء قال بآمين و كذا ما روي في حديث آخر إذا دعا أحدكم بدعاء فليختمه بآمين فإن آمين في الدعاء مثل الطابع في الصحيفة فهو يدل على أن الختم من جانب العبد و إن الداعي ينبغي أن يؤمن من دعاء نفسه كما يؤمن دعاء غيره فإنه من جملة أسباب الإجابة.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج1، ص: 295
رواية عن الشافعي و عندنا يؤمن الإمام و المأموم سرا في الجهرية و كذا يسن للمنفرد سرا و التفصيل في كتب الفقه.
قوله: (لما روي عن وائل بن حجر أنه عليه السلام كان إذا قرأ وَ لَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 7] قال آمين و رفع بها صوته) هذا الحديث أخرجه أبو داود و الترمذي و الدارقطني و صححه ابن حبان و وائل بهمزة بعد الألف يليها لام و هو وائل بن حجر بضم الحاء المهملة و سكون الجيم المعجمة ابن ربيعة الحضرمي من الصحابة كان أبوه من أقيال اليمن أي ملوكها فإن الملك عندهم يسمى قيلا و وفد على النبي عليه السلام و استقطعه أرضا فأقطعه إياها و قال عليه السلام هذا سيد الإقبال و له مع معاوية قصة و لما صار خليفة قدم عليه فاستقبله و أكرمه و توفي في عهده و أجاب أصحابنا عما ذهبوا إليه بأنه عليه السلام جهر بها للتعليم ثم خافته.
قوله: (و عن أبي حنيفة أنه لا يقوله) هذه الرواية وجهها أنه هو الداعي و لأن قوله عليه السلام إذا قال الإمام وَ لَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 7] فقولوا آمين قسمة فينافي الشركة و إليه ذهب الإمام مالك لكن هذه الرواية عن إمامنا غير مشهورة (و المشهور أنه يقوله لكن يخفيه كما رواه عبد اللّه بن مغفل) لأنه ذكر فيستحب الإخفاء كسائر الأذكار و الدليل ما رواه «1» عبد اللّه بن مغفل بضم الميم و فتح الغين المعجمة و الفاء المشددة اسم مفعول من التفعيل ابن غنم من مشاهر الصحابة توفي بالبصرة سنة ستين (و أنس بن مالك) رضي اللّه تعالى عنهما لكن الزيلعي قال لم أجده عن واحد منهما (و المأموم يؤمن معه).
قوله: (لقوله عليه السلام) هذا الحديث أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه (إذا قال الإمام وَ لَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 7]) أي في الصلاة الجهرية (فقولوا) أي المأمور كما هو الظاهر أو أي الإمام و المأموم (آمين) الأمر هنا للندب فإنه لو كان للوجوب لكان علينا لا لنا كما قيل في قوله تعالى: فَاصْطادُوا [المائدة: 2].
قوله: (فإن الملائكة تقول آمين فمن رافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) دليل على مجموع الدعوى من أن المأموم يؤمن مع الإمام إما على تأمين المأموم فبعبارة النص و إما على تأمين الإمام فبدلالة النص إذ الإمام بالمغفرة المذكورة بموافقة تأمينه تأمين الملائكة أحق و بإحراز تلك الفضيلة أليق و يؤيده ما اتفق عليه الشيخان البخاري و مسلم أنه صلى اللّه تعالى عليه و سلم قال: «إذا أمن الإمام فآمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» أي من الصغائر ما سوى حقوق العباد و قيل المخاطب بقوله عليه السلام قولوا آمين الإمام و المأموم جميعا و لا يخفى إنه تكلف و قيل و يمكن أن يقال إن تأمين الإمام قد علم مما سبق و هذا ضعيف إذ الدليل المسوق لإثبات المدعي هذا الخبر الشريف فلا بدّ من دلالته على تأمين الإمام و طريق دلالته عليه ما ذكرناه على ما ثبت في الأصول و تلقاه العقول و روى محيي السنة في تفسيره الحديث الشريف هكذا إذا قال الإمام وَ لَا الضَّالِّينَ [الفاتحة: 7] قولوا آمين