کتابخانه تفاسیر
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 35
1- فقرات السورة
تتألف سورة الفاتحة من البسملة على القول بأنها آية من الفاتحة، و من ثلاث فقرات: الفقرة الأولى و هي ثلاث آيات، و الفقرة الثانية و هي آية واحدة، و الفقرة الثالثة و هي ثلاث آيات على رأي من اعتبر أن البسملة ليست من السورة، و آيتان على رأي من يرى أن البسملة من السورة و هذه هي مع ملاحظة ما مر:
[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
و الاستعاذة و (آمين) ليستا من السورة إجماعا
2- تعريفات
قال ابن كثير: «يقال لها الفاتحة أي فاتحة الكتاب خطا و بها تفتح القراءة في الصلوات و يقال لها أيضا أم الكتاب عند الجمهور ... و يقال لها (الحمد) و يقال لها الصلاة لقوله صلى الله عليه و سلم عن ربه: «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فإذا قال العبد:
الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي .. إلخ» ... و يقال لها الشفاء لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا .. فاتحة الكتاب شفاء من كل سم .. و يقال لها الرقية لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما يدريك أنها رقية .. و روى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها أساس القرآن قال:
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 36
و أساسها بسم الله الرحمن الرحيم، و سماها سفيان بن عيينة بالواقية، و سماها يحيى بن أبي كثير: الكافية لأنها تكفي عما عداها و لا يكفي ما سواها عنها كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة «أم القرآن عوض من غيرها و ليس من غيرها عوض منها .. و يقال لها سورة الصلاة و الكنز ذكرهما الزمخشري في كشافه».
و سورة الفاتحة مكية على القول الراجح و هي سبع آيات بلا خلاف و إنما اختلفوا في البسملة هل هي آية مستقلة من أولها أو بعض آية أو لا تعد من أولها بالكلية؟.
قال ابن كثير: «قالوا: و كلماتها خمس و عشرون كلمة و حروفها مائة و ثلاثة عشر حرفا قال البخاري في أول كتاب التفسير: و سميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف و يبدأ بقراءتها في الصلاة، و قيل إنما سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته».
3- بعض ما ورد في الفاتحة
أخرج البخاري و غيره عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: «كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم أجبه حتى صليت قال: فأتيته فقال: ما منعك أن تأتيني؟
قال، قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي قال: ألم يقل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ. ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد قال: فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قال: نعم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته». و في حادثة مشابهة مع أبي بن كعب يقول أبي: «فلما دنونا من الباب قلت: أي رسول الله ما السورة التي و عدتني؟ قال: ما تقرأ في الصلاة؟ قال: فقرأت عليه أم القرآن قال: و الذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلها إنها السبع المثاني». أخرجه الإمام أحمد. و في معناه مع زيادة أخرج الترمذي بإسناد حسن صحيح و في حديث بإسناد جيد كما ذكر ابن كثير عن عبد الله بن جابر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها .. أخرجه الإمام أحمد. قال ابن كثير: و استدلوا بهذا الحديث و أمثاله على تفاضل بعض الآيات و السور على بعض كما هو المحكي عن كثير من العلماء ... و ذهبت طائفة أخرى إلى أنه لا تفاضل في ذلك لأن الجميع كلام الله و لئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه و إن كان الجميع فاضلا ...»
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 37
أقول: فليلاحظ المحذور و المفاضلة جاءت بالنص.
أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنا في سير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم (أي لديغ) و إن نفرنا غيب فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه (أي نعرفه) برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة و سقانا لبنا.
فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه و سلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: و ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا و اضربوا لي بسهم».
أخرج الإمام مسلم و النسائي و هذا لفظه عن ابن عباس قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم و عنده جبريل، إذ سمع نقيضا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط. قال: فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفا منهما إلا أعطيته».
أخرج الإمام مسلم و النسائي و غيرهما و هذه رواية النسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا)، غير تمام، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: قال الله عز و جل «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدى ما سأل فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قال الله حمدني عبدي و إذا قال:
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال الله: أثنى علي عبدي فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله مجدني عبدي و قال مرة فوض إلي عبدي فإذا قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قال هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ قال الله: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل».
أقول و في سؤال سامعي الحديث أبا هريرة: إنا نكون خلف الإمام و في إجابته: اقرأ بها في نفسك «ما يدل على أنه كان مشهورا في جيل الصحابة أن الصلاة وراء الإمام لها أحكامها الخاصة في موضوع القراءة، و ذلك يستأنس به لمذهب الحنفية إذ لا يقرؤون وراء الإمام شيئا من القرآن».
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 38
أخرج البزار عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إذا وضعت جنبك على الفراش و قرأت فاتحة الكتاب و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقد أمنت من كل شىء إلا الموت».
4- المعاني العامة و الكلية
إذ كانت الفاتحة هي مقدمة القرآن فقد تجمعت فيها مقاصده و معانيه. فالقرآن يدور حديثه حول العقائد و العبادات و مناهج الحياة، و قد بدأت السورة بذكر العقائد:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. و ثنت بالعبادات إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. و ثلثت بمناهج الحياة اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ.
و القرآن دعوة إلى العقيدة أولا، ثم إلى العبادة، ثم إلى مناهج الحياة، و قد تسلسلت المعاني في هذه السورة على هذا الترتيب.
و العقيدة في الإسلام ليست فكرة مجردة، بل إن لها ثمارها و آثارها و واجباتها، فكونك تعرف لله الربوبية و الرحمة و الحساب فهذا يقتضي منك عملا. و من ثم بدأت السورة بالحمد ثم علمتنا العبادة و الاستعانة و طلب الهداية و السير في صراط الله عز و جل، لقد عرفتنا السورة على الله و ربوبيته، و عرفتنا أن مقامنا هو العبودية له، و أن مقام العبودية مضمونه الحمد لله و العبادة له و الاستعانة به و طلب الهداية منه و السير في منهاجه. و الإسلام مداره على معرفة الله و من ثم عرفتنا السورة على الله في مقدمتها و في وسطها و في نهايتها: فهو رب العالمين ذو الرحمة، و هو المعين و هو الهادي.
و أساس العقيدة الإسلامية الإيمان بالله و اليوم الآخر، و قد ذكرت السورة ذلك رَبِّ الْعالَمِينَ .. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
و أساس العبادة إخلاصها لله، و قد أشارت السورة إلى ذلك إِيَّاكَ نَعْبُدُ إذ تقديم الضمير إِيَّاكَ على الفعل يفيد ذلك.
و أساس الطريق إلى الله القدوة الحسنة المتمثلة في النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و قد أشارت السورة إلى ذلك.
و أساس الانحراف القدوة السيئة، و قد أشارت السورة إلى ذلك.
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 39
ابتدأت السورة بذكر الحقيق بالحمد و الثناء و وصفته بالصفات العظام فتعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالثناء و غاية الخضوع، و الاستعانة في المهمات فخوطب ذلك المعلوم المتميز بهذه الصفات العظام فقيل إِيَّاكَ يا من هذه صفاته نعبد و نستعين لا غيرك و قدمت العبادة على الاستعانة لأن تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة أقرب إلى الإجابة و أطلقت الاستعانة لتتناول كل ما يطلب العون من الله فيه. ثم قيل اهْدِنَا، بيانا للمطلوب الأول من المعونة فكأنهم سئلوا عن ماهية المعونة التي يريدونها فقالوا: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .. فالاهتداء إلى الصراط المستقيم لا يكون إلا بالله، و لا تنال عطايا الله بالهداية إلا بالافتقار إليه و مظهر ذلك طلب المعونة منه و لا يوصل إلى الافتقار مثل دوام العبادة، و لا عبادة إلا بمعرفة، و معرفة لا يعطى فيها الحمد كله لله معرفة قاصرة، ينظر العبد ما أعطي فيقول: الحمد لله، فإذا ما استقرت معرفته خاطب ربه إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ثم دعاه بما هو الأهم و الأعظم و هو الاهتداء في الأمر كله.
من المعاني الكبرى في الإسلام: موضوع لزوم الجماعة «أن تلزم جماعة المسلمين و إمامهم». «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ..» و السورة دلتنا من خلال الخطاب الجماعي إِيَّاكَ نَعْبُدُ اهْدِنَا ..
على أن الأصل في المسلم أن يكون جزءا من كل هو جماعة المسلمين و أن الأصل في التربية الإسلامية أنها تقوم على التربية الجماعية.
و يلاحظ من السورة أن الصراط المستقيم مظهره شيئان السير في طريق المنعم عليهم و تنكب صراط المغضوب عليهم و الضالين. و المنعم عليهم فصل الله فيهم في الآية:
فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ، و هناك نص ستراه ذكر أن المغضوب عليهم هم اليهود، و الضالين هم النصارى. و إذا كان هؤلاء و هؤلاء كذلك فمن باب أولى غيرهم. و كثيرا ما ينسى الناس هذه المعاني فلا يفطنون أن الشهداء هم القدوة، و أن الصديقين هم القدوة، و أن الصالحين هم القدوة، فضلا عن النبيين و المرسلين عليهم الصلاة و السلام، و بعضهم يفطن لذلك، و لكنهم ينسون تنكب طرق الضالين و المغضوب عليهم، و من ثم فإن على المسلم و هو يقرأ كتاب الله أن يتفطن لهذا و هذا، فالقرآن فصل هذا كله، و المسلم عليه أن ينتبه لأخطاء أهل الضلال و أهل الغضب فيتخلى عنها، بل عليه من الأصل ألا يقربها و عليه أن يفطن لمظاهر القدوة فيسير فيها.
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 40
و بعد هذه الجولة عن المعاني العامة و الكلية في سورة الفاتحة نقول مختصرين:
اشتملت هذه السورة الكريمة و هي سبع آيات على حمد الله تعالى و تمجيده و الثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، و على ذكر المعاد و هو يوم الدين، و على إرشاد عبيده إلى سؤاله و التضرع إليه و التبري من حولهم و قوتهم، و إلى إخلاص العبادة له و توحيده بالألوهية و تنزيهه من أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، و إلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، و هو الدين القويم، و تثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط المفضي بهم يوم القيامة إلى جنات النعيم في جوار النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين الذين كانوا محل القدوة، فاشتملت السورة على الترغيب في الأعمال الصالحة ليكون الإنسان مع أهلها يوم القيامة، و التحذير من مسالك الباطل لئلا يحشر الإنسان مع سالكيها يوم القيامة.
5- المعنى الحرفي
بِسْمِ اللَّهِ تعلقت الباء بمحذوف تقديره: أقرأ أو أتلو لأن الذي يلي التسمية مقروء «و كذلك يضمر كل فاعل ما يجعل التسمية مبدءا له» و إنما قدرنا الفعل متأخرا لأن ذلك أقوى لدلالته على الاختصاص و المعنى: متبركا باسم الله أقرأ ففيه تعليم الله عباده كيف يتبركون باسمه و كيف يعظمونه و (الله) هو الإله و لكن كلمة الإله تطلق على كل معبود بحق أو بباطل ثم غلب على المعبود بحق، و أما اسم (الله) فمختص بالمعبود الحق لم يطلق على غيره و هو اسم غير صفة لأنك تصفه و لا تصف به فصفاته تعالى لا بد لها من موصوف تجري عليه و هو اسم الله جل جلاله.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ صفتان و اسمان يعبران عن رحمة الله تعالى التي مظهرها إنعامه على عباده فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ (سورة الروم) و في الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، و لذلك لا يسمى و لا يوصف بالرحمن غير الله و يسمى و يوصف بالرحيم غيره، و من ثم ذهب بعضهم إلى أن الرحمة في اسم الرحمن تشمل الكافر و المؤمن، و الرحمة في اسم الرحيم تخص المؤمنين
الْحَمْدُ لِلَّهِ الحمد هو الوصف بالجميل على جهة التفضيل و هو أحد شعب الشكر لأن الشكر يكون بالقلب و اللسان و الجوارح و إنما يكون باللسان الحمد و نقيض الحمد الذم و نقيض الشكر الكفران، و إنما يستحق الحمد إما بكمال الذات و الصفات و الأفعال أو بكثرة الإنعام، و الله عز و جل لا أكمل من ذاته و صفاته و أسمائه، و لا إنعام إلا منه مباشرة أو بالواسطة فله في الحقيقة الحمد كله.
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 41
رَبِّ الْعالَمِينَ الرب هو المالك و منه قول صفوان بن أمية: «لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن» و لا يطلق إلا على الله وحده و هو في العبيد مع التقييد إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ (سورة يوسف) قال الواسطي في تفسير كلمة الرب: (هو الخالق ابتداء و المربي غذاء و الغافر انتهاء و هو اسم الله الأعظم) و العالم هو كل ما سوى الله تعالى لأنه علم على وجود ربنا تعالى، إذ يعرف الخالق بما خلق.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مر الكلام عليهما.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يوم الدين هو يوم الجزاء و لذلك قالوا: كما تدين تدان أي كما تفعل تجازى، و الله تعالى مالك الأمر كله في يوم الدين و غيره، و إنما كان التخصيص بيوم الدين لأن الأمر فيه لله وحده لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ .
هذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه و تعالى من كونه ربا للعالمين و منعما بالنعم كلها و مالكا للأمر كله يوم الثواب و العقاب بعد الدلالة على اختصاص الحمد به في قوله: الحمد لله دليل على أن من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد و الثناء عليه.
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ العبادة هي أقصى غاية الخضوع و التذلل، و الاستعانة هي طلب المعونة، و تقديم إِيَّاكَ على نَعْبُدُ و نَسْتَعِينُ لقصد الاختصاص فيكون المعنى: نخصك بالعبادة و نخصك بطلب المعونة.
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أي ثبتنا على المنهاج الواضح أو اهدنا في الاستقبال كما هديتنا في الحال، و الصراط هو الطريق و المراد: طريق الحق و هو ملة الإسلام، و المستقيم هو الذي لا عوج فيه.