کتابخانه تفاسیر
الاساس فى التفسير
المجلد الاول
سورة الفاتحة
القسم الأول من أقسام القرآن قسم الطوال
سورة البقرة
مقدمة سورة البقرة:
القسم الأول من أقسام سورة البقرة:
القسم الثاني من أقسام سورة البقرة
القسم الثالث من أقسام سورة البقرة
المجلد الثاني
تتمة القسم الاول من اقسام القرآن قسم الطوال
سورة آل عمران
القسم الرابع من سورة آل عمران
القسم الخامس
سورة النساء
المقطع الأول من سورة النساء
المجلد الثالث
تتمة القسم الأول قسم الطوال
سورة المائدة
سورة الأنعام
القسم الأول من السورة و هو الآيات(1 - 94)
القسم الثاني من السورة و هو الآيات(95 - 165)
المجلد الرابع
تتمة القسم الاول من اقسام القرآن، القسم الطوال
سورة الأعراف
سورة التوبة
المجلد الخامس
القسم الثاني من أقسام القرآن قسم المئين
المجموعة الأولى من القسم المئين
سورة هود
سورة إبراهيم
الجزء السادس
تتمة القسم الثاني قسم المئين
سورة الحجر
سورة النحل
القسم الأول و يتألف من ثلاثة مقاطع
المقطع الثاني من القسم و هو الآيات(19 - 64)
القسم الثاني و يتألف من مقدمة هي آية واحدة و خمس مجموعات، و سنعرضه على أجزاء لطوله.
سورة الإسراء
سورة الكهف
المقطع الثالث و يمتد من الآية(50) إلى نهاية الآية(59) و هذا هو:
المقطع السادس و يمتد من الآية(99) إلى نهاية الآية(110) و هي نهاية السورة و هذا هو:
فوائد المقطع الأخير:
سورة مريم
المقطع الأول من السورة و يتألف من ثلاث مجموعات:
المقطع الثاني من السورة و يتألف من أربع مجموعات:
المجلد السابع
تتمة القسم الثاني من اقسام القرآن، قسم المئين
المجموعة الثالثة و الأخيرة من قسم المئين و هو القسم الثاني من أقسام القرآن
سورة الأنبياء
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
المقطع الأول
سورة القصص
الجزء الثامن
القسم الثالث من أقسام القرآن قسم المثاني
المجموعة الأولى من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
المجموعة الثانية من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني
سورة الصافات
المجلد التاسع
تتمة القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني
المجموعة الثالثة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور:(الزمر، و غافر، و فصلت)
سورة الزمر
سورة غافر
سورة فصلت
كلمة في سورة فصلت و مجموعتها:
المجموعة الرابعة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور:(الشورى، و الزخرف، و الدخان)
سورة الشورى
سورة الزخرف
سورة الدخان
المجموعة الخامسة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور: الجاثية، و الأحقاف، و محمد، و الفتح، و الحجرات، و ق
سورة الجاثية
فوائد حول آيات السورة:
سورة الأحقاف
فوائد:
سورة محمد
سورة الفتح
فوائد حول السورة:
سورة الحجرات
الفوائد حول آيات السورة:
سورة ق
فوائد حول السورة:
المجلد العاشر
القسم الرابع من أقسام القرآن قسم المفصل
المجموعة الأولى من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الثانية من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الثالثة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الرابعة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجلد الحادي عشر
تتمة القسم الرابع من اقسام القرآن، قسم المفصل
المجموعة السادسة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة السابعة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الثامنة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة التاسعة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة العاشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الحادية عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الثانية عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الثالثة عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
المجموعة الرابعة عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 388
بِاللَّهِ بوجوده، و صفاته، و أسمائه، و توحيده، و ربوبيته، و ألوهيته وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أي يوم البعث. وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ أي: جنس الملائكة، و جنس كتب الله أو القرآن، وَ النَّبِيِّينَ جميعا بلا استثناء.
فهذا أول البر و أساسه. و بدونه لا يكون بر. إذ من لم يؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، فإن البر لا يصدر منه و إذا صدر فإنه لا يكون دائما. و يكون معلولا بعلة ينتهي البر بانتهائها.
وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ أي: أخرجه و هو محب له راغب فيه. ذَوِي الْقُرْبى أي: الأقرباء. وَ الْيَتامى : هم الذين لا كاسب لهم، و قد مات آباؤهم و هم ضعفاء صغار دون البلوغ و القدرة على التكسب.
وَ الْمَساكِينَ : هم الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم و كسوتهم و سكناهم، فيعطون ما تسد به حاجاتهم و خلتهم. و إنما سمي مسكينا لأنه دائم السكون إلى الناس، لأنه لا شىء له. وَ ابْنَ السَّبِيلِ. و هو المسافر المجتاز الذي قد فرغت نفقته. قال ابن كثير: (و كذا الذي يريد سفرا في طاعة. فيعطى ما يكفيه في ذهابه و إيابه.
و يدخل في ذلك الضيف) ثم روي عن ابن عباس أنه قال: (ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين). وَ السَّائِلِينَ : هم الذين يتعرضون للطلب، فيعطون من الزكوات و الصدقات. أو هم المستطعمون. وَ فِي الرِّقابِ هم المكاتبون. يعانون حتى يفكوا رقابهم. أو هم الأسارى. يعانون لفك رقابهم أو الرقيق مطلقا يعتق و يحرر وَ أَقامَ الصَّلاةَ المكتوبة فأتم أفعالها في أوقاتها بركوعها و سجودها و طمأنينتها و خشوعها على الوجه الشرعي المرضي. وَ آتَى الزَّكاةَ المفروضة. وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا الله أو الناس فهم لا ينكثون مع الله أو مع الناس.
وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ : في حال الفقر و الشدة وَ الضَّرَّاءِ أي: في حال المرض و الأسقام و الزمانة. وَ حِينَ الْبَأْسِ : أي في حال القتال و التقاء الأعداء.
أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا أي: هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات هم الذين صدقوا في إيمانهم. لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال و الأفعال. فهؤلاء هم الذين صدقوا.
وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لأنهم حققوا التقوى حالا و عملا و سلوكا، فاتقوا المحارم، و فعلوا الطاعات. إن هذا هو البر، لا ما يتمسك به أهل الأديان من عصبيات نسخها الله، أو لم ينزل بها سلطانا في الأصل.
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 389
فوائد:
1- تبين من الآية أن البر: 1- إيمان 2- و إنفاق مما يحب 3- و إقام صلاة 4- و إيتاء زكاة 5- و وفاء عهد 6- و صبر على كل حال و في كل حال. فمن اجتمعت له هذه الأمور فقد حصل البر و الصدق و التقوى و الإيمان. و من أخل بشىء من هذا فهو إخلال بالبر و التقوى و الصدق و الإيمان.
2- روى مجاهد عن أبي ذر- مع أنه لم يدركه فالحديث منقطع- (أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم ما الإيمان؟. فتلا عليه: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ .. الآية.
قال: ثم سأله أيضا. فتلاها عليه. ثم سأله؟ فقال: إذا عملت حسنة أحبها قلبك، و إذا عملت سيئة أبغضها قلبك). فالآية إذن ميزان للإيمان، كما أنها ميزان للبر و التقوى و الصدق. و أعطانا رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث ميزانا دقيقا نعرف به إيمان قلوبنا من خلال محبتنا للطاعة، و كراهيتنا للمعصية.
3- في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «أفضل الصدقة أن تصدق و أنت صحيح شحيح، تأمل الغنى، و تخشى الفقر» نذكر هذا بمناسبة قوله تعالى: وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ فإذا رأيت نفسك شحت بشىء حبا له، من لقمة، إلى طعام، إلى مال، إلى غير ذلك، و استطعت أن تحملها على الإنفاق، فأنت من أهل هذا المقام. و من عصته نفسه بالكثير فليحملها على القليل.
4- أخرج عبد الرزاق عن علي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: «لا يتم بعد حلم». فاليتيم هو من لم يبلغ.
5- في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
«ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة و التمرتان، و اللقمة و اللقمتان. لكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، و لا يفطن له فيتصدق عليه». في هذا الحديث يلفت رسول الله صلى الله عليه و سلم نظرنا إلى أنواع من الناس، ينبغي أن نتذكرهم.
6- روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:
للسائل حق و لو جاء على فرس». في هذا الحديث أدب عال. هو أن نعامل الإنسان كما يحاول أن يظهر لنا، على شرط هو: أنني لو عاملته بذلك لا يضرني، و لا يضر المسلمين. بل ينفعني عند الله كما في هذه الصورة التي أمامنا. قال عمر رضي الله
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 390
عنه: (لست بالخب، و لا الخب يخدعني).
7- أخرج الترمذي و ابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قوله:
«في المال حق سوى الزكاة». ثم قرأ عليه الصلاة و السلام: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ....
8- في الحديث الصحيح: «الصدقة على المساكين صدقة. و على ذوي الرحم اثنتان: صدقة و صلة. فهم أولى الناس ببرك و إعطائك».
- يلاحظ أن قوله تعالى: وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ. قد جاء بعد قوله تعالى:
وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ. فلم كانت الصابرين منصوبة، و ما قبلها مرفوع؟ و ما العامل في النصب؟. يقول النحويون: إن العامل في النصب هو الاختصاص. و حكمة ذلك الإشعار بمدح الصبر و أهله في هذه الأحوال لشدته و صعوبته، و لإظهار فضل الصبر في الشدائد و مواطن القتال على سائر الأعمال.
9- يلاحظ أن الرسول صلى الله عليه و سلم عندما حدد أركان الإيمان في الحديث الصحيح، ذكر ستة «أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر». بينما الآية هنا ذكرت خمسا: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ. فما السبب؟. السبب و الله و الله أعلم أن الإيمان بالقدر هو فرع الإيمان بالله. فالقدر: هو علم الله بالأشياء أزلا، و إرادة ما شاء أن يكون، و إبراز ذلك بقدرته. فمن عرف علم الله، و إرادته، و قدرته، آمن بالقدر. و من ثم لم يذكر هنا- و الله أعلم- و لكنه ذكر في مكان آخر بشكل مستقل. و إنما ذكره رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث تبيانا لأهميته، و تأكيدا لضرورته.
10- بمناسبة قوله تعالى: وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا. قال الألوسي بعد كلام: (و على هذا، فالمراد بالعهد ما لا يحلل حراما، و لا يحرم حلالا من العهود الجارية بين الناس. و الظاهر حمل العهد على ما يشمل حقوق الحق، و حقوق الخلق).
أقول: تستغل قضية الوفاء بالعهود عند المسلم في عصرنا استغلالا سيئا. فبعض الناس يأخذون العهود و المواثيق على الناس لأشخاصهم. و يعتبرون ذلك ملزما لمعطي العهد، و كأنه أعطاه للخليفة الشرعي للمسلمين في وجوب الطاعة و الالتزام لهذا الشخص. و ذلك لا أصل له. و لا ترتب عليه أي أحكام. و أحيانا يكون العهد مرتبطا بطاعة شرعية، فهذا قد
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 391
يكون له أحكام النذر أو اليمين. و أحيانا تكون العهود بين حكومة و دولة كافرة، فإذا لم تكن المعاهدة ابتداء فيها مصلحة للمسلمين فإنها لا تسري عليهم.
11- قلنا إن الفقرة الثانية في المقطع الأول من القسم الثاني قد ذكرت نموذجين من الناس. نموذج الكاتمين، و نموذج الأبرار. و في الكلام عن الكاتمين قال تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى. و إذن فكتمان ما أنزل الله جزء من صراط الضالين.
و الكلام عن الأبرار جزء من صراط الذين أنعم الله عليهم. و لعل هذا يذكر بما ندعو الله عز و جل به كل صلاة: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ و لعله يذكرنا بالمسرى العام لسورة البقرة، و صلته بما قبله من سورة الفاتحة، و لعله يوجد من يلومنا على هذه الاستقصاءات. و نظنه مخطئا.
و سيتضح له خطؤه كلما سار في هذا التفسير، فرأى من الصلات و الروابط ما تندفع به أوهام كثيرة لا بد من دفعها.
كلمة أخيرة في المقطع الأول من القسم الثاني:
1- لعل القارىء لاحظ من خلال عرضنا لهذا المقطع تشابك الصلات بينه و بين المقطع الذي قبله مباشرة، و بينه و بين كل ما سبق من السورة. و هذا يري كيف أن كل آية لاحقة تكمل ما قبلها، و توصل إلى ما بعدها في خطاب مستوعب للنفس البشرية من أين ينبغي أن يبدأ معها؟ و إلى أين ينبغي أن يسار فيها؟ و لقد رأينا كيف أن المقطع استقر على آية ختم بها الحوار مع بني إسرائيل، و لخصت قضية التقوى ليكون ذلك مقدمة للكلام عن مجموعة أمور تحمي التقوى، أو تحقق بها، أو تعمقها، أو هي جزء منها. و ذلك كله مما تضمنته بقية القسم الثاني.
و إذا كان ما بقي من القسم الثاني يشكل جولة جديدة في قضية التقوى، فقد يكون من المناسب أن نقدم لذلك بتلخيص لما مر معنا ليكون ذلك بمثابة مقدمة أولى للكلام عن الثلاثين آية القادمة. و التي هي تتمة القسم الثاني:
مر معنا من قبل:
مقدمة سورة البقرة: و فيها حديث عن المتقين، و الكافرين، و المنافقين. ثم جاء القسم الأول و فيه مقاطع، و كله في توضيح معالم الطريق إلى التقوى سلبا أو إيجابا:
المقطع الأول في تبيان الطريق إلى التقوى، و الطريق إلى الضلال.
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 392
ثم جاء مقطع آدم. فعمق في الطريقين.
ثم جاء مقطعا بني إسرائيل و إبراهيم كنموذجين على انحراف عن أمر الله، و إقامة لأمر الله. ثم جاء مقطع القبلة، و محلها في العبادة- التي هي طريق- التقوى، لا يخفى.
ثم جاء مقطع الصبر و الذكر و الشكر. و محل ذلك في التقوى طريقا، و في العبادة لا يخفى. و هكذا جاء القسم الأول ليبين الطريق إلى التقوى، و يحرر من الطريق إلى الكفر و النفاق و الفسوق.
ثم جاء القسم الثاني: يأمر بالأكل من الحلال الذي هو شرط قبول العبادة، و ليحرر من السبب الأول في الانحراف عن أمر الله: و هو كتمان ما أنزل الله. و جاءت آية البر لتلخص ما مر معنا من حقيقة التقوى.
و الآن يأتي مقطع جديد يتحدث عن القصاص، و عن الوصية: القصاص كطريق يحقق التقوى الاجتماعية، و الوصية كحق من حقوق التقوى. ثم يأتي كلام عن الصوم.
و هو عبادة و طريق يحقق التقوى الفردية و الاجتماعية. ثم يسير السياق.
كلمة في الثلاثين آية القادمة:
في الثلاثين آية القادمة من الآية (177) إلى الآية (207) مجموعة من الأحكام و الأوامر، و النواهي، و التقريرات، و غير ذلك. و قد سبقت كما رأينا بآية البر التي تشبه الآيات الأولى في مقدمة سورة البقرة. إذ في كل تعريف للمتقين.
فلنتذكر الآن أن من صفات المتقين أن القرآن فيه هداهم:
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.
و لنتذكر أن المقطع الأول من القسم الثاني ورد فيه:
و ورد فيه:
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 393
ثم جاءت آية البر لتذكر الصادقين المتقين:
أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.
ثم تأتي هذه الآيات الثلاثون لتعرض علينا جزءا من هداية الله للمتقين في كتابه.
و هكذا فإن فى الثلاثين آية القادمة تفصيلا في الركن الرابع للتقوى: و هو الاهتداء بكتاب الله، و هكذا. يأتي دور عرض بعض القضايا العملية، بعد تمهيدات طويلة توجد استعدادا للأخذ و التلقي و الطاعة. و لذلك نجد كلمة كُتِبَ التى تعني فرض، تتكرر في هذه الثلاثين آية. كما تتكرر صيغ الأمر و النهي. و كل ذلك يأتي بعد المقطع الأول من القسم الثاني الذي هو التمهيد المباشر لذلك.
تشكل الثلاثون آية مقطعين، مقطعا قصيرا، و مقطعا طويلا. و كل من المقطعين يبدأ بنداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .... و كل من المقطعين يبدأ بذكر طريق من الطرق الموصلة إلى تحقيق التقوى: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
فلأول مرة بعد قوله تعالى في بداية القسم الأول: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تحدثنا سورة البقرة بشكل مباشر عما يوصل إلى التقوى بمثل هذه الصيغة لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
و إذا كان القسم الأول دلنا على طريق تقوى الفرد. فإن هذا القسم يحدثنا عما تتحقق به تقوى الفرد و المجتمع، و إن كان كل من الأمرين لا ينفصل عن الآخر. و لكن الكلام عما هو أظهر.
و إذا كانت الثلاثون آية القادمة تتألف من مقطعين. و قد مر معنا مقطع من القسم الثاني، فإن القسم الثاني على هذا يتألف من ثلاثة مقاطع. يشكل المقطع القادم؛ المقطع الثاني فيه.
كنا من قبل تحدثنا كيف أن القسم الأول من السورة قد وطأ للقسم الثاني؛ فوطأ مقطع الطريقين، و مقطع آدم، و المدخل لمقطع بني إسرائيل، للمقطع الأول في القسم الثاني. و في مقطع بني إسرائيل يأتي كلام عن قتل رجل، و عن أكل أموال الناس، و عن ظلم الذين يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه. و يذكر أن هؤلاء ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ. ثم ....
الاساس فى التفسير، ج1، ص: 394
و في هذه الجولة يأتي كلام عن القصاص، ثم عن الصيام كطريقين للتقوى. ثم عن القتال الذي به يخاف أعداء الله، ثم عن الحج و العمرة إلى كعبة إبراهيم.
و قد جاءت آية البر قبل هذه الجولة و فيها حض على الصبر، و الصوم مران على الصبر.
و فيها حض على الصبر حين البأس، أي في القتال، و في الجولة كلام عن القتال و في آية البر كلام عن الإنفاق. و في الجولة كلام عن الإنفاق.