کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 103

و قال أبو كثير الهذلي:

يا لهف نفسي كان جدة خالد

و بياض وجهك للتراب الأعفر

فرجع من الإخبار عن النفس إلى مخاطبتها في البيت الأول و من الإخبار عن خالد إلى خطابه في البيت الثاني و قال الكسائي تقديره قولوا إياك نعبد أو قل يا محمد هذا كما قال الله تعالى‏ «وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا» و قال‏ «وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ» أي يقولون سلام.

[سورة الفاتحة (1): آية 6]

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

القراءة

قرأ حمزة بإشمام الصاد الزاي إلا العجلي و برواية خلاد و ابن سعدان يشم هاهنا في الموضعين فقط و قرأ الكسائي من طريق أبي حمدون بإشمام السين و يعقوب من طريق رويس بالسين و الباقون بالصاد.

الحجة

الأصل في الصراط السين لأنه مشتق من السرط و مسترط الطعام ممره و منه قولهم سرطراط و الأصل سريط فمن قرأ بالسين راعى الأصل و من قرأ بالصاد فلما بين الصاد و الطاء من المؤاخاة بالاستعلاء و الإطباق و لكراهة أن يتسفل بالسين ثم يتصعد بالطاء في السراط و إذا كانوا قد أبدلوا من السين الصاد مع القاف في صقب و صويق ليجعلوها في استعلاء القاف مع بعد القاف من السين و قرب الطاء منها فأن يبدلوا منها الصاد مع الطاء أجدر من حيث كان الصاد إلى الطاء أقرب أ لا ترى أنهما جميعا من حروف طرف اللسان و أصول الثنايا و أن الطاء تدغم في الصاد و من قرأ بإشمام الزاي فللمؤاخاة بين السين و الطاء بحرف مجهور من مخرج السين و هو الزاي من غير إبطال الأصل.

اللغة

الهداية في اللغة الإرشاد و الدلالة على الشي‏ء يقال لمن يتقدم القوم و يدلهم على الطريق هاد خريت أي دال مرشد قال طرفة:

للفتى عقل يعيش به‏

حيث تهدي ساقه قدمه‏

و الهداية التوفيق قال:

فلا تعجلن هداك المليك‏

فإن لكل مقام مقالا

أي وفقك و الصراط الطريق الواضح المتسع و سمي بذلك لأنه يسرط المارة أي‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 104

يبتلعها و المستقيم المستوي الذي لا اعوجاج فيه قال جرير:

أمير المؤمنين على صراط

إذا أعوج الموارد مستقيم‏

. الإعراب‏

«اهْدِنَا» مبني على الوقف و فاعله الضمير المستكن فيه لله تعالى و الهمزة مكسورة لأن ثالث المضارع منه مكسور و موضع النون و الألف من اهدنا نصب لأنه مفعول به و الصراط منصوب لأنه مفعول ثان.

المعنى‏

قيل في معنى‏ «اهْدِنَا» وجوه (أحدها) أن معناه ثبتنا على الدين الحق لأن الله تعالى قد هدى الخلق كلهم إلا أن الإنسان قد يزل و ترد عليه الخواطر الفاسدة فيحسن أن يسأل الله تعالى أن يثبته على دينه و يديمه عليه و يعطيه زيادات الهدى التي هي إحدى أسباب الثبات على الدين كما قال الله تعالى‏ «وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً» و هذا كما يقول القائل لغيره و هو يأكل كل أي دم على الأكل (و ثانيها) أن الهداية هي الثواب لقوله تعالى: يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ‏ فصار معناه اهدنا إلى طريق الجنة ثوابا لنا و يؤيده قوله‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (و ثالثها) أن المراد دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر كما دللتنا عليه في الماضي و يجوز الدعاء بالشي‏ء الذي يكون حاصلا كقوله تعالى:

قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ‏ و قوله حكاية عن إبراهيم ع: وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ‏ و ذلك أن الدعاء عبادة و فيه إظهار الانقطاع إلى الله تعالى فإن قيل ما معنى المسألة في ذلك و قد فعله الله بجوابه أنه يجوز أن يكون لنا في الدعاء به مصلحة في ديننا و هذا كما تعبدنا بأن نكرر التسبيح و التحميد و الإقرار لربنا عز اسمه بالتوحيد و إن كنا معتقدين لجميع ذلك و يجوز أن يكون الله تعالى يعلم أن أشياء كثيرة تكون أصلح لنا إذا سألناه و إذا لم نسأله لا تكون مصلحة فيكون ذلك وجها في حسن المسألة و يجوز أن يكون المراد استمرار التكليف و التعريض للثواب لأن إدامته ليس بواجب بل هو تفضل محض فجاز أن يرغب إليه فيه بالدعاء و قيل في معنى‏ «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» وجوه.

(أحدها)

أنه كتاب الله‏ و هو المروي عن النبي ص و عن علي ع‏

و ابن مسعود (و ثانيها) أنه الإسلام و هو المروي عن جابر و ابن عباس (و ثالثها) أنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره عن محمد بن الحنفية (و الرابع)

أنه النبي ص و الأئمة القائمون مقامه‏ و هو المروي في أخبارنا

و الأولى حمل الآية على العموم حتى يدخل جميع ذلك فيه لأن الصراط المستقيم هو الدين الذي أمر الله به من التوحيد و العدل و ولاية من أوجب الله طاعته.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 105

[سورة الفاتحة (1): آية 7]

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

القراءة

قرأ حمزة عليهم بضم الهاء و إسكان الميم و كذلك لديهم و إليهم و قرأ يعقوب بضم كل هاء قبلها ياء ساكنة في التثنية و الجمع المذكر و المؤنث نحو عليهما و فيهما و عليهم و فيهم و عليهن و فيهن و قرأ الباقون‏ «عَلَيْهِمْ» و أخواتها بالكسر و قرئ في الشواذ عليهموا قراءة ابن أبي إسحاق و عيسى الثقفي و عليهمي قراءة الحسن البصري و عمر بن قايد و عليهم مكسورة الهاء مضمومة الميم بغير واو و عليهم مضمومة الهاء و الميم من غير بلوغ واو مرويتان عن الأعرج فهذه سبع قراءات ثم اختلف القراء في الميم فأهل الحجاز وصلوا الميم بواو انضمت الهاء قبلها أو انكسرت قالوا عليهموا و على قلوبهموا و على سمعهموا و منهموا و لهموا إلا أن نافعا اختلف عنه فيه و الباقون بسكون الميم فأما إذا لقي الميم حرف ساكن فإن القراء اختلفوا فأهل الحجاز و عاصم و ابن عامر يضمون على كسر الهاء و يضمون الميم نحو عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ و مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ‏ و أبو عمرو يكسر الهاء و الميم و حمزة و الكسائي يضمان الهاء و الميم معا و كل هذا الاختلاف في الهاء التي قبلها كسرة أو ياء ساكنة فإذا جاوزت هذين الأمرين لم يكن في الهاء إلا الضم و قرأ صراط من أنعمت عليهم عمر بن الخطاب و عمرو بن عبد الله الزبيري و روي ذلك عن أهل البيت ع و قرئ أيضا في الشواذ غير المغضوب عليهم بالنصب و قرأ غير الضالين عمر بن الخطاب و روي ذلك عن علي ع.

الحجة

من قرأ عليهم بضم الهاء فإنه رده إلى الأصل لأنه إذا انفرد من حروف يتصل بها قيل هم فعلوا بضم الهاء قال السراج و هي القراءة القديمة و لغة قريش و أهل الحجاز و من حولهم من فصحاء اليمن و إنما خص حمزة هذه الحروف الثلاثة بالضم لأن الياء قبلها كانت ألفا مثل على القوم و لدى القوم و إلى القوم و لا يجوز كسر الهاء إذا كان قبلها ألف و من قرأ عليهموا فإنه اتبع الهاء ما أشبهها و هو الياء و ترك ما لا يشبه الياء و الألف على الأصل و هو الميم و من قرأ «عَلَيْهِمْ» فكسر الهاء و أسكن الميم فلأنه أمن اللبس إذا كانت الألف في التثنية قد دلت على الاثنين و لا ميم في الواحد فلما لزمت الميم الجمع حذفوا الواو و أسكنوا الميم طلبا للتخفيف إذا كان ذلك لا يشكل و إنما كسر الهاء مع أن‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 106

الأصل الضم للياء التي قبلها و من قرأ عليهموا فلأنه الأصل لأن وسيلة هذه الواو في الجمع وسيلة لألف في التثنية أعني أن ثبات الواو كثبات الألف و من قرأ عليهمي فإنه كسر الهاء لوقوع الياء قبلها ساكنة و كسر الميم كراهة للخروج من كسرة الهاء إلى ضمة الميم ثم انقلبت الواو ياء لسكونها و انكسار ما قبلها و من كسر الهاء و ضم الميم و حذف الواو فإنه احتمل الضمة بعد الكسرة لأنها غير لازمة إذا كانت ألف التثنية تفتحها لكنه حذف الواو تفاديا من ثقلها مع ثقل الضمة و من قرأ «عَلَيْهِمْ» فإنه حذف الواو استخفافا و احتمل الضمة قبلها دليلا عليها و أما من ضم الميم إذا لقيها ساكن و كسر الهاء فإنما يحتج بأن يقول لما احتجت إلى الحركة رددت الحرف إلى أصله فضممت و تركت الهاء على كسرها لأنه لم تأت ضرورة تحوج إلى ردها إلى الأصل و لأن الهاء إنما تبعت الياء لأنها شبهت بها و لم يتبعها الميم لبعدها منه و احتج من كسر الميم و الهاء بأن قال أتبعت الكسر الكسر لثقل الضم بعد الكسر قال سيبويه الهاء تكسر إذا كان قبلها ياء أو كسرة لأنها خفيفة و هي من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة و هي من موضع الألف و هي أشبه الحروف بالياء و كما أمالوا الألف في مواضع استخفافا كذلك كسروا هذه الهاء و قلبوا الواو ياء لأنه لا تثبت واو ساكنة و قبلها كسرة كقولك مررت بهي و مررت بدار هي قبل.

الإعراب‏

«صِراطَ الَّذِينَ» صفة لقوله‏ «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» و يجوز أن يكون بدلا عنه و الفصل بين الصفة و البدل أن البدل في تقدير تكرير العامل بدلالة تكرير حرف الجر في قوله تعالى: قالَ (الْمَلَأُ) الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا (مِنْ قَوْمِهِ) لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ‏ و ليس كذلك الصفة فكما أعيدت اللام الجارة في الاسم فكذلك العامل الرافع أو الناصب في تقدير التكرير فكأنه قال اهدنا صراط الذين و ليس يخرج البدل و إن كان كذلك عن أن يكون فيه تبيين للأول كما أن الصفة كذلك و لهذا لم يجز سيبويه المسكين بي كان الأمر و لا بك المسكين كما أجاز ذلك في الغائب نحو مررت به المسكين و الذين موصول و أنعمت عليهم صلة و قد تم بها اسما مفردا يكون في موضع جر بإضافة صراط إليه و لا يقال في موضع الرفع اللذون لأنه اسم غير متمكن و قد حكي اللذون شاذا كما حكي الشياطون في حال الرفع و أما «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» ففي الجر فيه ثلاثة أوجه (أحدها) أن يكون بدلا من الهاء و الميم في عليهم كقول الشاعر:

على حالة لو أن في القوم حاتما

على جوده لضن بالماء حاتم‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 107

فجر حاتم على البدل من الهاء في جوده (و ثانيها) أن يكون بدلا من الذين (و ثالثها) أن يكون صفة للذين و إن كان أصل غير أن يكون صفة للنكرة تقول مررت برجل غيرك كأنك قلت مررت برجل آخر أو برجل ليس بك قال الزجاج و إنما جاز ذلك لأن الذين هاهنا ليس بمقصود قصدهم فهو بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه و قال علي بن عيسى الرماني إنما جاز أن يكون نعتا للذين لأن الذين بصلتها ليست بالمعرفة الموقتة كالأعلام نحو زيد و عمرو و إنما هي كالنكرات إذا عرفت نحو الرجل و الفرس فلما كانت الذين كذلك كانت صفتها كذلك أيضا كما يقال لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل و لو كانت بمنزلة الإعلام لما جاز كما لم يجز مررت بزيد غير الظريف بالجر على الصفة و قال أبو بكر السراج و الذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة لأن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة و إنما تنكرت غير و مثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما و ذلك أنك إذا قلت رأيت غيرك فكل شي‏ء ترى سوى المخاطب فهو غيره و كذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى فأما إذا كان شيئا معرفة له ضد واحد و أردت إثباته و نفي ضده فعلم ذلك السامع فوصفته بغير و أضفت غير إلى ضده فهو معرفة و ذلك نحو قولك عليك بالحركة غير السكون فغير السكون معرفة و هي الحركة فكأنك كررت الحركة تأكيدا فكذلك قوله تعالى: «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» فغير المغضوب هم الذين أنعم الله عليهم فمتى كانت غير بهذه الصفة فهي معرفة و كذلك إذا عرف إنسان بأنه مثلك في ضرب من الضروب فقيل فيه قد جاء مثلك كان معرفة إذا أردت المعروف بشبهك قال و من جعل غير بدلا استغنى عن هذا الاحتجاج لأن النكرة قد تبدل من المعرفة و في نصب غير ثلاثة أوجه أيضا (أحدها) أن يكون نصبا على الحال من المضمر في عليهم و العامل في الحال أنعمت فكأنه قال صراط الذين أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم (و ثانيها) أن يكون نصبا على الاستثناء المنقطع لأن المغضوب عليهم من غير جنس المنعم عليهم (و ثالثها) أن يكون نصبا على أعني كأنه قال أعني غير المغضوب عليهم و لم يجز أن يقال غير المغضوبين عليهم لأن الضمير قد جمع في عليهم فاستغنى عن أن يجمع المغضوب و هذا حكم كل ما تعدى بحرف جر تقول رأيت القوم غير المذهوب بهم استغنيت بالضمير المجرور في بهم عن جمع المذهوب و أما لا من قوله‏ «وَ لَا الضَّالِّينَ» فذهب البصريون إلى أنها زائدة لتوكيد النفي و ذهب الكوفيون إلى أنها بمعنى غير و وجه قول البصريين أنك إذا قلت ما قام زيد و عمرو احتمل أن تريد ما قاما معا و لكن قام كل واحد منهما بانفراده فإذا قلت ما قام زيد و لا عمرو زال الاحتمال و غير متضمن معنى‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 108

النفي و لهذا أجاز النحويون أنت زيدا غير ضارب لأنه بمنزلة قولك إنك أنت زيدا لا ضارب و لا يجوزون أنت زيدا مثل ضارب لأن زيدا من صلة ضارب و لا يتقدم عليه و قال علي بن عيسى الرماني من نصب على الاستثناء جعل لا صلة كما أنشد أبو عبيدة

( في بئر لا حور سرى و ما شعر )

أي في بئر هلكة و تقديره غير المغضوب عليهم و الضالين كما قال‏ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ بمعنى أن تسجد.

المعنى و اللغة

معنى الآية بيان الصراط المستقيم أي صراط من أنعمت عليهم بطاعتك و هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله‏ «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ» و أصل النعمة المبالغة و الزيادة يقال دققت الدواء فأنعمت دقة أي بالغت في دقة و هذه النعمة و إن لم تكن مذكورة في اللفظ فالكلام يدل عليها لأنه لما قال‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و قد بينا المراد بذلك بين أن هذا صراط من أنعم عليهم به و لم يحتج إلى إعادة اللفظ كما قال النابغة:

كأنك من جمال بني أقيش‏

يقعقع خلف رجليه بشن‏

أي كأنك من جمالهم جمل يقعقع خلف رجليه و أراد بالمغضوب عليهم اليهود عند جميع المفسرين الخاص و العام و يدل عليه قوله تعالى‏ «مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ» و هؤلاء هم اليهود بدلالة قوله تعالى‏ «وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ» و أراد بالضالين النصارى بدلالة قوله تعالى:

«وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» و قال الحسن البصري أن الله تعالى لم يبرأ اليهود من الضلالة بإضافة الضلالة إلى النصارى و لم يبرأ النصارى من الغضب بإضافة الغضب إلى اليهود بل كل واحدة من الطائفتين مغضوب عليهم و هم ضالون إلا أن الله تعالى يخص كل فريق بسمة يعرف بها و يميز بينه و بين غيره بها و إن كانوا مشتركين في صفات كثيرة و قيل المراد بالمغضوب عليهم و الضالين جميع الكفار و إنما ذكروا بالصفتين لاختلاف الفائدتين و اختار الإمام عبد القاهر الجرجاني قولا آخر قال إن حق اللفظ فيه أن يكون خرج مخرج الجنس كما تقول نعوذ بالله أن يكون حالنا حال المغضوب عليهم فإنك لا تقصد به قوما بأعيانهم و لكنك تريد ما تريده بقولك إذا قلت اللهم اجعلني ممن أنعمت عليهم و لا تجعلني ممن غضبت عليهم فلا تريد أن هاهنا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 109

قوما بأعيانهم قد اختصوا بهذه الصفة التي هي كونهم منعما عليهم و ليس يخفى على من عرف الكلام أن العقلاء يقولون اجعلني ممن تديم له النعمة و هم يريدون أن يقولوا أدم علي النعمة و لا يشك عاقل إذا نظر لقول عنترة:

و لقد نزلت فلا تظني غيره‏

مني بمنزلة المحب المكرم‏

إنه لم يرد أن يشبهها بإنسان هو محب مكرم عنده أو عند غيره و لكنه أراد أن يقول إنك محبة مكرمة عندي و أما الغضب من الله تعالى فهو إرادته إنزال العقاب المستحق بهم و لعنهم و براءته منهم و أصل الغضب الشدة و منه الغضبة و هي الصخرة الصلبة الشديدة المركبة في الجبل و الغضوب الحية الخبيثة و الناقة العبوس و أصل الضلال الهلاك و منه قوله‏ «أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ» أي هلكنا و منه قوله‏ «وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ» أي أهلكها و الضلال في الدين الذهاب عن الحق و إنما لم يقل الذين أنعمت عليهم غير الذين غضبت عليهم مراعاة للأدب في الخطاب و اختيارا لحسن اللفظ المستطاب و في تفسير العياشي رحمه الله‏

روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال‏ سألته عن قوله تعالى: «وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» قال فاتحة الكتاب يثني فيها القول قال و قال رسول الله ص إن الله تعالى من علي بفاتحة الكتاب من كنز الجنة فيها «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» الآية التي يقول الله فيها: «وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً» و «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» دعوى أهل الجنة حين شكروا لله حسن الثواب و «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» قال جبرائيل ع ما قالها مسلم إلا صدقه الله تعالى و أهل سمائه‏ «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» إخلاص للعبادة و «إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» أفضل ما طلب به العباد حوائجهم‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» صراط الأنبياء و هم الذين أنعم الله عليهم‏ «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» اليهود «وَ لَا الضَّالِّينَ» النصارى‏

و

روى محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع‏ أنه كان يقرأ ملك يوم الدين و يقرأ اهدنا صراط المستقيم‏ و في رواية أخرى‏ يعني أمير المؤمنين (ع)

و

روي جميل عن أبي عبد الله ع قال‏ إذا كنت خلف إمام ففرغ من قراءة الفاتحة فقل أنت من خلفه الحمد لله رب العالمين‏

و

صفحه بعد