کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 558

بفعل مضمر دل عليه قوله اضرب لأن المعاني لا تعمل في المفعول به و مما جعل حيث فيه اسما متمكنا غير ظرف متضمن لمعنى في قول الشاعر:

كان منها حيث تلوي المنطقا

حقفا نقا مالا على حقفي نقا

أ لا ترى أن حيث هنا في موضع نصب بكان و حقفا نقا مرفوع بأنه خبره و قال القاضي أبو سعيد السيرافي في شرح كتاب سيبويه أن من العرب من يضيف حيث إلى المفرد فيجر ما بعدها و أنشد ابن الأعرابي بيتا آخره:

( حيث لي العمايم )

و أنشد أيضا أبو سعيد و أبو علي في إخراج حيث من حد الظرفية بالإضافة إليها إلى حد الأسماء المحضة قول الشاعر يصف شيخا يقتل القمل:

يهز الهرانع عقده عند الخصى‏

بأذل حيث يكون من يتذلل‏

و من ذلك قول الفرزدق:

فمحن به عذبا رضابا غروبه‏

رقاق و أعلى حيث ركبن أعجف‏

و قوله‏ «صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ» قال الزجاج عند متصلة بسيصيب أي سيصيبهم عند الله صغار و جاز أن يكون عند متصلة بصغار فيكون المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت لهم عند الله و لا يصلح أن يكون من محذوفة من عند إنما المحذوف من عند في إذا قلت زيد عند عمرو فالمعنى زيد في حضرة عمرو قال أبو علي إذا قلت أن عند معمول لصغار لم تحتج إلى تقدير محذوف في الكلام لكن نفس المصدر يتناوله و يعمل فيه و يكون التقدير أن يصغروا عند الله فلا وجه لتقدير ثابت في الكلام فإن قدرت صغارا موصوفا بعند لم يكن عند معمولا لصغار و لكن يكون متعلقا بمحذوف فلا بد على هذا من تقدير ثابت و نحوه ما يكون في الأصل صفة ثم حذف و أقيم الظرف مقامه للدلالة عليه و هذا كقولك و أنت تريد الصفة هذا رجل عندك فالمعنى ثابت عندك أو مستقر عندك و كلا الوجهين جائز.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 559

النزول‏

نزلت في الوليد بن المغيرة قال و الله لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سنا و أكثر منك مالا و قيل نزلت في أبي جهل بن هشام قال زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يوحى إليه و الله لا نؤمن به و لا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه عن مقاتل.

المعنى‏

ثم حكى سبحانه عن الأكابر الذين تقدم ذكرهم اقتراحاتهم الباطلة فقال‏ «وَ إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ» أي دلالة معجزة من عند الله تعالى تدل على توحيده و صدق نبيه ص‏ «قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ» أي لن نصدق بها «حَتَّى نُؤْتى‏» أي نعطي آية معجزة «مِثْلَ ما أُوتِيَ» أي أعطي‏ «رُسُلُ اللَّهِ» حسدا منهم للنبي ص ثم أخبر سبحانه على وجه الإنكار عليهم بقوله‏ «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» أنه أعلم منهم و من جميع الخلق بمن يصلح لرسالاته و يتعلق مصالح الخلق ببعثه و أنه يعلم من يقوم بأعباء الرسالة و من لا يقوم بها فيجعلها عند من يقوم بأدائها و يحتمل ما يلحقه من المشقة و الأذى على تبليغها ثم توعدهم سبحانه فقال‏ «سَيُصِيبُ» أي سينال‏ «الَّذِينَ أَجْرَمُوا» أي انقطعوا إلى الكفر و أقدموا عليه يعني بهم المشركين من أكابر القرى الذين سبق ذكرهم‏ «صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ» أي سيصيبهم عند الله ذل و هوان و إن كانوا أكابر في الدنيا عن الزجاج و يجوز أن يكون المعنى سيصيبهم صغار معد لهم عند الله أو سيصيبهم أن يصغروا عند الله‏ «وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ» في الدنيا أي جزاء على مكرهم.

[سورة الأنعام (6): آية 125]

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)

القراءة

قرأ ابن كثير ضيقا بتخفيف الياء و سكونها هاهنا و في الفرقان و الباقون بتشديدها و كسرها و قرأ أهل المدينة و أبو بكر و سهل حرجا بكسر الراء و الباقون بفتحها و قرأ ابن كثير يصعد بتخفيف الصاد و العين و سكون الصاد و قرأ أبو بكر يصاعد بتشديد الصاد و ألف بعدها و تخفيف العين و الباقون‏ «يَصَّعَّدُ» بتشديد الصاد و العين و فتح الصاد.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 560

الحجة

الضيق و الضيق بمعنى مثل الميت و الميت و من فتح الراء من حرج فقد وصف بالمصدر كما قيل في قمن و دنف و نحوهما من المصادر التي يوصف بها و من كسر الراء من حرج فهو مثل دنف و قمن و قراءة ابن كثير يصعد من الصعود و من قرأ «يَصَّعَّدُ» أراد يتصعد فأدغم و معنى يتصعد أنه يثقل الإسلام عليه فكأنه يتكلف ما يثقل عليه شيئا بعد شي‏ء كقولهم يتعفف و يتحرج و نحو ذلك مما يتعاطى فيه الفعل شيئا بعد شي‏ء و يصاعد مثل يصعد في المعنى فهو مثل ضاعف و ضعف و ناعم و نعم و هما من المشقة و صعوبة الشي‏ء و من ذلك قوله‏ «يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً» و قوله‏ «سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً» أي سأغشيه عذابا صعودا و عقبة صعود أي شاقة و من ذلك قول عمر بن الخطاب ما تصعد في شي‏ء كما تصعد في خطبة النكاح أي ما شق علي شي‏ء مشقتها.

اللغة

الحرج و الحرج أضيق الضيق قال أبو زيد حرج عليه السحر يحرج حرجا إذ أصبح قبل أن يتسحر و حرم عليه حرما و هما بمعنى واحد و حرجت على المرأة الصلاة و حرمت بمعنى واحد و حرج فلان إذا هاب أن يتقدم على الأمر و قاتل فصبر و هو كاره و قد ذكرنا معاني الهداية و الهدى و الضلال و الإضلال في سورة البقرة و ما يجوز إسناده إلى الله تعالى من كلا الأمرين و ما لا يجوز عند قوله‏ «وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ» .

المعنى‏

لما تقدم ذكر المؤمنين و الكافرين بين عقبة ما يفعله سبحانه بكل من القبيلتين فقال‏ «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ» قد ذكر في تأويل الآية وجوه (أحدها) أن معناه‏ «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ» إلى الثواب و طريق الجنة «يَشْرَحْ صَدْرَهُ» في الدنيا «لِلْإِسْلامِ» بأن يثبت عزمه عليه و يقوي دواعيه على التمسك به و يزيل عن قلبه وساوس الشيطان و ما يعرض في القلوب من الخواطر الفاسدة و إنما يفعل ذلك لطفا له و منا عليه و ثوابا على اهتدائه بهدى الله و قبوله إياه و نظيره قوله سبحانه‏ «وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً» «وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً» «وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً» يعني و من يرد أن يضله عن ثوابه و كرامته يجعل صدره في كفره ضيقا حرجا عقوبة له على ترك الإيمان من غير أن يكون سبحانه مانعا له عن الإيمان و سالبا إياه القدرة عليه بل ربما يكون ذلك سببا داعيا له إلى الإيمان فإن من ضاق صدره بالشي‏ء كان ذلك داعيا له إلى تركه و الدليل على أن شرح الصدر قد يكون ثوابا قوله سبحانه‏ «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» الآيات و معلوم أن وضع الوزر و رفع الذكر يكون ثوابا على تحمل أعباء الرسالة و كلفها فكذلك ما قرن به من شرح الصدر

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 561

و الدليل على أن الهدى قد يكون إلى الثواب قوله‏ «وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ» و معلوم أن الهداية بعد القتل لا تكون إلا إلى الثواب فليس بعد الموت تكليف‏

و قد وردت الرواية الصحيحة أنه لما نزلت هذه الآية سئل رسول الله ص عن شرح الصدر ما هو فقال نور يقذفه الله في قلب المؤمن فينشرح له صدره و ينفسح قالوا فهل لذلك من أمارة يعرف بها قال ص نعم الإنابة إلى دار الخلود و التجافي عن دار الغرور و الاستعداد للموت قبل نزول الموت‏

(و ثانيها) أن معنى الآية فمن يرد الله أن يثبته على الهدى يشرح صدره من الوجه الذي ذكرناه جزاء له على إيمانه و اهتدائه و قد يطلق لفظ الهدى و المراد به الاستدامة كما قلناه في قوله‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» «وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ» أي يخذله و يخلي بينه و بين ما يريده لاختياره الكفر و تركه الإيمان‏ «يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً» بأن يمنعه الألطاف التي ينشرح لها صدره لخروجه من قبولها بإقامته على كفره فإن قيل إنا نجد الكافر غير ضيق الصدر لما هو فيه و نراه طيب القلب على كفره فكيف يصح الخلف في خبره سبحانه قلنا أنه سبحانه بين أنه يجعل صدره ضيقا و لم يقل في كل حال و معلوم من حاله في أحوال كثيرة أنه يضيق صدره بما هو فيه من ورود الشبه و الشكوك عليه و عند ما يجازي الله تعالى المؤمن على استعمال الأدلة الموصلة إلى الإيمان و هذا القدر هو الذي يقتضيه الظاهر (و ثالثها) أن معنى الآية من يرد الله أن يهديه زيادة الهدى التي وعدها المؤمن‏ «يَشْرَحْ صَدْرَهُ» لتلك الزيادة لأن من حقها أن تزيد المؤمن بصيرة و من يرد أن يضله عن تلك الزيادة بمعنى يذهبه عنها من حيث أخرج هو نفسه من أن يصح عليه‏ «يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً» لمكان فقد تلك الزيادة لأنها إذا اقتضت في المؤمن ما قلناه أوجب في الكافر ما يضاده و يكون الفائدة في ذلك الترغيب في الإيمان و الزجر عن الكفر و هذا التأويل قريب مما تقدمه و قد روي عن ابن عباس أنه قال إنما سمى الله قلب الكافر حرجا لأنه لا يصل الخير إلى قلبه و في رواية أخرى لا تصل الحكمة إلى قلبه و لا يجوز أن يكون المراد بالإضلال في الآية الدعاء إلى الضلال و لا الأمر به و لا الإجبار عليه لإجماع الأمة على أن الله تعالى لا يأمر بالضلال و لا يدعو إليه فكيف يجبر عليه و الدعاء إليه أهون من الإجبار عليه و قد ذم الله تعالى فرعون و السامري على إضلالهما عن دين الهدى في قوله‏ «وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ ما هَدى‏» و قوله‏ «وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ» و لا خلاف في أن إضلالهما إضلال أمر و إجبار و دعاء و قد ذمهما الله تعالى عليه مطلقا فكيف يتمدح بما ذم عليه غيره قوله‏ «كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ» فيه وجوه (أحدها) أن معناه كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 562

صدره عنه أو كان قلبه يصعد في السماء نبوا عن الإسلام و الحكمة عن الزجاج (و ثانيها) أن معنى يصعد كأنه يتكلف مشقة في ارتقاء صعود و على هذا قيل عقبة عنوت و كؤود عن أبي علي الفارسي قال و لا يكون السماء في هذا القول المظلة للأرض و لكن كما قال سيبويه القيدود الطويل في غير سماء أي في غير ارتفاع صعدا و قريب منه ما روي عن سعيد بن جبير أن معناه كأنه لا يجد مسلكا إلا صعدا (و ثالثها) أن معناه كأنما ينزع قلبه إلى السماء لشدة المشقة عليه في مفارقة مذهبه‏ «كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ» أي العذاب عن ابن زيد و غيره من أهل اللغة و قيل هو ما لا خير فيه عن مجاهد «عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ» و في هذا دلالة على صحة التأويل الأول لأنه تعالى بين أن الإضلال المذكور في الآية كان على وجه العقوبة على الكفر و لو كان المراد به الإجبار على الكفر لقال كذلك لا يؤمن من جعل الله الرجس على قلبه و وجه التشبيه في قوله‏ «كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ» أنه يجعل الرجس على هؤلاء كما يجعل ضيق الصدر في قلوب أولئك و أن كل ذلك على وجه الاستحقاق و

روى العياشي بإسناده عن أبي بصير عن خيثمة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول‏ أن القلب يتقلب من لدن موضعه إلى حنجرته ما لم يصب الحق فإذا أصاب الحق قر ثم قرأ هذه الآية.

[سورة الأنعام (6): الآيات 126 الى 127]

وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (127)

المعنى‏

ثم أشار تعالى إلى ما تقدم من البيان فقال‏ «وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ» أي طريق ربك و هو القرآن عن ابن مسعود و الإسلام عن ابن عباس و إنما أضافه إلى نفسه لأنه تعالى هو الذي دل عليه و أرشد إليه‏ «مُسْتَقِيماً» لا اعوجاج فيه و إنما انتصب على الحال و إنما وصف الصراط الذي هو أدلة الحق بالاستقامة مع اختلاف وجوه الأدلة لأنها مع اختلافها تؤدي إلى الحق فكأنها طريق واحد لسلامة جميعها من التناقض و الفساد «قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ» أي بيناها و ميزناها «لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ» و أصله يتذكرون خص المتذكرين بذلك لأنهم المنتفعون بالحجج كما قال‏ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ‏ «لَهُمْ دارُ السَّلامِ» أي للذين تذكروا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 563

و تدبروا و عرفوا الحق و تبعوه دار السلامة الدائمة الخالصة من كل آفة و بلية مما يلقاه أهل النار عن الزجاج و الجبائي و قيل أن السلام هو الله تعالى و دار الجنة عن الحسن و السدي‏ «عِنْدَ رَبِّهِمْ» أي هي مضمونة لهم عند ربهم يوصلهم إليها لا محالة كما يقول الرجل لغيره لك عندي هذا المال أي في ضماني و قيل معناه لهم دار السلام في الآخرة يعطيهم إياها «وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ» يعني الله يتولى إيصال المنافع إليهم و دفع المضار عنهم و قيل وليهم ناصرهم على أعدائهم و قيل يتولاهم في الدنيا بالتوفيق و في الآخرة بالجزاء «بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» المراد جزاء بما كانوا يعملون من الطاعات فحذف لظهور المعنى فإن من المعلوم أن ما لا يكون طاعة من الأعمال فلا ثواب عليه.

[سورة الأنعام (6): الآيات 128 الى 129]

وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (129)

القراءة

قرأ حفص و روح‏ «وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ» بالياء و الباقون بالنون.

الحجة

من قرأ بالياء فلقوله‏ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ و النون كالياء في المعنى و يقوي النون قوله‏ «وَ حَشَرْناهُمْ» و «نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى‏» .

الإعراب‏

قال الزجاج‏ «خالِدِينَ فِيها» منصوب على الحال و المعنى النار مقامكم في حال خلود دائم قال أبو علي المثوى عندي في الآية اسم للمصدر دون المكان لحصول الحال في الكلام معملا فيها أ لا ترى أنه لا يخلو من أن يكون موضعا أو مصدرا فلا يجوز أن يكون موضعا لأن اسم الموضع لا يعمل عمل الفعل لأنه لا معنى للفعل فيه و إذا لم يكن موضعا ثبت أنه مصدر و المعنى النار ذات إقامتكم فيها خالدين أي أهل أن تقيموا أو تثووا خالدين فيها فالكاف و الميم في المعنى فاعلون و إن كان في اللفظ خفض بالإضافة.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 564

المعنى‏

صفحه بعد