کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مختصر الميزان فى تفسير القرآن

المجلد الاول

بحث حول الأساليب التفسيرية المختلفة الأسلوب التفسيري الصحيح الميزان في تفسير القرآن مختصر الميزان في تفسير القرآن مميزات هذا الكتاب مقدمة الميزان في تفسير القرآن

سورة البقرة و هي مأتان و ست و ثمانون آية

سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية

سورة النساء مدنية و هي مائة و ست و سبعون آية

المجلد الثانى

سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية

سورة الأعراف مكية و هي مائتا و ستة آية

المجلد الثالث

الجزء الرابع

المجلد الخامس

الجزء السادس

مختصر الميزان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 38

فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ‏ (الرعد/ 17). فبين: ان القلوب و الافهام في تلقي المعارف و الكمال مختلفة، مع كون الجميع متكئة منتهية الى رزق سماوي واحد، و سيجي‏ء تمام الكلام في هذا المثل في سورة الرعد، و بالجملة فهذا ايضا نعت من نعوت الصراط المستقيم.

و اذا تأملت ما تقدم من نعوت الصراط المستقيم تحصل لك ان الصراط المستقيم مهيمن على جميع السبل الى اللّه و الطرق الهادية اليه تعالى، بمعنى ان السبيل الى اللّه إنما يكون سبيلا له موصلا إليه بمقدار يتضمنه من الصراط المستقيم حقيقة، مع كون الصراط المستقيم هاديا موصلا إليه مطلقا و من غير شرط و قيد، و لذلك سماه اللّه تعالى صراطا مستقيما، فان الصراط هو الواضح من الطريق، مأخوذ من سرطت سرطا اذا بلعت بلعا، كأنه يبلع سالكيه فلا يدعهم يخرجوا عنه و لا يدفعهم عن بطنه، و المستقيم هو الذي يريد ان يقوم على ساق فيتسلط على نفسه و ما لنفسه كالقائم الذي هو مسلط على أمره، و يرجع المعنى الى انه الذي لا يتغير أمره و لا يختلف شأنه فالصراط المستقيم ما لا يتخلف حكمه في هدايته و ايصاله سالكيه الى غايته و مقصدهم قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (النساء/ 174). اي لا يتخلف امر هذه الهداية، بل هي على حالها دائما، و قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً (الأنعام/ 126). أي هذه طريقته التي لا يختلف و لا يتخلف، و قال تعالى: قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ‏ (الحجر/ 42). أي هذه سنّتي و طريقتي دائما من غير

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 39

مقابلاتها من الكفر و الشرك و الجحود و الطغيان و المعصية كذلك، قال سبحانه: وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ‏ (الأحقاف/ 19).

و هذا نظير المعارف الالهية التي تتلقاها العقول من اللّه فانها مختلفة باختلاف الإستعدادات و متلونة بالوان القابليات على ما يفيده المثل المضروب في قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها الآية.

و ثانيها: انه كما أن الصراط المستقيم مهيمن على جميع السبل، فكذلك اصحابه الذين مكنهم اللّه تعالى فيه و تولى امرهم و ولاهم امر هداية عباده حيث قال: وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (النساء/ 71). و قال تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ (المائدة/ 55) و الآية نازلة في أمير المؤمنين علي عليه السّلام بالأخبار المتواترة و هو عليه السّلام اول فاتح لهذا الباب من الامة و سيجي‏ء تمام الكلام في الآية.

و ثالثها: إن الهداية الى الصراط يتعين معناها بحسب تعين معناه، و توضيح ذلك ان الهداية هي الدلالة على ما في الصحاح، و فيه ان تعديتها لمفعولين لغة اهل الحجاز، و غيرهم يعدونه الى المفعول الثاني الى، و قوله هو الظاهر، و ما قيل: ان الهداية اذا تعدت الى المفعول الثاني بنفسها، فهي بمعنى الايصال الى المطلوب، و اذا تعدت بالى فبمعنى إرائة الطريق، مستدلا بنحو قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (القصص/ 56).

حيث إن هدايته بمعنى ارائة الطريق ثابتة فالمنفى غيرها و هو الايصال الى المطلوب قال تعالى:

وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (النساء/ 70). و قال تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ (الشورى/ 52).

فالهداية بالايصال الى المطلوب تتعدى الى المفعول الثاني بنفسها، و الهداية بارائة الطريق بالى، و فيه ان النفي المذكور لحقيقة الهداية التي هي قائمة باللّه تعالى، لا نفي لها اصلا، و بعبارة اخرى هو نفي الكمال دون نفي الحقيقة مضافا الى انه منقوض بقوله تعالى حكاية عن مؤمن آل‏

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 40

وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (النساء/ 70). و قال تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ (الشورى/ 52).

فالهداية بالايصال الى المطلوب تتعدى الى المفعول الثاني بنفسها، و الهداية بارائة الطريق بالى، و فيه ان النفي المذكور لحقيقة الهداية التي هي قائمة باللّه تعالى، لا نفي لها اصلا، و بعبارة اخرى هو نفي الكمال دون نفي الحقيقة مضافا الى انه منقوض بقوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (غافر/ 38). فالحق انه لا يتفاوت معنى الهداية باختلاف التعدية، و من الممكن ان يكون التعدية الى المفعول الثاني من قبيل قولهم دخلت الدار.

و بالجملة فالهداية هي الدلالة و ارائة الغاية بارائة الطريق و هي نحو ايصال الى المطلوب، و انما تكون من اللّه سبحانه، و سنته سنة الأسباب بإيجاد سبب ينكشف به المطلوب و يتحقق به وصول العبد الى غايته في سيره، و قد بيّنه اللّه سبحانه بقوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ‏ (الأنعام/ 125). و قوله: ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ (الزمر/ 23). و تعدية قوله تلين بإلى لتضمين معنى مثل الميل و الاطمينان، فهو ايجاده تعالى وصفا في القلب به يقبل ذكر اللّه و يميل و يطمئن اليه، و كما أن سبله تعالى مختلفة، فكذلك الهداية تختلف باختلاف السبل التي تضاف اليه فلكل سبيل هداية قبله تختص به.

و الى هذا الاختلاف يشير قوله تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ (العنكبوت/ 69). اذ فرق بين ان يجاهد العبد في سبيل اللّه، و بين أن يجاهد في اللّه، فالمجاهد في الاول يريد سلامة السبيل و دفع العوائق عنه بخلاف المجاهد في الثاني فانه إنما يريد وجه اللّه فيمده اللّه سبحانه بالهداية الى سبيل دون سبيل بحسب استعداده الخاص به، و كذا يمده اللّه تعالى بالهداية الى السبيل بعد السبيل حتى يختصه بنفسه جلّت عظمته.

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 41

و رابعها: ان الصراط المستقيم لما كان امرا محفوظا في سبل اللّه تعالى على اختلاف مراتبها و درجاتها، صح ان يهدي اللّه الانسان اليه و هو مهدي فيهديه من الصراط الى الصراط، بمعنى أن يهديه الى سبيل من سبله ثم يزيد في هدايته فيهتدي من ذلك السبيل الى ما هو فوقها درجة، كما أن قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ (و هو تعالى يحكيه عمن هداه بالعبادة) من هذا القبيل، و لا يرد عليه: ان سؤال الهداية ممن هو مهتد بالفعل سؤال لتحصيل الحاصل و هو محال و كذا ركوب الصراط بعد فرض ركوبه تحصيل للحاصل و لا يتعلق به سؤال، و الجواب ظاهر.

و كذا الايراد عليه: بأن شريعتنا أكمل و أوسع من جميع الجهات من شرائع الامم السابقة، فما معنى السؤال من اللّه سبحانه أن يهدينا الى صراط الذين أنعم اللّه عليهم منهم؟ و ذلك ان كون شريعة أكمل من شريعة أمر، و كون المتمسك بشريعة اكمل من المتمسك بشريعة امر آخر ورائه، فان المؤمن المتعارف من مؤمني شريعة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (مع كون شريعته اكمل و أوسع) ليس بأكمل من نوح و ابراهيم عليهما السّلام مع كون شريعتهما اقدم و أسبق، و ليس ذلك إلا ان حكم الشرائع و العمل بها غير حكم الولاية الحاصلة من التمكن فيها و التخلق بها، فصاحب مقام التوحيد الخالص و ان كان من اهل الشرائع السابقة أكمل و أفضل ممن لم يتمكن من مقام التوحيد و لم تستقر حيوة المعرفة في روحه و لم يتمكن نور الهداية الالهية من قلبه، و إن كان عاملا بالشريعة المحمدية صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التي هي اكمل الشرائع و أوسعها، فمن الجائز أن يستهدي صاحب المقام الداني من أهل الشريعة الكاملة و يسأل اللّه الهداية الى مقام صاحب المقام العالي من أهل الشريعة التي هي دونها.

و من أعجب ما ذكر في هذا المقام، ما ذكره بعض المحققين من اهل التفسير جوابا عن هذه الشبهة: ان دين اللّه واحد و هو الاسلام، و المعارف الاصلية و هو التوحيد و النبوّة و المعاد و ما يتفرع عليها من المعارف الكلية واحد في الشرائع، و انما مزية هذه الشريعة على ما سبقها من‏

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 42

الشرائع هي ان الاحكام الفرعية فيها اوسع و اشمل لجميع شئون الحيوة، فهي اكثر عناية بحفظ مصالح العباد، على أن أساس هذه الشريعة موضوع على الاستدلال بجميع طرقها من الحكمة و الموعظة و الجدال الاحسن، ثم ان الدين و ان كان دينا واحدا و المعارف الكلية في الجميع على السواء غير أنهم سلكوا سبيل ربهم قبل سلوكنا، و تقدموا في ذلك علينا، فامرنا اللّه النظر فيما كانوا عليه و الاعتبار بما صاروا اليه هذا.

أقول: و هذا الكلام مبنى على اصول في مسلك التفسير مخالفة للاصول التي يجب أن يبتنى مسلك التفسير عليها، فانه مبني على أن حقائق المعارف الاصلية واحدة من حيث الواقع من غير اختلاف في المراتب و الدرجات، و كذا سائر الكمالات الباطنية المعنوية، فأفضل الأنبياء المقربين مع أخس المؤمنين من حيث الوجود و كماله الخارجي التكويني على حد سواء، و إنما التفاضل بحسب المقامات المجعولة بالجعل التشريعي من غير ان يتكي على تكوين، كما ان التفاضل بين الملك و الرعية إنما هو بحسب المقام الجعلي الوضعي من غير تفاوت من حيث الوجود الإنساني هذا.

و لهذا الأصل أصل آخر يبنى عليه، و هو القول بأصالة المادة و نفي الاصالة عما ورائها و التوقف فيه إلا في اللّه سبحانه بطريق الاستثناء بالدليل، و قد وقع في هذه الورطة من وقع، لاحد امرين: إما القول بالاكتفاء بالحسّ اعتمادا على العلوم المادية و إما إلغاء التدبر في القرآن بالاكتفاء بالتفسير بالفهم العامي.

و للكلام ذيل طويل سنورده في بعض الابحاث العلمية الآتية إنشاء اللّه تعالى.

و خامسها: ان مزية اصحاب الصراط المستقيم على غيرهم، و كذا صراطهم على سبيل غيرهم، إنما هو بالعلم لا العمل، فلهم من العلم بمقام ربهم ما ليس لغيرهم، اذ قد تبين مما مر:

ان العمل التام موجود في بعض السبل التي دون صراطهم، فلا يبقى لمزيتهم إلا العلم، و اما ما هذا العلم؟ و كيف هو؟ فنبحث عنه انشاء اللّه في قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ‏

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 43

أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها (الرعد/ 17).

و يشعر بهذا المعنى قوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ‏ (المجادلة/ 11)، و كذا قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏ (الملائكة/ 10)، فالذي يصعد اليه تعالى هو الكلم الطيب و هو الاعتقاد و العلم، و اما العمل الصالح فشأنه رفع الكلم الطيب و الامداد دون الصعود اليه تعالى، و سيجي‏ء تمام البيان في البحث عن الآية «1» .

بحث روائي:

في الكافي عن الصادق عليه السّلام في معنى العبادة قال: العبادة ثلاثة: قوم عبدوا اللّه خوفا، فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب، فتلك عبادة الاجراء، و قوم عبدوا اللّه عز و جل حبا، فتلك عبادة الأحرار، و هي افضل العبادة.

و في نهج البلاغة: ان قوما عبدو اللّه رغبة، فتلك عبادة التجار، و ان قوما عبدوا اللّه رهبة فتلك عبادة العبيد، و ان قوما عبدوا اللّه شكرا فتلك عبادة الأحرار.

و في العلل و المجالس و الخصال، عن الصادق عليه السّلام: ان الناس يعبدون اللّه على ثلاثة اوجه:

فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار فتلك عبادة العبيد، و هي رهبة، و لكني اعبده حبا له عز و جل فتلك عبادة الكرام، لقوله عز و جل: وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ‏ . و لقوله عز و جل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏ ، فمن احب اللّه عز و جل احبه، و من احبه اللّه كان من الآمنين، و هذا مقام مكنون لا يمسه الّا المطهرون.

(1). الحمد 6- 7: بحث روائي حول الصراط المستقيم.

مختصر الميزان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 44

اقول: و قد تبين معنى الروايات مما مر من البيان، و توصيفهم عليهم السّلام عبادة الأحرار تارة بالشكر و تارة بالحب، لكون مرجعهما واحدا، فان الشكر وضع الشي‏ء المنعم به في محله، و العبادة شكرها ان تكون للّه الذي يستحقها لذاته، فيعبد اللّه لأنه اللّه، أي لأنه مستجمع لجميع صفات الجمال و الجلال بذاته، فهو الجميل بذاته المحبوب لذاته، فليس الحب إلا الميل الى الجمال، و الانجذاب نحوه، فقولنا فيه تعالى هو معبود لانه هو، و هو معبود لأنه جميل محبوب، و هو معبود لانه منعم مشكور بالعبادة يرجع جميعها الى معنى واحد.

و روي بطريق عامي عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ .. الآية، يعني: لا نريد منك غيرك و لا نعبدك بالعوض و البدل: كما يعبدك الجاهلون بك المغيبون عنك.

اقول: و الرواية تشير الى ما تقدم، من استلزام معنى العبادة للحضور و للاخلاص الذي ينافي قصد البدل.

و في تحف العقول عن الصادق عليه السّلام في حديث: و من زعم انه يعبد بالصفة لا بالادراك فقد أحال على غائب، و من زعم انه يعبد الصفة و الموصوف فقد أبطل التوحيد لأن الصفة غير الموصوف، و من زعم انه يضيف الموصوف الى الصفة فقد صغر بالكبير، و ما قدروا اللّه حق قدره. الحديث.

و في المعاني عن الصادق عليهما السّلام في معنى قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ يعني ارشدنا الى لزوم الطريق المؤدي محبتك، و المبلغ الى جنتك، و المانع من أن نتبع اهواءنا فنعطب، او ان نأخذ بارائنا فنهلك.

و في المعاني ايضا عن علي عليه السّلام في الآية، يعني، ادم لنا توفيقك الذي اطعناك به في ماضي ايامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل اعمارنا.

صفحه بعد