کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل

الجزء الأول

الأمثل من جديد

سورة البقرة

محتوى سورة البقرة: فضيلة هذه السورة:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

فضيلة تلاوة هذه السورة: محتوى السورة:

الجزء الثالث

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

1 - موضع نزول هذه السورة 2 - محتويات هذه السورة: 3 - فضل تلاوة هذه السورة

سورة المائدة

محتويات سورة المائدة

الجزء الرابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة محاربة أنواع الشرك و الوثنية

سورة الأعراف

لمحة سريعة عن محتويات هذه السورة: أهمية هذه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

نظرة خاطفة إلى محتويات هذه السورة

سورة التوبة

1 - أسماء هذه السورة... 2 - متى نزلت هذه السورة 3 - محتوى السورة 4 - لم لم تبدأ هذه السورة بالبسملة؟ 5 - فضيلة هذه السورة و آثارها 6 - حقيقة تأريخية يسعى بعضهم إلى طمس معالمها توضيح و تحقيق:

الجزء السادس

تتمة سورة التوبة

سورة يونس

محتوى و فضيلة هذه السورة

سورة هود

محتوى هذه السورة و فضيلتها! شيبتني سورة هود! التأثير المعنوي لهذه السورة:

الجزء السابع

تتمة سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

محتوى السورة

سورة ابراهيم

محتوى السورة فضيلة السورة

الجزء الثامن

سورة الحجر

محتوى السورة:

سورة النحل

محتويات السورة: فضيلة السورة:

سورة الإسراء

أولا: أسماء السورة و مكان النزول: ثانيا: فضيلة سورة الإسراء: ثالثا: خطوط عامة في محتوى السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الاسراء

سورة الكهف

فضيلة سورة الكهف محتوى سورة الكهف

سورة مريم

محتوى السورة: فضل السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة طه

سورة الأنبياء

فضل سورة الأنبياء: محتوى السورة:

سورة الحج

مضمون سورة الحج: فضيلة تلاوة سورة الحج:

سورة المؤمنين

فضيلة سورة المؤمنون: مضمون سورة المؤمنين:

الجزء الحادي عشر

«سورة النور»

فضل سورة النور:

سورة الفرقان

محتوى سورة الفرقان: فضيلة سورة الفرقان:

سورة الشعراء

محتوى سورة الشعراء: فضيلة سورة الشعراء:

الجزء الثاني عشر

سورة النمل

محتوى سورة النمل فضيلة سورة النمل:

سورة القصص

محتوى سورة القصص: فضيلة تلاوة سورة القصص:

سورة العنكبوت

محتوى سورة العنكبوت! فضيلة هذه السورة!

سورة الروم

محتوى سورة الروم: فضيلة سورة الروم:

الجزء الثالث عشر

سورة لقمان

محتوى السورة: فضل سورة لقمان:

سورة الأحزاب

سبب التسمية و فضلها: محتوى سورة الأحزاب:

سورة سبأ

محتوى سورة سبأ: فضيلة هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة فاطر

محتوى السورة: فضيلة هذه السورة:

سورة يس

محتوى السورة: فضيلة سورة«يس»:

سورة الصافات

محتوى سورة الصافات: فضيلة تلاوة سورة الصافات:

سورة ص

محتويات السورة: فضيلة تلاوة سورة(ص)

الجزء الخامس عشر

سورة الزمر

محتوي سورة الزمر: فضيلة سورة الزمر:

سورة المؤمن

نظرة مختصرة في محتوى السورة: فضيلة تلاوة السورة:

سورة فصلت

نظرة في المحتوى العام للسورة: فضيلة تلاوة السورة:

سورة الشورى

نظرة عامة في محتوى السورة: فضيلة تلاوة السورة:

الجزء السادس عشر

سورة الزخرف

محتوى سورة الزخرف: فضل تلاوة السورة

سورة الدخان

محتوى سورة الدخان: و يمكن تلخيص فصول هذه السورة في سبعة: فضل تلاوة هذه السورة

سورة الأحقاف

محتوى السورة: فضل هذه السورة:

سورة محمد

محتوى السورة: فضل تلاوة السورة:

سورة الفتح

محتوى السورة فضيلة تلاوة سورة الفتح:

سورة الحجرات

محتوى السورة: فضيلة تلاوة هذه السورة!

الجزء السابع عشر

سورة الذاريات

محتوى السورة: فضيلة تلاوة هذه السورة:

سورة النجم

محتوى السورة: فضيلة تلاوة هذه السورة:

سورة القمر

محتوى السورة: فضيلة تلاوة سورة القمر:

سورة الرحمن

محتوى السورة: فضيلة تلاوة سورة الرحمن:

سورة الواقعة

محتوى السورة: فضيلة تلاوة هذه السورة:

الجزء الثامن عشر

«سورة الحديد»

محتوى السورة: فضيلة تلاوة سورة الحديد:

سورة المجادلة

محتوى السورة: فضيلة تلاوة سورة المجادلة:

سورة الحشر

محتوى السورة: فضيلة تلاوة هذه السورة:

الجزء التاسع عشر

الجزء العشرون

نهاية تجربة و بداية تجربة اخرى

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل


صفحه قبل

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 644

و الانتهاك، أمّا كلمة «البغضاء» المشتقة من المصدر «بغض» فهي تعني النفور و الاستياء الشديد من شي‏ء معين، و يحتمل أن يكون الفرق بين الكلمتين المذكورتين هو أنّ لكلمة «بغض» طابع وجداني أكثر ممّا هو عملي، كما في كلمة «العداوة» التي لها طابع عملي، و قد يكون لكلمة «بعض» أو «بغضاء» مفهوم أشمل يستوعب العملي منه و القلبي الوجداني.

3- يستدل من الآية هذه على أنّ النصارى كطائفة دينية (أو اليهود و النصارى معا) سيكون لهم وجود في هذه الدنيا حتى يوم القيامة، و قد يقول معترض في هذا المجال: أنّ الأخبار الإسلامية تفيد بأن دينا واحدا سيعم العالم كله بعد ظهور المهدي (عج) و لن تكون هناك أديان أخرى غير هذا الدين الذي هو الإسلام الحنيف، فكيف إذن يمكن الجمع و التوفيق و رفع هذا التناقض الظاهر؟

و الجواب هو أنّه يحتمل أن يبقى من المسيحية و اليهودية حتى بعد ظهور المهدي (عج) شي‏ء ضئيل على شكل أقلية ضعيفة جدا، لأن ما نعلمه هو بقاء حرّية الإرادة للبشر حتى في عصر المهدي (عج) و إنّ الدين الإسلامي في ذلك العصر لا يأخذ طابعا إجباريا، مع أن الأغلبية العظمى من البشر ستتبع طريق الحق و تميل إليه، و الأهم من هذا كله فإن الحكم في الأرض سيكون للإسلام وحده.

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 645

الآيتان [سورة المائدة (5): الآيات 15 الى 16]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

التّفسير

بعد أنّ تحدثت الآيات السابقة عن نقض اليهود و النصارى لميثاقهم، جاءت الآية الأخيرة لتخاطب أهل الكتاب بصورة عامّة و تدعوهم إلى الإسلام الذي طهر الديانتين اليهودية و المسيحية من الخرافات التي لصقت بهما، و الذي يهديهم إلى الصراط السّوي المستقيم، و الذي ليس فيه أي انحراف أو اعوجاج.

و تبيّن الآية- في البداية- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المبعوث إليهم جاء ليظهر الكثير من الحقائق الخاصّة بالكتب السماوية التي أخفوها هم (أهل الكتاب) و كتموها عن الناس، و إن هذا الرّسول يتغاضى عن كثير من تلك الحقائق التي انتفت الحاجة إليها و زال تأثيرها بزوال العصور التي نزلت لها، فتقول الآية في هذا المجال: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ‏

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 646

الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ... .

و تدلّ هذه الجملة القرآنية على أنّ أهل الكتاب كانوا قد أخفوا و كتموا الكثير من الحقائق، لكن نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد أظهر من تلك الحقائق ما يفي منها بحاجة البشرية في عصر الإسلام، مثل بيان حقيقة التوحيد و طهارة الأنبياء و تنزههّم عمّا نسب إليهم في التوراة و الإنجيل المزورين، كما بيّن تحريم الربا، و الخمرة و أمثالهما، بينما بقيت حقائق تخص الأمم السابقة و الأزمنة الغابرة ممّا لا أثر لذكرها في تربية الأجيال الإسلامية، فلم يتمّ التطرق إليها.

و تشير الآية الكريمة- أيضا- إلى أهمية و عظمة القرآن المجيد و آثاره العميقة في هداية و إرشاد و تربية البشرية، فتقول: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ‏ النور الذي يهدي به اللّه كل من يبتغي كسب مرضاته إلى سبل السلام، كما تقول الآية الأخرى: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ... و ينقذهم من أنواع الظلمات (كظلمة الشرك و ظلمة الجهل و ظلمة التفرقة و النفاق و غيرها ...) و يهديهم إلى نور التوحيد و العلم و الاتحاد، حيث تقول الآية:

وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ... .

و إضافة إلى ذلك كلّه يرشدهم إلى الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج و لا انحراف في جانبيه العقائدي و العملي أبدا، كما تقول الآية: وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ .

لقد اختلف المفسّرون في المعنى المراد من كلمة «النّور» الواردة في الآية، فذهب البعض منهم إلى أنّها تعني شخص النّبي محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قال مفسّرون آخرون: إنّ المعنى بالنور هو القرآن المجيد.

و حين نلاحظ آيات قرآنية عديدة تشبه القرآن بالنور، يتبيّن لنا أنّ كلمة «النور» الواردة في الآية- موضوع البحث- إنّما تعني القرآن، و على هذا الأساس فإنّ عطف عبارة «كتاب مبين» على كلمة (النور» يعتبر من قبيل عطف التوضيح،

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 647

كما نقرأ في الآية (57) من سورة الأعراف: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ و في الآية (8) من سورة التغابن نقرأ ما يلي: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ... و آيات عديدة أخرى تشير إلى نفس المعنى، بينما لا نجد في القرآن آية أطلقت فيها كلمة النور على شخص النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و إضافة إلى ما ذكر فإنّ الضمير المفرد الوارد في عبارة «به» الواردة في الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين، يؤكّد هذا الموضوع أيضا، و هو أن النور و الكتاب المبين هما إشارتان لحقيقة واحدة.

و مع إنّنا نجد روايات عديدة تفسّر كلمة «النّور» على أنّها إشارة إلى الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام أو الأئمّة الإثني عشر عليهم السّلام جميعهم، لكن الواضح هو أنّ هذا التّفسير يعتبر من باب بيان بواطن الآيات، لأنّنا كما نعلم أنّ للآيات القرآنية- بالإضافة إلى معانيها الظاهرية- معان باطنية يعبّر عنها ب «بواطن القرآن» أو «بطون القرآن»، و دليل قولنا هذا أنّ الأئمّة عليهم السّلام لم يكن لهم وجود في زمن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لكي يدعو القرآن أهل الكتاب للإيمان بهم.

أمّا الأمر الثّاني الوارد في الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين، فهو أنّ القرآن يبشر أولئك الذين يسعون لكسب مرضاة اللّه بأنّهم سيحظون في ظل القرآن بنعم عظيمة ثلاثة هي:

أوّلا: الهداية إلى سبل السلامة التي تشمل سلامة الفرد و المجتمع، و الروح و الجسد و العائلة، و السلامة الأخلاقية، و كل هذه الأمور تدخل في الجانب العملي من العقيدة.

و ثانيا: نعمة النجاة من ظلمات الكفر و الإلحاد.

و ثالثا: الهداية إلى النور، و في هذا دلالة على الطابع العقائدي، و يتمّ كل ذلك من خلال أقصر و أقرب الطرق و هو الذي أشارت إليه الآية ب الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ .

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 648

و بديهي أن هذه النعم لا يحظى بها إلّا من أسلم وجهه للّه، و خضع للحق بالعبودية و الطاعة، و كان مصداقا للعبارة القرآنية القائلة: مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ‏ بينما لا يحضى المنافقون و المعاندون و أعداء الحق بأيّ فائدة مطلقا، كما تشير إلى ذلك آيات قرآنية عديدة.

و بديهي- أيضا- أنّ كل هذه النتائج و الآثار، إنّما تحصل بمشيئة اللّه و إرادته وحده دون سواه، كما تشير عبارة «بإذنه» الواردة في الآية الأخيرة.

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 649

الآية [سورة المائدة (5): آية 17]

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (17)

التّفسير

كيف يمكن للمسيح أن يكون هو اللّه؟!

جاءت هذه الآية الكريمة لتكمل بحثا تطرقت إليه آيات سابقة، فحملت بعنف على دعوى ربوبية المسيح عليه السّلام، و بيّنت أنّ هذه الدعوى ما هي إلّا الكفر الصريح، حيث قالت: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ... .

و لكي يتّضح لنا مفهوم هذه الجملة، يجب أن نعرف أنّ للمسيحيين عدّة دعاوي باطلة بالنسبة إلى اللّه سبحانه و تعالى.

فهم أوّلا: يعتقدون بالآلهة الثلاث (أي الثالوث) و قد أشارت الآية (171) من سورة النساء إلى هذا الأمر حيث قالت: لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ‏

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 650

إِلهٌ واحِدٌ ... «1» .

و ثانيا: إنّهم يقولون: إنّ خالق الكون و الوجود هو واحد من هؤلاء الآلهة الثلاث و يسمونه بالإله الأب‏ «2» و القرآن الكريم يبطل هذا الإعتقاد- أيضا- في الآية (73) من سورة المائدة حيث يقول: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ... و سيأتي بإذن اللّه تفسير هذه الآية قريبا في نفس هذا الجزء.

و ثالثا: إنّ المسيحيين يقولون: إنّ الآلهة الثلاث مع تعددهم الحقيقي هم واحد، حيث يعبرون عن ذلك أحيانا ب «الوحدة في التثليث»، و هذا الأمر أشارت إليه الآية الأخيرة حيث قالت حكاية عن دعوى المسيحيين: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ... و قالوا: إنّ المسيح ابن مريم هو اللّه! و إن هذين الإثنين يشكلان مع روح القدس حقيقة واحدة في ذوات ثلاثة متعددة! و قد ورد كل جانب من جوانب عقيدة التثليث، الذي يعتبر من أكبر انحرافات المسيحيين في واحدة من الآيات القرآنية، و نفي نفيا شديدا (راجع تفسير الآية 171- من سورة النساء من تفسيرنا هذا و فيه التوضيح اللازم في بيان بطلان عقيدة التثليث).

و يتبيّن- ممّا سلف- أنّ بعض المفسّرين مثل «الفخر الرازي» قد توهّموا في قولهم بعدم وجود أحد من النصارى ممن يصرح باعتقاده في اتحاد المسيح باللّه، و ذلك لعدم إلمام هؤلاء المفسّرين بالكتب المسيحية، مع أنّ المصادر المسيحية المتداولة تصرح بقضية «الوحدة في التثليث» و من المحتمل أن مثل هذه الكتب لم تكن متداولة في زمن الرازي، أو أنّها لم تصل إليه و إلى أمثاله الذين شاركوه‏

(1)- لقد مضى تفسير هذه الآية في بداية هذا الجزء من تفسيرنا.

صفحه بعد