کتابخانه تفاسیر
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 16
على ثلاث و سبعين فرقة كلّهم في النار إلّا فرقة واحدة. قالوا: من هي يا رسول اللّه؟ قال:
من هم على ما أنا عليه- يريد في الاعتقاد و القول و الفعل-.
و بالجملة هو تعالى شأنه ربّ العوالم بأسرها، و «العالم» بفتح اللام اسم لذوي العلم من الملائكة و الثقلين و يطلق على كلّ ما علم به الخالق من الأجسام و الأعراض، فأقول: عالمون و عالمين جمع الواو و النون و هو جمع العقلاء.
اعلم أنّ العاقل من اجتمع فيه هذه الخصال العشرة: الاولى أن يحلم عمّن جهل عليه، و يتجاوز عمّن ظلمه، و يتواضع لمن هو دونه، و يسابق من فوقه في طلب البرّ، و إذا تكلّم تدبّر؛ فإن كان خيرا تكلّم فغنم، و إن كان شرّا فسكت فسلم، و إذا عرض له فتنة استعصم باللّه، و أمسك يده و لسانه، و إذا رأى فضيلة في الأدنية انتهز لها، لا يفارقه الحياء و لا يبدو منه الحرص فتلك عشرة خصال يعرف بها العاقل.
و أمّا الجاهل هو أن يظلم من خالطه: و يتعدّى على من هو دونه، و يتطاول على من هو فوقه، كلامه بغير تدبّر؛ إن تكلّم أثم، و إن سكت غفل، و إن عرضت له فتنة سارع إليها، فأردته، و أن رأى فضيلة أبطأ عنها، لا يخاف ذنوبه القديمة، و لا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب، يتوانى عن البرّ غير مكترث لما فاته من الطاعة فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الّذي حرم العقل بشهوته، هذا اسم لا صفة فكيف جمعت بالواو و النون؟
قالوا: ساغ ذلك لتضمّن معنى الوصفيّة فيه و هي الدلالة على معنى العلم أو للتغليب؛ لأنّ في هذه العوالم عالم العقلاء من الملك و الجنّ و البشر فصحّ أن يؤتى بجمع العاقل.
[سورة الفاتحة (1): آية 3]
و في التكرار إشعار بأنّ التسمية آية مستقلّة؛ و أيضا ندب العباد بذكر رحمته و يناسب الربّيّة الرحمانيّة السائقة إليهم أرزاقهم في الدنيا. و الرحيميّة الّتي توجب الغفران لهم في العقبى، و لأنّ الرحمة تنال بعد الحمد أو بالرحمانيّة و الرحيميّة المتعلّقة بالذات، و في البسملة و هو المتعلّقة بالصفات.
[سورة الفاتحة (1): آية 4]
و قرئ «ملك يوم الدين» قال هرمس الهرامسه: أشدّ الأعمال ثلاثة: الجود عند القلّة، و الورع عند الخلوة، و العفو عند القدرة، و يقال لذي السلطة أيضا: ملك عادل.
و لا تدوم ملكيّته هي في الدنيا إلّا بأمور ستّة: الأوّل أن لا يتجاوز عن قانون
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 17
الكتب فانه متى ما عدل عنه عدل النظام عن ملكه لا محالة، الثاني فانه ان لا تأخذه في اللّه لومة لائم، الثالث صاحب شرطة توقف الرعية على حدودهم و ينتصف من الأقوياء للضعفاء و الثالثة صاحب خراج يستقصى و لا يخون و لا يظلم و الرابعة صاحب بريد صادق ينهى الاخبار بالصدق يوسع و لا يضيق على الحفد و الولد و إذا ملك الأراذل باد و قراءة اهل الحرمين ملك لقوله لمن الملك اليوم و لقوله ملك الناس و اصل الملكة الربط و الشدة و القوة و المراد من اليوم في الآية مطلق الوقت لا ما نعبّر به من انه من الطلوع الى الغروب و اضافة اليوم الى الدين كاضافة سائر الظروف الى ما وقع فيها من الحوادث، كقولهم.
يا سارق الليلة اهل الدار
اى مالك الأمر في يوم الجزاء و قيل قراءة الملك ابلغ من المالك لان المالك هو الذي ملك شيئا من الدنيا و اما ملك هو الذي يملك الملوك لكنه معهذا قالوا مالك بالألف اكثر ثوابا من ملك لزيادة حرف فيه. حكي عن الثلجى انّه قال كان من عادتي قراءة مالك فسمعت من بعض اهل الفضل ان ملك ابلغ فتركت عادتي و قرأت ملك و رأيت في المنام قائلا يقول لي لم نقصت من حسناتك عشرا اما سمعت قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قرأ القران كتب له بكل حرف عشر حسنات و محيت عنه عشر سيئات و رفعت له عشر درجات فلم اترك عادتي حتى رأيت ثانيا في المنام انّه قيل لي لم لا تترك هذه العادة اما سمعت قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اقرؤا القرآن فخما مفخما اي عظيما معظما فأتيت قطربا فسألته ما بين المالك و الملك قال الملك افخم معني من المالك و هو الأنسب بمقام الاضافة الى يوم الدين
[سورة الفاتحة (1): آية 5]
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
ايّا ضمير منفصل للمنصوب و اللواحق التي تلحقه من الكاف و الهاء و الياء لبيان الخطاب و الغيبة و التكلم و تقديم المفعول لقصد الاختصاص و العدول عن لفظ الغيبة الي الخطاب يسمى الالتفات عادتا من كلام الفصحاء لان فيه فائدة للسامع و تطربة نشاط يحصل له في الافتنان و يحصل بهذه الصنعة في الكلام استدرار اصغائه اليه بحسن الإيقاظ فبيّن اللّه سبحانه للعبد بيان الحقيق بالحمد و امره بالحمد و استشهد سبحانه في استحقاقه الحمد و اختصاصه له تعالى بربوبيّته و من صفاته برحمانيته فانكشف للعبد علم اليقين بمالكيته و خالقيته فانّ من كانت هذه
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 18
صفاته لم يكن غيره يستحق العبادة و الثناء إذ هو المختص بالحمد و هو الرّب المالك للعالمين بأسرها لا يخرج احد من ملكوته و ربوبيته و هو موصوف بولاية النعم الظاهرة و الباطنة من الرحمة فالمعبودية خاصة به و الفائدة المختصة من صنعة الالتفات في الآية هي انه بعد بيان شئون* (الجلالة)* بالأوصاف المذكورة تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالعبادة و الاستعانة به فخوطب ذلك المعلوم المتميز فقيل إياك نعبد و انما قدم ذكر العبادة على الطلب لان تقديم الوسيلة يكون قبل طلب الحاجة ليستوجب العبد الهداية فقال: اهدنا الصراط المستقيم. و روي ان الصادق عليه السّلام قرء اهدنا صراط المستقيم و اعلم ان المهتدي هو الذي ترك الدنيا و العادة ثم اشتغل بوظائف الطاعة و العبادة لا من اتبع هواه او خلط هواه بهداه. قال الشيخ البرسي: من استدام ذكر الهادي الخبير المبين عقيب سهر و جوع اطلع على اسرار الغيب. و كذا ذكر النور الهادي و يقول بعده اهدني يا هادي و أخبرني يا خبير فبهذا البيان الجلى صار العبد يشاهد بعين اليقين و يخاطبه و جاها و يناجيه شفاها.
أياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة و نستعين منك و لا نعبد غيرك و الضمير المستكن في نعبد و نستعين للقاري و من معه من الحفظة و حاضري الجماعة، اوله و لسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم و خلط حاجته بحاجتهم لعلها تجاب و تقبل ببركاتها و لهذا شرّعت الجماعة؛ و العبادة هي العبودية على النهج الذي امر به المعبود فمن العبادة الصلاة بلا غفلة و الصوم بلا غيبة و الصدقة بلا منة و الحج بلا ارائة و الغزو بلا طمع و لا سمعة و العتق بلا اذية و الذكر بلا ملالة و سائر الطاعات بلا آفة و كك في الأخلاق الرضى بلا ملال و كدورة و الصبر بلا شكاية و اليقين بلا شبهة و الإقبال بلا رجعة و الإيصال بلا قطيعة و يجمع كل هذه الأمور اتّباع السنة و هو مفتاح السعادة، كما قال ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه. و لمّا أنعم اللّه على عبده بنعمة الصلاة قسّمها بينه و بين عبده كما قال على لسان نبيّه قسمت الصلاة بيني و بين عبدى نصفين فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سئل فنصفها الذي لحضرة جلاله: الصفات و الأسماء الحسنى و الحمد و الثناء و الشكر؛
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 19
و نصفها الذي للعبد الطلب و الدعاء
[سورة الفاتحة (1): آية 6]
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
بيان الطلب و المعونة المطلوبة إذ هو الذي سئله الأنبياء و الأولياء كما قال يوسف عليه السّلام توفني مسلما إذ لا يعتمد على ظاهر الحال فقد يتغير بالمآل كما لإبليس و برصيصا و بلعم، اى ارشدنا طريق الهداية و الصراط المستقيم استعارة عن ملة الإسلام و الدين الحق و أثبتنا على الهداية، و هداية اللّه على انواع منها الهداية بإرسال الرسل فانّهم الدعاة الى اللّه في عالم الأمر و الخلق اى: الباطن و الظاهر قال تعالى ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للايمان ان آمنوا بربكم فآمنا و هذا سماع يعم المعنوي شامل للمعاينة القلبية المساوق للايمان بالغيب؛ و منها الهداية بانزال الكتب سيما الفرقان. ان هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين؛ و منها الهداية القلبية: في الحديث إذا أراد اللّه بعبد خيرا فتح عينا قلبه لا يسمع بمعروف إلا عرفه و لا بمنكر الا أنكره و منها الهداية بالإلهام الرباني المخصوص بالأولياء أو المعجزات الباهرات الجاريات على أيدى الأنبياء و المعصومين و الى هذه الإشارة بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي ما أن تمسّكتم بهما لن تضلّوا» و الالف و اللام في الصراط للعهد يشمل جميع انواع الهدايات بقرينة بعده في قوله «صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» فيعمّ هذا المعنى الكلّي في هذا الفرد، فهو من قبيل الاشتراك المعنوي لكن ليس بمشترك معنوي، بل هذه الأنواع افراده و اعداده كعدد الاول و الثاني في معني العترة، فالصراط المتصف بالاستقامة مندرج تحت هذا المفهوم الكلي، و هو صراط أوليائه. قيل فيه وجوه أخرى (أحدها) ثبتنا على الدين الحق، لأنّ اللّه قد هدى الخلق كلّهم على الفطرة الّا انّ الإنسان قد ينزل و ترد عليه الخواطر الفاسدة، فيلزم ان يسأل اللّه ان يثبته على دينه و يدعه عليه و يعطيه زيادات الهدى التي هي احد اسباب الثبات علي الدين كما قال تعالى: «وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً» و هذا كقول القائل لغيره و هو يأكل، كل: اى دم على الاكل. (و ثانيها) انّ الهداية هي الثواب او لازمها الثواب فمعناه اهدنا الى طريق الجنة ثوابا (و ثالثها) ان المراد دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر كما دللتنا عليه في الماضي، قال امير المؤمنين يعنى أدم لنا توفيقك الذي أطعناك به في ماضى عمرنا، حتى نطيعك لذلك في مستقبل ايّامنا.
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 20
و في الكلام تحقيق آخر و هو ان العبد يحتاج الي الهداية في جميع أموره آنا فآنا و لحظة فلحظة، فادامة الهداية هي هداية أخرى بعد الهداية الاولى، فتفسير الهداية بادامتها ليس خروجا عن ظاهر لفظها، و في الآية الشريفة لفظ جامع يشتمل علي مسألة احكام المعرفة و التوفيق لإقامة الشرائع في الإسلام و معرفة من أوجب اللّه طاعته و اجتناب المحارم و الآثام و البرائة من احوال الزائلين المزيلين و الضالين المضلّين ممن عاند الحق و عمى عن طريق الرشد، فقال:
[سورة الفاتحة (1): آية 7]
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)
: بدل من الصراط الاول بدل الكلّ، و المنعم عليهم الذي اصطفاهم من خلقه من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و الذين اقبلوا بالقبول من طلب رضاه حتى لو امر بذبح ولده كإبراهيم، او بأن ينقاد للذبح كاسمعيل، او بأن يرى نفسه في البحر كيونس، أو بأن يتلمذ مع بلوغه أعلى درجات الغايات كموسى، أو بأن يصبر في الأمر بالمعروف على القتل و الشق بنصفين كيحيى و زكريا. و معلوم ان المنعم عليهم طبقات، و هؤلاء المذكورون و أمثالهم المكمّلون في الاهتداء بحسب قابلياتهم، فأنعم اللّه على ضمائرهم و أرواحهم أنوار العناية، و على هممهم اثار الولاية و على نفوسهم و طباعهم قمع الهوي و قهر الطبع و حفظ الشرع بالرعاية و من مكايد الشيطان بالمراقبة و الكلاية، و دونهم المؤمنون الذين معهم، و قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا في اتباع السنة و انقياد النفس للأوامر و النواهي.
و في كتاب المعاني: عن الصادق عليه السّلام الهداية هي الطريق الي معرفة اللّه و هما صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة، فأما الصراط في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مر علي الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، و عنه عليه السّلام ان الصراط امير المؤمنين، و زاد في رواية أخرى و معرفته، و في أخرى نحن صراط المستقيم فمعرفته و اتّباعه الصراط المستقيم فمن اصابه تلك المعرفة و ذلك النور فقد اهتدى، و من أخطأه فقد ضلّ، يا علي يا علي أنت أنت صراط اللّه لو انصفوك و قرأ صراط من أنعمت عليهم عن اهل البيت. و عن عمر بن الخطاب و عمر بن الزبير.
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 21
لكن الصحيح هو المشهور؛ و المنعم عليهم هم الذين خصهم اللّه بعصمته و احتج بهم على بريته و فضلهم على خليقته، فيكون ذلك شهادة لصراطهم بالاستقامة علي أكد الوجوه، كما تقول: هل ادلك علي أكرم فلان فيكون ذلك في وصفه بالكرم من قولك هل ادلك على فلان الأكرم، لأنك ذكرت كرمه مجملا اوّلا و مفصلا ثانيا و أوقعت فلانا تفسيرا للأكرم فجعلته علما في الكرم، و معني الكلام انه: من أراد رجلا جامعا للكرم ففلان: و المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب اللّه و قائدهم و رئيسهم الذي لم يشرك باللّه طرفة عين، و هو الصراط الأعظم امير المؤمنين عليه السّلام،
حبه موجب خلد و نعيم
بغضه منشأ نار و سقر
ها على بشر كيف بشر
نوره فيه تجلّى و ظهر
هو و المبدء شمس و ضياء
هو و الواجب نور و قمر
علّة الكون و لولاه لما
كان للعالم عين و أثر
ما هو اللّه و لكن مثلا
معه اللّه كنار و حجر
و له أبدع ما تعقله
من عقول و نفوس و صور
فلك في فلك فيه نجوم
صدف في صدف فيه درر
جنس الأجناس عليّ و بنوه
نوع الأنواع الى الحادي عشر
كلّ من مات و لم يعرفهم
موته موت حمير و بقر
ليس من أذنب يوما بإمام
كيف من أشرك دهرا و كفر
قوسه قوس نزول و عروج
سهمه سهم قضاء و قدر
حبه مبدء خلد و نعيم
بغضه منشأ نار و سقر
من له صاحبة كالزهراء
او سليل كشبير و شبر
من كمن هلّل في عهد صبي
او كمن كبّر في عهد صغر
أيها الخصم تذكر سندا
متنه صحّ بنصّ و خبر
إذ أتى احمد في خم غدير
بعليّ و على الرّحل نبر
قال من كنت انا مولى له
فعلى له مولى و مقر
مقتنيات الدرر و ملتقطات الثمر، ج1، ص: 22
قبل تعيين وصىّ و وزير
من رأى مات نبي و هجر
قال شيخ الطائفة في اماليه باسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمدانى علي امير المؤمنين على بن ابي طالب عليه السّلام في نفر من الشيعة و كنت فيهم، و ذكر الحديث و قال في آخره و أبشرك يا حارث و الذي فلق الحبّة و برء النسمة ليعرفني وليّي و عدوّى في مواطن شتّى ليعرفني عند الممات و عند الصّراط، و عند المقاسمة، فقال:
و ما المقاسمة يا مولاي قال: مقاسمة الجنّة و النّار أقول: هذا وليي و هذا عدوّي، ثمّ أخذ أمير المؤمنين بيد الحارث و قال يا حار أخذت بيدك كما أخذ رسول اللّه بيدي، فقال لي و قد اشتكيت حسدة قريش و المنافقين انّه إذا كان يوم القيمة أخذت بحجزة يعنى عصمة من ذي العرش تعالى، و أخذت أنت يا عليّ بحجزتي و أخذت ذريّتك بحجزتك و أخذت شيعتك بحجزتكم، فماذا يصنع بنبيّه، و ما يصنع نبيّه بوصيّه، و ما يصنع وصيّه بأهل بيته و شيعتهم. خذها إليك قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت و لك ما اكتسبت قالها ثلاثا، فقام الحارث يجر ردائه جذلا و قال ما أبالي و ربّى بعد هذا متي لقيت الموت او لقيني.
و عن امير المؤمنين عليه السّلام قال: قال لي رسول اللّه يا على ان اللّه أعطاني فيك سبع خصال أنت أول من ينشق القبر عنه و اوّل من يقف على الصراط معى فتقول للنار خذي هذا فهو لك و ذري هذا، فليس هو لك، و أنت أول من يكتسى إذا كسيت و يحيي إذا حييت و اوّل من يقف معى عن يمين العرش و أول من يقرع باب الجنّة و أول من يسكن معي عليين و أول من يشرب معى من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك و في ذلك فليتنافس المتنافسون.