کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 162

و يمتاز هذا المنهج القرآني عن غيره بوجوه عديدة أهمها:

الأول: إنّ المنهج التربوي و التعليمي في الإسلام ليس ماديا صرفا و لا عقليا بحتا بل هو يشمل الجانبين و يعطي لكل جانب حقه.

الثاني: إنّه يراعي الجانب التطبيقي و يعطي للعمل أهميته و يهتم بالمربّين و المعلمين قبل كل شي‏ء، فهو يأمر بالتزكية و إتيان العمل الصالح و لا يكتفي بالجانب النظري فقط.

الثالث: إنّه يهدف الكمال الإنساني و يبغي سعادة الفرد و الاجتماع و وضع لكل ذلك أسسا و قواعد لا يمكن التخلي عنها.

الرابع: إنه عام يشمل جميع مراحل الإنسان و جميع جوانب حياته بل يشمل مرحلة ما بعد الموت أيضا بحسب الآثار.

الخامس: إنّه مرتب ترتيبا دقيقا يبتدئ بالتلاوة ثم التزكية فالتعليم و طلب الحكمة، و التجاوز عن هذا الترتيب لا يوصل إلى ما يريده الإسلام.

و في القرآن الكريم إشارات إلى كل واحد من الأمور المتقدمة و في السنة الشريفة شرح ذلك و يأتي في الآيات المناسبة التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

[سورة البقرة (2): الآيات 153 الى 157]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)

الآيات متسقة منتظمة كلها وردت في سبيل استكمال الإنسان. و لذّة النداء و الخطاب في أولها نرفع عن العبد ثقل التكليف. و قد بيّن سبحانه و تعالى فيها أن الإنسان في طريق استكماله و إشاعة الحق و مقارعة الباطل‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 163

يقترن بأنحاء من البلاء و المحن في الأنفس و الأموال و لا يمكن التغلب عليها إلّا بالصبر و التوجه إليه تعالى في كل أمر. و قد لطف سبحانه و تعالى على عبيده بما يهون عليهم احتمال المكاره و يخفف عنهم عظم المصاب بما أعده سبحانه للصابرين من البشارة العظمى، و لمن قتل في سبيله الأجر الجزيل. و لا يسعنا في ذلك إلّا أن نقول بما

قاله الإمام زين العابدين (عليه السّلام) في صحيفته: «و لو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان موصوفا بالإحسان و منعوتا بالامتنان و محمودا بكل لسان»

فهذه الآيات تكفي في عظمة الموحي و الموحى إليه و الوحي لكل من كان له سمع أو ألقى السمع و هو شهيد.

التفسير

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا . قد ورد هذا الخطاب في القرآن الكريم في ما يقرب من تسعين موردا و فيه من التحبب و الملاطفة مع عبيده ما لا يخفى، و المنساق من سياقه تلبس المخاطب بالإيمان في الجملة، و هو يقتضي أن يكون الخطاب مدنيّا لا مكّيا. و تقدم ما يتعلق به في الآية- 104 من هذه السورة فراجع.

قوله تعالى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ . الصبر هنا مقاومة النفس مع ما يرد عليها من المكاره و الأذى. و حذف متعلقه يفيد العموم- كما هو المعروف في العلوم الأدبية- أي استعينوا بالصبر في جميع أموركم فإنه مفتاح النجاح، و هو في كل شي‏ء حسن، و لا يتعلق بشي‏ء إلّا و صار محبوبا، فهو أمّ الفضائل و الجامع لجميع جهات استكمال الإنسان إذا كان الصابر مراعيا لتكاليف المولى.

و الاستعانة بالصبر استعانة بأهم الأسباب المؤدية إلى المطلوب و أعظم السبل في نيل المقصود، و الحاجة إليه في تأييد الحق و مقارعة الباطل و احتمال المصائب معلوم لكل احد، و آثاره ظاهرة لكل فرد، و تقدم ما يتعلق به في الآية- 45 من هذه السورة.

و أما الاستعانة بالصلاة فإنها استعانة بأبرز مظاهر العبودية لرب‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 164

العالمين، و أهم أبواب مناجاته تعالى، و الإستغاثة به عزّ و جلّ، لما تشتمل على عظيم الآثار، فإنها معراج المؤمن، و إنّها تنهى عن الفحشاء و المنكر، و بها يحصل للنفس سكونها و اطمينانها عن الحوادث الواردة عليها، لأن فيها ارتباط بعالم الغيب المحيط بهذا العالم- و الإنسان خلق من ذلك العالم فإذا طابقت سنخية الذات مع العمل يحصل الانقطاع عن العلائق و يشتد الارتباط مع رب الخلائق، فينتظم النظام على الوجه الأصلح.

و في الحديث: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «إذا حزبه أمر- أي اشتد عليه- فزع إلى الصلاة»

و تقدم نظير هذه الآية في هذه السورة آية- 45 إلّا أن في الأولى مدح سبحانه الصلاة و في هذه مدح الصبر و بشر الصابرين.

و الوجه في التكرار التأكيد على أهمية الصبر و الصّلاة في تنفيذ الأمور و تكميل النفوس و توطينها لاحتمال المكاره و تحصيل السعادة في الدارين.

قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏ . لفظ «مع» يأتي بمعنى الجمع و المصاحبة في الجملة، و يختلف اختلافا كبيرا بحسب الموارد و الخصوصيات، و يستعمل في الخالق و المخلوق، قال تعالى: وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏ [سورة التوبة، الآية: 123] و قال تعالى حكاية عن نوح: وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ [سورة الشعراء، الآية: 118].

و المعية نحو ارتباط حاصل تارة: بين الخالق و المخلوق حدوثا و بقاء، قال تعالى: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ‏ [سورة الحديد، الآية: 4] و يعبر عنها بالمعية القيّومية و تلازمها المعية الزمانية و المكانية و الجامع‏

ما ذكره علي (عليه السّلام): «مع كل شي‏ء لا بالمجانسة و غير كل شي‏ء لا بالمباينة».

و أما معية المخلوق مع خالقه فيعبر عنها بعبارات مختلفة، أولها العبودية و آخرها الفناء في اللّه تعالى و نتيجة الجميع البقاء باللّه تعالى.

و أخرى: تحصل من عونه و نصرته و توفيقه، و تسبيب أسباب الخير، و منها معيّته تعالى مع الصابرين و المتقين و الأنبياء و الصالحين، فتكون معيته تعالى لهم من جهتين جهة قيموميته تعالى، و جهة فعله و عنايته و نصرته لهم. و هناك معان أخرى للمعية تأتي في الآيات المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 165

قوله تعالى: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ . المراد من القول هو الأعم من الإعتقاد و التعبير بالألفاظ، فاستعمل في الجامع.

و القتل إزهاق الروح عن الجسد إذا لوحظ فيه الإضافة إلى الفاعل. و أما إذا لوحظ فيه الإضافة الى المقتول فيصح التعبير عنه بالموت أيضا. هذا بحسب الشايع المتعارف و إلّا فيصح إطلاق القتل بالنسبة إلى الجنين الذي لم تتعلق به الروح بعد كما ورد في بعض أحاديث دية الجنين.

كما لا يختص بإزهاق روح الإنسان بل يشمل الحيوان أيضا قال تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏ [سورة المائدة، الآية: 2] و النصوص في هذا الإطلاق مستفيضة من الفريقين.

بل يطلق القتل على إزالة المعارف الحقة عن النفوس المستعدة أو دفعها عنها. فإنّ من تسبب في جهل الناس بالمعارف الإلهية فقد قتلهم شر قتلة لأنه أزال حياتهم الأبدية السرمدية كما يأتي التفصيل.

و قد ذكر القتل هنا بهيئة المضارع، و في قوله تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا [سورة آل عمران، الآية: 169] بهيئة الماضي، و لا فرق بينهما من هذه الجهة، لما ذكرناه من القاعدة الكلية المؤيدة بالدليل العقلي بانسلاخ الأفعال عن الزمان بحسب ذاتها و الخصوصيات الزمانية تستفاد من القرائن الخارجية.

و السبيل هو الطريق الذي فيه السهولة، و يستعمل في كل ما يتسبب به إلى المطلوب- خيرا كان أو شرا- قال تعالى: وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [سورة الأعراف، الآية:

164].

و قد ذكرت جملة «سبيل اللّه» في القرآن الكريم ما يزيد على ستين موردا و هو يدل على سعته و شموله و عظمته و أهميته، و تقدم الفرق بينه و بين الصراط في سورة الحمد عند قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و قد ذكر في القرآن الكريم و السنة المقدسة بعض المصاديق: مثل بذل النفس في إحياء كلمة التوحيد و تأييد الحق و قمع الباطل، و بذل المال للضعفاء، و إفشاء

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 166

الأخلاق الحسنة بين النّاس، و خدمة الوالد، و صلة الأرحام، و إغاثة اللهفان، و عون الضعيف و غير ذلك مما لا حد له و لا حصر، و تقدم قول: «إن الطرق إلى اللّه بعدد أنفاس الخلائق».

و المراد به في المقام الجهاد لإعلاء التوحيد و نصرة الحق و مقارعة الباطل و قمعه.

و ذكر القتل في سبيل اللّه بعد قوله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ من باب ذكر أهم الأفراد و أعظم الأمور الّتي لا بد من الاستعانة بالصبر فيها، يعني: إن اللّه تعالى مع كل صابر خصوصا هذا القسم من الصابرين فإنه آخر درجة التصبر و الاصطبار، فيمنحهم اللّه تعالى المعونة و الأجر الجزيل.

قوله تعالى: أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ‏ . أي: لا تقولوا: في شأن من قتل في سبيل اللّه أنهم أموات مفقودون عن الحس ذهبوا الى دار الفناء بل هم أحياء حياة أبدية و لكن لا تشعرون بها، لأن حياتهم في غير هذا العالم المحسوس المدرك بالمشاعر.

و المراد بالحياة هنا الأعم من الحياة في عالم البرزخ و الحياة الحقيقية لأجل إحياء الدين، و الحياة في الذكر و اللسان،

نظير ما ورد عن علي (عليه السّلام): «هلك خزان المال و هم أحياء و العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة»

و هو من باب ذكر بعض الأفراد الذي يبقى لا من باب الحصر.

و قد ذكر المفسرون في معنى الحياة هنا ما لا يرجع إلى محصّل كما يأتي تفصيل الكلام فيها.

و الحياة على أقسام:

الأول: الحياة الدنيوية الظاهرية المتقومة بتدبير النفس في البدن و إعمالها للقوى الظاهرية و الباطنية في الجسم الدنيوي فقط.

الثاني: الحياة الذكرى عند النّاس بعد ارتحال النفس عن البدن كما في العظماء و الأكابر الذين خلدت أسماؤهم في التاريخ تعظيما لجهودهم في‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 167

العلم و الأعمال الخيرية الصادرة منهم في حياتهم.

الثالث: الحياة الأبدية الخالدة التي لا يعلمها إلّا اللّه تعالى.

و ظاهر الآية المباركة و النصوص الواردة في حياة المقتول في سبيل اللّه هو القسم الأخير، لفرض أنّه بذل نفسه و نفيسه في سبيل الحي القيوم الأزلي الأبدي طلبا لرضائه و امتثال أمره، و لا تحديد في هذه الحياة كما بالنسبة إلى القسمين المتقدمين. و تتبع هذه الحياة الحياة بالمعنى الثاني، فما عن بعض المفسرين من أنّ المراد خصوص القسم الثاني فقط تخصيص للعموم بدون وجه.

إن قيل: مثل هذه الحياة ثابتة لكل فرد من أفراد المؤمنين و معلومة لهم، فلا وجه لتخصيصها بالشهيد.

يقال: إنّ أصل الحياة بعد الموت و إن كانت ثابتة للمؤمنين و معلومة لهم، لكن المستفاد من مجموع الآيات الشريفة و النصوص الواردة في حياة الشهيد أن فيها مزايا خاصة فوق أصل الحياة بمراتب كثيرة كما يدل عليها قوله تعالى: عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ‏ [سورة آل عمران، الآية: 169].

و الخطاب في الآية عام لا يختص بطائفة خاصة لا المشافهين و لا غيرهم لما ثبت في علم الأصول من أن الخطابات الواردة في الشريعة المقدسة- خصوصا ما ورد منها في القرآن الكريم- من قبيل القضايا الطبيعية الشاملة لجميع الأفراد.

فمن قال باختصاص الخطاب في المقام و في قوله تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ‏ [سورة آل عمران، الآية: 169] بطائفة خاصة.

لا وجه له إذ لا دليل عليه بل هو مخالف لطريقة العرف و العقلاء في محاوراتهم و لا سيما هذا الخطاب الوارد في مقام الترحم على العباد و الترأف بهم.

و القتل في سبيل اللّه تعالى هو الشهادة في سبيله تعالى: و الشهيد مشتق‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 168

منها الا أنّ الأول باعتبار أصل الحدوث و الثاني باعتبار الثبوت و الشهيد من أسماء اللّه تعالى و هو بمعنى الحضور الفعلي بالنسبة إلى جميع ما سواه، و لعل اطلاق الشهيد على من قتل في سبيل اللّه تعالى إنما هو لأجل حضوره لديه عزّ و جل متلبسا بما عاناه من الصعاب و الاضطهاد، أو حضور الملائكة لديه مبشرين له بأعلى المقامات و ارفع الدرجات التي أعدت له، و يصح الحمل على المعنى العام أي حضوره لديه للانتصار و حضور الملائكة لديه لبشارته بالجزاء، و المراد من حضوره تعالى هو توجهه الخاص به.

فالشهادة هي السفر من الخلق إلى الحق و لا تختص بخصوص من بذل دمه في سبيل اللّه بل تشمل كل من تحمل الأذية مطلقا في سبيله عزّ و جلّ،

و في جملة من الأحاديث: «المؤمن شهيد و لو مات في فراشه»

إلّا أن للشهيد الذي بذل دمه له أحكاما خاصة و يأتي تتمة الكلام في الآيات المناسبة.

و الآية تدل على تجرد النفس و هو حق لا ريب فيه كما ثبت بالأدلة الكثيرة و هو المستفاد من الكتب السماوية و القرآن المبين و النصوص المتواترة من السنّة الشريفة و يأتي في البحث الفلسفي تفصيل الكلام فيه.

قوله تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ‏ . مادة (بلا) تأتي بمعنى الامتحان و الاختبار و تقدم ما يتعلق بها في قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ‏ [سورة البقرة، الآية: 124].

و الشي‏ء من الألفاظ العامة الشاملة للقليل و الكثير، و الجواهر و الأعراض.

و الخوف توقع المكروه- مظنونا كان او معلوما- بعكس الرجاء فإنه توقع المحبوب كذلك.

و المعنى: لنمتحنكم بشي‏ء من الخوف من العدو أو بشي‏ء من الجوع.

صفحه بعد