کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 5

الجزء التاسع‏

[تتمة تفسير سورة النساء]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة النساء (4): الآيات 69 الى 70]

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ عَلِيماً (70)

بعد أن ذكر سبحانه و تعالى وجوب طاعة اللّه و الرّسول، و أحكم عزّ و جلّ هذا الحكم الإلهي المهمّ بعدّة أمور، و وعد عليه الوعد الحسن من الأجر العظيم، و الهداية إلى الصّراط المستقيم، يبيّن جلّ شأنه في هاتين الآيتين الشريفتين حقيقة الهداية، و نوع ذلك الجزاء، و أن ذلك الصّراط المستقيم هو الّذي سار عليه أخلص عباد اللّه المصطفين الأخيار، الّذين أنعم اللّه عليهم الهداية و عرفان الحقّ و العمل به و فعل الخيرات، و هم الّذين يأمل كلّ إنسان و يتمنّى أن يرافقهم في جميع العوالم، و قد بيّن عزّ و جلّ أن هذا هو الفضل الّذي لا يمنحه جلّ شأنه لأحد، إلّا مع الحكمة البالغة و العلم الأتمّ.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 6

التفسير

قوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ‏

وعد حسن لمن أطاع اللّه تعالى و الرّسول، و هو بأسلوبه البديع و مضمونه الرفيع، يقابل الصورة الّتي ذكرها القرآن الكريم للمنافقين، الّذين يزعمون الإيمان و يتحاكمون إلى الطاغوت، فتضمّنت صورة طاعة اللّه و الرّسول على أمور مهمّة تكشف عن أهميّة الموضوع في حياة الإنسان في جميع المراحل و العوالم، كنوع الجزاء، و الأصناف الّتي يجب أن ترافق الفرد، و الصّراط الّذي لا بدّ أن يتّخذه المطيع سبيلا يسير عليه، و الغاية الّتي يجب أن يتوخّاها، و ما يجب أن يفعله حتّى يتهيّأ لفضل اللّه تعالى و الفيض الربوبيّ العظيم.

و ظاهر الآية الشريفة أنّها في مقام بيان الصراط المستقيم، الّذي ورد ذكره في الآية السابقة، أي أنّ الصراط المستقيم هو الصراط الّذي سار عليه النبيّون و الصديقون و الشهداء و الصالحون، و هم الّذين أنعم اللّه عليهم بالهداية.

و إنّما جمع سبحانه و تعالى بين طاعة اللّه و طاعة الرسول؛ لبيان أنّ طاعته طاعة اللّه تعالى، و أنّهما أصلان يكمّل أحدهما الآخر، و لا سبيل للتفكيك بينهما، و لتأكيد مضمون قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ [سورة النساء، الآية: 59]، فرجع الختام إلى ما بدأ به الكلام، و هو من الأساليب الحسنة في الكلام.

و أنّ الآية السابقة قد تعرّضت لحال المنافقين الّذين أعرضوا عن طاعة الرسول فقط؛ لأنّهم لم يتجاهروا بالإعراض عن طاعة اللّه تعالى، فنزل فيهم الحكم الصريح بأنّه لا فائدة في تلك الطاعة الموهومة الكاذبة، و لكن هذه الآية الشريفة تبيّن الشرط الّذي لا بدّ منه في اكتساب تلك السعادة الّتي يتوخّاها المؤمن المطيع في صحبة من أنعم اللّه عليهم الجزاء الحسن.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 7

قوله تعالى: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏ .

بيان لأمر حقيقي، و هو أنّ الطاعة للّه و الرسول تستلزم الدخول في مسلك من أنعم اللّه عليهم. و سياق العبارة يدلّ على أنّ المطيعين ملحقون بهم و هم معهم في جميع العوالم، و هم منهم دون الصيرورة، و الإشارة ب: (أولئك)؛ لبيان علو درجة المطيعين و بعد منزلتهم فضلا و شرفا.

و المراد من النعمة- الّتي ظاهر العبارة الدالّ على عظمتها و قصور اللفظ عن بيانها و تفصيلها- هي تلك النعمة الّتي تفضّل عزّ و جلّ بها على أفراد معينين، و هم المخلصون الّذين آثروا حكم اللّه تعالى و رسوله على حكم الطاغوت، و سلّموا أمرهم الى اللّه تعالى، و هي الّتي نوّه عزّ و جلّ بها في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ [سورة الحمد، الآية: 7]. و هي النعمة الّتي تؤهّل الفرد في سلوك هذا الصراط و قبول الفيض الربوبيّ، و قد أشار إليها عزّ و جلّ في مواضع متعدّدة في القرآن الكريم، و هي تنحصر في نعمة الولاية.

قوله تعالى: مِنَ النَّبِيِّينَ‏ .

بيان للمنعم عليهم، و هو حال إما من «الّذين»، أي: أنّهم أنعم اللّه عليهم حال كونهم من النبيّين. أو من ضميره. و أجاز بعضهم أن يتعلّق الظرف بقوله تعالى: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ‏ ، أي: من النبيّين و من بعدهم، فيكون قوله «أولئك» إشارة إلى الملأ الأعلى، و لكن هذا الوجه خلاف الظاهر كما هو واضح.

و قد ذكر عزّ و جلّ أربعة طوائف ممّن أنعم عليهم بالهداية و التوفيق، و قد اتّصفوا بمكارم الأخلاق إلّا أنّ كلّ طائفة تختلف عن الاخرى ببعض الأمور الموجبة لاختلافها في المنزلة و الدرجة، فلا وجه للقول بأنّ الصدّيقين و الشهداء و الصالحين أوصاف متداخلة لموصوف واحد، فهم في الحقيقة فريقان، الأنبياء،

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 8

و المتّصفون بالصفات الثلاثة، فإنّ هذا القول خلاف ظاهر الآية الشريفة، و لعلّ ذكرهم للإعلام باختلاف درجات المطيعين، كما عرفت سابقا.

و النبيّون هم أصحاب الوحي، الّذين وصفهم اللّه تعالى في القرآن الكريم بأوصاف متعدّدة تدلّ على عظم شأنهم و جلالة قدرهم و علوّ منزلتهم، بل هم في أعلى عليّين؛ لما لهم من النفس القدسية الّتي استمدت قدسيتها من القوّة الإلهيّة، فهم قد رأوا الأشياء عيانا.

و إنّما ذكر عزّ و جلّ النبيّين دون نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله- مع أنّ الكلام في بيان طاعة الرسول- للإعلام بأنّ طاعته متضمّنة لطاعتهم عليهم السّلام.

قوله تعالى: وَ الصِّدِّيقِينَ‏ .

و هم الطائفة الثانية. و الصدّيقين جمع الصدّيق، مبالغة في الصدق، أي: الّذين طابق قولهم فعلهم، و ظاهرهم باطنهم، فلا يصدر منهم إلّا الحقّ اعتقادا و قولا و فعلا؛ لصفاء سريرتهم و عدم صدور الكذب عنهم و ممارستهم الصدق، فالهموا الصواب، فميّزوا الحقّ عن الباطل و الخير عن الشرّ، فهم شهدوا الحقائق، فكانوا صادقين بالحقّ، فصاروا صدّيقين شهداء الحقائق و الأعمال.

و قد فسّر بعض العلماء الصدّيق بمن كثر صدقه، أو من لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده على الصدق، و لكن ما ذكرناه أولى، فإنّه قد يكون الفرد كذلك، لكن لا يصل الى درجة الصدّيق الّذي له مرتبة الشهادة على الأعمال و الحقائق. و الّذي تكون منزلته دون منزلة الأنبياء و رتبته دون مرتبتهم، كما هو ظاهر الآية الشريفة.

قوله تعالى: وَ الشُّهَداءِ .

و هم الطائفة الثالثة، أي الّذين تولّاهم اللّه تعالى بالشهادة، و جعلهم من المقرّبين، فشهدوا الحقّ و أريقت دماؤهم في سبيله، لنيل رضاءه و حبّه جلّت عظمته.

و ذكر بعض المفسّرين أنّ المراد بالشهداء هم شهداء الأعمال، و لكن ذكرنا في‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 9

أحد مباحثنا السابقة أنّ الشهيد في سبيل الحقّ و إعلاء كلمة اللّه تعالى، يكون شهيدا على الأعمال أيضا، فبينهما تلازم في الجملة.

قوله تعالى: وَ الصَّالِحِينَ‏ .

و هم الّذين صلحت نفوسهم و استقامت أحوالهم و طريقتهم باتباعهم شريعة اللّه جلّ شأنه و الدوام على طاعته، فصاروا حججه على خلقه، يحتجّ بهم على من يخرج عن الصراط المستقيم، و بتزكية نفوسهم بصالح الأعمال، فتأهّلوا لفيضه عزّ و جلّ و تهيّؤوا لنعمه و كرامته. و هذه الطائفة هي آخر الطوائف الّتي هي صفوة اللّه تعالى من عباده.

و الصالحين: جمع الصالح، و هو الّذي صلحت حاله و استقامت طريقته. و أمّا المصلح، فهو الفاعل لما فيه الصلاح.

قوله تعالى: وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً .

الرفيق كالصديق و الخليط، بمعنى الصاحب، سمّي بذلك للارتفاق به، و هو منصوب على التمييز، و فعيل يستوي فيه الواحد و غيره، و في التمييز أيضا يكتفى بالواحد عن الجمع، و قيل: إنّه منصوب على الحال، أي حال كونهم رفقاء أولئك الطوائف الّذين تقدّم ذكرهم.

و الرفيق جماعة الأنبياء الّذين يسكنون أعلى عليّين، و في حديث الدعاء:

«و الحقني بالرفيق الأعلى»، و قيل في معنى ذلك: ألحقني باللّه تعالى، يقال: اللّه رفيق بعباده، من الرفق و الرأفة، فهو فعيل بمعنى الفاعل، و منه حديث عائشة:

«سمعته صلّى اللّه عليه و آله يقول عند موته: بل الرفيق الأعلى». و ذلك أنّه صلّى اللّه عليه و آله خيّر بين البقاء في الدنيا و بين ما عند اللّه، فاختار ما عند اللّه تعالى.

و لكنّ الرفيق في الآية المباركة اسم جاء على فعيل، بمعنى الخليط و الصديق، يطلق على الجماعة المذكورة فيها لا بمعنى الرفق.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏9، ص: 10

و في الآية الشريفة من التشويق و الترغيب و الوعد الكبير ما لا يخفى، و قيل:

إنّ فيه معنى التعجيب، أي: و ما أحسن أولئك رفيقا.

و المعنى: حسن مرافقة أولئك الطوائف الّتي يرتفق بهم لرفع كلّ ما يوجب الخوف و الحزن.

و إنّما وصف رفقتهم بالحسن؛ لاحتياج الإنسان بالرفقة في السفر الطويل الّذي يستقبله، فتفيض تلك الطوائف على من يرافقهم ممّا أنعم اللّه تعالى عليهم؛ و لأنّ في رفقة هؤلاء الخير الكثير؛ و لتأثير الرفيق في صاحبه أثرا كبيرا، فإذا كان ممّن أنعم اللّه عليه، كان أثره في صاحبه حسنا؛ و لارتفاق الأصحاب بعضهم بعضا.

و لا تختصّ الآية الكريمة بعالم دون عالم، فتشمل عالم الدنيا و البرزخ و الآخرة، فإنّ في جميعها يحتاج الإنسان إلى رفيق يرافقه في مسيره الاستكمالي، ليدله على الطريق الصحيح و يرشده إلى ما هو خير له، و يجنّبه عن المخاطر. و في الآية المباركة التفات من الغيبة الى الخطاب. كما أنّ في الآيات السابقة موارد مختلفة من الالتفات الدالّ على عظمة الخطاب و أهميّة الموضوع.

قوله تعالى: ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ‏ .

الاسم (ذلك) إشارة إلى الجزاء الّذي ثبت للمطيعين، و منه مرافقة من أنعم اللّه عليه، و الفضل الّذي تفضّل اللّه تعالى عليهم. أي: أنّ ذلك الجزاء هو الفضل الّذي لا يكون غيره فضلا، و لا يعلوه فضل آخر، و ليس له حدّ، فإنّ فيه غاية السعادة و منتهى الكمال الّذي يتفاضل به الناس، و هذا الفضل هو من اللّه تعالى تفضّل به على عباده المطيعين؛ ثوابا لهم على إطاعتهم و أعمالهم الصالحة.

و في إتيان اسم الإشارة الدالّ على البعيد، و دخول اللّام في الصفة (الفضل) أو الخبر، يدلّ على تفخيم هذا الفضل و تعظيمه، كأنّه هو الفضل دون غيره.

قوله تعالى: وَ كَفى‏ بِاللَّهِ عَلِيماً .

صفحه بعد