کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 195

و في الكافي أيضا بإسناده عن سماعة، عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ، قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنّما أحياها، و من أخرجها من هدى إلى ضلالة فقد قتلها».

أقول: المراد من الحياة و الممات في الرواية الحياة المعنويّة و الممات المعنويّ، كمن أخرجها من الكفر إلى الإيمان، و تقدّم سابقا أنّهما أفضل من الحياة الجسميّة، كما تدلّ عليه الآيات المباركة و الروايات المستفيضة، و الرواية من باب التطبيق على أكمل الأفراد و أجلاها، أو من باب التأويل الأعظم كما في بعض الروايات، و لا تنافي النجاة من الحرق و الغرق و غيرهما، لشمول الإحياء له كما هو المعلوم.

و في الكافي بإسناده عن معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السّلام قال: «من يسقي الماء في موضع يوجد فيه الماء، كان كمن أعتق رقبة، و من سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء، كمن أحيا نفسا، و من أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا».

أقول: الرواية من باب ذكر بعض الأفراد و المصاديق.

و عنه بإسناده أيضا عن حمران قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اسألك أصلحك اللّه تعالى؟ فقال: نعم، فقلت: كنت على حال و أنا اليوم على حال أخرى، كنت ادخل الأرض فأدعو الرجل و الاثنين و المرأة، فينقذ اللّه من يشاء أن اليوم لا ادعو أحدا؟ فقال: و ما عليك أن تخلي بين الناس و بين ربّهم، فمن أراد اللّه أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه، ثمّ قال: و لا عليك إن أنست من أحد خيرا أن تنفذ إليه الشي‏ء ابتداء، قلت: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ، قال: من خرق أو غرق، ثمّ سكت، ثمّ قال: تأويلها الأعظم إن دعاها فاستجابت له».

أقول: ورد في كثير من الروايات أنّ دعاء المؤمن لأخيه في ظهر الغيب لا يردّ، و أنّ تأخير الآثار لا ينافي ذلك. و تبدّل الحالات النفسانيّة في الإنسان كثير، مؤمنا كان أو كافرا، و الرواية من باب التطبيق، و لعلّ المراد من التأويل الأعظم‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 196

ذكر أجلى المصاديق و أكملها للآية المباركة، و هو المراد من ذلك في كلمات الأئمة عليهم السّلام.

و في الدرّ المنثور عن علي عليه السّلام: «انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: بدمشق جبل يقال له قاسيون، فيه قتل ابن آدم أخاه».

أقول: على فرض صحّة الرواية، فإنّها لا تنافي أن يكون الدفن في محلّ آخر، لما في بعض الروايات: «مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنة».

و في الدرّ المنثور عن البراء بن عازب قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما قتلت نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم القاتل الأوّل كفل من دمها، لأنّه أوّل من سنّ القتل».

أقول: و قريب منه غيره، و إنّها مطابقة لقاعدة: «من سنّ سنّة سيئة فله وزر من عمل بها»، و لعلّ هذا هو المراد من ذيل الآية المباركة: فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ، فتأمّل جيدا.

و عن ابن عباس في قوله تعالى: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً قال:

«من قتل نبيّا أو إمام عدل، فكأنّما قتل الناس جميعا».

أقول: الآية المباركة مطلقة، و ما ذكره ابن عباس من باب أكمل الأفراد و أجلى المصاديق أو الأولويّة، لا من باب التخصيص.

و في الدرّ المنثور بإسناده عن الحسن قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه لا يقبل عمل عبد حتّى يرضى عنه».

أقول: رضاء اللّه تعالى عن عبده يلازم التقوى و هي المناط، لأنّ غيرها لا يقبل، و لا يدور الإخلاص إلّا عليها، و لكنّ الواعظين بها كثيرون و العاملين بها قليلون، و للتقوى مراتب مختلفة و درجات كثيرة، كما أنّ رضاه تعالى كذلك.

و اعلم: أنّ هناك روايات ذكرها السيوطي في الدرّ المنثور تدلّ مضامينها على ذمّ الانقياد و الجلوس بترك الدفاع، و أنّ هابيل ترك الدفاع عن نفسه، فوقع القتل عليه.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 197

و هذه الروايات لا بدّ من حملها على ما إذا لم يستلزم تضييع الحقّ و لا التعدّي على حرمات اللّه تعالى، و إلّا فإنّ الدفاع عن النفس، و انتصار الحقّ، و كشف الكرب عن المظلوم بردع الظالم، و حفظ مشاعر الدين عن المعتدين بالجهاد و غيرها، من الواجبات العقليّة النظاميّة، أكد عليها الشرع.

و من المحتمل أنّ الروايات صدرت عن أشخاص أرادوا منها جوانب خارجية، لعلّ منها صرف المسلمين عن الحرب مع علي عليه السّلام ضدّ معاوية أو الخوارج أو طلحة و الزبير، أو تجميد دوافعهم التي كانت تؤيّد الحقّ و تسانده.

و كيف كان، فلا بدّ من حمل الروايات و إلّا فتطرح.

و هناك روايات اخرى تتعلّق بقصة قابيل و مجازاته، ذكرها أرباب التفاسير- كالسيوطي و غيره- لا يقبلها العقل، و هي أشبه بالقصص الوهميّة أو الخرافات الخياليّة، فلا بدّ من طرحها أيضا و اللّه العالم.

بحث كلامي‏

: وردت كلمة التقوى في القرآن و السنّة- بل في الكتب السماويّة- كثيرا، و حثّت عليها الشرائع الإلهيّة و رغّبت إليها. و هي صفة- أو حالة نفسانيّة- تعرض على الإنسان الملتزم بالدين، و قد تزول عنه حسب العوامل النفسيّة و المكائد الشيطانيّة، فهي من الأمور الإضافيّة، تختلف حسب درجات الإيمان و الثقة بالمبدأ عزّ و جلّ.

و هي في اللغة: جعل النفس في وقاية ممّا يخاف. بل جعل نفس الخوف تقوى، من باب تسمية مقتضي الشي‏ء باسم مقتضاه.

و قد عرّفت في الشرع بتعاريف متعدّدة، و لعلّ أسلمها: حفظ النفس عمّا يؤثم. و ذلك بترك المحظور، و يتحقّق باجتناب بعض المباحات، أي التنزّه عن الحلال مخافة الوقوع في الحرام، لما روي: «الحلال بيّن و الحرام بيّن، و من رتع حول‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 198

الحمى فحقيق أن يقع فيه»، و غيره من الروايات قال اللّه تعالى: فَمَنِ اتَّقى‏ وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ [سورة الأعراف، الآية: 35].

و قيل: إنّها صفة راسخة في النفس توجب الاجتناب عن المأثم و المشتبهات، و هذا التعريف يرجع إلى الأوّل، و إنّما الاختلاف في التعبير.

و قيل: هي الامتناع عن الردي‏ء باجتناب ما يدعو إليه الهوى، و هذا أعمّ ممّا تقدّم.

و كيف كان، فإنّه لا يمكن تحقيق التقوى إلّا بترك المشتبهات، فضلا عن المحرّمات، ففي رواية يونس عن الصادق عليه السّلام في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ : «أرشدنا للزوم الطريق المؤدّي إلى محبّتك و المبلغ إلى جنّتك من أن نتبع أهواءنا فنعطب، و نأخذ بآرائنا فنهلك، فإنّ من اتّبع هواه و أعجب برأيه كان كرجل سمعت غناء الناس تعظّمه و تصفه، فأحببت لقائه من حيث لا يعرفني، لأنظر مقداره و محلّه، فرأيته في موضع قد أحدقوا به جماعة من غثاء العامّة، فوقفت منتبذا عنهم متغشّيا بلثام، انظر إليه و إليهم، فما زال يراوغهم حتّى خالف طريقهم و فارقهم، و لم يقر، فتفرّقت جماعة العامّة عنه لحوائجهم، و تبعته أقتفي أثره، فلم يلبث أن مرّ بخباز فتغفّله فأخذ من دكانه رغيفا مسارقة، فتعجّبت منه، ثمّ قلت في نفسي: لعلّه معاملة، ثمّ مرّ بعده بصاحب رمّان، فما زال به حتّى تغفّله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فتعجّبت منه ثمّ قلت في نفسي: لعلّه معاملة، ثمّ أقول:

و ما حاجته إذا إلى المسارقة، ثمّ لم أزل اتّبعه حتّى مرّ بمريض فوضع الرغيفين و الرمّانتين بين يديه و مضى، و تبعته حتّى استقرّ في بقعة من صحراء، فقلت له:

يا عبد اللّه لقد لحقت بك و أحببت لقاءك فلقيتك، لكنّي رأيت منك ما شغل قلبي، و إنّي سائلك عنه ليزول به شغل قلبي، قال: ما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز و سرقت منه رغيفين ثمّ بصاحب الرمّان فسرقت منه رمّانتين، فقال لي: قبل كلّ شي‏ء حدّثني من أنت؟ قلت: رجل من ولد آدم من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، قال: حدّثني ممّن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال: أين بلدك؟ قلت:

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 199

المدينة، قال: لعلك جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قلت:

بلى، قال لي: فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرّفت به و تركك علم جدّك و أبيك، لأنّه لا ينكر ما يجب أن يحمد و يمدح فاعله، قلت: و ما هو؟ قال: القرآن كتاب اللّه، قلت: و ما الذي جهلت؟ قال: قول اللّه عزّ و جلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، و قال تعالى: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها ، و إنّي لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، و لما سرقت الرمانتين كانت سيئتين، فهذه أربع سيئات. فلما تصدّقت بكلّ واحد منها كانت أربعين حسنة، انقص من أربعين حسنة أربع سيئات، بقي ست و ثلاثون. قلت: ثكلتك امّك، أنت الجاهل بكتاب اللّه، أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏ ، إنّك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين، و لما سرقت الرمانتين كانت سيئتين، و لما دفعتها إلى غيرها من غير رضا صاحبها كنت إنّما أضفت أربع سيئات و لم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات. فجعل يلاحيني فانصرفت و تركته». و يستفاد من هذه الرواية أنّ القبول مطلقا يدور مدار التقوى، و لولاها فالأعمال مجرّد صور لم يكن لها لبّ. نعم لكلّ منهما مراتب و درجات. و التقوى هي المسلك المهمّ للوصول إلى ساحة قربه و لاستقرار حبّه تعالى في القلب. و قد ذكر علماء السير و السلوك أنّ مقامات الرقي هي مراتب التقوى، و قسّموها إلى تقوى العوامّ و تقوى الخواصّ، و تقوى أخصّ الخواصّ. ثمّ إنّ المراد من التقوى في الآية المباركة: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏ ، هو مجرّد التقرّب إليه عزّ و جلّ مع تقريره به، لا التقوى المصطلح، لتناسب ذلك لبدء التشريع و تلائمه مع بثّ النسل، و لم تكمل الحجّة بتمام جهاتها. و لكن تقدّم أنّ للتقرب إليه تعالى مراتب و درجات، و أنّه لم يرد مثل هذا التعبير القرآني إلّا في هذه الآية فقط.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 200

[سورة المائدة (5): الآيات 33 الى 34]

إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)

الآيتان الشريفتان تبيّنان أهمّ الأحكام الاجتماعيّة التي يقوم عليها النظام العامّ و ثبات الأمن و الأمان، و تحرّمان المحاربة و الإفساد المخلّين للنظام و الموجدين للخوف العامّ.

ففي الآية الشريفة الاولى يبيّن تعالى حدّ المحاربة، الذي هو شديد على قدر عظمة الجرم، الذي هو المحاربة مع اللّه العظيم و رسوله الكريم، و كان الحدّ مركّبا من الخزي في الدنيا بالقتل و الصلب و القطع من خلاف و النفي من الأرض، و العذاب العظيم في الآخرة.

و في الآية الثانية يبيّن عزّ و جلّ حكم من تاب قبل القبض و الاستيلاء عليه، و غفران اللّه تعالى له.

و لا يخلو ارتباط هاتين الآيتين بما سبق، كما تشمل المحاربة القتل الذي بيّنته الآيات السابقة في قصة قتل ابن آدم أخاه، و ما كتبه اللّه تعالى على بني إسرائيل من أجله، الذي لا يعدو أن يكون منعا للإفساد و المحاربة، إفساد للنظام، فكانت هذه الآيات المباركة بيانا لعقاب الإفساد الذي خلت الآيات السابقة منه.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏11، ص: 201

التفسير

قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ .

مادة (حرب) تدلّ على التعدّي و ما يضادّ السلم و السلام من الأذى و القتل و الضرر على النفس و المال، و الحرب (بالتحريك) هو أن يسلب الرجل ماله، يقال:

حربه يحربه- على وزن تعب- إذا أخذ ماله، فهو حريب و محروب. و المستفاد من اشتقاق هذه الكلمة أنّ الحرب أعمّ من القتل، فتشمل الاعتداء و السلب و إزالة الأمن و الإخلال بالنظام العامّ، و لا ريب أنّ ذلك يستلزم بحسب الطبع و العادة استعمال السلاح و التهديد، و ربّما القتل و أنحاء الأذى و الضرر. و قد ورد في السنّة الشريفة تفسير الآية المباركة بشهر السيف و نحوه ممّا ستعرف، فهو إنّما يكون من باب المثال.

و المحاربة مفاعلة، و قد ذكرنا في مواضع متعدّدة أنّ المفاعلة لا تتقوّم حقيقة معناها بطرفين كما يدعيه بعض، بل هذه الهيئة تدلّ على صدور الفعل من شخص و إنهائه إلى آخر، سواء صدر منه فعل أم لا.

و المحاربة مع اللّه تعالى بالمعنى الحقيقيّ مستحيلة، فلا بدّ أن يكون المراد منها مخالفة أحكامه المقدّسة و الاستهزاء بتعاليمه و تشريعاته و نقضها، كما أنّ محاربة الرسول صلّى اللّه عليه و آله إنّما هي إبطال ولايته في الأمور التي ثبتت من جانبه عزّ و جلّ، و يدخل فيه أذيّة أولياء اللّه تعالى الذين ثبتت ولايتهم من جانب الرسول صلّى اللّه عليه و آله بأمر من اللّه تعالى، فتكون محاربة اللّه و رسوله معاداة اللّه تعالى و مخالفة أحكامه و نقضها و عدم تنفيذها و إبطال ولاية أولياء اللّه تعالى و إعلان مخالفتهم و معاداتهم.

صفحه بعد