کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 24

المستقيم، و هو الذي لا تزيغ به الأهواء، و لا تتشعب معه الآراء، و لا يشبع منه العلماء، و لا يمله الأتقياء، من علم علمه سبق، و من عمل به أجر، و من حكم به عدل، و من عصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم».

و

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من أراد علم الأولين و الآخرين فليثور القرآن».

و

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «اتلوا هذا القرآن، فإن اللّه تعالى يأجركم بالحرف عشر حسنات، و أما أني لا أقول ألم حرف، و لكن الألف حرف و اللام حرف و الميم حرف».

و

روي عنه صلّى اللّه عليه و سلّم‏ أنه قال، في آخر خطبة خطبها، و هو مريض: «أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين، إنه لن تعمى أبصاركم، و لن تضل قلوبكم، و لن تزلّ أقدامكم، و لن تقصر أيديكم، كتاب اللّه سبب بينكم و بينه، طرفه بيده و طرفه بأيديكم، فاعملوا بمحكمه، و آمنوا بمتشابهه، و أحلوا حلاله، و حرموا حرامه، ألا و أهل بيتي و عترتي، و هو الثقل الآخر، فلا تسبوهم فتهلكوا».

و

روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي، فقد استصغر ما عظم اللّه».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «ما من شفيع أفضل عند اللّه من القرآن، لا نبي و لا ملك».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أفضل عبادة أمتي بالقرآن».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «أشرف أمتي حملة القرآن».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «من قرأ مائة آية كتب من القانتين، و من قرأ مائتي آية لم يكن من الغافلين، و من قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «القرآن شافع مشفع، و ما حل مصدق، من شفع له القرآن نجا، و من محل به القرآن يوم القيامة أكبه اللّه لوجهه في النار، و أحق من شفع له القرآن أهله و حملته، و أولى من محل به القرآن من عدل عنه وضيعه».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إن أصغر البيوت بيت صفر من كتاب اللّه تعالى».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إن الذي يتعاهد القرآن و يشتد عليه له أجران، و الذي يقرأه و هو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة».

و

عنه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أفضلكم من تعلم القرآن و علمه».

و

قال قوم من الأنصار للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم: ألم تر يا رسول اللّه ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة تزهر، و حولها أمثال المصابيح؟ فقال لهم: «فلعله قرأ سورة البقرة». فسئل ثابت بن قيس فقال: قرأت سورة البقرة.

و قد خرج البخاري في تنزيل الملائكة في الظلمة لصوت أسيد بن حضير بقراءة سورة البقرة، و

قال عقبة بن عامر: عهد إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في حجة الوداع فقال: «عليكم بالقرآن».

و

سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: «الذي إذا سمعته رأيته يخشى اللّه تعالى».

و أما ما ورد في تفسيره،

فروى ابن عباس‏ أن رجلا سأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: أي علم‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 25

القرآن أفضل؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «عربيته، فالتمسوها في الشعر».

و

قال أيضا صلّى اللّه عليه و سلّم: «أعربوا القرآن، و التمسوا غرائبه، فإن اللّه تعالى يحب أن يعرب، و قد فسرت الحكمة من قوله تعالى: وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ «1» بأنها تفسير القرآن».

و

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة».

و قال الحسن: أهلكتهم العجمة، يقرأ أحدهم الآية، فيعيا بوجوهها حتى يفتري على اللّه فيها. و قال ابن عباس: الذي يقرأ القرآن و لا يفسر كالإعرابي الذي يهذ الشعر. و وصف علي جابر بن عبد اللّه، لكونه يعرف تفسير قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ «2» . و رحل مسروق البصرة في تفسير آية، فقيل له: الذي يفسرها رجع إلى الشام، فتجهز و رحل إليه حتى علم تفسيرها.

و قال مجاهد: أحب الخلق إلى اللّه تعالى أعلمهم بما أنزل.

و ما

روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من كونه لا يفسر من كتاب اللّه إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل عليه السلام».

محمول ذلك على مغيبات القرآن و تفسيره لمجمله و نحوه، مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من اللّه تعالى. و ما

روي عنه صلّى اللّه عليه و سلّم من قوله: «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ

محمول على من تسور على تفسيره برأيه، دون نظر في أقوال العلماء و قوانين العلوم، كالنحو و اللغة و الأصول، و ليس من اجتهد ففسر على قوانين العلم و النظر بداخل في ذلك الحديث، و لا هو يفسر برأيه و لا يوصف بالخطأ. و المنقول عنه الكلام في تفسير القرآن من الصحابة جماعة، منهم: علي بن أبي طالب، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن مسعود، و أبي بن كعب، و زيد بن ثابت، و عبد اللّه بن عمرو بن العاص. فهؤلاء مشاهير من أخذ عنه التفسير من الصحابة، رضي اللّه تعالى عنهم، و قد نقل عن غير هؤلاء غير ما شي‏ء من التفسير.

و من المتكلمين في التفسير من التابعين: الحسن بن أبي الحسن، و مجاهد بن جبر، و سعيد بن جبير، و علقمة، و الضحاك بن مزاحم، و السدي، و أبو صالح. و كان الشعبي يطعن على السدي و أبي صالح، لأنه كان يراهما مقصرين في النظر. ثم تتابع الناس في التفسير و ألفوا فيه التآليف. و كانت تآليف المتقدمين أكثرها، إنما هي شرح لغة، و نقل سبب، و نسخ، و قصص، لأنهم كانوا قريبي عهد بالعرب، و بلسان العرب. فلما فسد اللسان، و كثرت العجم، و دخل في دين الإسلام أنواع الأمم المختلفو الألسنة، و الناقصو

(1) سورة البقرة: 2/ 269.

(2) سورة القصص: 28/ 85.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 26

الإدراك، احتاج المتأخرون إلى إظهار ما انطوى عليه كتاب اللّه تعالى، من غرائب التركيب، و انتزاع المعاني، و إبراز النكت البيانية، حتى يدرك ذلك من لم تكن في طبعه، و يكتسبها من لم تكن نشأته عليها، و لا عنصره يحركه إليها، بخلاف الصحابة و التابعين من العرب، فإن ذلك كان مركوزا في طباعهم، يدركون تلك المعاني كلها، من غير موقف و لا معلم، لأن ذلك هو لسانهم و خطتهم و بيانهم، على أنهم كانوا يتفاوتون أيضا في الفصاحة و في البيان. ألا ترى إلى‏

قوله صلّى اللّه عليه و سلّم، حين سمع كلام عمرو بن الأهتم في الزبرقان: «إن من البيان لسحرا».

و قد أشرنا فيما تقدم إلى تفاوت العرب في الفصاحة.

و قد آن أن نشرع فيما قصدنا، و ننجز ما به وعدنا، و نبدأ برسم لعلم التفسير، فإني لم أقف لأحد من علماء التفسير على رسم له، فنقول: التفسير في اللغة الاستبانة و الكشف.

قال ابن دريد: و منه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسره و كأنه تسمية بالمصدر، لأن مصدر فعل جاء أيضا على تفعله، نحو جرب تجربة، و كرم تكرمة، و إن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل، كقوله تعالى: وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً «1» . و ينطلق أيضا التفسير على التعرية للانطلاق. قال ثعلب: تقول فسرت الفرس عريته لينطلق في حصره، و هو راجع لمعنى الكشف، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري.

و أما الرسم في الاصطلاح، فنقول: التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، و مدلولاتها، و أحكامها الإفرادية و التركيبية، و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، و تتمات لذلك. فقولنا علم هو جنس يشمل سائر العلوم. و قولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات. و قولنا و مدلولاتها، أي مدلولات تلك الألفاظ، و هذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم. و قولنا و أحكامها الإفرادية و التركيبية هذا يشمل علم التصريف، و علم الإعراب، و علم البيان، و علم البديع، و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب شمل بقوله التي تحمل عليها ما لا دلالة عليه بالحقيقة، و ما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا، و يصد عن الحمل على الظاهر صاد، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر، و هو المجاز. و قولنا، و تتمات لذلك، هو معرفة النسخ، و سبب النزول، و قصة توضح بعض ما انبهم في القرآن، و نحو ذلك.

(1) سورة الفرقان: 25/ 33.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 27

سورة الفاتحة 1

[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

(*) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ باء الجر تأتي لمعان: للإلصاق، و الاستعانة، و القسم، و السبب، و الحال، و الظرفية، و النقل. فالإلصاق: حقيقة مسحت برأسي، و مجازا مررت بزيد. و الاستعانة: ذبحت بالسكين. و السبب: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا «1» .

و القسم: باللّه لقد قام. و الحال: جاء زيد بثيابه. و الظرفية: زيد بالبصرة. و النقل: قمت بزيد. و تأتي زائدة للتوكيد: شربن بماء البحر. و البدل: فليت لي بهم قوما أي بدلهم.

و المقابلة: اشتريت الفرس بألف. و المجاوزة: تشقق السماء بالغمام أي عن الغمام.

و الاستعلاء: من أن تأمنه بقنطار. و كنى بعضهم عن الحال بالمصاحبة، و زاد فيها كونها للتعليل. و كنى عن الاستعانة بالسبب، و عن الحال، بمعنى مع، بموافقة معنى اللام.

و يقال اسم بكسر همزة الوصل و ضمها، و سم بكسر السين و ضمها، و سمي كهدي، و البصري يقول: مادته سين و ميم و واو، و الكوفي يقول: واو و سين و ميم، و الأرجح الأول.

و الاستدلال في كتب النحو: أل للعهد في شخص أو جنس، و للحضور، و للمح الصفة، و للغلبة، و موصولة. فللعهد في شخص: جاء الغلام، و في جنس: اسقني الماء، و للحضور: خرجت فإذا الأسد، و للمح: الحارث، و للغلبة: الدبران. و زائدة لازمة، و غير لازمة، فاللازمة: كالآن، و غير اللازمة: باعد أم العمر من أسيرها، و هل هي مركبة من حرفين أم هي حرف واحد؟ و إذا كانت من حرفين، فهل الهمزة زائدة أم لا؟ مذاهب. و اللّه علم لا يطلق إلا على المعبود بحق مرتحل غير مشتق عند الأكثرين، و قيل مشتق، و مادته‏

(1) سورة النساء: 4/ 160.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 28

قيل: لام و ياء و هاء، من لاه يليه، ارتفع. قيل: و لذلك سميت الشمس إلاهه، بكسر الهمزة و فتحها، و قيل: لام و واو و هاء من لاه يلوه لوها، احتجب أو استتار، و وزنه إذ ذاك فعل أو فعل، و قيل: الألف زائدة و مادته همزة و لام، من أله أي فزع، قاله ابن إسحاق، أو أله تحير، قاله أبو عمر، و أله عبد، قاله النضر، أو أله سكن، قاله المبرد. و على هذه الأقاويل فحذفت الهمزة اعتباطا، كما قيل في ناس أصله أناس، أو حذفت للنقل و لزم مع الإدغام، و كلا القولين شاذ. و قيل: مادته واو و لام و هاء، من وله، أي طرب، و أبدلت الهمزة فيه من الواو نحو أشاح، قاله الخليل و القناد، و هو ضعيف للزوم البدل. و قولهم في الجمع آلهة، و تكون فعالا بمعنى مفعول، كالكتاب يراد به المكتوب. و أل في اللّه إذا قلنا أصله الإلاه، قالوا للغلبة، إذ الإله ينطلق على المعبود بحق و باطل، و اللّه لا ينطلق إلا على المعبود بالحق، فصار كالنجم للثريا. و أورد عليه بأنه ليس كالنجم، لأنه بعد الحذف و النقل أو الإدغام لم يطلق على كل إله، ثم غلب على المعبود بحق، و وزنه على أن أصله فعال، فحذفت همزته عال. و إذا قلنا بالأقاويل السابقة، فأل فيه زائدة لازمة، و شذ حذفها في قولهم لاه أبوك شذوذ حذف الألف في أقبل سيل. أقبل جاء من عند اللّه. و زعم بعضهم أن أل في اللّه من نفس الكلمة، و وصلت الهمزة لكثرة الاستعمال، و هو اختيار أبي بكر بن العربي و السهيلي، و هو خطأ، لأن وزنه إذ ذاك يكون فعالا، و امتناع تنوينه لا موجب له، فدل على أن أل حرف داخل على الكلمة سقط لأجلها التنوين. و ينفرد هذا الاسم بأحكام ذكرت في علم النحو، و من غريب ما قيل: إن أصله لاها بالسريانية فعرب، قال:

كحلفة من أبي رياح‏

يسمعها لاهه الكبار

قال أبو يزيد البلخي: هو أعجمي، فإن اليهود و النصارى يقولون لاها، و أخذت العرب هذه اللفظة و غيروها فقالوا اللّه. و من غريب ما قيل في اللّه أنه صفة و ليس اسم ذات، لأن اسم الذات يعرف به المسمى، و اللّه تعالى لا يدرك حسا و لا بديهة، و لا تعرف ذاته باسمه، بل إنما يعرف بصفاته، فجعله اسما للذات لا فائدة في ذلك. و كان العلم قائما مقام الإشارة، و هي ممتنعة في حق اللّه تعالى، و حذفت الألف الأخيرة من اللّه لئلا يشكل بخط اللاه اسم الفاعل من لها يلهو، و قيل طرحت تخفيفا، و قيل هي لغة فاستعملت في الخط.

الرَّحْمنِ‏ : فعلان من الرحمة، و أصل بنائه من اللازم من المبالغة و شذ من‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 29

المتعدي، و أل فيه للغلبة، كهي في الصعق، فهو وصف لم يستعمل في غير اللّه، كما لم يستعمل اسمه في غيره، و سمعنا مناقبه، قالوا: رحمن الدنيا و الآخرة، و وصف غير اللّه به من تعنت الملحدين، و إذا قلت اللّه رحمن، ففي صرفه قولان ليسند أحدهما إلى أصل عام، و هو أن أصل الاسم الصرف، و الآخر إلى أصل خاص، و هو أن أصل فعلان المنع لغلبته فيه. و من غريب ما قيل فيه إنه أعجمي بالخاء المعجمة فعرب بالحاء، قاله ثعلب.

الرَّحِيمِ‏ : فعيل محوّل من فاعل للمبالغة، و هو أحد الأمثلة الخمسة، و هي:

فعال، و فعول، و مفعال، و فعيل، و فعل، و زاد بعضهم فعيلا فيها: نحو سكير، و لها باب معقود في النحو، قيل: و جاء رحيم بمعنى مرحوم، قال العملس بن عقيل:

فأما إذا عضت بك الأرض عضة

فإنك معطوف عليك رحيم‏

قال علي، و ابن عباس، و علي بن الحسين، و قتادة، و أبو العالية، و عطاء، و ابن جبير، و محمد بن يحيى بن حبان، و جعفر الصادق، الفاتحة مكية

، و يؤيده‏ وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ «1» . و الحجر مكية، بإجماع. و في حديث أبي: إنها السبع المثاني و السبع الطوال، أنزلت بعد الحجر بمدد، و لا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة، و ما حفظ أنه كانت في الإسلام صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ . و قال أبو هريرة، و عطاء بن يسار، و مجاهد، و سواد بن زياد، و الزهري، و عبد اللّه بن عبيد بن عمير:

هي مدنية، و قيل إنها مكية مدنية.

الباء في بسم اللّه للاستعانة، نحو كتبت بالقلم، و موضعها نصب، أي بدأت، و هو قول الكوفيين، و كذا كل فاعل بدى‏ء في فعله بالتسمية كان مضمرا لا بدأ، و قدره الزمخشري فعلا غير بدأت و جعله متأخرا، قال: تقديره بسم اللّه أقرأ أو أتلو، إذ الذي يجي‏ء بعد التسمية مقروء، و التقديم على العامل عنده يوجب الاختصاص، و ليس كما زعم. قال سيبويه، و قد تكلم على ضربت زيدا ما نصه: و إذا قدمت الاسم فهو عربي جيد كما كان ذلك، يعني تأخيره عربيا جيدا و ذلك قولك زيدا ضربت. و الاهتمام و العناية هنا في التقديم و التأخير، سواء مثله في ضرب زيد عمر، أو ضرب زيدا عمر، و انتهى، و قيل موضع اسم رفع التقدير ابتدائي بأبت، أو مستقر باسم اللّه، و هو قول البصريين، و أي التقديرين أرجح يرجح الأول، لأن الأصل في العمل للفعل، أو الثاني لبقاء أحد جزأي الإسناد.

(1) سورة الحجر: 15/ 85.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 30

و الاسم هو اللفظ الدال بالوضع على موجود في العيان، إن كان محسوسا، و في الأذهان، إن كان معقولا من غير تعرض ببنيته للزمان، و مدلوله هو المسمى، و لذلك قال سيبويه: (فالكل اسم و فعل و حرف)، و التسمية جعل ذلك اللفظ دليلا على ذلك المعنى، فقد اتضحت المباينة بين الاسم و المسمى و التسمية. فإذا أسندت حكما إلى اسم، فتارة يكون إسناده إليه حقيقة، نحو: زيد اسم ابنك، و تارة لا يصح الإسناد إليه إلا مجازا، و هو أن تطلق الاسم و تريد به مدلوله و هو المسمى، نحو قوله تعالى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ‏ «1» ، و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ‏ «2» ، و ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ‏ «3» .

و العجب من اختلاف الناس، هل الاسم هو عين المسمى أو غيره، و قد صنف في ذلك الغزالي، و ابن السيد، و السهيلي و غيرهم، و ذكروا احتجاج كل من القولين، و أطالوا في ذلك. و قد تأول السهيلي، رحمه اللّه، قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ‏ بأنه أقحم الاسم تنبيها على أن المعنى سبح ربك، و اذكر ربك بقلبك و لسانك حتى لا يخلو الذكر و التسبيح من اللفظ باللسان، لأن الذكر بالقلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالاسم، و الذكر باللسان متعلقه اللفظ. و قوله تعالى: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً بأنها أسماء كاذبة غير واقعة على حقيقة، فكأنهم لم يعبدوا إلا الأسماء التي اخترعوها، و هذا من المجاز البديع.

و حذفت الألف من بسم هنا في الخط تخفيفا لكثرة الاستعمال، فلو كتبت باسم القاهر أو باسم القادر. فقال الكسائي و الأخفش: تحذف الألف. و قال الفراء: لا تحذف إلا مع‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، لأن الاستعمال إنما كثر فيه، فأما في غيره من أسماء اللّه تعالى فلا خلاف في ثبوت الألف.

و الرحمن صفة اللّه عند الجماعة. و ذهب الأعلم و غيره إلى أنه بدل، و زعم أن الرحمن علم، و إن كان مشتقا من الرحمة، لكنه ليس بمنزلة الرحيم و لا الراحم، بل هو مثل الدبران، و إن كان مشتقا من دبر صيغ للعلمية، فجاء على بناء لا يكون في النعوت، قال: و يدل على علميته و وروده غير تابع لاسم قبله، قال تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ «4» الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ‏ «5» و إذا ثبتت العلمية امتنع النعت، فتعين البدل. قال أبو زيد السهيلي: البدل فيه عندي ممتنع، و كذلك عطف البيان، لأن الاسم الأول لا يفتقر

(1) سورة الرحمن: 55/ 78.

(2) سورة طه: 20/ 5.

(3) سورة الأعلى: 87/ 1.

(4) سورة الرحمن: 55/ 1.

صفحه بعد