کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 41

ضمير نصب منفصلا لا اسما ظاهرا أضيف خلافا لزاعمه، و هل الضمير هو مع لواحقه أو هو وحده؟ و اللواحق حروف، أو هو و اللواحق أسماء أضيف هو إليها، أو اللواحق وحدها، و ايا زائدة لتتصل بها الضمائر، أقوال ذكرت في النحو. و أما لغاته فبكسر الهمزة و تشديد الياء، و بها قرأ الجمهور، و بفتح الهمزة و تشديد الياء، و بها قرأ الفضل الرقاشي، و بكسر الهمزة و تخفيف الياء، و بها قرأ عمرو بن فائد، عن أبي، و بإبدال الهمزة المكسورة هاء، و بإبدال الهمزة المفتوحة هاء، و بذلك قرأ ابن السوار الغنوي، و ذهاب أبي عبيدة إلى أن ايا مشتق ضعيف، و كان أبو عبيدة لا يحسن النحو، و إن كان إماما في اللغات و أيام العرب.

و إذا قيل بالاشتقاق، فاشتقاقه من لفظ، أو من قوله:

فاو لذكراها إذا ما ذكرتها فتكون من باب قوة، أو من الآية فتكون عينها ياء كقوله:

لم يبق هذا الدهر من إيائه قولان، و هل وزنه إفعل و أصله إأوو أو إأوي أو فعيل فأصله أويو أو اويي أو فعول، و أصله إووو أو اويي أو فعلى، فأصله أووى أواويا، أقاويل كلها ضعيفة، و الكلام على تصاريفها حتى صارت ايا تذكر في علم النحو، و إضافة ايا لظاهر نادر نحو: و ايا الشواب، أو ضرورة نحو: دعني و ايا خالد، و استعماله تحذيرا معروف فيحتمل ضميرا مرفوعا يجوز أن يتبع بالرفع نحو: إياك أنت نفسك.

نَعْبُدُ ، العبادة: التذلل، قاله الجمهور، أو التجريد، قاله ابن السكيت، و تعديه بالتشديد مغاير لتعديه بالتخفيف، نحو: عبدت الرجل ذللته، و عبدت اللّه ذللت له. و قرأ الحسن، و أبو مجلز، و أبو المتوكل: إياك يعبد بالياء مبنيا للمفعول، و عن بعض أهل مكة نعبد بإسكان الدال. و قرأ زيد بن علي، و يحيى بن وثاب، و عبيد بن عمير الليثي: نعبد بكسر النون.

نَسْتَعِينُ‏ ، الاستعانة، طلب العون، و الطلب أحد معاني استفعل، و هي اثنا عشر معنى، و هي: الطلب، و الاتحاد، و التحول، و إلقاء الشي‏ء بمعنى ما صيغ منه وعده كذلك، و مطاوعة افعل و موافقته، و موافقة تفعل و افتعل و الفعل المجرد، و الإغناء عنه و عن فعل مثل ذلك استطعم، و استعبده، و استنسر و استعظمه و استحسنه، و إن لم يكن كذلك، و استشلى مطاوع اشلى، و استبل موافق مطاوع ابل، و استكبر موافق تكبر، و استعصم موافق‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 42

اعتصم، و استغنى موافق غنى، و استنكف و استحيا مغنيان عن المجرد، و استرجع، و استعان حلق عانته، مغنيان عن فعل، فاستعان طلب العون، كاستغفر، و استعظم. و قال صاحب اللوامح: و قد جاء فيه وياك أبدل الهمزة واوا، فلا أدري أ ذلك عن الفراء أم عن العرب، و هذا على العكس مما فروا إليه في نحو أشاح فيمن همز لأنهم فروا من الواو المكسورة إلى الهمزة، و استثقالا للكسرة على الواو. و في وياك فروا من الهمزة إلى الواو، و على لغة من يستثقل الهمزة جملة لما فيها من شبه التهوع، و بكون استفعل أيضا لموافقة تفاعل و فعل. حكى أبو الحسن بن سيده في المحكم: تماسكت بالشي‏ء و مسكت به و استمسك به بمعنى واحد، أي احتبست به، قال و يقال: مسكت بالشي‏ء و أمسكت و تمسكت، احتبست، انتهى. فتكون معاني استفعل حينئذ أربعة عشر لزيادة موافقة تفاعل و تفعل. و فتح نون نستعين قرأ بها الجمهور، و هي لغة الحجاز، و هي الفصحى. و قرأ عبيد بن عمير الليثي، وزر بن حبيش، و يحيى بن وثاب، و النخعي، و الأعمش، بكسرها، و هي لغة قيس، و تميم، و أسد، و ربيعة، و كذلك حكم حرف المضارعة في هذا الفعل و ما أشبهه. و قال أبو جعفر الطوسي: هي لغة هذيل، و انقلاب الواو ألفا في استعان و مستعان، و ياء في نستعين و مستعين، و الحذف في الاستعانة مذكور في علم التصريف، و يعدى استعان بنفسه و بالباء. إياك مفعول مقدم، و الزمخشري يزعم أنه لا يقدم على العامل إلا للتخصيص، فكأنه قال: ما نعبد إلا إياك، و قد تقدم الرد عليه في تقديره بسم اللّه اتلوا، و ذكرنا نص سيبويه هناك. فالتقديم عندنا إنما هو للاعتناء و الاهتمام بالمفعول. و سب أعرابي آخر فأعرض عنه و قال: إياك أعني، فقال له: و عنك أعرض، فقدما الأهم، و إياك التفات لأنه انتقال من الغيبة، إذ لو جرى على نسق واحد لكان إياه. و الانتقال من فنون البلاغة، و هو الانتقال من الغيبة للخطاب أو التكلم، و من الخطاب للغيبة أو التكلم، و من التكلم للغيبة أو الخطاب. و الغيبة تارة تكون بالظاهر، و تارة بالمضمر، و شرطه أن يكون المدلول واحدا. ألا ترى أن المخاطب بإياك هو اللّه تعالى؟ و قالوا فائدة هذا الالتفات إظهار الملكة في الكلام، و الاقتدار على التصرف فيه. و قد ذكر بعضهم مزيدا على هذا، و هو إظهار فائدة تخص كل موضع موضع، و نتكلم على ذلك حيث يقع لنا منه شي‏ء، و فائدته في إياك نعبد أنه لما ذكر أن الحمد للّه المتصف بالربوبية و الرحمة و الملك و الملك لليوم المذكور، أقبل الحامد مخبرا بأثر ذكره الحمد المستقر له منه و من غيره، أنه و غيره يعبده و يخضع له. و كذلك أتى بالنون التي تكون له و لغيره، فكما أن الحمد يستغرق الحامدين،

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 43

كذلك العبادة تستغرق المتكلم و غيره. و نظير هذا أنك تذكر شخصا متصفا بأوصاف جليلة، مخبرا عنه أخبار الغائب، و يكون ذلك الشخص حاضرا معك، فتقول له: إياك أقصد، فيكون في هذا الخطاب من التلطف على بلوغ المقصود ما لا يكون في لفظ إياه، و لأنه ذكر ذلك توطئة للدعاء في قوله اهدنا. و من ذهب إلى أن ملك منادى، فلا يكون إياك التفاتا لأنه خطاب بعد خطاب و إن كان يجوز بعد النداء الغيبة، كما قال:

يا دارمية بالعلياء فالسند

أقوت و طال عليها سالف الأبد

و من الخطاب بعد النداء:

ألا يا أسلمي يا دارمي على البلى‏

و لا زال منهلا بجرعائك القطر

و دعوى الزمخشري في أبيات امرئ القيس الثلاثة أن فيه ثلاثة التفاتات غير صحيح، بل هما التفاتان:

الأول: خروج من الخطاب المفتتح به في قوله:

تطاول ليلك بالإثمد

و نام الخلي و لم ترقد

إلى الغيبة في قوله:

و بات و باتت له ليلة

كليلة ذي العائر الأرمد

الثاني: خروج من هذه الغيبة إلى التكلم في قوله: و ذلك من نبأ جاءني. و خبرته عن أبي الأسود و تأويل كلامه أنها ثلاث خطأ و تعيين. إن الأول هو الانتقال من الغيبة إلى الحضور أشد خطأ لأن هذا الالتفات هو من عوارض الألفاظ لا من التقادير المعنوية، و إضمار قولوا قبل الحمد للّه، و إضمارها أيضا قبل إياك لا يكون معه التفات، و هو قول مرجوح. و قد عقد أرباب علم البديع بابا للالتفات في كلامهم، و من أجلهم كلاما فيه ابن الأثير الجزري، رحمه اللّه تعالى. و قراءة من قرأ إياك يعبد بالياء مبنيا للمفعول مشكلة، لأن إياك ضمير نصب و لا ناصب له و توجيهها إن فيها استعارة و التفاتا، فالاستعارة إحلال الضمير المنصوب موضع الضمير المرفوع، فكأنه قال أنت، ثم التفت فأخبر عنه أخبار الغائب لما كان إياك هو الغائب من حيث المعنى فقال يعبد، و غرابة هذا الالتفات كونه في جملة واحدة، و هو ينظر إلى قول الشاعر:

أ أنت الهلالي الذي كنت مرة

سمعنا به و الأرحبي المغلب‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 44

و إلى قول أبي كثير الهذلي:

يا لهف نفسي كان جلدة خالد

و بياض وجهك للتراب الأعفر

و فسرت العبادة في إياك نعبد بأنها التذلل و الخضوع، و هو أصل موضوع اللغة أو الطاعة، كقوله تعالى: لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ‏ «1» ، أو التقرب بالطاعة أو الدعاء أن الذين يستكبرون عن عبادتي، أي عن دعائي، أو التوحيد إلا ليعبدون أي ليوحدون، و كلها متقاربة المعنى. و قرنت الاستعانة بالعبادة للجمع بين ما يتقرب به العبد إلى اللّه تعالى، و بين ما يطلبه من جهته. و قدمت العبادة على الاستعانة لتقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة لتحصل الإجابة إليها، و أطلق العبادة و الاستعانة لتتناول كل معبود به و كل مستعان عليه.

و كرر إياك ليكون كل من العبادة و الاستعانة سيقا في جملتين، و كل منهما مقصودة، و للتنصيص على طلب العون منه بخلاف لو كان إياك نعبد و نستعين، فإنه كان يحتمل أن يكون إخبارا بطلب لعون، أي و ليطلب العون من غير أن يعين ممن يطلب ..

و نقل عن المنتمين للصلاح تقييدات مختلفة في العبادة و الاستعانة، كقول بعضهم:

إياك نعبد بالعلم، و إياك نستعين عليه بالمعرفة، و ليس في اللفظ ما يدل على ذلك. و في قوله: نعبد قالوا رد على الجبرية، و في نستعين رد على القدرية، و مقام العبادة شريف، و قد جاء الأمر به في مواضع، قال تعالى: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ‏ «2» اعْبُدُوا رَبَّكُمُ* «3» ، و الكناية به عن أشرف المخلوقين صلّى اللّه عليه و سلّم. قال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ‏ «4» ، وَ ما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا «5» ، و قال تعالى، حكاية عن عيسى، على نبينا و عليه أفضل الصلاة و السلام‏ قالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ‏ «6» ، و قال تعالى و تقدس: لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي‏ «7» فذكر العبادة عقيب التوحيد، لأن التوحيد هو الأصل، و العبادة فرعه. و قالوا في قوله: إياك. رد على الدهرية و المعطلة و المنكرين لوجود الصانع، فإنه خطاب لموجود حاضر.

اهْدِنَا ، الهداية: الإرشاد و الدلالة و التقدم و منه الهوادي أو التبيين، وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ «8» أو الإلهاء أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ «9» ، قال المفسرون: معناه ألهم‏

(1) سورة يس: 36/ 60.

(2) سورة الحجر: 15/ 99.

(3) سورة البقرة: 2/ 21.

(4) سورة الإسراء 17/ 1.

(5) سورة الأنفال: 8/ 41.

(6) سوة مريم: 19/ 30.

(7) سورة طه: 20/ 14.

(8) سورة فصلت: 41/ 13.

(9) سورة طه: 20/ 50.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 45

الحيوانات كلها إلى منافعها، أو الدعاء، و لكل قوم هاد أي داع و الأصل في هدي أن يصل إلى ثاني معموله باللام‏ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‏ «1» أو إلى‏ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ «2» ثم يتسع فيه فيعدي إليه بنفسه، و منه‏ اهْدِنَا الصِّراطَ ، و نا ضمير المتكلم و معه غيره أو معظم نفسه. و يكون في موضع رفع و نصب و جر.

الصِّراطَ الطريق، و أصله بالسين من السرط، و هو اللقم، و منه سمي الطريق لقما، و بالسين على الأصل قرأ قبل و رويس، و إبدال سينه صادا هي الفصحى، و هي لغة قريش، و بها قرأ الجمهور، و بها كتبت في الإمام، و زايا لغة رواها الأصمعي عن أبي عمرو، و أشمامها زايا لغة قيس و به قرأ حمزة بخلاف و تفصيل عن رواته. و قال أبو علي:

و روي عن أبي عمرو، السين و الصاد و المضارعة بين الزاي و الصاد، و رواه عنه العريان عن أبي سفيان، و روى الأصمعي عن أبي عمرو أنه قرأها بزاي خالصة. قال بعض اللغويين:

ما حكاه الأصمعي في هذه القراءة خطأ منه إنما سمع أبا عمرو يقرؤها بالمضارعة فتوهمها زايا، و لم يكن الأصمعي نحويا فيؤمن على هذا. و حكى هذا الكلام أبو علي عن أبي بكر بن مجاهد، و قال أبو جعفر الطوسي في تفسيره، و هو إمام من أئمة الإمامية: الصراط بالصاد لغة قريش، و هي اللغة الجيدة، و عامة العرب يجعلونها سينا، و الزاي لغة لعذرة، و كعب، و بني القين. و قال أبو بكر بن مجاهد، و هذه القراءة تشير إلى أن قراءة من قرأ بين الزاي و الصاد تكلف حرف بين حرفين، و ذلك صعب على اللسان، و ليس بحرف ينبني عليه الكلام، و لا هو من حروف المعجم. لست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد أفصح و أوسع، و يذكر و يؤنث، و تذكيره أكثر. و قال أبو جعفر الطوسي: أهل الحجاز يؤنثون الصراط كالطريق، و السبيل و الزقاق و السوق، و بنو تميم يذكرون هذا كله و يجمع في الكثرة على سرط، نحو كتاب و كتب، و في القلة قياسه أسرطة، نحو حمار و أحمره، هذا إذا كان الصراط مذكرا، و أما إذا أنث فقياسه أفعل نحو ذراع و أذرع و شمال و أشمل. و قرأ زيد بن علي، و الضحاك، و نصر بن علي، عن الحسن: اهدنا صراطا مستقيما، بالتنوين من غير لام التعريف، كقوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ اللَّهِ‏ «3» .

الْمُسْتَقِيمَ‏ ، استقام: استفعل بمعنى الفعل المجرد من الزوائد، و هذا أحد معاني‏

(1) سورة الإسراء: 17/ 9.

(2) سورة الشورى: 42/ 52.

(3) سورة الشورى: 42/ 52- 53.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 46

استفعل، و هو أن يكون بمعنى الفعل المجرد، و هو قام، و القيام هو الانتصاب و الاستواء من غير اعوجاج.

صِراطَ الَّذِينَ‏ اسم موصول، و الأفصح كونه بالياء في أحواله الثلاثة، و بعض العرب يجعله بالواو في حالة الرفع، و استعماله بحذف النون جائز، و خص بعضهم ذلك بالضرورة، إلا إن كان لغير تخصيص فيجوز في غيرها، و سمع حذف أل منه فقالوا: لذين، و فيما تعرف به خلاف ذكر في النحو، و يخص العقلاء بخلاف الذي، فإنه ينطلق على ذي العلم و غيره.

أَنْعَمْتَ‏ ، النعمة: لين العيش و خفضه، و لذلك قيل للجنوب النعامي للين هبوبها، و سميت النعامة للين سهمها: نعم إذا كان في نعمة، و أنعمت عينه أي سررتها، و أنعم عليه بالغ في التفضيل عليه، أي و الهمزة في أنعم بجعل الشي‏ء صاحب ما صيغ منه، إلا أنه ضمن معنى التفضل، فعدى بعلى، و أصله التعدية بنفسه. أنعمته أي جعلته صاحب نعمة، و هذا أحد المعاني التي لأفعل، و هي أربعة و عشرون معنى، هذا أحدها. و التعدية، و الكثرة، و الصيرورة، و الإعانة، و التعريض، و السلب، و إصابة الشي‏ء بمعنى ما صيغ منه، و بلوغ عدد أو زمان أو مكان، و موافقة ثلاثي، و إغناء عنه، و مطاوعة فعل و فعل، و الهجوم، و نفي الغريزة، و التسمية، و الدعاء، و الاستحقاق، و الوصول، و الاستقبال، و المجي‏ء بالشي‏ء و التفرقة، مثل ذلك، أدنيته و أعجبني المكان، و أغد البعير و أحليت فلانا، و أقبلت فلانا، و اشتكيت الرجل، و أحمدت فلانا، و أعشرت الدراهم، و أصبحنا، و أشأم القوم، و أحزنه بمعنى حزنه، و أرقل، و أقشع السحاب مطاوع قشع الريح السحاب، و أفطر مطاوع فطرته، و أطلعت عليهم، و أستريح، و أخطيته سميته مخطئا، و أسقيته، و أحصد الزرع، و أغفلته وصلت غفلتي اليه، وافقته استقبلته بأف هكذا مثل هذا. و ذكر بعضهم أن أفعل فعل، و مثل الاستقبال أيضا بقولهم: أسقيته أي استقبلته بقولك سقيا لك، و كثرت جئت بالكثير، و أشرقت الشمس أضاءت، و شرقت طلعت. التاء المتصلة بأنعم ضمير المخاطب المذكر المفرد، و هي حرف في أنت، و الضميران فهو مركب.

عَلَيْهِمْ‏ ، على: حرف جر عند الأكثرين، إلا إذا جرت بمن، أو كانت في نحو هون عليك. و مذهب سيبويه أنها إذا جرت اسم ظرف، و لذلك لم يعدها في حروف الجر، و وافقه جماعة من متأخري أصحابنا و معناها الاستعلاء حقيقة أو مجازا، و زيد أن تكون بمعنى عن، و بمعنى الباء، و بمعنى في، و للمصاحبة، و للتعليل، و بمعنى من، و زائدة،

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 47

مثل ذلك‏ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ‏ «1» فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ* «2» ، بعد على كذا حقيق علي أن لا أقول على ملك سليمان‏ وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ‏ «3» ، وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ‏ «4» ، حافِظُونَ إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ* «5» .

أبى اللّه إلا أن سرحة مالك‏

على كل أفنان العضاه تروق‏

أي تروق كل أفنان العضاه. هم ضمير جمع غائب مذكر عاقل، و يكون في موضع رفع و نصب و جر. و حكى اللغويون في عليهم عشر لغات ضم الهاء، و إسكان الميم، و هي قراءة حمزة. و كسرها و إسكان الميم، و هي قراءة الجمهور. و كسر الهاء و الميم و ياء بعدها، و هي قراءة الحسن. و زاد ابن مجاهد أنها قراءة عمر بن فائد. و كذلك بغير ياء، و هي قراءة عمرو بن فائد. و كسر الهاء و ضم الميم و واو بعدها، و هي قراءة ابن كثير، و قالون بخلاف عنه. و كسر الهاء و ضم الميم بغير واو و ضم الهاء و الميم و واو بعدها، و هي قراءة الأعرج و الخفاف عن أبي عمرو. و كذلك بدون واو و ضم الهاء و كسر الميم بياء بعدها. كذلك بغير ياء. و قرى‏ء بهما، و توضيح هذه القراءات بالخط و الشكل: عليهم، عليهم، عليهموا، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهموا. و ملخصها ضم الهاء مع سكون الميم، أو ضمها بإشباع، أو دونه، أو كسرها بإشباع، أو دونه و كسر الهاء مع سكون الميم، أو كسرها بإشباع، أو دونه، أو ضمها بإشباع، أو دونه، و توجيه هذه القراءات ذكر في النحو. اهدنا صورته صورة الأمر، و معناه الطلب و الرغبة، و قد ذكر الأصوليون لنحو هذه الصيغة خمسة عشر محملا، و أصل هذه الصيغة أن تدل على الطلب، لا على فور، و لا تكرار، و لا تحتم، و هل معنى اهدنا أرشدنا، أو وفقنا، أو قدمنا، أو ألهمنا، أو بين لنا أو ثبتنا؟ أقوال أكثرها عن ابن عباس، و آخرها عن علي و أبي. و قرأ ثابت البناني بصرنا الصراط، و

معنى الصراط القرآن، قاله علي‏

و ابن عباس: و ذكر المهدوي أنه روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه فسره بكتاب اللّه أو الإيمان و توابعه، أو الإسلام و شرائعه، أو السبيل المعتدل، أو طريق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أبي بكر و عمر، قاله أبو العالية و الحسن، أو طريق الحج، قاله فضيل بن عياض، أو السنن، قاله عثمان، أو طريق الجنة، قاله سعيد بن جبير، أو

(1) سورة الرحمن: 55/ 26.

(2) سورة البقرة: 2/ 253.

(3) سورة البقرة: 2/ 177.

(4) سورة البقرة: 2/ 185.

صفحه بعد