کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 207

قالوا: و من شرطه أن لا يمل،

ففي (الصحيح): يستجاب لأحدكم ما لم يعجل‏

، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي.

و خصص الدعاء بأن يدعوا بما ليس فيه إثم، و لا قطيعة رحم، و لا معصية،

ففي الصحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما من مسلم يدعوه بدعوة ليس فيها إثم و لا قطيعة رحم إلا أعطاه اللّه تبارك و تعالى إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، و إما أن يدخر له، و إما أن يكف عنه من السوء بمثلها»

. و ينبغي أن يكون الدعاء بالمأثور، و أن لا يقصد فيه السجع، سجع الجاهلية، و أن يكون غير ملحون.

و ترتجى الإجابة من الأزمان عند السحر، و في الثلث الأخير من الليل، و وقت الفطر، و ما بين الأذان و الإقامة، و ما بين الظهر و العصر في يوم الأربعاء، و أوقات الاضطرار، و حالة السفر و المرض، و عند نزول المطر، و الصف في سبيل اللّه، و العيدين، و الساعة التي أخبر عنها النبي صلى اللّه عليه و سلم في يوم الجمعة: و هي من الإقامة إلى فراغ الصلاة: كذا ورد مفسرا في الحديث، و قيل: بعد عصر الجمعة، و عند ما تزول الشمس.

و من الأماكن: في الكعبة، و تحت ميزابها، و في الحرم، و في حجرة النبي صلى اللّه عليه و سلم، و الجامع الأقصى.

و إذا كان الداعي بالأوصاف التي تقدمت غلب على الظن قبول دعائه، و أما إن كان على غير تلك الأوصاف فلا ييأس من رحمة اللّه، و لا يقطع رجاءه من فضله، فإن اللّه تعالى قال: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ‏ «1» و قال سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحد من الدعاء ما يعلم من نفسه، فإن اللّه تعالى قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس: قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* «2» .

و قالت المعتزلة: الإجابة مختصة بالمؤمنين‏ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ‏ «3» لأن وصف الإنسان بأن اللّه أجاب دعوته صفة مدح و تعظيم، و الفاسق لا يستحق التعظيم، بل الفاسق قد يطلب الشي‏ء فيفعله اللّه و لا يسمى إجابة.

قيل: و الدعاء أعظم مقامات العبودية لأنه إظهار الافتقار إلى اللّه تعالى، و الشرع قد ورد

(1) سورة الزمر: 39/ 53.

(2) سورة الحجر: 15/ 36. و سورة ص: 38/ 79.

(3) سورة الأنعام: 6/ 82.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 208

بالأمر به، و قد دعت الأنبياء و الرسل، و نزلت بالأمر به الكتب الإلهية، و في هذا رد على من زعم من الجهال أن الدعاء لا فائدة فيه، و ذكر شبها له على ذلك ردها أهل العلم بالشريعة، و قالوا: الأولى بالعبد التضرع و السؤال إلى اللّه تعالى، و إظهار الحاجة إليه لما روي من النصوص الدالة على الترغيب في الدعاء، و الحث عليه، و قال قوم ممن يقول فيهم بعض الناس، إنهم علماء الحقيقة: يستحب الدعاء فيما يتعلق بأمور الآخرة، و أما ما يتعلق بأمور الدنيا فاللّه متكفل، فلا حاجة إليها.

و قال قوم منهم. إن كان في حالة الدعاء أصلح، و قلبه أطيب، و سره أصفى، و نفسه أزكى، فليدع؛ و إن كان في الترك أصلح فالإمساك عن الدعاء أولى به.

و قال قوم منهم: ترك الدعاء في كل حال أصلح لما فيه من الثقة باللّه، و عدم الاعتراض، و لأنه اختيار و العارف ليس له اختيار.

و قال قوم منهم: ترك الذنوب هو الدعاء لأنه إذا تركها تولى اللّه أمره و أصلح شأنه، قال تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ‏ «1» .

و قد تؤولت الإجابة و الدعاء هنا على وجوه. أحدها: أن يكون الدعاء عبارة عن التوحيد و الثناء على اللّه، لأنك دعوته و وجدته، و الإجابة عبارة عن القبول لما سمي التوحيد دعاء سمي القبول إجابة، لتجانس اللفظ.

الوجه الثاني: أن الإجابة هو السماع فكأنه قال: أسمع.

الوجه الثالث: أن الدعاء هو التوبة عن الذنوب لأن التائب يدعو اللّه عند التوبة، و الإجابة قبول التوبة.

الوجه الرابع: أن يكون الدعاء هو العبادة، و في الحديث: «الدعاء العبادة» قال تعالى: وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏ «2» ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي‏ «3» و الإجابة عبارة عن الوفاء بما ضمن للمطيعين من الثواب.

الوجه الخامس: الإجابة أعم من أن يكون بإعطاء المسئول و بمنعه، فالمعنى: إني أختار له خير الأمرين من العطاء و الرد.

(1) سورة الطلاق: 65/ 3.

(2) سورة غافر: 40/ 60.

(3) سورة غافر: 40/ 60.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 209

و كل هذه التفاسير خلاف الظاهر.

فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي‏ أي: فليطلبوا إجابتي لهم إذا دعوني، قاله ثعلب، فيكون: استفعل، قد جاءت بمعنى الطلب، كاستغفر، و هو الكثير فيها: أو فليجيبوا لي إذا دعوتهم إلى الإيمان و الطاعة كما أني أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم، قاله مجاهد، و أبو عبيدة، و غيرهما. و يكون:

استفعل، فيه بمعنى أفعل، و هو كثير في القرآن‏ فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ‏ «1» فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ وَهَبْنا لَهُ يَحْيى‏ «2» إلا أن تعديته في القرآن باللام، و قد جاء في كلام العرب معدى بنفسه قال:

وداع دعا يا من يجيب إلى النداء

فلم يستجبه عند ذاك مجيب‏

أي: فلم يجبه، و مثل ذلك، أعني كون استفعل موافق أفعل، قولهم: استبل بمعنى أبل، و استحصد الزرع و احصد، و استعجل الشي‏ء و أعجل، و استثاره و أثاره، و يكون استفعل موافقة أفعل متعديا و لازما، و هذا المعنى أحد المعاني التي ذكرناها لاستفعل في قوله:

وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ «3» .

و قال أبو رجاء الخراساني: معناه فليدعوا لي، و قال الأخفش: فليذعنوا الإجابة، و قال مجاهد أيضا، و الربيع: فليطيعوا، و قيل: الاستجابة هنا التلبية، و هو: لبيك اللهم لبيك، و اللام لام الأمر، و هي ساكنة، و لا نعلم أحدا قرأها بالكسر.

وَ لْيُؤْمِنُوا بِي‏ معطوف على: فليجيبوا لي، و معناه الأمر بالإيمان باللّه، و حمله على الأمر بإنشاء الإيمان فيه بعد لأن صدر الآية يقتضي أنهم مؤمنون، فلذلك يؤول على الديمومة، أو على إخلاص الدين، و الدعوة، و العمل، أو في الثواب على الاستجابة لي بالطاعة أو بالإيمان و توابعه، أو بالإيمان في: أني أجيب دعاءهم، خمسة أقوال آخرها لأبي رجاء الخراساني.

لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‏ قراءة الجمهور بفتح الياء و ضم الشين، و قرأ قوم: يرشدون مبنيا للمفعول، و روي عن أبي حيوة، و إبراهيم بن أبي عبلة: يرشدون بفتح الياء و كسر الشين، و ذلك باختلاف عنهما، و قرى‏ء أيضا يرشدون بفتحهما، و المعنى: أنهم إذا استجابوا للّه‏

(1) سورة آل عمران: 3/ 195.

(2) سورة الأنبياء: 21/ 90.

(3) سورة الفاتحة: 1/ 5.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 210

و آمنوا به كانوا على رجاء من حصول الرشد لهم، و هو الاهتداء لمصالح دينهم و دنياهم، و ختم الآية برجاء الرشد من أحسن الأشياء لأنه تعالى لما أمرهم بالاستجابة له، و بالإيمان به، نبه على أن هذا التكليف ليس القصد منه إلّا وصولك بامتثاله إلى رشادك في نفسك، لا يصل إليه تعالى منه شي‏ء من منافعه، و إنما ذلك مختص بك.

و لما كان الإيمان شبه بالطريق المسلوك في القرآن، ناسب ذكر الرشاد و هو:

الهداية، كما قال تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ «1» وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ «2» وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ «3» .

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ‏ سبب نزول هذه الآية ما

رواه البخاري، عن البراء: لما نزل صوم رمضان كله، و كان رجال يخونون أنفسهم، فنزلت، و قيل: كان الرجل إذا أمسى حل له الأكل و الشرب و الجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة، أو يرقد، فإذا صلاها أو رقد و لم يفطر حرم عليه ما حل له قبل إلى القابلة، و أن عمر، و كعبا الأنصاري، و جماعة من الصحابة واقعوا أهلهم بعد العشاء الآخرة، و أن قيس بن صرمة الأنصاري نام قبل أن يفطر و أصبح صائما فغشي عليه عند انتصاف النهار، فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه و سلم، فنزلت.

و قال بعض العلماء: نزلت الآية في زلة ندرت، فجعل ذلك سبب رخصة لجميع المسلمين إلى يوم القيامة، هذا أحكام العناية.

و مناسبة هذه الآية لما قبلها من الآيات أنها من تمام الأحوال التي تعرض للصائم، و لما كان افتتاح آيات الصوم بأنه: كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا، اقتضى عموم التشبيه في الكتابة، و في العدد، و في الشرائط، و سائر تكاليف الصوم. و كان أهل الكتاب قد أمروا بترك الأكل بالحل، و الشرب و الجماع في صيامهم بعد أن يناموا، و قيل: بعد العشاء، و كان المسلمون كذلك، فلما جرى لعمر و قيس ما ذكرناه في سبب النزول، أباح اللّه لهم ذلك من أول الليل إلى طلوع الفجر، لطفا بهم. و ناسب أيضا قوله تعالى: في آخر آية الصوم: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و هذا من التيسير.

(1) سورة الفاتحة: 1/ 6.

(2) سورة الشورى: 42/ 52.

(3) سورة الصافات: 37/ 118.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 211

و قوله: أحل، يقتضي أنه كان حراما قبل ذلك، و قد تقدّم نقل ذلك في سبب النزول، لكنه لم يكن حراما في جميع الليلة، ألا ترى أن ذلك كان حلالا، لهم إلى وقت النوم أو إلى بعد العشاء؟.

و قرأ الجمهور: أحل، مبنيا للمفعول، و حذف الفاعل للعلم به، و قرى‏ء، أحل مبنيا للفاعل، و نصب: الرفث به، فأما أن يكون من باب الإضمار لدلالة المعنى عليه، إذ معلوم للمؤمنين أن الذي يحل و يحرم هو اللّه، و أما أن يكون من باب الالتفات، و هو الخروج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب، لأن قبله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي‏ و لكم، متعلق بأحل، و هو التفات، لأن قبله ضمير غائب، و انتصاب: ليلة، على الظرف، و لا يراد بليلة الوحدة بل الجنس، قالوا: و الناصب لهذا الظرف: أحل، و ليس بشي‏ء، لأن: ليلة، ليس بظرف لأحل، إنما هو من حيث المعنى ظرف للرفث، و إن كانت صناعة النحو تأبى أن تكون انتصاب ليلة بالرفث، لأن الرفث مصدر و هو موصول هنا، فلا يتقدّم معموله، لكن يقدّر له ناصب، و تقديره: الرفث ليلة الصيام، فحذف، و جعل المذكور مبنيا له كما قالوا في قوله:

و بعض الحلم عند ا

لجهل للذلة إذعان‏

أن تقديره: إذعان للذلة إذعان، و كما خرّجوا قوله: إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ‏ «1» و إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ‏ «2» أي ناصح لكما، و قال: لعملكم، فما كان من الموصول قدّم ما يتعلق به من حيث المعنى عليه أضمر له عامل يدل عليه ذلك الموصول، و قد تقدّم أن من النحويين من يجيز تقدّم الظرف على نحو هذا المصدر، و أضيفت: الليلة، إلى الصيام على سبيل الاتساع، لأن الإضافة تكون لأدنى ملابسة، و لما كان الصيام ينوى في الليلة و لا يتحقق إلّا بصوم جزء منها صحت الإضافة.

و قرأ الجمهور: الرفث، و قرأ عبد اللّه: الرفوث، و كنى به هنا عن الجماع، و الرفث قالوا: هو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه، كلفظ: النيك، و عبر باللفظ القريب من لفظ النيك تهجينا لما وجد منهم، إذ كان ذلك حراما عليهم، فوقعوا فيه كما قال فيه: تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ‏ فجعل ذلك خيانة، و عدى بإلى، و إن كان أصله التعدية بالباء لتضمينه معنى الإفضاء، و حسن اللفظ به هذا التضمين، فصار ذلك قريبا من الكنايات التي جاءت في‏

(1) سورة الأعراف: 7/ 21.

(2) سورة الشعراء: 26/ 168.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 212

القرآن من قوله: فَلَمَّا تَغَشَّاها «1» وَ لا تَقْرَبُوهُنَ‏ «2» فَأْتُوا حَرْثَكُمْ‏ «3» فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ‏ .

و النساء جمع الجمع، و هو نسوة، أو جمع امرأة على غير اللفظ، و أضاف: النساء إلى المخاطبين لأجل الاختصاص، إذ لا يحل الإفضاء إلّا لمن اختصت بالمفضي: أما بتزويج أو ملك.

هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ‏ اللباس، أصله في الثوب، ثم يستعمل في المرأة.

قال أبو عبيدة: يقال للمرأة هي لباسك، و فراشك، و إزارك لما بينهما من الممازجة.

و لما كان يعتنقان و يشتمل كل منهما على صاحبه في العناق، شبّه كل منهما باللباس الذي يشتمل على الإنسان.

قال الربيع: هنّ لحاف لكم و أنتم لحاف لهنّ، و قال مجاهد، و السدي: هن سكن لكم، أي: يسكن بعضكم إلى بعض، كقوله: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَ النَّوْمَ سُباتاً «4» و هذه الجملة لا موضع لها من الإعراب، بل هي مستأنفة كالبيان لسبب الإحلال، و هو عدم الصبر عنهنّ لكونهنّ لكم في المخالطة كاللباس، و قدّم: هنّ لباس لكم، على قوله: و أنتم لباس لهنّ، لظهور احتياج الرجل إلى المرأة و قلة صبره عنها، و الرجل هو البادئ بطلب ذلك الفعل، و لا تكاد المرأة تطلب ذلك الفعل ابتداء لغلبة الحياء عليهن حتى إن بعضهن تستر وجهها عند المواقعة حتى لا تنظر إلى زوجها حياء وقت ذلك الفعل.

جمعت الآية ثلاثة أنواع من البيان: الطباق المعنوي، بقوله: أُحِلَّ لَكُمْ‏ ، فإنه يقتضي تحريما سابقا، فكأنه أحل لكم ما حرّم عليكم، أو ما حرّم على من قبلكم، و الكناية بقوله: الرفث، و هو كناية عن الجماع، و الاستعارة البديعة بقوله: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ‏ ، و أفرد اللباس لأنه كالمصدر، تقول: لابست ملابسة و لباسا.

عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ‏ : إن كانت: علم، معداة تعدية عرف،

(1) سورة الأعراف: 7/ 189.

(2) سورة البقرة: 2/ 222.

(3) سورة البقرة: 2/ 223.

(4) سورة الفرقان: 25/ 47.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏2، ص: 213

فسدت أن مسد المفعول، أو التعدية التي هي لها في الأصل، فسدّت مسدّ المفعولين، على مذهب سيبويه، و قد تقدم لنا نظير هذا. و تختانون: هو من الخيانة، و افتعل هنا بمعنى فعل، فاختان: بمعنى: خان، كاقتدر بمعنى: قدر.

قيل و زيادة الحرف تدل على الزيادة في المعنى، و الاختيان هنا معبر به عما وقعوا فيه من المعصية بالجماع، و بالأكل بعد النوم، و كان ذلك خيانة لأنفسهم، لأن و بال المعصية عائد على أنفسهم، فكأنه قيل: تظلمون أنفسكم و تنقصون حقها من الخير، و قيل: معناه، تستأثرون أنفسكم فيما نهيتم عنه، و قيل: معناه: تتعهدون أنفسكم بإتيان نسائكم.

يقال: تخوّن، و تخوّل، بمعنى: تعهد، فتكون النون بدلا من اللام لأنه باللام أشهر.

و قال أبو مسلم: هي عبارة عن عدم الوفاء بما يجب عليه من حق النفس، و لذلك قال:

أنفسكم، و لم يقل: اللّه، و ظاهر الكلام وقوع الخيانة منهم لدلالة كان على ذلك، و للنقل الصحيح في حديث الجماع و غيره، و قيل: ذلك على تقدير و لم يقع بعد، و المعنى:

تختانون أنفسكم لو دامت تلك الحرمة، و هذا فيه ضعف لوجود: كان، و لأنه إضمار لا يدل عليه دليل، و لمنافاة ظاهر قوله: فَتابَ عَلَيْكُمْ وَ عَفا عَنْكُمْ‏ .

فَتابَ عَلَيْكُمْ‏ أي: قبل توبتكم حين تبتم مما ارتكبتم من المحظور، و قيل: معناه خفف عنكم بالرخصة و الإباحة كقوله: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ‏ «1» فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ‏ «2» لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ «3» معناه كله التخفيف، و قيل: معناه أسقط عنكم ما افترضه من تحريم الأكل و الشرب و الجماع بعد العشاء، أو بعد النوم على الخلاف، و هذا القول راجع لمعنى القول الثاني: وَ عَفا عَنْكُمْ‏ أي: عن ذنوبكم فلا يؤاخذكم، و قبول التوبة هو رفع الذنب كما

قال صلى اللّه عليه و سلم: «التوبة تمحو الحوبة و العفو تعفية أثر الذنب»

فهما راجعان إلى معنى واحد، و عاقب بينهما للمبالغة، و قيل: المعنى سهل عليكم أمر النساء فيما يؤتنف، أي: ترك لكم التحريم، كما تقول: هذا شي‏ء معفو عنه، أي: متروك، و يقال: أعطاه عفوا أي سهلا لم يكلفه إلى سؤال، و جرى الفرس شأوين عفوا، أي: من ذاته من غير إزعاج و استدعاء بضرب بسوط، أو نخس بمهماز.

(1) سورة المزمل: 73/ 20.

(2) سورة النساء: 4/ 92.

صفحه بعد