کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 57

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ أي طريق من أنعمت عليهم، من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين السابقين، و حسن أولئك رفيقا. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ أي لا تجعلنا مع أولئك الحائدين عن طريق الاستقامة، المبعدين عن رحمة اللّه، المعاقبين أشد العقاب، لأنهم عرفوا الحق و تركوه، و ضلوا الطريق. و يرى الجمهور أن المغضوب عليهم هم اليهود، و الضالين هم النصارى. و الحق: أن المغضوب عليهم: هم الذين بلغهم الدين الحق الذي شرعه اللّه لعباده، فرفضوه و نبذوه. و الضالون: هم الذين لم يعرفوا الحق، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، و هم الذين لم تبلغهم رسالة أو بلغتهم بنحو ناقص ..

التأمين:

«آمين» دعاء، أي تقبل منا و استجب دعاءنا، و هي ليست من القرآن، و لم تكن قبلنا إلا لموسى و هارون عليهما السّلام، و يسن ختم الفاتحة بها، بعد سكتة على نون‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن. و دليل سنيتها

ما رواه مالك و الجماعة (أحمد و الأئمة الستة) عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».

آراء العلماء في الجهر و الإسرار بالتأمين:

للعلماء رأيان: قال الحنفية، و المالكية في الراجح: الإخفاء أو الإسرار بآمين أولى من الجهر بها، لأنه دعاء، و قد قال اللّه تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً [الأعراف 7/ 55] و قال ابن مسعود: «أربع يخفيهن الإمام: التعوذ، و التسمية، و التأمين، و التحميد» أي قول: ربنا لك الحمد.

و رأى الشافعية و الحنابلة: أن التأمين سرا في الصلاة السرية، و جهرا فيما يجهر فيه بالقراءة، و يؤمن المأموم مع تأمين إمامه،

لحديث أبي هريرة المتقدم:

«إذا أمّن الإمام فأمنوا ...»

و دليلهم على هذا التفصيل:

حديث أبي هريرة: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا تلا: غير المغضوب عليهم و لا الضالين، قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول» «1»

و

حديث وائل بن حجر: «سمعت‏

(1) رواه أبو داود و ابن ماجه، و قال: حتى يسمعها أهل الصف الأول، فيرتج بها المسجد.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 58

النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم‏ قرأ: غير المغضوب عليهم و لا الضالين، فقال: آمين، يمدّ بها صوته» «1» .

التفسير و البيان:

أرشدنا اللّه تعالى إلى أن نبدأ كل أعمالنا و أقوالنا بالبسملة، فهي مطلوبة لذاتها، محققة للاستعانة باسمه العظيم. و علمنا سبحانه كيف نحمده على إحسانه و نعمه، فهو صاحب الثناء بحق، فالحمد كله للّه دون سواه، لأنه مالك الملك و رب العوالم و الموجودات كلها، أوجدها و رباها و عني بها، و هو صاحب الرحمة الشاملة الدائمة، و مالك يوم الجزاء و الحساب ليقيم العدل المطلق بين العباد، و يحقق للمحسن ثوابه، و للمسي‏ء عقابه. فهذه الصفات تقتضينا أن نخص اللّه بالعبادة و طلب المعونة، و الخضوع التام له، فلا نستعين إلا به، و لا نتوكل إلا عليه، و لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، لأنه المستحق لكل تعظيم، و المستقل بإيجاد النفع و دفع الضر.

و قد تعصف الأهواء بالنفوس، و تزيغ بالعقول، فلا غاصم من التردي في الشهوات و متاهات الانحراف إلا اللّه، لذا أرشدنا الحق سبحانه إلى طلب الهداية و التوفيق منه، حتى نسير على منهج الحق و العدل، و نلتزم طريق الاستقامة و النجاة، و هو طريق الإسلام القديم المستمر الذي أنعم اللّه به على النبيين و الصديقين و الصالحين. و هذا شأن العبد العابد الناسك العاقل العارف حقيقة نفسه و مصيره في المستقبل، لا شأن الكافر الجاحد الضال المنحرف، الذي أعرض عن طريق الاستقامة عنادا، أو ميلا مع الأهواء، أو جهلا و ضلالا، و ما أكثر الضالين عن طريق الهداية، المتنكبين منهج الاستقامة، الذين استحقوا الغضب و السخط الإلهي!

(1) رواه أحمد و أبو داود و الترمذي.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 59

فاللهم أدم علينا البقاء في طريق الهداية، و تقبل ثناءنا و دعاءنا و احفظنا من الغواية و الضلال.

و به تبين أن الناس فريقان: فريق الهدى، و فريق الضلال‏ «1» . و قد منح اللّه تعالى للإنسان خمس هدايات يتوصل بها إلى سعادته‏ «2» .

1- هداية الإلهام الفطري: و تكون للطفل منذ ولادته، فهو يحس بالحاجة إلى الطعام و الشراب، فيصرخ طالبا له إن غفل عنه والداه.

2- هداية الحواس: و هي متممة للهداية الأولى، و هاتان الهدايتان يشترك فيهما الإنسان و الحيوان، بل هما في البداية أكمل في الحيوان من الإنسان، إذ إلهام الحيوان يكمل بعد ولادته بقليل، و يكتمل في الإنسان تدريجيا.

3- هداية العقل: و هي أسمى من الهدايتين السابقتين، فالإنسان خلق مدنيا بالطبع ليعيش مع غيره، و لا يكفي الحس الظاهر للحياة الاجتماعية، فلا بد له من العقل الذي يوجهه إلى مسالك الحياة، و يعصمه من الخطأ و الانحراف، و يصحح له أغلاط الحواس، و الانزلاق في تيارات الهوى.

4- هداية الدين: و هي الهداية التي لا تخطئ، و المصدر الذي لا يضل، فقد يخطئ العقل، و تنجرف النفس مع اللذات و الشهوات، حتى توردها موارد الهلاك، فيحتاج الإنسان إلى مقوّم مرشد هاد لا يتأثر بالأهواء، فتسعفه هداية الدين لإرشاده إلى الطريق الأقوم، إما بعد الوقوع في الخطأ أو قبله، و تظل هذه الهداية هي الحارس الأمين الذي يفي‏ء إليها الإنسان للتزود بمفاتيح الخير، و التسلح بمغلاق الشر، فيأمن العثور، و يضمن النجاة، و تعرّفه بحدود ما يجب‏

(1) الضلال: العدول عن الطريق المستقيم، و يضاده الهداية.

(2) تفسير المنار: 1/ 62، تفسير المراغي: 1/ 35.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 60

عليه لسلطان اللّه الذي يخضع له في أعماق نفسه، و يحس بالحاجة الملحة لصاحب ذلك السلطان، الذي خلقه و سواه، و أنعم عليه نعما ظاهرة و باطنة، لا تعد و لا تحصى. فصارت هذه الهداية أشد ما يحتاج إليها الإنسان، لتحقيق سعادته.

و قد أشار القرآن إلى تلك الهدايات في آيات كثيرة، منها وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ [البلد 90/ 10] أي بينا له طريقي الخير و الشر، و السعادة و الشقاء.

و منها قوله تعالى: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ، فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ [فصلت 41/ 17] أي أرشدناهم إلى طريق الخير و الشر، فاختاروا الثاني.

5- هداية المعونة و التوفيق للسير في طريق الخير و النجاة: و هي أخص من هداية الدين، و هي التي أمرنا اللّه بدوام طلبها في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أي دلنا دلالة، تصحبها من لدنك معونة غيبية، تحفظنا بها من الضلال و الخطأ.

و هذه الهداية خاصة به سبحانه، لم يمنحها أحدا من خلقه، بل نفاها عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص 28/ 56]، و قوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [البقرة 2/ 272]، و أثبتها لنفسه في قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ [الأنعام 6/ 90].

أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير و الحق، فأثبتها اللّه للنّبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ [الشورى 42/ 52].

و الخلاصة: الهداية في القرآن نوعان: هداية عامة: و هي الدلالة إلى مصالح العبد في معاده، و هذه تشمل الأنواع الأربعة السابقة، و هداية خاصة: و هي الإعانة و التوفيق للسير في طريق الخير و النجاة، مع الدلالة، و هي النوع الخامس.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 61

و الإضلال نوعان‏ «1» :

أحدهما- أن يكون سببه الضلال: إما بأن يضل عنك الشي‏ء كقولك:

أضللت البعير، أي ضلّ عني، و إما أن تحكم بضلاله. و الضلال في هذين سبب الإضلال.

و الثاني- أن يكون الإضلال سببا للضلال: و هو أن يزين للإنسان الباطل ليضلّ.

و إضلال اللّه تعالى للإنسان على أحد وجهين: إما الحكم عليه بالضلال، أو التّمكين من البقاء في الضلال.

و الأول- سببه الضلال: و هو أن يضل الإنسان، فيحكم اللّه عليه بذلك في الدنيا، و يعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الآخرة، و ذلك إضلال هو حق و عدل، لأن الحكم على الضال بضلاله و العدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل و حق.

و الثاني- سببه اختيار الإنسان: و هو أن يختار الإنسان طريق الانحراف، فيمده اللّه في ضلاله، و يمكّنه من البقاء في طغيانه، و يخلق له القدرة على الاستمرار في كفره و فساده، لذا نسب اللّه الإضلال للكافر و الفاسق، دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلال المؤمن، فقال: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ‏ [التوبة 9/ 115]، فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ‏ [محمد 47/ 4- 5]، و قال في الكافر و الفاسق: فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ‏ [محمد 47/ 8]، وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ‏ [البقرة 2/ 26]، كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ‏ [غافر 40/ 74]، وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ‏ [إبراهيم 14/ 27]، و على هذا النحو

(1) مفردات الراغب للأصفهاني: ص 307

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 62

تقليب الأفئدة في قوله تعالى: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ‏ [الأنعام 6/ 110]، و الختم على القلب في قوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏ [البقرة 2/ 7]، و زيادة المرض في قوله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة 2/ 10]، فمن اختار الضلالة، أبقاه اللّه فيها، و منع عنه نفوذ الهداية إلى قلبه، عقابا له من اللّه تعالى.

فقه الحياة أو الأحكام:

لا يوجد في القرآن آية بدون معنى أو فائدة أو حكمة أو تشريع، فهو كلام اللّه المعجز دستور الحياة البشرية، و بناء عليه، يقصد بالآيات القرآنية تحقيق فائدة الإنسان في حياته الدينية و الدنيوية و الأخروية، و تربطه بالحياة.

و تكون بالتالي الأحكام المستفادة من معاني الآيات مرتبطة ارتباطا وثيقا إما بالعقيدة أو بالعبادة أو بالأخلاق و السلوك أو بالتشريع الصالح للفرد و الجماعة، و هذا المعنى الأعمّ هو الذي عنيته بفقه الحياة في القرآن الكريم.

و المعاني أو الأحكام المستفادة من الفاتحة تشمل صلة الإنسان باللّه، و تحدد طريق مناجاته، و ترسم له نوع مسيرته في الحياة، و تلزمه باتّباع المنهج الأقوم و الطريق الأعدل، الذي لا انحراف فيه قيد أنملة عن جادّة الاستقامة، و لا قبول بأي لون من ألوان الضلال و الغيّ و الانحراف. و معنى البسملة في الفاتحة: أنّ جميع ما يقرر في القرآن من الأحكام و غيرها هو للّه و منه، ليس لأحد غير اللّه فيه شي‏ء.

1- كيفية حمد اللّه: الفاتحة ذلك النشيد العاقد للصلة مع اللّه، و الذي علّمنا اللّه إياه، يقرؤه المؤمن في كل المناسبات، في الصلاة و غيرها، لأن بدايته على تأويل: قولوا: الحمد للّه ربّ العالمين، و ذلك يقضي أن اللّه أمرنا بفعل الحمد، و علمنا كيف نحمده و نثني عليه، و كيف ندعوه، و يفهم منه أنّ من آداب الدعاء: أن يبدأ بحمد اللّه و الثناء عليه، ليكون ذلك أدعى إلى الإجابة.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏1، ص: 63

2- قراءة الفاتحة في الصلاة: للعلماء رأيان في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة.

الرأي الأول- للحنفية: و هو عدم وجوب قراءة الفاتحة، و إنما الواجب للإمام و المنفرد مطلق قراءة، و هو قراءة آية من القرآن، و أقلها عند أبي حنيفة آية بمقدار ستة أحرف، مثل: ثُمَّ نَظَرَ [المدثر 74/ 21] و لو تقديرا، مثل:

لَمْ يَلِدْ إذ أصله: «لم يولد» [الإخلاص 112/ 3]. و قال الصاحبان: فرض القراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة.

و استدلوا بالكتاب و السنة و المعقول.

أما الكتاب: فقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏ [المزمل 73/ 20]، و هو أمر بمطلق قراءة، فتتحقق بأدنى ما يطلق عليه اسم القرآن.

و أما السنة:

فحديث المسي‏ء صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» «1» .

و أما

حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»

«2» ، فمحمول على نفي الفضيلة، لا نفي الصحة، أي لا صلاة كاملة.

و أما المعقول: فهو أنه لا تجوز الزيادة بخبر الواحد الظني على ما ثبتت فرضيته بالدليل القطعي في القرآن، و لكن خبر الواحد يقتضي وجوب العمل به، لا الفرضية، فقالوا بوجوب قراءة الفاتحة فقط، أي أن الصلاة تصح بتركها، مع الكراهة التحريمية.

و لا قراءة مطلقا على المقتدي عند الحنفية، سواء أ كانت الصلاة سرية أم‏

(1) رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، و هو حديث متواتر.

صفحه بعد