کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

الجزء الأول

تقديم

سورة البقرة

ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

سورة آل عمران

مدى صلتها بسورة البقرة: ما اشتملت عليه السورة: سبب التسمية: فضلها:

الجزء الرابع

تتمة سورة آل عمران

سورة النساء

مدنيتها: فضلها: مناسبتها لآل عمران: لتسمية: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس

تتمة سورة النساء

الجزء السادس

تتمة سورة النساء

سورة المائدة

تسميتها: تاريخ نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه: فضلها:

الجزء السابع

تتمة سورة المائدة

سورة الأنعام

تسميتها: نزولها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه:

الجزء الثامن

تتمة سورة الانعام

سورة الأعراف

تسميتها: صفة نزولها: موضوعها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع

تتمة سورة الأعراف

سورة الأنفال

و مناسبتها لسورة الأعراف: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء العاشر

تتمة سورة الأنفال

سورة التوبة

تسميتها: السبب في إسقاط التسمية من أولها: مناسبتها لما قبلها: تاريخ نزولها: ما اشتملت عليه السورة: أضواء من التاريخ على صلح الحديبية:

الجزء الحادي عشر

تتمة سورة التوبة

سورة يونس عليه السلام

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثاني عشر

سورة هود عليه السلام

تسميتها: نزولها و شأنها و مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة يوسف عليه السلام

تسميتها و سبب نزولها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الثالث عشر

تتمة سورة يوسف

سورة الرعد

تسميتها: ناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة إبراهيم عليه السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه هذه السورة:

الجزء الرابع عشر

سورة الحجر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النحل

تسميتها: ارتباطها بالسورة التي قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

تسميتها: فضلها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الكهف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل هذه السورة:

الجزء السادس عشر

سورة مريم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة طه

التسمية: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

الجزء السابع عشر

سورة الأنبياء

تسميتها: فضلها و مزيتها: مشتملاتها:

سورة الحج

تسميتها: صلتها بما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الثامن عشر

سورة المؤمنون

تسميتها و فضلها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة النور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: فضلها: مشتملاتها:

الجزء التاسع عشر

سورة الفرقان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الشعراء

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه

سورة النمل

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء العشرون

تتمة سورة النمل

سورة القصص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

قصة موسى عليه السلام

سورة العنكبوت

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

الجزء الحادي و العشرون

تتمة سورة العنكبوت

سورة الروم

تسميتها: موضوعها: مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة لقمان

تسميتها: موضوعها: صلتها بما قبلها أو مناسبتها لما قبلها: مشتملات السورة:

سورة السجدة

تسميتها و فضلها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

سورة الأحزاب

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: موضوعها: مشتملاتها:

الجزء الثاني و العشرون

تتمة سورة الأحزاب

سورة سبأ

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فاطر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

الجزء الثالث و العشرون

تتمة سورة يس

سورة الصافات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضل هذه السورة:

سورة ص

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الزمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الرابع و العشرون

تتمة سورة الصافات

سورة غافر أو: المؤمن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة فصلت أو: السجدة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها: فضلها:

الجزء الخامس و العشرون

سورة الشورى

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الزخرف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: مشتملاتها:

سورة الدخان

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الجاثية

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزولها:

الجزء السادس و العشرون

سورة الأحقاف

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة محمد عليه الصلاة و السلام

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الفتح

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها: أضواء من السيرة على سبب نزول السورة(صلح الحديبية و بيعة الرضوان):

سورة الحجرات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة ق

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة: أوجه الشبه بين سورة ق و سورة ص:

الجزء السابع و العشرون

سورة الذاريات

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الطور

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة النجم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة القمر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة الرحمن جل ذكره

مكيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الواقعة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

سورة الحديد

مدنيتها: تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثامن و العشرون

سورة المجادلة

مدنيتها: تسميتها: مناسبة السورة لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة الحشر

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: سبب نزول السورة: فضل السورة:

سورة الممتحنة

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

سورة التغابن

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة:

الجزء التاسع و العشرون

سورة الملك، أو: تبارك

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضل السورة:

سورة القلم

تسميتها: مناسبتها لما قبلها: ما اشتملت عليه السورة: فضلها:

الجزء الثلاثون

الخاتمة

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج


صفحه قبل

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 145

جزاء طاعة اللّه و الرسول [سورة النساء (4): الآيات 69 الى 70]

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ عَلِيماً (70)

الإعراب:

رَفِيقاً منصوب بأحد وجهين:

أحدهما- أن يكون منصوبا على التمييز، و يراد به هاهنا الجمع، فوحّد كما وحّد في نحو:

عشرون رجلا، و قد يقام الواحد المنكور مقام جنسه.

و الثاني- أنه منصوب على الحال.

المفردات اللغوية:

وَ الصِّدِّيقِينَ‏ جمع صدّيق: و هو الصادق في قوله و اعتقاده، كأبي بكر الصديق و غيره من أفاضل الصحابة: أصحاب الأنبياء، لمبالغتهم في الصدق و التصديق، قال تعالى: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم 19/ 56].

وَ الشُّهَداءِ جمع شهيد: و هو الذي يشهد بصحة الدين بالحجة و البرهان، و يقاتل في سبيله بالسيف و السنان. و الشهداء: القتلى في سبيل اللّه.

وَ الصَّالِحِينَ‏ جمع صالح: و هو من صلحت نفسه، و غلبت حسناته سيئاته.

وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً رفقاء في الجنة، بأن يتمتع فيها برؤيتهم و زيارتهم و الحضور معهم، و إن كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرها. جعلني اللّه و والدي و أحبائي معهم.

سبب النزول:

أخرج الطبراني و ابن مردويه بسند لا بأس به عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: يا رسول اللّه، إنك لأحب إليّ من نفسي، و إنك لأحب إلي من ولدي، و إني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، و إني‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 146

إذا دخلت الجنة، خشيت أن لا أراك، فلم يرد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم شيئا، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ .. الآية.

قال الكلبي: نزلت في ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و كان شديد الحب له، قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم و قد تغير لونه و نحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، خوف عدم رؤيته صلّى اللّه عليه و سلّم بعد الموت، فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.

و أخرج ابن أبي حاتم عن مسروق قال: قال أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم: يا رسول اللّه، ما ينبغي لنا أن نفارقك، فإنك لو قدّمت لرفعت فوقنا، و لم نرك، فأنزل اللّه: وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ‏ الآية.

و أخرج ابن أبي حاتم أيضا عن عكرمة قال: أتى فتى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: يا نبي اللّه، إن لنا منك نظرة في الدنيا، و يوم القيامة لا نراك، فإنك في الجنة في الدرجات العلى، فأنزل اللّه هذه الآية، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: أنت معي في الجنة إن شاء اللّه.

المناسبة:

توّج اللّه تعالى الآيات السابقة الآمرة بطاعة اللّه و الرسول ببيان جزاء الطاعة، الذي هو الأمل الأسمى الذي تطمح إليه النفوس.

التفسير و البيان:

من عمل بما أمره اللّه به و رسوله، و ترك ما نهاه اللّه عنه و رسوله، فإن اللّه عز و جل يسكنه دار كرامته، و يجعله مرافقا لأصحاب الدرجات العليا و هم صفوة اللّه من عباده، و هم أربع مراتب:

الأنبياء، ثم الصدّيقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين و هم الصالحون الذين‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 147

صلحت سرائرهم و علانيتهم، و اللفظ يعم كل صالح و شهيد، فالمطيع يكون مع هؤلاء في دار واحدة و نعيم واحد، يستمتعون برؤيتهم و الحضور معهم، لا أنهم يساوونهم في الدرجة، فإنهم يتفاوتون لكنهم يتزاورون للاتباع في الدنيا و الاقتداء، و كل واحد فيها راض بحاله.

ثم أثنى اللّه تعالى عليهم فقال: وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً أي أن الأصناف الأربعة يكونون رفقاء له من شدة محبتهم إياه و سرورهم برؤيته. و رفيقا بمعنى المرافق و المراد به الجمع و هو رفقاء، فكأن المعنى: و حسن كل واحد منهم رفيقا، مثل: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [الحج 22/ 5] أي نخرج كل واحد منكم طفلا.

و يؤيد الآية:

ما رواه الطبراني مرفوعا: «من أحب قوما، حشره اللّه معهم»

و

ما أخرجه الشيخان عن أنس: «المرء مع من أحب»

و المحبة تقتضي الطاعة، كما قال اللّه تعالى: قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .. [آل عمران 3/ 31].

هذا الجزاء لمن يطيع اللّه و الرسول هو الفضل الإلهي العظيم، و اللّه أعلم بمن يستحقه، فهو أعلم بمن اتقى، و كفى به سبحانه عليما بالأتقياء المطيعين، و بالعصاة المنحرفين، و بالمنافقين المرائين.

و الآية إخبار من اللّه تعالى أنهم لم ينالوا الدرجة بطاعتهم، بل نالوها بفضل اللّه تعالى و كرمه.

فليحذر المنافقون المصير المشؤوم إن لم يصلحوا حالهم، و ليهنأ المؤمنون الطائعون الصادقون بفضل اللّه و نعمته، و ليفرحوا بما أثابهم به.

فقه الحياة أو الأحكام:

لمّا ذكر اللّه تعالى الأمر الذي لو فعله المنافقون حين وعظوا به و أنابوا إليه، لأنعم عليهم، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 148

و هذه الآية تفسير لقوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ [الفاتحة 1/ 6- 7] و هي المراد في‏

قوله عليه السلام عند موته: «اللهم الرفيق الأعلى».

و

في البخاري عن عائشة قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «ما من نبي يمرض إلا خيّر بين الدنيا و الآخرة» كان في شكواه الذي مرض فيه أخذته بحّة «1» شديدة، فسمعته يقول: «مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين» فعلمت أنه خيّر.

قال القرطبي: في هذه الآية دليل على خلافة أبي بكر رضي اللّه عنه، و ذلك أن اللّه تعالى لما ذكر مراتب أوليائه في كتابه بدأ بالأعلى منهم و هم النبيون، ثم ثنّى بالصديقين، و لم يجعل بينهما واسطة. و أجمع المسلمون على تسمية أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه صدّيقا، كما أجمعوا على تسمية محمد عليه السلام رسولا، و إذا ثبت هذا و صح أنه الصديق، و أنه ثاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، لم يجز أن يتقدم بعده أحد «2» .

قواعد القتال في الإسلام [سورة النساء (4): الآيات 71 الى 76]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (71) وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74) وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75)

الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (76)

(1) البحّة: هي غلظ الصوت و خشونته من داء أو كثرة صياح.

(2) تفسير القرطبي: 5/ 273

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 149

الإعراب:

ثُباتٍ‏ حال من واو فَانْفِرُوا الأولى. جَمِيعاً حال من واو فَانْفِرُوا الثانية، و كل واحد من الفعلين هو العامل في الحال الذي يليه.

لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ‏ اللام في‏ لَمَنْ‏ لام الابتداء التي تدخل مع «إن» و هي هنا داخلة على اسم «إن». و اللام في‏ لَيُبَطِّئَنَ‏ : هي اللام الواقعة في جواب القسم، و هو هنا محذوف و تقديره: لمن و اللّه ليبطئن. و لام القسم في صلة «من».

يا لَيْتَنِي‏ المنادي محذوف و تقديره: يا هذا ليتني، مثل: «ألا يا اسجدوا للّه» أي يا هؤلاء اسجدوا. و حذف المنادي كثير في كلامهم. فَأَفُوزَ منصوب بأن مضمرة بعد التمني، و تقديره: فأن أفوز. و قرئ بالرفع على تقدير: فأنا أفوز. كَأَنْ‏ مخففة و اسمها محذوف، أي كأنه. مَوَدَّةٌ اسم يكن، و بينكم و بينه: خبرها المقدم على اسمها. و لا يجوز أن تكون التامة؛ لأن الكلام لا يتم معناه بدون «بينكم و بينه» فهو الخبر، و تتم به الفائدة.

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ‏ ما: مبتدأ، و لكم: خبره، و لا تقاتلون حال من الكاف و اللام في «لكم» و تقديره: أي شي‏ء استقر لكم غير مقاتلين، مثل: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ‏ [النساء 4/ 88]. وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ‏ : معطوف على اسم اللّه تعالى. و قيل: على سبيل. الظَّالِمِ‏

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 150

أَهْلُها الظالم صفة للقرية، و جاز وصف القرية و إن لم يكن الظلم لها؛ لعود الضمير العائد إليها من «أهلها». و أهلها: فاعل الظالم.

البلاغة:

يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ استعارة، استعار لفظ الشراء للمبادلة، أي يبيعون الفانية بالباقية.

كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ اعتراض بين القول و مقوله و هو: يا ليتني.

و يوجد مقابلة في قوله: الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ‏ .

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ‏ استفهام توبيخ، أي لا مانع لكم من القتال.

المفردات اللغوية:

خُذُوا حِذْرَكُمْ‏ أي احترزوا و تيقّظوا من عدوّكم، و الحذر و الحذر بمعنى واحد، كالمثل و المثل: و هو التيقّظ و الاستعداد. فَانْفِرُوا انهضوا إلى قتاله. و مصدره: النفر: و هو الانزعاج عن الشي‏ء و إلى الشي‏ء، كالنزوع عن الشي‏ء و إلى الشي‏ء. ثُباتٍ‏ متفرقين واحدها ثبة: و هي الجماعة، أي اخرجوا جماعة تلو جماعة. لَيُبَطِّئَنَ‏ ليتأخرن عن القتال، كعبد اللّه بن أبي المنافق و أصحابه، و جعله من المسلمين من حيث الظاهر. و التبطؤ: يطلق على الإبطاء و على الحمل على البطء: و هو التأخر في السير عن الانبعاث للجهاد و غيره. مُصِيبَةٌ ما يصيب الإنسان من قتل أو هزيمة أو غيرهما. شَهِيداً حاضرا معهم. الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ‏ كفتح و غنيمة. مَوَدَّةٌ معرفة و صداقة. فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً آخذ حظّا وافرا من الغنيمة.

فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ لإعلاء دينه، و سبيل اللّه: تأييد الحق و نصرته، بإعلاء كلمة اللّه و نشر دعوته. الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ أي يبيعونها و يأخذون بدلها نعيم الآخرة و ثوابها. فَيُقْتَلْ‏ يستشهد. أَوْ يَغْلِبْ‏ يظفر بعدوه. أَجْراً عَظِيماً ثوابا جزيلا.

وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ أي لا مانع لكم من القتال. وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ‏ أي في تخليص المستضعفين. وَ الْوِلْدانِ‏ الذين حبسهم الكفار عن الهجرة و آذوهم، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: كنت أنا و أمي منهم. الْقَرْيَةِ مكة. الظَّالِمِ أَهْلُها بالكفر. وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا من عندك من يتولى أمورنا. نَصِيراً يمنعنا منهم. و قد استجاب دعاءهم، فيسّر لبعضهم الخروج، و بقي بعضهم إلى أن فتحت مكة، و

ولّى صلّى اللّه عليه و سلّم عتاب بن أسيد، فأنصف مظلومهم من ظالمهم.

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏5، ص: 151

الطَّاغُوتِ‏ الشيطان أو الطغيان: و هو مجاوزة الحق و العدل و الخير إلى الباطل و الظلم و الشّر، و الطاغوت يذكّر و يؤنّث. أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ‏ أنصار دينه، تغلبوهم لقوتكم باللّه. إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً أي إن كيد الشيطان بالمؤمنين كان واهيا لا يقاوم كيد اللّه بالكافرين.

و كيد الشيطان: السعي في الفساد بالحيلة.

المناسبة:

لما حذر اللّه تعالى من المنافقين و أمر بطاعة اللّه و الرسول، أمر هنا أهل الطاعة بالجهاد في سبيل اللّه لإعلاء كلمته و رفع شأن دينه، و أمر بالاستعداد حذرا من مباغتة الكفار، ثم بيّن حال المنافقين المثبطين العزائم عن الجهاد، و هذا انتقال من الميدان الداخلي إلى المجال الخارجي، انتقال من السياسة الاجتماعية في التعامل إلى السياسة الحربية.

التفسير و البيان:

يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوّهم، و هذا يستلزم التأهّب لهم بإعداد الأسلحة و إعداد الجيش المقاتل. و يرسم اللّه تعالى سياسة الحرب و يضع قواعد القتال المؤدية إلى النصر و الفوز الساحق.

يا أيها المؤمنون التزموا الحذر، و احترسوا من الأعداء، و استعدوا لردّ العدوان، فإنكم معرّضون لشنّ معارك كثيرة طاحنة، و هذا أمر دائم يتكيّف بحسب تطور وسائل الحرب و قواعد القتال على ممر العصور. قال أبو بكر لخالد بن الوليد في حرب اليمامة: حاربهم بمثل ما يحاربونك به، السيف بالسيف، و الرمح بالرمح. و هكذا بحسب المعروف بين الأمم من وسائل الحرب البرية و البحرية و الجوية.

صفحه بعد