کتابخانه تفاسیر
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج
الجزء الأول
بعض المعارف الضرورية المتعلقة بالقرآن
سورة البقرة
أدب الخطاب مع النبي صلى الله عليه و سلم و مصدر الاختصاص بالرسالة[سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 105]
الجزء الثاني
تتمة سورة البقرة
مشروعية القصاص و حكمته[سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179]
مسائل فقهية:
الوصية الواجبة[سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182]
مسائل فقهية:
قواعد القتال في سبيل الله[سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 195]
أحكام الحج و العمرة[سورة البقرة(2): الآيات 196 الى 197]
المرحلة الثانية من مراحل تحريم الخمر و حرمة القمار[سورة البقرة(2): آية 219]
موت الأمم بالجبن و البخل و حياتها بالشجاعة و الإنفاق[سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 245]
الجزء الثالث
تتمة سورة البقرة
مستحقو الصدقات[سورة البقرة(2): الآيات 272 الى 274]
الربا و أضراره على الفرد و الجماعة[سورة البقرة(2): الآيات 275 الى 281]
سورة آل عمران
الجزء الرابع
تتمة سورة آل عمران
سورة النساء
الجزء الخامس
تتمة سورة النساء
استحقاق الجنة ليس بالأماني و العبرة في الجزاء بالعمل شرا أو خيرا[سورة النساء(4): الآيات 123 الى 126]
رعاية اليتامى و الصلح بين الزوجين بسبب النشوز و العدل بين النساء[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 130]
الجزء السادس
تتمة سورة النساء
سورة المائدة
الجزء السابع
تتمة سورة المائدة
سورة الأنعام
رفض المشركين دعوة النبي صلى الله عليه و سلم و مطالبتهم بتنزيل آية[سورة الأنعام(6): الآيات 36 الى 37]
الجزء الثامن
تتمة سورة الانعام
المحرمات العشر أو الوصايا العشر[سورة الأنعام(6): الآيات 151 الى 153]
سورة الأعراف
الجزء التاسع
تتمة سورة الأعراف
سورة الأنفال
الجزء العاشر
تتمة سورة الأنفال
سورة التوبة
الجزء الحادي عشر
تتمة سورة التوبة
سورة يونس عليه السلام
قصة موسى عليه السلام مع فرعون
الجزء الثاني عشر
سورة هود عليه السلام
سورة يوسف عليه السلام
الفصل الثاني من قصة يوسف يوسف و إخوته
الجزء الثالث عشر
تتمة سورة يوسف
سورة الرعد
أوصاف أولي الألباب السعداء و جزاؤهم[سورة الرعد(13): الآيات 20 الى 24]
سورة إبراهيم عليه السلام
تهديد الكفار لرسلهم بالطرد أو الردة و الوحي بأن العاقبة للأنبياء[سورة إبراهيم(14): الآيات 13 الى 18]
الجزء الرابع عشر
سورة الحجر
سورة النحل
الجزء الخامس عشر
سورة الإسراء
سورة الكهف
قصة أصحاب الكهف[سورة الكهف(18): الآيات 9 الى 26]
التفسير و البيان:
تفصيل القصة:
الجزء السادس عشر
تتمة سورة الكهف
سورة مريم
قصة مريم
الرد على عباد الأصنام بصيرورتهم لهم أعداء و اتخاذهم الشياطين أولياء[سورة مريم(19): الآيات 81 الى 87]
سورة طه
قصة موسى عليه السلام
الجزء السابع عشر
سورة الأنبياء
القصة الثانية - قصة إبراهيم عليه السلام
سورة الحج
الجزء الثامن عشر
سورة المؤمنون
سورة النور
الحكم الأول و الثاني حد الزنى و حكم الزناة[سورة النور(24): الآيات 2 الى 3]
الحكم الرابع حكم اللعان أو قذف الرجل زوجته[سورة النور(24): الآيات 6 الى 10]
فقه الحياة أو الأحكام:
الجزء التاسع عشر
سورة الفرقان
استهزاء المشركين بالنبي صلى الله عليه و سلم و تسمية دعوته إضلالا[سورة الفرقان(25): الآيات 41 الى 44]
سورة الشعراء
القصة الأولى قصة موسى و هارون عليهما السلام مع فرعون و قومه
القصة الثانية قصة إبراهيم عليه السلام
سورة النمل
القصة الثانية قصة داود و سليمان عليهما السلام
الجزء العشرون
تتمة سورة النمل
سورة القصص
قصة موسى عليه السلام
سورة العنكبوت
قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه
الجزء الحادي و العشرون
تتمة سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
غزوة الأحزاب أو الخندق و بني قريظة[سورة الأحزاب(33): الآيات 9 الى 27]
الجزء الثاني و العشرون
تتمة سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
بعض أدلة القدرة الإلهية و التذكير بنعم الله و إثبات التوحيد و الرسالة[سورة فاطر(35): الآيات 1 الى 4]
الجزء الثالث و العشرون
تتمة سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
الجزء الرابع و العشرون
تتمة سورة الصافات
سورة غافر أو: المؤمن
قصة موسى عليه السلام مع فرعون و هامان
سورة فصلت أو: السجدة
الجزء الخامس و العشرون
تتمة سورة فصلت
سورة الشورى
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
الجزء السادس و العشرون
سورة الأحقاف
سورة محمد عليه الصلاة و السلام
أوصاف المنافقين و المؤمنين
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق
الجزء السابع و العشرون
سورة الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
إعادة قصص الأمم الخالية المكذبة للرسل
سورة الرحمن جل ذكره
أعظم النعم الإلهية الدنيوية و الأخروية
سورة الواقعة
سورة الحديد
الجزء الثامن و العشرون
سورة المجادلة
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة الجمعة
سورة المنافقون
سورة التغابن
سورة الطلاق
الجزء التاسع و العشرون
سورة الملك، أو: تبارك
سورة القلم
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح عليه السلام
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان، أو: الدهر
سورة المرسلات
الجزء الثلاثون
سورة النبأ، أو: عم
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة البينة
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 50
تنافي البنوة، فلا شريك له، و عيسى و مريم من جملة ما في السموات و ما في الأرض، و ما فيهما مخلوق، فكيف يكون عيسى إلها و هو مخلوق.
7- لن يترفع المسيح و لن يأنف و لن يحتشم من أن يكون عبدا للّه، و كذلك الملائكة المقرّبون من رحمة اللّه و رضاه لن يترفعوا عن عبوديتهم للّه.
و من يأنف عن عبادة اللّه و يستكبر فلا يلتزم بفعل العبادة أو الطاعة، فإن اللّه سيجمع الخلائق إلى المحشر، و يجازي كلّا بما يستحق.
فالمؤمنون العاملون الصالحات لهم ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص، و يزيدهم اللّه من فضله و رحمته و إحسانه. و المستنكفون المتكبرون يعذبون عذابا مؤلما، دون أن يجدوا لهم وليّا يلي أمورهم، أو نصيرا ينصرهم.
8- استدلّ بعضهم بقوله: وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ على تفضيل الملائكة على البشر، و أنهم أعظم من المسيح خلقا و أفعالا. و ردّ عليهم بأن الآية في معرض تفضيل الملائكة في عظم الخلق و القدرة على الأعمال العظيمة، فهم أقدر على الامتناع من عبادة اللّه من المسيح، و لا يلزم من كونهم أقوى و أقدر على الامتناع أن يكونوا أفضل.
دعوة الناس إلى الإيمان بالنور المبين (القرآن) [سورة النساء (4): الآيات 174 الى 175]
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 51
الإعراب:
وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً : صراطا: إما منصوب بتقدير فعل، و تقديره: يعرفهم صراطا، و دل يَهْدِيهِمْ على المحذوف؛ أو منصوب على أنه مفعول ثان ليهدي، و تقديره:
و يهديهم صراطا مستقيما إلى ثوابه.
المفردات اللغوية:
بُرْهانٌ حجة من ربكم عليكم، و هو النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نُوراً مُبِيناً و هو القرآن صِراطاً طريقا مُسْتَقِيماً سويا و هو دين الإسلام.
المناسبة:
أقامت الآيات السابقة الحجة على المنافقين و المشركين و اليهود و النصارى، و أثبتت نبوة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، فكان ذلك مقدمة لهاتين الآيتين اللتين وجهت فيهما الدعوة إلى الناس كافة لاتباع دعوة الإسلام.
التفسير و البيان:
يا أيها الناس، قد جاءكم برهان ساطع و دليل قاطع من ربكم، يبين لكم حقيقة الإيمان باللّه و أنظمة المجتمع الصالحة لحياة أفضل، و هو النبي محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، النبي العربي الأمي الأمين، الذي نشأ بينكم في الجاهلية، و لكنه لم يتلوث بمفاسدها و أدرانها، و إنما تعهده ربه بالتربية و العناية و الإعداد لحمل الرسالة، فكان المثل الأعلى في سلوكه و خلقه و سيرته و قيادته، و كان برهانا عمليا عظيما على صدق رسالته: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الأنعام 6/ 124].
و أنزلنا إليكم مع هذا البرهان نورا مبينا أي ضياء واضحا على الحق، و هو القرآن الكريم الذي جاء لتصحيح العقيدة و النظام، فقرر التوحيد الخالص، و حارب الوثنية و الشرك، و أبان زيف اليهودية و النصرانية المحرفة الحالية،
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 52
و أرسى معالم الهداية و أوضح طريق العبادة الصحيحة للّه تعالى، و وضع أسس الأخلاق و أنظمة الحياة الرشيدة في السياسة و الحرب و السلم و الاقتصاد و الاجتماع و علوم الكون، فكان ذلك أيضا بالإضافة إلى السيرة الذاتية للنبي برهانا على كون هذا الدين هو دين الحق الذي لا معدل عنه و لا مثيل له.
و ترتب عليه أن الذين آمنوا باللّه، و تمسكوا و اعتصموا بالقرآن أو الإسلام، و اتبعوا نوره، فيدخلهم اللّه في رحمته، و يعمهم بفضله في الدنيا و الآخرة، أي يرحمهم فيدخلهم الجنة و يزيدهم ثوابا و رفعا بالقرآن، قال ابن عباس: الرحمة:
الجنة، و الفضل: ما يتفضل به عليهم مما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر «1» .
و يهديهم طريقا قويما يوصلهم إلى إحراز السعادة في الدنيا بالعزة و الكرامة و اتباع طريق السلامة في الاعتقاد و العمل، و في الآخرة بالجنة و الرضوان، أي يوفقهم إلى ذلك، و لا توفيق و لا هداية خاصة بغير الاعتصام بالقرآن المجيد و اتباع سنة المصطفى عليه الصلاة و السلام.
روى الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعا: «القرآن: صراط اللّه المستقيم، و حبل اللّه المتين».
فقه الحياة أو الأحكام:
البرهان العظيم من اللّه لعباده هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و سمي برهانا؛ لأن معه البرهان و هو المعجزة أو الحجة، فإن المعجزات حجته صلّى اللّه عليه و سلّم.
و النور المبين: هو القرآن الكريم، و سمي نورا؛ لأن به تتبين الأحكام، و يهتدى به من الضلالة، فهو نور مبين أي واضح بيّن.
فمن آمن باللّه و اعتصم بالقرآن عن معاصيه، و العصمة: الامتناع، فاز بالجنة
(1) التفسير الكبير للرازي: 11/ 120
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 53
و الرضوان، و حظي بالفضل الإلهي العظيم في الدنيا و الآخرة.
و دل قوله تعالى: وَ فَضْلٍ على أنه تعالى يتفضل على عباده بثوابه من غير مقابل؛ إذ لو كان في مقابلة العمل لما كان فضلا.
قال الرازي: الرحمة و الفضل محمولان على ما في الجنة من المنفعة و التعظيم، و أما الهداية فالمراد منها السعادات الحاصلة بتجلي أنوار عالم القدس و الكبرياء في الأرواح البشرية، و هذا هو السعادة الروحانية. و أخر ذكرها عن القسمين الأولين تنبيها على أن البهجة الروحانية أشرف من اللذات الجسمانية «1» .
و الهداية في القرآن نوعان: هداية عامة و هداية خاصة.
أما الهداية العامة: فهي كما في قوله تعالى: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:
90/ 10] أي طريقي السعادة و الشقاوة، و الخير و الشر، و هذه تشمل هداية الحواس الظاهرة و الباطنة، و هداية العقل، و هداية الدين.
و أما الهداية الخاصة: فهي مثل: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام 6/ 90] و مثل اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة 1/ 6]. هذه الهداية ليست الدلالة العامة كما سبق، و إنما هي الإعانة و التوفيق للسير في طريق الخير و النجاة مع الدلالة. و لما كان الإنسان عرضة للخطأ و الضلال في فهم الدين و في استعمال الحواس و العقل، كان محتاجا إلى المعونة الخاصة، فأمرنا اللّه بطلبها منه في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ .
(1) تفسير الرازي: 11/ 120
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 54
ميراث الكلالة أو ميراث الإخوة و الأخوات لأب و أم أو لأب [سورة النساء (4): آية 176]
الإعراب:
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ محله الرفع على الصفة؛ أي إن هلك امرؤ غير ذي ولد. فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ : إنما قال: اثْنَتَيْنِ و لم يقتصر على قوله: كانَتَا لأنها تفيد التثنية العددية لوجهين:
أحدهما- أنه لو اقتصر على قوله: كانتا و لم يقل اثنتين لاحتمل أن يريد بهما الصغيرتين أو الكبيرتين، فلما قال: اثنتين أفاد العدد مجردا عن الصغر و الكبر، فكأنه قال: فإن كانتا صغيرتين أو كبيرتين، فقام اثْنَتَيْنِ مقام هذين الوصفين.
و الثاني- أن يكون محمولا على المعنى، و تقديره: فإن كان ممّن يرث اثنتين، فبنى الضمير على معنى (من) و هذا قول الأخفش، و الوجه الأول أوجه.
أَنْ تَضِلُّوا تقديره: كراهة أن تضلوا، فحذف المضاف و أقام المضاف إليه مقامه و هو مفعول لأجله. و قيل: تقديره: لئلا تضلوا، فحذف (اللام و لا) من الكلام؛ لأن فيما أبقى دليلا على ما ألقى. و الوجه الأول أوجه.
المفردات اللغوية:
الْكَلالَةِ : من لا والد له و لا ولد، و الآية في ميراث الإخوة و الأخوات من الميت الكلالة هَلَكَ : مات أَنْ تَضِلُّوا ألا تضلوا.
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 55
سبب النزول:
روى النسائي عن جابر قال: اشتكيت، فدخل علي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقلت: يا رسول اللّه، أوصي لأخواتي بالثلث؟ قال: أحسن، قلت:
بالشطر؟ قال: أحسن، ثم خرج، ثم دخل علي، قال: لا أراك تموت في وجعك هذا، إن اللّه أنزل و بيّن ما لأخواتك و هو الثلثان، فكان جابر يقول:
نزلت هذه الآية فيّ: يَسْتَفْتُونَكَ، قُلِ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ .
قال الحافظ ابن حجر: هذه قصة أخرى لجابر غير التي تقدمت في أول السورة، أي في الآية (11).
و في رواية: اشتكيت فدخل علي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و عندي سبع أخوات.
و أخرج ابن مردويه عن عمر أنه سأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، كيف يورث الكلالة؟
فأنزل اللّه: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ .
و روى أحمد و الشيخان و أصحاب السنن عن جابر بن عبد اللّه قال: «دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أنا مريض لا أعقل، فتوضأ، ثم صبّ علي فعقلت، فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ فنزلت آية الميراث، يريد هذه الآية».
و روى الشيخان عن البراء: أنها آخر آية نزلت، أي من الفرائض.
قال الخطابي: أنزل اللّه في الكلالة آيتين: إحداهما- في الشتاء و هي التي في أول سورة النساء، و فيها إجمال و إبهام لا يكاد يتبين المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف، و هي التي في آخرها، و فيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء، فأحال السائل عليها ليتبين المراد بالكلالة المذكورة فيها. و الآية الأولى تسمى آية الشتاء، و الآية الثانية تسمى آية الصيف.
التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج، ج6، ص: 56
المناسبة:
قال الرازي: اعلم أنه تعالى تكلم في أول السورة في أحكام الأموال، و ختم آخرها بذلك، ليكون الآخر مشاكلا للأول، و وسط السورة مشتمل على المناظرة مع الفرق المخالفين للدين «1» .
التفسير و البيان:
أجمع العلماء على أن هذه الآية في ميراث الإخوة من الأب و الأم (الأشقاء) أو من الأب. و أما الإخوة و الأخوات لأم ففيهم نزلت الآية السابقة في صدر السورة و هي: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ، وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [12].
روي أن أبا بكر رضي اللّه عنه قال في خطبة له: ألا إن الآية التي أنزلها اللّه في سورة النساء في الفرائض، فأولها- في الولد و الوالد، و ثانيها- في الزوج و الزوجة و الإخوة من الأم، و الآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة و الأخوات من الأب و الأم، أو من الأب. و الآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام «2» .
يطلب منك أيها النبي الفتيا فيمن يورث كلالة، كجابر بن عبد اللّه، ليس له والد و لا ولد، و له أخوات من العصبة، لم يفرض لهم شيء من التركة قبل، و إنما فرض للإخوة لأم: السدس للواحد، و الثلث لاثنين فأكثر.
و الكلالة: مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس من جوانبه. و هي اسم يقع على الوارث و على الموروث، فإن وقع على الوارث: فهو من سوى الوالد
(1) التفسير الكبير: 11/ 120