کتابخانه تفاسیر
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 13
2-/ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 3-/ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 4-/ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ 5-/ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 6-/ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 7-/ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ .
مثانٍ سبع فى السبع المثانى فى ام كتاب التدوين تتجاوب مع سبع التكوين، سبع الزمان وسبعى المكان: سماوات وارضين، وسبعى الطواف حول البيت وبين الصفا والمروة، كما ومراتب خلقة الانسان سبع:
« وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ » (23: 14).
كذلك ومراتبه الباطنة سبع: الروح-/ الفطرة-/ العقل-/ الصدر-/ القلب-/ اللب والفوآد، وكما الصلاة اعمالها الظاهرة الملموسة سبع حيث النيّة فعل القلب، وهى: القيام-/ الركوع-/ الانتصاب منه-/ السجدتان-/ والانتصاب جلوساً بينهما-/ والقعود تشهُّداً وسلاماً، والسبع المثانى لهذه السبع كالروح فى الجسد، كما هى روح للانسان.
و كما الشيطنات والشياطين وابواب الجحيم سبع وهى تغلق بالسبع المثانى!.
«و الذى نفس محمد بيده ما أنزل فى التوراة ولا فى الانجيل ولا فى الزبور ولا فى الفرقان مثلها» «1» . ف «من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والانجيل والزبور والفرقان» «2»
لذلك «رنّ ابليس أربعاً حين نزلت فاتحة الكتاب، وحين لعن، وحين هبط الى الأرض، و حين بعث محمد صلى الله عليه و آله «3» فقد جعلت عِدلًا للرسول كما هى عِدل القرآن، حيث الرسول
(1)-/ الدر المنثور 1: 4-/ اخرج جماعة ان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خرج على ابى بن كعب فقال، يا ابى! وهو يصلى-/ فالتفت ابى فلم يجبه فصلى ابى فخفف ثم انصرف الى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: السلام عليك يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: كيف تقرء فى الصلاة؟ فقرأ بأم القرآن فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: والذى نفسى بيده ...
(2)-/ المصدر 1: 5-/ اخرج ابو عبيد فى فضائله عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله ...
(3)-/ المصدر اخرج وكيع فى تفسيرة وابن الأنبارى فى المصاحف وابو الشيخ فى العظمة وابو نعيم فى الحلية عنمجاهد قال: رَنَّ ابليس اربع رنات، ومن طريق اهل البيت عليهم السلام فى تفسير البرهان 1: 41 عن ابى عبدالله عليه السلام مثله ورواه مثله شى 1: 20.
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 14
صلى الله عليه و آله هو القرآن والقرآن هو الرسول صلى الله عليه و آله وهى تمثلهما جملة كما هما يمثلانها تفصيلًا.
إنهااوّل ما نزلت على الرسول صلى الله عليه و آله فانها فاتحة الكتاب، وأصل الكتاب هو المنزل ثم الكتاب المؤلف، ولا تحمل الخمسة الأوَل من العلق النازلة قبل الفاتحة الّا البسملة «1» فقد توحى « اقْرَأْ » أنه ما كان قارئاً قبله، ثم « بِاسْمِ رَبِّكَ » يعلمه بماذا يبدأ قراءة الوحى، ولأن افضل اسماءه هوالله، فباسم ربك هو « بسم الله » ثم « الَّذِي خَلَقَ » هو «الرحمن» حيث الخلق هو اعم الرحمات ولا اعم من «الرحمن».
و من ثم « خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ » هو الرحيم، فانه رحمة خاصة، ثم الاخص منه « الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ » ثم « عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ » رحيم فى أخصه حيث يعم سائر الوحى على سائر رجالات الوحى.
فبداية الوحى تلميحة-/ كتصريحة- بأفضل آية من كتاب الله: « بسم اللَّه الرحمن الرحيم» حيث هى تُقرأ قبل كل أمر ذى بال، والقرآن يفوق كل أمر ذى بال!
و قد صلى الرسول صلى الله عليه و آله مع على وخديجة لما رجع من بازغة الوحى، وبطبيعة الحال قرأ الحمد، اذ «لا صلاة الا بفاتحة الكتاب» «2»
و رواية نزولها فى المدينة تعنى نزولها الثانى عند تحول القبلة، وهى نازلة قبلها فى مكة، وآية السبع الثاني المكية ليست لتعنى سورة مدنية لولا نزولها بداية فى مكة.
و كما القرآن المحكم نزل على قلب الرسول صلى الله عليه و آله فى ليلة مباركة هى ليلة القدر بعد زهاء
(1)-/ القمى فى تفسيره فى قوله تعالى: « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ... » قال قال: اقرأ « بسم اللَّه الرحمن الرحيم »، وفى اسبابالنزول للواحدى النيسابورى عن ابن عباس انه قال: اوّل ما نزل به جبرئيل عن النبى صلى الله عليه و آله قال يا محمد استعذ ثم قل: « بسم اللَّه الرحمن الرحيم ».
(2)-/ الدر المنثور 1: 2-/ اخرج ابن ابى شبية فى المصنف وابو نعيم والبيهقى كلاهما فى دلائل النبوة والواحدى والثعلبى عن ابى ميسرة عمرو بن شرحبيل ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال لخديجة: انى اذا خلوت وحدى سمعت نداءً فقد والله خشيت ان يكون هذا امراً، فقالت: معاذ اللَّه ما كان اللَّه ليفعل بك فوالله، انك لتؤدى الامانة، وتصل الرحم وتصدق الحديث-/ الى ان قال-/: سمعت نداءً خلفى يا محمد يا محمد فانطلق هارباً فى الارض فقال ورقة لا تفعل اذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتنى فأخبرنى فلما خلا ناداه يا محمد! قل: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »-/ حتى بلغ-/ « وَ لَا الضَّالِّينَ »-/ فاتى ورقة فذكر له ذلك فقال ورقة ابشر ابشر فانى اشهد أنك الذى بشر به ابن مريم وانك على مثل ناموس موسى وانك نبى مرسل.
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 15
خمسين ليلة من بداية الوحى، ثم القرآن المفصَّل بعد الحمد الى المائدة، تفصيلًا للمحكم النازل ليلة القدر.
فالحمد لله الذى جعل لنا نصيباً من القرآن المحكم كما خصَّ رسوله بنصيبه ليلة القدر، وأين محكم من محكم؟
ثم البسملة هى افضل آيات السبع الثانى، كما السبع أفضل القرآن العظيم، مهما كانت الأقوال حول: هل هى آية من الحمد وسائر القرآن الّا البرائة، عشرة كاملة «1» الا أن تسعة منها ناقصة مناقضة لحجة الكتاب والسنة.
فكونها آية من النمل دون خلاف يؤكد كونها آية قرآنية أينما حلَّت، فجملة واحدة كيف تكون هنا آية وفى سواها ليست آية، وليست هى إلّاهيه؟!
و كون السورة سبعاً من الثانى بشهادة القرآن والرواية المتواترة تجعلها آية منها، والّا فهى ست من الثانى، وقد رقمت بواحدة مهما لم ترقم فى سواها، فما امرها الا واحدة لأنها آية واحدة.
و كونها فصلًا بين السور لا تجعلها غير آية، ولا تفتتح بها البراءةْ وهى سورة فذة، ولا غرو أن تفصل بين السور بآية مكررة كما يعرف بها ختام سورة وبداية اخرى.
و كيف يقحم فى القرآن ما ليس منه مهما كان لفصل وسواه، اذ يحصل الفصل بسواه، أفإقحاماً فى القرآن جملة كآية لكل سورة الا البراءة؟
و قد امر الرسول صلى الله عليه و آله فى بازغ الوحى ان يقرأه بالبسملة « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ... » كما امر دائباً مستمراً بقراءتها فى الصلاة « وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ ى فَصَلَّى » (87: 15) والصلاة بلا تكبيرة
(1)-/ وهى-/ 1-/ ليست آية من أيّة سورة!-/ 2-/ آية من كل سورة سوى البرائة-/ 3-/ آية من الفاتحة دونغيرها-/ 4-/ بعض آية من الفاتحة فقط-/ 5-/ آية مستقلة انزلت لبيان رؤوس السور تيمناً وللفصل بينها-/ 6-/ يجوز جعلها آية من الحمد و غير آية لتكرر نزولها بالوصفين-/ 7-/ بعض آية من جميع السور-/ 8-/ آية من الفاتحة وجزء آية من سائر السور الّا البرائة-/ 9-/ جزء آية من الفاتحة وآية من السور الا البرائة-/ 10-/ أنها آيات مستقلة حيثما كانت، وترى ان ما سوى القول الاوّل من هذه العشرة متفقة على كونها آية وان اختلفت فى جهات اخرى ولا حجة فى القول الاول كما لا حجة فى كونها بعض آية-/ تأمل:
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 16
او بسملة دخول فى الدار دون استئناس واستئذان من صاحب الدار» «1»
ثم وفى كل القرآن « وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا » (73: 8) أفليست هى بعدُ آية من القرآن، وهى افضل آية من القرآن حيث تعنى أمّ القرآن اجمالًا كما هى تعنيه اجمالًا و هما تعنيانه تفصيلًا مهما بان تفصيل عن تفصيل.
و لان البسملة افضل آية فى الذكر الحكيم «2» فلتذكر فى افضل عبادة هى الصلاة، وليكن عبدالله بسملة لله فى مجراه ومرساه، فابتداء اقواله وافكاره واعماله «بسم الله» وانتهاءها «بسم الله» اذا قام «بسم الله» واذا نام «بسم الله» اذا عقد النطفة «بسم الله» واذا حضر الموقف «بسم الله» وليكن هو بتمامه اسماً لله، يدل بكله على الله، اعلاناً-/ بالثناء على الله، واذاعة لذكر الله، كما وان الكون كله اسم الله.
فما لهم تركوا أفضل آية من كتاب الله، اخفتوا بها ثم تركوها، والكتاب القاطع والسنة القاطعة حجتان لا مرد لهما أنها آية «3» يجهر بها فى الجهرية فرضاً وفى الاخفاتية نفلًا، فمن
(1)-/ الدر المنثور 1: 7-/ أخرج ابن ابى حاتم والطبرانى والدار قطنى والبيهقى فى سننه عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله: لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية-/ أو سورة-/ لم تنزل على نبى بعد سليمان غيرى قال: فمشى فتبعته حتى انتهى الى باب المسجد فأخرج احدى رجليه من اسكفة المسجد وبقيت الاخرى فى المسجد فقلت بينى وبين نفسى ذلك فأقبل علىّ بوجهه فقال: بأى شىءٍ تفتتح القرآن اذا فتحت الصلاة؟ قلت: بسم اللَّه الرحمن الرحيم -/ قال صلى الله عليه و آله: هى هى ثم خرج، واخرج الدار قطنى عن ابن عمر ان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: كان جبرئيل اذا جاء بالوحى اوّل ما يلقى علىّ « بسم اللَّه الرحمن الرحيم ».
(2)-/ تفسير البرهان عن تفسير العياشى عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه السلام قال: سرقوا أكرم فى كتاب الله: بسمالله الرحمن الرحيم ، وعن الحسن بن خرزاد وروى عن ابى عبدالله عليه السلام قال: اذا أم الرجل القوم جاء الشيطان الذى هو قريب الامام فيقول: هل ذكر الله؟ يعنى: هل قرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم ؟ فان قال: نعم هرب منه، وان قال: لا ركب عنق الامام ودلّى رجليه فى صدره فلم يزل الشيطان امام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم. وعن عيسى بن عبدالله عن ابيه عن جده عن على عليه السلام قال: بلغه أن اناساً ينزعون بسم اللَّه الرحمن الرحيم . قال: هى آية من كتاب اللَّه أنساهم اياها الشيطان، وعن اسماعيل بن مهران قال قال ابو الحسن الرضا عليه السلام ان بسمالرحمن الرحيم أقرب الى اسم اللَّه الاعظم من سواد العين الى بياضها، اقول وسواد عين البسملة هو اللَّه حيث توسط بياضها، وعن خالد بن المختار قال سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: ما لهم قاتلهم اللَّه عمدوا الى اعظم آية فى كتاب اللَّه فزعموا أنها بدعة اذا أظهروها وهى بسم اللَّه الرحمن الرحيم .
(3)-/ فى تفسير الثعلبى روى الشافعى عن مسلم بن جريح عن ابن ابى مليكة عن أم سلمة أنها قالت: قرأ رسولالله صلى الله عليه و آله فاتحة الكتاب فعد « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » آية « إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ » آية « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ » آية « صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ » آية، وفى الدر المنثور 1: 3-/ اخرج الدار قطنى وصححه والبيهقى فى السنن عن ابى هريرة قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله اذا قرأتم الحمد فاقرأوا « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » إنهاام القرآن وام الكتاب والسبع الثانى و « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » احدى آياتها، وفيه اخرج الدار قطنى والبيهقى فى السنن بسند صحيح عن عبد خير قال: سئل على عليه السلام عن السبع الثانى فقال: الحمدالله رب العالمين فقيل له: انما هى ست آيات؟ فقال: « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » آية، وفيه اخرج الطبرانى فى الاوسط وابن مردويه فى تفسيره والبيهقى عن ابى هريرة قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الحمدلله رب العالمين سبع آيات « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » احداهن وهى السبع الثانى والقرآن العظيم وهى فاتحة الكتاب اقول: ومن امثاله نتبينَّ ان « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » تعبيراً عن السورة لا يعنى استثناء البسملة عنها، بل هو تعريف باول آية غير مشترك فيها ولانها سورة الحمد.
و أخرج الدار قطنى، والبيهقى، عن ابى هريرة ان النبى صلى الله عليه و آله كان اذا قرء وهو يؤم الناس افتتح « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » واخرج ابو عبيد وابن سعد فى الطبقات وابن ابى شبية واحمد وابوداود وابن خزيمة وابن الأنبارى فى المصاحف و الحاكم وصححه والخطيب وابن عند البر كلاهما فى كتاب المسألة عن ام سلمة أن النبى صلى الله عليه و آله كان يقرء « بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمدلله ..» قطعها آية آية وعددها عد الاعراب وعد بسم اللَّه الرحمن الرحيم ولم يعد عليهم، واخرج الثعلبى عن ابى هريرة قال: كنت مع النبى (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم) فى المسجد اذ دخل رجل يصلى فافتتح الصلاة وتعوّذ ثم قال: الحمدلله رب العالمين-/ فسمع النبى صلى الله عليه و آله فقال: يا رجل اقطعت على نفسك الصلاة؟ اما علمت ان « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » من الحمد فمن تركها فقد ترك آية ومن ترك آية فقد افسد عليه صلاته، واخرجه الثعلبى عن طلحة بن عبيدالله مثله، وأخرج الشافعى فى الأم والدار قطنى والحاكم وصححه والبيهقى عن معاوية انه قدم المدينة فصلّى بهم ولم يقرء « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » ولم يكبر اذا خفض واذا رفع فناداه المهاجرون والانصار حين سلم يا معاوية! أسرقت صلاتك؟ اين « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » واين التكبير؟ فلما صلى بعد ذلك قرء « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » لأم القرآن وللسورة التى بعدها وكبر حين يهوى ساجداً، واخرج البيهقى عن الزهرى قال: سنة الصلاة أن يقرء بسم اللَّه الرحمن الرحيم وان اوّل من أسّر بسمالرحمن الرحيم عمروبن سعيد بن العاص بالمدينة وكان رجلًا حيييَّاً!
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 17
تركها فلا صلاة له كما استفاضت بها السنة مهما اختلف المتخلفون عنها فيها.
فعلى كل من يؤمن بالقرآن وأنه لم يحرف بزيادة ولا نقصان، الإيمان بأنها آية من القرآن.
و على كل من يؤمن بالسنة المحمدية صلى الله عليه و آله أن يتابع أثر الرسول فيما كان يفعل ويقول، وكما أجمع عليه ائمة اهل البيت عليهم السلام والخلفاء الثلاث فى اصلها، والشافعى فى الجهر بها، واحمد أنها آية منها، وابو حنيفة فى اصل قرائتها، وجماعة آخرون من الصحابة والتابعين «1» فى آنهاآية
(1)-/ كابن عباس وعمار واسحاق وابو ثور وابو عبيد وابو هريرة وابن عمر وعايشة وام سلمة والنعمان بن بشيروالحكم بن عمير وانس وبريدة وجميع من رووا حديثها عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعن وائمة اهل البيت عليهم السلام
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 18
جهراً او اخفاتاً «1»
فحتى ولو لم تكن آية فلتقرء قبل كل تلاوة لا سيما القرآن، ف «كل امرٍ ذى بال لا يبدءُ فيه ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم فهو اقطع او ابتر او اجذم» كما فى مستفيض السنة، فهلا تكون الفاتحة أمراً ذا بال وفى الصلاة وهى خير موضوع، وهذه عمود الدين وتلك عمود القرآن، اذاً فالصلاة دون بسملة مقطوعة بتراء والله منها براء.
و كما أن الفاتحة هى فاتحة الكتاب، فأولى بالبسملة لأنها فاتحة لكل كتاب من قرآن وسواه.
فكيف لا يجهر بها او تترك من اصلها وهى اعلان ثناء على اللَّه وكما يعلن بالثناء على غير اللَّه « فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً» (2: 200) اشد نداءً فى الجهر به، واشد ذكراً فى اكثاره، وأشد تبركاً فى الافتتاح به وأشد معرفياً فى عبوديته.
و لأن القرآن هو كتاب من اللَّه الى الناس ليحيدوا عن اخلاق النسناس نرى كتابيبدء باسم اللَّه ويختم بالناس، ايحاءً بأنه يحمل جميع رحمات الله، عامة رحمانية وخاصة رحيمية، للجنة والناس وللعالمين أجمعين.
(1)-/ رواه عن النبى صلى الله عليه و آله فبمن رواه على بن ابى طالب عليه السلام وعمار وابو هريرة وانس وابن عمر انه صلى خلف النبى صلى الله عليه و آله وابى بكر وعمر فكانوا-/ يجهرون ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم والنعمان بن بشير أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: اتى جبرئيل فجهر بها والحكم بن عمير انه صلى الله عليه و آله جهر بها فى المكتوبة والنافلة، وعن عائشة انه صلى الله عليه و آله كان يجهر بها، واخرج الدار قطنى عن ابى هريرة قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: علمنى جبرئيل الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرء « بسم اللَّه الرحمن الرحيم » فيما يجهر به فى كل ركعة، واخرج الثعلبى عن على بن زيد بن جدعان ان العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم يجهرون بها وهم: عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير، وأخرج البزار والدار قطنى البيهقى فى شعب الايمان من طريق ابى الطفيل قال: سمعت على بن ابى طالب عليه السلام وعماراً يقولان: ان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يجهر فى المكتوبات ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم فى فاتحة الكتاب، واخرج الطبرانى والدار قطنى والبيهقى فى شعب الايمان من طريق ابى الطفيل والدار قطنى والحاكم عن انس قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يجهر ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، واخرج الدار قطنى عن على بن ابى طالب عليه السلام قال: كان النبى صلى الله عليه و آله يجهر ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم فى السورتين جميعاً، واخرج عن ابن عمر قال: صليت خلف النبى صلى الله عليه و آله وابى بكر وعمرٍ فكانوا يجهرون ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، واخرج عن النعمان بن بشير قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: أمنى جبرئيل عليه السلام عند الكعبة فجهر ب بسم اللَّه الرحمن الرحيم .
التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج1، ص: 19
و كما التنزيل بازغ باسم اللَّه كذلك التأليف، فهو البداية وهو النهاية، وهو المبدء وهو الغاية.
و لكى نقرء القرآن سوراً أم آيات فلنبدء بالاستعاذة: « فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ» (16: 98) فقل: اعوذ بالله-/ او-/ استعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
يردد المسلم هذه السورة، قليلة الآيات، كثيرة الطويات والمحتويات فى الصلاة مرات ومرات، حين يقف بين يدى ربه مبتهلًا، فارضاً او متنفلًا، ولا تقوم صلاة الّا بها وكما استفاض عنه صلى الله عليه و آله: لا صلاة الّا بفاتحة الكتاب.
و فيها من كليات التصورات الأصيلة والعقيدة الاسلامية، والمشاعر السلمية السليمة، ما توحى بطرف من حكم اختيارها مناجاةً فى معراج الصلاة، فكل صلاة دونها باطلة، وكل صِلات من دونها عاطلة، كما وكل صراط غيرها مائلة قاحلة.
إن الصلاة وهى خير موضوع، وقد وضعت الحمد قِبَلها كخير موضوع فى خير موضع، إنها تتبنى اركاناً معنوية هى الركينة فيها وقد تتبناها اركانها بسائر فروضها الظاهرية.
فلتعرف يا عارجاً معراج ربك من أنت؟ وأمام مَن واقف انت؟ وماذا تعنى فيما تفعله وتقوله انت؟
أنت اللّاشىء حقاً، مهما كنت شيئاً بما هباك الله، فكل شيئك أمام ربك لا شىءَ، فانه الواهب كل شىءٍ لكل شىءٍ!
و هو كل شىء اذ خلق الشىء الذى منه كل شىء لا من شىءٍ!
أنت الفقير فى غناك فكيف لا تكون فقيراً فى فقرك، وهو الغنى ...