کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم

الجزء الاول

المقدمه «سوره الفاتحة -/ مكية -/ و آياتها سبع»

الجزء الثانى

المقدمة الفقراء أنتم الى الله الله هو الخالق الفاطر البديع 1 الله خالق كل شى‏ء 2 اختصاصات ربانية في علمه تعالي و قدرته 3 العلم الطليق لزام الخالقية الطليقة 4 علم الغيب المطلق المطبق خاص بالله 1 مفاتح الغيب خاصه بالله 3 فحتى الرسول محمد صلى الله عليه و آله لا يعلم الغيب الرباني إلا بوحي رسالي فحسب 3 كلمة الله و كلمة الشيطان؟؟ 2 حتى نعلم من الله هي العلم: العلامة لا العلم المعرفة الله‏هو متوفي الانفس و القاهر فوق عباده اختصاصات ربانية النظر الى الرب هو نظر القلب معرفيا و انتظار رحمته 2 سئوال عضال من اهل الكتاب«أرنا الله جهرة» 3 ماذا يعنى رب ارنى انظر اليك؟ 4 ما هو المعنى من و لقدرآه نزلة اخرى 5 معنى الاضلال الربانى و هدايته 1 معنى الاضلال الربانى في سورة محمد 2 معنى الاضلال الربانى 3 معنى الهداية و الاضلال من الله؟ الله تعالى هل يأمر بالفسق و الضلالة!؟! لاجبر و لا تفويض بل امر بين الامرين فاين تذهبون؟ انما الحساب على الله كما الاياب الى الله كتاب المحو و الاثبات الرباني من متشابهات القرآن مجى‏ء الله يوم الآخرة؟ الروح من امر الله و خلقه دون ذاتة الاعمال التكليفته مختارة دون اضطرار القاءات شيطانية في امنيات الرسل؟ اختيارات تكليفية باختبارات 1 اختيارات 2 التفكر آفاقيا و انفسيا ليس الله ظالما و لا ضلاما بل هر عادل مقسط 1

المجلد السابع

المقدمة

القواعد الاربع لعرش الخلافة الاسلامية للامام امير المؤمنين عليه السلام القاعدة الاولى لعرش الخلافة:

القاعدة الأولى لعرش الخلافة: علي ولد مسلما القاعدة الثانية لعرش الخلافة: قاعدة الاخوة:
اهل بيت العصمة المحمدية في سورة الدهر ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة عليهم السلام سفينة نوح والبشارة المحمدية على أنقاضها: ذكرى عتيقة من الخمسة الطاهرة في كتاب ادريس النبي صلى الله عليه و آله محمد صلى الله عليه و آله وخلفاءه المعصومون هم الاسماءالتي علم آدم عليه السلام أئمة أهل البيت عليهم السلام هم من اصدق الصادقين الائمة من آل الرسول صلى الله عليه و آله هم اصدق الصديقين محمد صلى الله عليه و آله هو المنذر وعلى وعترته المعصومون هم لكل‏قوم هادون مثل نوره... في بيوت هي بيوت ائمة اهل البيت هي من افاضل البيوت التى اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه رجال الاعراف هم اعرف رجالات العصمة خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله هم ورثة الكتاب

المجلد الخامس عشر

المقدمة الدعوة الى الله‏الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكين و امكانية عليكم انفسكم ثم انفس الآخرين ليس الا من الضرر من شروط الأمر والنهي‏الا في الا هم منهما الناسي نفسه لا يدعوا غيره الا بعد اصلاح نفسه فيما يدعوا واجب التناهي عن المنكر لفاعلي المنكر إنهاء و انتهاء مسارعة في الاثم بديل التناهي عن المنكر لا يامر و لا ينهى الا العامل او المتعامل وجوبهما كفائيا على الصالحين الدعاة الى الله العاملون الصالحات‏هم أحسن قولا ممن سواهم اخذا بالعفو و اعراضا عن الجاهلين قولة منافقة نهى عن المعروف و امر بالمنكر و قولة مؤمنة امر بالمعروف و نهى عن المنكر مرحلة اخيرة في الامر والنهي الدفاع/ الجهاد/ القتال‏فى سبيل الله عند المكنة اعدادات حربية وسواهامن قوة نفسية، سياسية، عقيدية، علمية، نفاقية تحريض رباني على قتال مكافح عددا وعددا المجاهدون يقتلون ويقتلون و هم منتصرون فيهما الحرب سبحال‏وليس ضمانا الغلب للمسلمين الا غلبا ايمانا المقتولون في سبيل الله‏أحياءبحياة خاصة عند ربهم لن يصيبنا الا ما كتب لنا قاتلين او مقتولين قتال قبال قتال دون اعتداء كلام فيه ختام حول الجهاد الإسلامي. معاهدات حربية تخلف عن قيادة القوات المسلمةو نفر جماعي للقتال على تفقه في الدين اذا رجعوا في استنفار عام إنفروا خفافا وثقالا وعلى أية حال كلام حول العصمة: المهاجرون في سبيل الله في مراغمات .. بما ظلموا واخرجوا من ديارهم عاقبوا بمثل ما عاقبوا به.. ثم قتلوا او ماتوا للمجاهدين علامات لنهديهم سبلنا إنما من جاهد يجاهد لنفسه جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و آله اقعدوا لهم كل مرصد قاتلوا الذين يقاتلونكم قاتلوا في سبيل الله والمستضعفين.. إذا ضربتهم في سبيل الله فتبينوا... تكتية حربية«لا تتخذوا بطانة من دونكم» تكتيكة حربية فرض القتال في سبيل الله وأخذ الحذر فيه المنافقون مركسون بما كسبوا مهاجرة للرسول(ص) أخرجك ربك من بيتك بالحق نصرة ربانية في القتال اصلاحات حربية بين المسلمين المتحاربين طاعات وانفاقات في سبيل الله الأشهر الحرم في قتال وسواه بشارة لغلب الكتابين على المشركين بشارة النصر القتال المكتوب على المؤمنين فتح الفتوح

المجلد السادس عشر

المقدمة

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم


صفحه قبل

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 47

المغيَّبون عنك» «1»

واياك نعبد لانك «الرحمن-/ الرحيم-/ رب العالمين» طمعاً فى رحمتك وربوبيتك:

و اياك نعبد لانك « مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ » طمعاً فى ثوابك أو خوفاً من نارك وهذا أضعف العبادة.

و هذه الدرجات الثلاث كلٌ منها درجات كما أن عبادة غير اللَّه دَرَكات.

و كما «الحمدلله» تتبنَّى هذه الخمس، كذلك «اياك نعبد» فانه كمال الحمد.

و كما أن عبادة التألية تخصُّه، كذلك عبادة الطاعة، وعبادة الأفعال والأقوال، فالقول:

لولا اللَّه وفلان لما نجحت، اشراك فى القول، وسجدة الاحترام وركوعه لغير اللَّه اشراك فى فعل الاحترام، والطاعة المطلقة لغير اللَّه اشراك فى طاعة الله، وان كان « مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ‏ » ولكنها طاعة لله دون سواه.

و لماذا تتقدم « إِيَّاكَ نَعْبُدُ » على « إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ »؟ والاستعانة لزام العبادة، حيث الموكول الى نفسه على تَوَفُّر العراقيل بينه وبين ربه ليس ليعبد ربه؟

علّه حثٌ لا ستجاشة الطاقات وتكريس الامكانيات ل «اياك نعبد» ثم اكمالها ب «اياك نستعين» فالعبادة هى فعل العبد مشفوعاً بعون الله، فعليك الحركة، وعلى اللَّه البركة، رفضاً للإتكالية فى الأمور المختارة، وتحريضاً على السعى ثم الاستعانة فى كماله وانتاجه.

كما وأن الاستعانة تعم العبادة وسواها، والعام يُذكر بعد الخاص تعميماً له ولسواه، ف «اياك نستعين» فى «اياك نعبد» وفى كل ما ترضاه.

ثم العبادة لا تنحصر فى مجالات الذكر والصلاة والحج، فانها تشمل كافة حركات الحياة وسكناتها، فلتكن كلها صلاةً لله وصلاتٍ بالله لتصبح الكل عبادة لله.

و لأن العابدين فرادى وجماعات لا يقدرون على اخلاص العبادة لله لضعفهم فى انفسهم ووجاه عرقلات الشياطين، فلا حول عن معصية اللَّه الّا بعصمة الله، ولا قوة على‏

(1)-/ تحف العقول عن الامام الصادق عليه السلام:

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 48

طاعة اللَّه الّا بعون الله، فعلينا الاستعانة بالله فى «اياك نعبد» كما فى سواه، استعانة تكوينية و تشريعية فى: كيف نعبده، هدياً الى صراط مستقيم فى عبادته، وفى تحقيق حق العبادة الخالصة هدياً الى الصراط ايصالًا الى المطلوب منه، فلولا الاعانة تشريعية وتكوينية لم تتحقق العبادة اللائقة الخالصة.

ف «اياك نستعين» على طاعتك وعبادتك «و على دفع شرور اعدائك ورد مكائدهم و المقام على ما امرتنا به» «1» و «اياك نستعين»: «استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم اللَّه عليه ونصره‏ «2» » «واياك نستعين»: افضل ما طلب به العباد حوائجهم» «3»

و لماذا «اياك نستعين» دون «بك نستعين»؟

لأن بينهما فارقاً والنص يوحى بتوحيد الأولى دون الثانية، سامحاً للاستعانة بغيروالى الله حين يأذن اللَّه ويرضى، فالمستعان-/ فقط-/ هو الله، ثم المستعان به فى اللَّه والى اللَّه فى اعانة هو اللَّه ومن يأذن به الله، حيث الدار دار الأسباب، وان كان اللَّه قد يقطع الاسباب كأية رسالة أو كرامة او عناية خاصة بمن يحب ويرضى.

ففى توحيد الاستعانة بالله منع عن كل استعانة بغير الله، وأمّا التوحيد فى استعانته فهو سائد فى الاستعانة بما ياذن به اللَّه كما فى الاستعانة بالله.

فكما «الحمدلله» والعبادة لله، كذلك المستعان هو اللَّه لا سواه، ومهما حمدنا سواه واستعنّا بسواه فلسنا لنعبد سواه، اذ « أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ‏ ».

فنحن «نستعين» بهدى الرسول، اللهَ فى: كيف نعبده: و « مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ‏ ».

و «نستعين» باستغفار الرسول اللَّه فى غفرانة كما أمر الله: « وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً » (4: 64).

كما «نستعين» بدعاء الرسول وشفاعته اللَّه باذنه « لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ‏

(1)-/ تفسير الامام الحسن العسكرى عليه السلام عن النبى صلى الله عليه و آله.

(2)-/ من لا يحضره الفقيه عن العلل عن الرضا عليه السلام.

(3)-/ مجمع البيان عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 49

وَ قالَ صَواباً » (78: 38).

او «نستعين» اللَّه بالرسول صلى الله عليه و آله وذويه عليهم السلام فى كشف الكربات ودفع الأذيات وأضرابها من حاجات كوسائل كريمة مأذونة لم تُخرج عن توحيد استعانة الله، ابتغاءَ الوسيلة اليه باذنه:

« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ » (5: 35)

وسيلة مشفوعة بالتقوى والجهاد، دون اكتفاء بها واستقلال لها تاركين التقوى فيها والجهاد، وانما استغلا لها بامر اللَّه والى ابتغاء مرضات الله:

فليس لنا ان نتوسل بكل شى‏ء الى الله، ولا أن نؤصل شيئاً فيما نبغى أمام اللَّه فنستقلها بجنب الله.

اذاً فالله يستعان فقط دون سواه، وبغير اللَّه يستعان الى اللَّه وفى اللَّه باذنه ورضاه، فقد نستعين اللَّه فيما نستعين به ممن سوى الله، لان الإعانات كلها من اللَّه وراجعة الى الله، بوسائط ام دون وسائط، ولكنما الوسيط فى الاستعانة تكويناً وتشريعاً لا بد له من اذن الله، و كما استعان دو القرنين فى بناء الردم بمن ظُلموا: « قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً » (18: 95)

اذاً فالاستعانات الايمانية باذن اللَّه كلها استعانة الله، وهى هى اللّا ايمانية اشراك بالله أو الحادٌ فى الله.

فالتوسُّل بالأصنام والأوثان او عبادتها ليقربوكم الى اللَّه زلفى، أم يؤثروا تأثيرات، استعانةٌ بغير اللَّه فيما منع اللَّه شركاً بالله او الحاداً فى الله.

كما التوسل بالأحجار والأشجار أماذا من جمادات ونباتات أم حيوان وانسان أم ملَك أو جان أم اياً كان، كل ذلك توسل شركى ان توسلت بها الى الله، ام الحادى فيما تستقلها من دون الله.

فنحن نتعاون فى الله: « وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى‏ وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ‏

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 50

وَ الْعُدْوانِ‏ » (5: 2) ونستعين بعبادة الله: « وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ » (2: 45) ونستعين برسل اللَّه وكل الهداة الى اللَّه تعرُّفاً الى مرضاة الله، وكل ذلك استعانة اللَّه واستعانة بالله « وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ‏ » (12: 112)

و الضابطة السارية فى الاستعانة بغير اللَّه فى اللَّه والى اللَّه فى أمور عادية غير عبادية، أن تكون مأذونة بالوحى بصورة خاصة أو عامة، فعدم الإذن-/ اذاً-/ دليل المنع، لأن منصب العون خاص بالله فضلًا عن المنع.

و من المأذونة بصورة عامة هو التعاون والاستعانة فى كافة الأمور والمشاغل الحَيَوية المباحة، وهى فى غير المباحة-/ فقط-/ غير مباحة دون شرك أو الحاد، الّا اذا اشركت بالله‏ام استُقِلَّت بجنب الله.

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏

هل يصح «السراط» كما فى الشواذ؟ كلّا وان اتَّحد المعنى، حيث النص المتواتر هو «الصراط» مهما كان اصله اللغوى من سَرَط الطعام‏ «1» .

و هو هنا الدين ككل لانه مؤَدٍّ الى استجب الثواب واستدفاع العقاب، طريقاً قاصداً ومنهجاً رائداً وبياناً زائداً يوصل الى الهدف المقصود.

إنهاخير دعاء واستدعاء فى قلب السبع الثانى وهى قلب الصلاة كما هى قلب العبادات فانها خير موضوع، وان لها خير موضع فى خير موضوع، فانها بعد خطوات المعرفة والعبودية والاستعانة، فلأن الدعاء هى مخُّ العبادة فلتكن فى مخ العبادة:

و انهادعاء لا يستغنى عنها أحد من عباد اللَّه حتى أسبق السابقين وأقرب المقربين محمد صلى الله عليه و آله وآله الطاهرين عليهم السلام فضلًا عمن دونهم من سائر المخلِصين والمخلَصين وعباد اللَّه أجمعين.

و لَان موقع الدعاء هو اقرب حالات القرب الى الله، فدعاء الهداية وهى قمة الدعاء

(1)-/ فى الدر المنثور 1: 14-/ اهدنا السراط بالسين عن عبدالله بن كثير وابن عباس وفى اسانيد عن ابن عباس «الصراط» وكما اخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبى عن ابى هريرة ان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قرء « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ».

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 51

اصبحت رابع الخطوات، بعد المعرفة الغائبة فى « بسم اللَّه‏ -/ الى-/ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ » ثم الحاضرة بخالص العبادة فى «اياك نعبد» ثم اخرى هى بخالص الاستعانة، فلما اكتملنا خطواتنا الثلاث ووصلنا الى القمة المقصودة، فلكى نَثبت على ما نحن عليه من الهدى، ثم نستزيد هدى على هدى، نقول: « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ ».

والهداية هى الدلالة بعطف ولطف بكل مرونة وازدهار دون أية خشونة واستكبار، وحتى بالنسبة لاكبر المستكبرين فرعون: « فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى‏ » (20: 44).

ثم من الهدى-/ وهى رحمة عامة-/ تعنيها «الرحمن» وخاصة تعنيها «الرحيم» وهنا أخصّ تعنيها « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ » والخلق فى مثلث الهدى درجات حسب الدرجات.

1-/ ورحمانية الهدى وهى تكوينيه لا سواها: « رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ » (20: 50) مهما اختلفت درجات الخلق وبمستواها هداها، وهى لزام كل خلق دونما حاجة الى استدعاء، فالقوانين المحكمة على المادة تكوينية دونما استثناء من كيماوية وفيزيائية، وفيزيولوجية نباتة ام حيوانية ام انسانية أمَّا هيه-/

و الكون كله على صراط مستقيم فى هذه الهداية الآلهية دونما تخلف واختلاف، حيث الربوبية الآلهية مستقيمة دون خلاف « إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ » (11: 56):

2-/ ومن ثم تكوينية رحيمية كما فى هدى العقل والفطرة: « وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ » (90:

10) وهما لكافة المكلفين من الملائكة والجِنة والناس اجمعين، امّن هم ممن لا نعرفهم؟ ونحن نطلب فيما نطلب تجلّى الفطرة وزيادة العقل، لكى نهتدى الى صراط مستقيم.

3-/ ام تشريعية ككلِّ شرعة الهية: هدىً للناس وبيّنات من الهدى والفرقان وهذان حاصلان لكل مكلف قدر تكليفه، فلولا هما لم تك من المصلين حتى تطلب الهداية، اذاً فلا دعاءَ لهما ولا استدعاء اللهم الّا تداوماً فيهما واستزادة أن يزيدنا لبّاً ونوراً وفرقاناً لتعرُّفٍ أعرف الى شرعته.

4-/ ام رحيمية تكوينية هى التوفيق لقبول الهداية لمن يتطلّبها: « فَرِيقاً هَدى‏ وَ فَرِيقاً

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 52

حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ‏ » (7: 30) فكذلك الأمر، فلولا قبول الهدى لما اهتديت الى الصلاة:

5-/ ام هى واقع الهدى بعد الاهتداء اليها توفيقاً لمزيد الايمان وعمل الصالحات: « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ‏ » (10: 91) « قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ » (5: 116) فهذه من أحسن الدعوات وافضل المستدعيات، لَان هديها من أفضل الهديّات.

6-/ ام هى التوفيق لدوام الهدى والثبات عليها بعد الوصول اليها: « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ » (60: 90) ومنها العصمة والتسديد فى البقا ء على هدي الصراط المستقيم: « وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا» (17: 74) « وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا » (17: 86).

7-/ أم هى استزادة من هدى الصراط المستقيم: « وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً » حيث الرسول محمد صلى الله عليه و آله وهو « لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ » يتطلب فى صلواته ليل نهار، هديَ الصراط المستقيم، فضلًا عمن دونه فى صراطه.

8-/ أم هى-/ أخيراً-/ صراط الجنة الأخرى على هدي الجنة الأولى، التى هى جُنة عن كل ضلالة فى الأولى والأخرى « وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ‏ » (7: 43) وهى فى الاخرى جنتان ثانيتهما وأولاهما جنة المعرفة والرضوان « وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ».

فبالسبعة الاخيرة من هذه الثمان: عدد أبواب الجنان-/ نغلق ابواب النيران ونفتح ابواب الجنة الثمان: فأولى الهدى هى الفطرة والعقل، غير مكسوفة بطوع الهوى، واخراها هى لمن بلغوا الذروة من الرعيل الأعلى وبينهما متوسطات، ولكّلٍ نصيب مما كسبوا وما ربك بضلام للعبيد، والعطيات حسب القابليات، والطرق الى اللَّه بعدد أنفاس الخلائق، فما من أحدٍ الّا وهو يحتاج هدى الصراط المستقيم.

التفسير الموضوعى للقرآن الكريم، ج‏1، ص: 53

و لماذا نطلب هداية الصراط المستقيم، دون الهداية «الى» ام «على» ام «ل»؟ علّه لان الهداية «الى» لا تعم الهداية «على» وهى الحيطة الشاملة على الصراط المستقيم، فانها واقع الهدى لا السبيل اليها، والرسول صلى الله عليه و آله هو على صراط مستقيم، مهما كان اليه فى البداية: « قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ » (6: 161) فقد كان اليه ثم اصبح عليه فكيف يتطلب «اهدنا- الى او على- الصراط المستقيم» ثم الهداية «على» تخص اهليها الخصوص، والهداية «ل» امر بين امرين، و دعاء الهداية فى الصلاة تعم عامة المصلين، وأما هدى الصراط المستقيم فهو يعم مثلث الهدى!

فهدُى الصراط المستقيم فى مثلثٍ ولكلٍّ درجاتٌ، ولان دعاء الهداية عامة فلتشمل كافة المتطلبين، حتى ومن هو على صراط مستقيم، ام هو هو صراط مستقيم حيث يهدى اليه « وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ » (42: 52).

اذاً ف « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ » تعم الهداية «الى» و «ل» و «على» ثم وأعلى منها كالرسول صلى الله عليه و آله وذويه الذين هم-/ فعلًا-/ على صراط مستقيم.

والجمع فى «اهدنا» كما الجمع فى «نعبد ونستعين» يجمع فى دعاء الهداية كل العابدين‏و المستعينين اللَّه فى مثلث الدرجات، من هو مثلك او دونك ام فوقك، وحاشى لله ان يستجيبك فيمن فوقك كما هى طبيعة الحال، ثم يتركك بمن هو مثلك او دونك على ما أنتم، وهذه من أسس الدعاء أن نجمع الى انفسنا غيرنا من صالحين وطالحين، ليستفيد الطالحون، ويفيدنا الصالحون.

كما «الصراط المستقيم» دون اليه او عليه لمحة الى ان القصد دمجنا فى الصراط المستقيم، ودمجه فينا حتى نصبح نحن الصراط المستقيم، ولكى نثبت عليه ونهدي اليه، فى أية درجة من مدارجه.

صفحه بعد