کتابخانه تفاسیر
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 8
يكون هداية للناس، و أن يكون معجزة خالدة باقية شاهدة بصدق الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم: فيما يبلغه عن ربه، و أن يتقرب الناس بقراءته و العمل به إلى خالقهم- عز و جل- و لقد تكفل اللّه- تعالى- بحفظ هذا القرآن، و صانه من التحريف و التبديل، و التغيير و المعارضة. قال- تعالى-: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «1» .
و كان من مظاهر عنايته- سبحانه- بكتابه، أن جعله محفوظا في كل العصور بالتواتر الصادق القاطع، يرويه الخلف عن السلف بالكيفية المروية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أن وفق له في كل عصر حفاظا متقنين جمعوه في صدورهم، و عمروا به ليلهم و نهارهم ...
و أن قيض له رجالا قضوا معظم أيام حياتهم في خدمته و دراسة علومه، فمنهم من كتب في إعجازه و بلاغته، و منهم من كتب في قصصه و أخباره، و منهم من كتب في أسباب نزوله، و منهم من كتب في قراءته و رسمه، و منهم من كتب في محكمه و متشابهه، و منهم من كتب في ناسخه و منسوخه، و منهم من كتب في مكية و مدنية، و منهم من كتب في غريب ألفاظه ..... إلى غير ذلك من ألوان علومه.
و كثير منهم كتبوا في تفسيره. و توضيح معانيه و مقاصده و ألفاظه، و ذلك لأن سعادة الأفراد و الأمم لا تتأتى إلا عن طريق الاسترشاد بتعاليم القرآن و توجيهاته، و هذا الاسترشاد لا يتحقق إلا عن طريق الكشف و البيان، لما تدل عليه ألفاظ القرآن. و هو ما يسمى بعلم التفسير.
فتفسير القرآن هو المفتاح الذي يكشف عن تلك الهدايات السامية، و التوجيهات النافعة، و العظات الشافية و الكنوز الثمينة التي احتواها هذا الكتاب الكريم.
و بدون تفسير القرآن، تفسيرا علميا سليما مستنيرا لا يمكن الوصول إلى ما اشتمل عليه هذا الكتاب من هدايات و توجيهات، مهما قرأه القارئون و ردد ألفاظه المرددون.
قال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرءون القرآن و هم لا يعلمون تفسيره، كمثل قوم جاءهم كتاب من مليكهم ليلا، و ليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة و لا يدرون ما في الكتاب. و مثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا ما في الكتاب» «2» .
و لقد أفاض الامام ابن كثير في بيان هذا المعنى «و في بيان أحسن طرق التفسير فقال:
«فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام اللّه، و تفسير ذلك، و طلبه من مظانه، و تعلم ذلك و تعليمه ....
فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطريق في ذلك أن يفسر
(1) سورة الحجر. الآية 9.
(2) تفسير القرطبي ح 1 ص 26.
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 9
القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن و موضحة له .... و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «ألا إنى أوتيت القرآن و مثله معه»، يعنى السنة ...
و الغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة .... فإن لم تجده فمن أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن و الأحوال التي اختصوا بها و لما لهم من الفهم التام و العلم الصحيح و العمل الصالح، لا سيما علماؤهم و كبراؤهم كالخلفاء الراشدين، و الأئمة المهتدين المهديين ... قال عبد اللّه بن مسعود: و الذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب اللّه إلا و أنا أعلم فيمن نزلت و أين نزلت. و لو أعلم أحدا أعلم بكتاب اللّه منى تناله المطايا لأتيته». و قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن و العمل بهن».
و قال أبو عبد الرحمن السلمى: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن و العمل جميعا» ....
فإذا لم تجد التفسير في القرآن و لا في السنة و لا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر، و سعيد ابن جبير. و عكرمة مولى ابن عباس، و عطاء بن أبى رباح، و الحسن البصري و غيرهم» «1» .
هذا، و أنت إذا سرحت طرفك في المكتبة الإسلامية ترى العشرات من كتب التفسير، منها القديم و الحديث، و ترى منها الكبير و الوسيط و الوجيز، و ترى منها ما يغلب عليه طابع التفسير بالمأثور، و ترى ما يغلب عليه طابع التفسير بالرأى، و ترى منها ما تغلب عليه الصبغة الفقهية، أو البلاغية، أو الفلسفية، أو الصوفية، أو العلمية، أو الاجتماعية، أو الطائفية .... أو غير ذلك من الاتجاهات و الميول التي تختلف باختلاف أفكار الكاتبين و ثقافتهم و مذهبهم ...
و ترى منها المحرر أو شبه المحرر من الخرافات، و الأقوال السقيمة، و القصص الباطلة ... كما ترى منها ما هو محشو بذلك.
و لقد انتفعت كثيرا بما كتبه الكاتبون عن كتاب اللّه- تعالى-، و ها أنذا- أخى القارئ- أقدم لك تفسيرا وسيطا لسورتى الفاتحة و البقرة، و قد بذلت فيه أقصى جهدي ليكون تفسيرا علميا محققا، محررا من الأقوال الضعيفة، و الشبه الباطلة، و المعاني السقيمة ..
(1) تفسير ابن كثير ح 1 ص 4 و ما بعدها- بتصرف و تلخيص-
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 10
و ستلاحظ خلال قراءتك له أننى كثيرا ما أبدأ بشرح الألفاظ القرآنية شرحا لغويا مناسبا ثم أبين المراد منها- إذا كان الأمر يقتضى ذلك-.
ثم أذكر سبب النزول للآية أو الآيات- إذا وجد و كان مقبولا- ثم أذكر المعنى الإجمالى للآية أو الجملة، عارضا «1» ما اشتملت عليه من وجوه البلاغه و البيان، و العظات و الآداب و الأحكام ...، مدعما ذلك بما يؤيد المعنى من آيات أخرى، و من الأحاديث النبوية، و من أقوال السلف الصالح.
و قد تجنبت التوسع في وجوه الإعراب، و اكتفيت بالرأى أو الآراء الراجحة إذا تعددت الأقوال ...
و ذلك لأننى توخيت فيما كتبت إبراز ما اشتمل عليه القرآن الكريم من هدايات جامعة، و أحكام سامية، و تشريعات جليلة، و آداب فاضلة، و عظات بليغة، و أخبار صادقة، و توجيهات نافعة، و أساليب بليغة، و ألفاظ فصيحة ...
و اللّه أسأل أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، و أنس نفوسنا، و بهجة أفئدتنا، و أن يعيننا و يوفقنا لإتمام ما بدأناه من خدمة كتابه، و أن يجعل أعمالنا و أقوالنا خالصة لوجهه، و نافعة لعباده.
و صلّى اللّه على سيدنا محمد، و على آله و صحبه و سلّم.
كتبه الراجي عفو ربه محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر
(1) عرض الشيء: أظهره و أبرزه. المعجم الوسيط ح 2 ص 593.
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 11
سورة الفاتحة
[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أمر الإسلام أتباعه أن يقرءوها في كل صلاة. و في جميع الركعات، و في كل الأوقات، و لهذا أصبح حفظها ميسورا لكل مؤمن.
و هذه السورة على صغر حجمها، و قلة آياتها، قد اشتملت بوجه إجمالى على مقاصد الدين من توحيد، و تعبد، و أحكام، و وعد و وعيد.
و نرى من الخير قبل أن نبدأ في تفسيرها بالتفصيل، أن نمهد لذلك بالكلام عما يأتى:
أولا: متى نزلت سورة الفاتحة؟
للإجابة على هذا السؤال نقول: إن الرأى الراجح بين المحققين من العلماء أنها نزلت بمكة، بل هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.
و قيل: إنها مدنية. و قيل: إنها نزلت مرتين مرة بمكة حين فرضت الصلاة و مرة بالمدينة حين حولت القبلة.
قال القرطبي: الأول أصح لقوله- تعالى- في سورة الحجر: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ و سورة الحجر مكية بالإجماع. و لا خلاف في أن فرض الصلاة كان بمكة، و ما حفظ أنه لم يكن في الإسلام قط صلاة بغير الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «يدل على ذلك قوله
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 12
صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب». و هذا خبر عن الحكم لا عن الابتداء» «1» .
ثانيا: عدد آياتها: و هي سبع آيات لقوله- تعالى-: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ . قال العلماء: السبع المثاني هي الفاتحة.
و قال ابن كثير: هي سبع آيات بلا خلاف. و قال عمرو بن عبيد: هي ثماني آيات لأنه جعل إِيَّاكَ نَعْبُدُ آية. و قال حسين الجعفي: هي ست آيات و هذان القولان شاذان» «2» .
ثالثا: اسماؤها: لسورة الفاتحة أسماء كثيرة من أشهرها:
1- «الفاتحة أو فاتحة الكتاب، و سميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا. و تفتتح بها الكتابة في المصحف خطا، و تفتتح بها الصلوات، و إن لم تكن هي أول ما نزل من القرآن. و قد اشتهرت بهذا الاسم في أيام النبوة.
و قد أصبح هذا الاسم علما بالغلبة لتلك الطائفة من الآيات التي مبدؤها الْحَمْدُ لِلَّهِ ..
و نهايتها .. وَ لَا الضَّالِّينَ .
2- «أم القرآن أو الكتاب» و سميت بذلك لاشتمالها إجمالا على المقاصد التي ذكرت فيه تفصيلا، أو لاشتمالها على ما فيه من الثناء على اللّه بما هو أهله، و التعبد بأمره و نهيه، و بيان وعده و وعيده، أو على جملة معانيه من الحكم النظرية، و الأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم، و الاطلاع على معارج السعداء و منازل الأشقياء.
قال ابن جرير: «و العرب تسمى كل أمر جامع أمّا، و كل مقدم له توابع تتبعه «أما» فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: «أم الرأس». و تسمى لواء الجيش و رايتهم التي يجتمعون تحتها «أما» «3» .
3- «السبع المثاني» جمع مثنى كفعلى اسم مكان. أو مثنى- بالتشديد- من التثنية على غير قياس. و سميت بذلك لأنها سبع آيات في الصلاة، أى تكرر فيها؛ أخرج الإمام أحمد، عن أبى هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «هي أم القرآن، و هي السبع المثاني، و هي القرآن العظيم» «4» .
4- و تسمى- أيضا- سورة «الحمد». 5- و «الكنز». 6- و «الواقية».
(1) تفسير القرطبي. ج 1 ص 115 طبعة دار الكاتب العربي.
(2) تفسير ابن كثير ج 1 ص 8 طبعه عيسى الحلبي.
(3) تفسير ابن جرير ج 1 ص 107 طبعة دار المعارف.
(4) تفسير ابن كثير ج 1 ص 9.
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 13
7- و «الشفاء»، لحديث. هي الشفاء من كل داء.
8- و «الكافية» لأنها تكفى عن سواها و لا يكفى سواها عنها.
9- و «الأساس». 10- و «الرقية».
هذا، و قد ذكر القرطبي للفاتحة اثنى عشر اسما، كما ذكر السيوطي لها في كتابه «الإتقان» خمسة و عشرين اسما.
رابعا: فضلها: ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة منها:
ما رواه البخاري في صحيحه عن أبى سعيد بن المعلى- رضي اللّه عنه- قال:
كنت أصلى في المسجد، فدعاني النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول اللّه، إنى كنت أصلّى.
فقال: ألم يقل اللّه: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ .
ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت: يا رسول اللّه. ألم تقل: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن. قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته» «1» .
و روى مسلّم و النسائي، عن ابن عباس، قال:
بينما جبريل قاعد عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم سمع نقيضا من فوقه- أى: صوتا- فرفع رأسه فقال:
هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فسلّم و قال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، و لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، و خواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته» «2» .
و روى مسلّم عن أبى هريرة- رضي اللّه عنه- عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج (ثلاثا): غير تمام» فقيل لأبى هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك؛ فإنى سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: قال اللّه- تعالى-: «قسمت الصلاة بيني و بين عبدى نصفين، و لعبدي ما سأل»، فإذا قال العبد:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ . قال اللّه: حمدنى عبدى، و إذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . قال اللّه تعالى: أثنى على عبدى. و إذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال اللّه: مجدنى عبدى. فإذا قال:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . قال اللّه: هذا بيني و بين عبدى و لعبدي ما سأل. فإذا قال:
(1) صحيح البخاري. كتاب التفسير. باب ما جاء في فاتحة الكتاب ج 6 ص 21.
(2) أخرجه مسلّم في كتاب: صلاة المسافرين و قصرها ج 2 ص 198.
التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج1، ص: 14
قال اللّه: «هذا لعبدي و لعبدي ما سأل» «1» .
و أخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد اللّه بن جابر، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول اللّه. قال: اقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى تختمها «2» .
تلك هي بعض الأحاديث التي وردت في فضل هذه السورة الكريمة.
و قد ذكر العلماء أنه يسن للمسلّم قبل القراءة أن يستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم، استجابة لقوله- تعالى- فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «3» .
و معنى «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم»: ألتجئ إلى اللّه و أتحصن به، و استجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياى.
قال ابن كثير: «و الشيطان في لغة العرب كل متمرد من الجن و الإنس و الدواب و كل شيء.
و هو مشتق من شطن إذا بعد، فهو بعيد بطبعه عن طباع الشر، و بعيد بفسقه عن كل خير.
و قيل: مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار. و الأول أصح إذ عليه يدل كلام العرب، فهم:
يقولون تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشيطان، و لو كان من شاط. لقالوا: تشيط، فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح» «4» .
و الرجيم: فعيل بمعنى مفعول أى أنه مرجوم مطرود من رحمة اللّه و من كل خير، و قيل:
رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس و الشكوك.
قال بعض العلماء: «و إنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية و الشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألوانا من الشكوك فيما يقرأ، و فيما يفيد من قراءته، و فيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى اللّه و آياته، فعلمنا اللّه أن نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق، و تعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى اللّه، و قوة عزيمته في طرد الوساوس و الشكوك، و استقبال الهداية بقلب طاهر،
(1) أخرجه مسلّم في كتاب الصلاة ج 2 ص 9.
(2) تفسير ابن كثير ج 1 ص 10.
(3) سورة النحل الآية 98.