کتابخانه تفاسیر
الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج1، ص: 59
سورة الفاتحة
الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج1، ص: 61
«سورة الفاتحة- مكية- و آياتها سبع».
[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
«سورة الفاتحة» التي افتتح بها الكتاب تأليفا كما افتتح تنزيلا- هي صورة مصغّرة عن «تفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين» أفرد اللّه بها الامتنان على الرسول العظيم (صلى اللّه عليه و آله و سلم) إذ جعلها ردفا للقرآن العظيم: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (15: 87) «1» .
(1).
عيون أخبار الرضا (عليه السلام) باسناده الى الامام الحسن العسكري (عليه السلام) مسلسلا عن أبيه عن آباءه عن علي (عليه السلام) قال: سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) يقول: ان اللّه عز و جل قال: يا محمد! و لقد آتيناك سبعا
الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج1، ص: 62
نجد فيها تجاوبا رائعا بين كتابي التدوين و التكوين عدّة و عدّة، فآياتها سبع، و أسماءها سبعة، كما السماوات سبع، و الأرضون سبع، و أيام الأسبوع سبعة، و الطواف بالبيت و السعي سبعة أشواط، ثم و تغلق بسبعها أبواب الجحيم السبع «1» كما نرمي الشياطين بجمرات سبع حيث الشيطنات هي السبع «2» : كما و تفتح بها أبواب الجنة الثمان «3» .
1- فهي فاتحة الكتاب «4» .
لافتتاحه بها تنزيلا و تأليفا براعة بارعة لاستهلاله، حيث تنير علينا
من المثاني و القرآن العظيم، فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب و جعلها بإزاء القرآن العظيم و إن فاتحة الكتاب اشرف ما في كنوز العرش، و إن اللّه عز و جل خص محمدا (صلى اللّه عليه و آله و سلم) و شرّفه بها و لم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان فانه أعطاه منها «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» (1: 301 و البحار 92: 227)
و
في الدر المنثور 1: 2- أخرج الواحدي في اسباب النزول و الثعلبي في تفسيره عن علي (عليه السلام) قال: نزلت الفاتحة بمكة من كنز من كنوز العرش.
(1).
تفسير الفخر الرازي 1: 175 روي ان جبرئيل (عليه السلام) قال للنبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) يا محمد! كنت أخشى العذاب على أمتك فلما نزلت الفاتحة أمنت، قال (صلى اللّه عليه و آله و سلم): لم يا جبرئيل! قال: لان اللّه تعالى قال «و ان جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم» و آياتها سبع فمن قرأها صارت كل آية طبقا على باب من أبواب جهنم فتمر أمتك عليها سالمين.
(2) و هي: الشيطان- البقر- النمر، ثم كل جمع بين اثنين منها ثم مجموع الثلاثة فهي سبع
(3) و علّها باب المعرفة بما تكبر اللّه في صلاتك و- 2- باب الذكر بالبسملة و- 3- باب الشكر بالحمد له و- 4- باب الرجاء بالرحمتين الرحمانية و الرحيمية و- 5- باب الخوف يوم القيامة و- 6- باب الإخلاص في العبودية و الاستعانة الناتجة عن معرفة الربوبية و 7- باب الدعاء و الضراعة في طلب الهداية و- 8- باب الاهتداء الى صراط اهل النعمة.
(4) و قد تواترت الأحاديث لهذا الاسم.
الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج1، ص: 63
دروبا من علوم الكتاب جملة كما يفتح الكتاب تفصيلا، فتفتح بها أبواب خزائن أسرار الكتاب لأنها مفتاح كنور لطائف الخطاب.
2- 3- و هي ام القرآن و ام الكتاب «1» .
أمّا لتفصيل الكتاب بآياته المحكمات و المتشابهات، كما المحكمات هن أم الكتاب، فكما المحكمات هن أم للأطفال المتشابهات، كذلك آيات الكتاب كله هي أطفال الأمّ السيدة.
فكل أصل و كل مجتمع و كل مأوى و محور أمّ، و القرآن المفصّل يضم مربع الربوبية و النبوة و المعاد و ما بين المبدء و المعاد بتفاصيلها، و أم القرآن يضمها محكمة مختصرة، حكيمة محتصرة.
و من ثم الأم تأتي بمعنى الراية للعسكر و الفاتحة راية لعساكر السور
(1).
الدر المنثور عن النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) أنها أم القرآن و ام الكتاب
و
فيه اخرج البخاري و الدارمي في سننه و ابو داود و الترمذي و ابن المنذر و ابن اي حاتم و ابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم): «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» ام القرآن و ام الكتاب و السبع المثاني-
و
من طريق اهل البيت (عليهم السلام) روى العياشي 1: 19 عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: اسم اللّه الأعظم مقطّع في أم الكتاب، و عن عبد الملك بن عمر عنه (عليه السلام) إن إبليس رنّ أربع رنّات ..
و حين نزل ام الكتاب، و
في دعوات الراوندي عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سمع بعض آبائي رجلا يقرء ام القرآن فقال: شكر و اجر (البحار 92: 261) و رواه مثله محمد بن احمد بن يحيى بسند عن جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) (تهذيب الأحكام 8: 190)
و
روى الشيخ الطوسي في تبيانه 1: 22، عن النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) انه سماها ام القرآن
و
أخرجه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عن الترمذي عن أبي بن كعب قال قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل مثل أم القرآن.
الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج1، ص: 64
بآياتها و هيبة لجنودها، فحقا هي راية القرآن إذ تقدمه و تعرّفه و تعنيه!.
4- و هي أساس القرآن:
إذ أسست تفاصيله فيها مجملة جميلة وضّاءة «1» و القرآن المفصل يتبنّى الأساس أساسا لتفاصيله.
5- و هي الكافية:
تجزي ما لا تجزي شيء من القرآن حيث «تكفي من سواها و لا تكفي عنها سواها» «2» في اولى السورتين من الأوليين لفظيا حيث تكفي من سائر القرآن في الركعتين و لا يكفي سائره عنها فيهما، و معنويا فانها على اختصارها تحمل متنا حاصرا من غزيرة الوحي الهاطل، و خطابا لربنا في معراج الصلاة إذ تكفي عن كافة التفاصيل المسرودة في الذكر الحكيم حيث تناسب ذلك الخطاب.
6- و هي الحمد:
حيث تحمل أحمد حمد لرب العالمين، و خير ما يحمده به الحامدون، حمد غائب «الحمد للّه ..» و من ثم حاضر «إياك نعبد ...» فانها بشطريها
(1).
الدر المنثور 1: 2 اخرج الثعلبي عن الشعبي ان رجلا شكا اليه وجع الخاصرة فقال: عليك بأساس القرآن قال: و ما أساس القرآن؟ قال: فاتحة الكتاب.
(2) المصدر اخرج الثعلبي عن عفيف بن سالم قال: سألت عبد اللّه بن يحيى بن أبي كثير عن قراءة فاتحة الكتاب خلف الامام فقال عن الكافية تسأل؟ قلت: و ما الكافية؟
قال: الفاتحة، اما تعلم انها تكفي عن سواها و لا تكفي عنها سواها؟
و