کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 78

وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) مما يبشر هذا الإنسان الظلوم الكفار بغفر من اللَّه و رحمة لو أن تنبه و أناب الى اللَّه.

[سورة إبراهيم (14): الآيات 35 الى 41]

وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى‏ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (39)

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (41)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 79

آيات سبع تختصر في دعاء ابراهيم الخليل كل ما سأل في منحدر عمره و خاتمة أمره، انسان ذاكر شاكر لنعمت اللَّه، يدعو ربه في بيته العتيق، بمشهد خاشع يظلله الشكر و تشيع فيه الضراعة و يتجاوب فيه الدعاء في نعمة رخية تتموج ذاهبة الى السماء: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ..» مما يلمح بكون مكة بلدا حينذاك، و ترى كيف يكون واد غير ذي زرع بلدا و لم يعمّر بعد؟ علّه لأنه أم القرى مهما كان وقتئذ واديا غير ذي زرع، فهو بلد قبل عماره و بعده، قبل بناء البيت و بعده، و لكنه قبل بناء البيت يدعو له كأنه ليس بلدا: «وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى‏ عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ. وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (2: 129) و قد يعني جعل الأمن فيه حال كونه بلدا حيث الجعل مركب يكفيه «آمنا» امرا حديثا و لم يكن من ذي قبل.

و قد يلمح اختلاف الدعائين في عديد من بنودهما انهما في ظرفين، مهما اشتركا في جهات أخرى فمن‏ «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي» في ابراهيم نعرف أنها السفرة الاولى الإبراهيمية حين أخذ اليه إسماعيل الرضيع و أمه.

و من‏ «إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ» في البقرة نعرف انها الاخرى حين كبر إسماعيل لحد إمكانية المساعدة معه لرفع القواعد من البيت، ف «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً» هي دعائه قبل بناء البيت بسنين، و لا اقل من عشر ام زاد، فهل انه كان بلدا حينذاك و لم يكن بعده بسنين‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 80

بلدا حيث الاول‏ «هَذَا الْبَلَدَ آمِناً» و الآخر «هذا بَلَداً آمِناً» ؟.

انه في الاول كان بلدا واقعيا مهما كان واديا غير ذي زرع، ام في الحق بلدا لأنه يحمل مطاف الموحدين، و هو في المستقبل عاصمة الرسالة الاسلامية، ثم هو في الثاني كما الاول ام زاد، و لا ينافيه‏ «هذا بَلَداً آمِناً» حيث المشار اليه هو البلد، و الجعل هنا لثاني المفعولين ان يجعله آمنا دون اصل البلد.

ثم دعاءه هنا تنقسم الى قسمين بينهما لأقل تقدير عشر سنين، ف «إِنِّي أَسْكَنْتُ ..» هي في سفرته الاولى و معه إسماعيل الرضيع، ثم‏ «وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ ..» هي بعد مبلغ إسماعيل الحلم لحد يساعده في رفع القواعد، و في قوله‏ «رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ..» لمحة انه لم يولد بعد إسحاق و إلا كان ضمن ما يدعو.

و ترى «آمنا» في تلك الدعاء تعني الأمن تكوينا؟ و قد نرى خلافه طول تاريخه كما لم يأمن فيه الرسول (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) حيث ضرب و هتك و حوصر و أحرج حتى اخرج، لحدّ «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ» حيث استحلت حرمته في هذا البلد، كما و الحسين (عليه السلام) خرج منه خائفا يترقب، و لحد الآن لا نرى أمنا واقعيا فيه حيث السلطات المسيطرة فيه لا تبقي و لا تذر حرية للحجاج و المعتمرين و سائر الوافدين، حتى في تطبيق واجباتهم حسب مذاهبهم الإسلامية، كما و قد هدم البيت و احرق خلال التاريخ الاسلامي فضلا عما قبله، فأين- إذا- امنه تكوينا؟.

ام أمنا تشريعيا؟ و هو يعم طول الزمان و عرض المكان ان شرع اللَّه الأمن في تشاريعه كلها، و شرعة اللَّه مؤمّنة كلّها.

ام إنه أمن زائد على سائر البلاد؟ و كذلك هو آمن كما نراه في محرمات‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 81

الإحرام و سائر مناسك الحج و العمرة، و في غيرهما للوافدين و القاطنين، فلذلك يختص بانه بلد آمن‏ «فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» (3: 97) «أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً» (29: 67) «أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى‏ إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ» (28: 57) «سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ» (34: 18) .

هذا- و من مخلفات هوي الأفئدة و الثمرات اليه طائف من الأمن تكوينا، فقد جمع فيه الأمنان‏ «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» ! ثم الأمن هذا يعم امن الروح و الجسم عن كل ما يصيبهما، و من ذلك الأمن عن عبادة الأصنام و كما حصل منذ الهجرة إلى المدينة، و كذلك الأمن عن العذاب و كما هو حاصل منذ تكونها حتى الآن و الى يوم القيامة.

«وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» .. «بني» قد تجمع كل الانسال الناسلة من ابراهيم يوم دعى و الى يوم الدين، و كيف يدعو «و اجنبني» و هذه المجانبة هي من التكاليف المختارة للعالمين؟ لأنها بدوامها و كمالها بين محاولة بشرية حسب المستطاع، و بين توفيق رباني لولاه لكانت الحواجز الآفاقية و الأنفسية تعرقل دون تحقيقها أم ثباتها و تكاملها، لذلك يتطلب من اللَّه ان يجنبه و بنيه بعد ما اجتنبوا و كما نقول‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» .

و هل استجيب في بنيه كلهم؟ طبعا لا، إلّا من آمن منهم، و كما دعى‏ «وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» (2: 124) فليس جنب تسييرا على مجانبة عبادة الأصنام، بل توفيقا لمن آمن، فان الخير كله بيديه و الشر ليس اليه.

و لماذا «بني» دون من آمن ككل؟ انه تطبيق لأمر اللَّه: «قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً» (66: 6) وقاية بدعاء بعد وقاية بسائر السعي، و من ثم سائر المؤمنين‏ «وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ» و قد تعني «بني» ولد ابراهيم و إسماعيل و إسحاق.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 82

و لماذا «بني» بعد «و اجنبني» دون المؤمنين اجمع، او من بنيه، او الناس أجمعين؟ .. انه تطبيق لترتيب التربية في الدعوة كما قال اللَّه: «قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً» (66: 6) «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» (26:) 214) ابتداء بنفس الداعية في بعدي التحقيق و الدعاء للمزيد، ثم الأقرباء و الأنسباء، ثم سائر الناس.

و قد يعني من «بني» الأنبياء من ذريته كإسماعيل و إسحاق و ذريتهما، و كما تلمح له‏ «رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ» إسلاما لهم كما لهما، ام و فوقه كما في محمد (ص) و عترته المعصومين عليهم السلام.

و لماذا «الأصنام» فقط و عبادة الطواغيت اشر و اطغى؟ لأنها أعم حيث يعبدها المستضعفون المضلّلون بطواغيتهم الدعاة إليها مهما كانوا هم معبودين لهم كوساط في تلك العبادة.

ففرعون نفسه و نمرود و اضرابهما كانوا يعبدون أصناما كما كانوا يعبدون، فالأصنام اشمل صيغة تعمّ كل معبود سوى اللَّه، هكذا، ام و هي أعم من أدناها النفس الامارة بالسوء، و أعلاها الطواغيت، و هذا المثلث هو الأصنام مهما اختلفت دركاتها، كما و ان عبادة اللَّه- ايضا- درجات.

و لماذا «و اجنبني» ضما لنفسه في بنيه و هو صون بالعصمة الإلهية عما دون ذلك فضلا عن عبادة الأصنام؟ انه طلب للثبات على شرعة التوحيد، كما يطلب الرسول (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) ضمن سائر المكلفين‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» .

و درجات ذلك الجنب تختلف حسب درجات المجنبين كدرجات الهداية الإلهية حسب المهتدين.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 83

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) .

نسبة الإضلال الى الأصنام و هي لا تعقل لأنها مادة الضلال، و هو بين زوايا ثلاث ثانيتها المضلّل نفسه حيث يتقبل الضلال، و ثالثتها المضلل حيث يدعو الى الضلال، فيصح نسبة الإضلال إلى كل واحدة منها كما إليها كلّها، و قد ينسب الى اللَّه حين لا يمنع عن الضلال تسييرا ام توفيقا «فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» فلو لا مادة الضلال لم يكن هنالك دور لضال و لا لإضلال، و لو لا تقبّل للضلال فلا دور للآخرين، كما لو لا المضلّل فلا دور لمادة الضلال و تقبّله اللهم إلا قليلا في هذا الأخير.

كما ان اللَّه لو منع أيا من هذه الثلاث لم يوجد هناك ضلال، فنسبة المضل الى ايّ من هذه الثلاث و حتى الى اللَّه، صالحة، بفارق انه من اللَّه عدل، و من المضلّل و المضلّل ظلم، و في مادة الضلال كالأصنام لا عدل و لا ظلم الا إذا كان هو المضلّل نفسه، فمادة الضلال «الأصنام» تضل، كما الضال يضل نفسه بتقبل الضلال، و المضلّل يضلله بدعايته، و اللَّه يضله بعد ما ضل حيث يتقبل، و عند ما ضل حيث لا يحول بينهما.

ثم‏ «فَمَنْ تَبِعَنِي» يعم اتباعه في اصل التوحيد و سائر الشرعة الإلهية عقيدية و علمية و تطبيقية، مهما كان متابعوه في مثلثة المنازل، ممن هو فوقه كالرسول محمد (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) ام مثله كسائر اولي العزم، ام دونه كسائر النبيين و المرسلين و سائر المؤمنين، و هم كلهم اولى الناس به:

«إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا» (3: 68) فقد يعني‏ «لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ» أمثاله في ولاية العزم، ام اصحاب المنازل الثلاث كلهم تعميما قبل تخصيص، و علّه اولى، مهما كانت متابعة هذا النبي في اصل السلوك و المسلك لا في رتبته و كما في‏ «الَّذِينَ آمَنُوا» فقد

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏16، ص: 84

يعم‏ «فَمَنْ تَبِعَنِي» متابعيه من ولده و سواهم‏ «فَإِنَّهُ مِنِّي» و ان بعدت لحمته، كما «وَ مَنْ عَصانِي» يعم العصاة من ولده و سواهم- فليس مني- و ان قربت لحمته.

إذا ف «وَ مَنْ عَصانِي» يعم كافة العصاة لشرعة اللَّه، المجانبين سلوكه و مسلكه، سواء أ كانوا ملحدين او مشركين، ام موحدين عصاة متخلفين عن عملية الايمان كلا او بعضا، و بذلك تنحل المشكلة العويصة في‏ «فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» - «وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى‏ عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ» (2: 126) «ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ‏ ... مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ، وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ...» (9: 114) .

فان الاستغفار لأصحاب الجحيم محرم في شرعة اللَّه و لا سيما للمشركين، فكيف يرجو ابراهيم لمن عصاه و أشرك‏ «فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» غلطة ذات بعدين ثانيهما التحقق من غفر اللَّه و رحمته؟.

و الجواب ان «عصاني» يعم كل عصيان و قد يستثنى الإشراك باللَّه ممن مات مشركا، و اما العصاة في غير الإلحاد و الإشراك، ام المشركون التائبون‏ «فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» مهما كانت هنالك شروط، و هنا الخليل الحنون تبدو سمته العطوفة حين لا يطلب الهلاك لمن عصاه من نسله و سواه، فلا يستعجل لهم العذاب بل و لا يذكر العذاب، و انما يكلهم الى غفران اللَّه و رحمته، و يلقي على الجو ظلال الرحمة و المغفرة، حيث يتوارى ظل المعصية!.

صفحه بعد