کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الجزء الأول

الجزء الثاني و العشرون

الجزء الخامس و العشرون

الجزء السادس و العشرون

الجزء السابع و العشرون

الجزء الثامن و العشرون

رسالة من صاحب تفسير«الميزان» تعريفا بتفسير الفرقان مقدمة

الجزء التاسع و العشرون

الجزء الثلاثون

المقدمة المدخل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن


صفحه قبل

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 273

رموز القرآن و مفاتيح غيبه الخاص بمن أوحي إليه و أهليه و تأويله، إذا فالقرآن المفصل هو هو الأم الثاني برموزه المنحصرة بالرسول المنحسرة عمن سوى الرسول (صلى اللَّه عليه و آله و سلم).

ثم المبين الثالث: هذا القرآن ليس إلا آيات الكتاب المبين: «الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ» (12: 1) «الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَ قُرْآنٍ مُبِينٍ» (15: 1) «طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ» (27: 1) .

فهذا الكتاب القرآن و القرآن الكتاب ليس إلا آيات للكتاب، و القرآن الأم، النازل في ليلة القدر، لا يزيد عليه و لا ينقص عنه، إلا بيان ما يختص بالرسول من حروفه الرمزية و تأويله، ثم هما: الأم الثاني بولدها، ليسا هما الكتاب المبين الأول بتمامه، حيث يجري علم الغيب كله دون عزوب أو غروب.

«وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْناهُ ..» دليل أن القرآن المحكم و المفصل واحد لا يختلفان إلا في الإحكام و التفصيل: «كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ» (11: 1) .

ثم‏ «وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» دليل أن أم الكتاب الأولى ظرف للثانية بولدها، فهي تحويهما و تحيط بهما، دون تساو، و إنما أنزل منه و نزّل ما يحتاجه النبي (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) و العالمون أجمعون إلى يوم الدين، فهو من العلم الرباني و ليس العلم كله، فهو من الغيب و ليس الغيب كله.

و الكتاب المبين الأوّل هو أولا مبين لرب العالمين لا عن جهل، و مبين للنبي و العالمين على حدّهم، و مبين كل شي‏ء علما واقعا.

و المبين الثاني يخص النبي (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) حيث لا سبيل لمن سواه إلى ما أوحي إليه ليلة القدر إلا ما بينه أو بينه القرآن المبين.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 274

و المبين الثالث من طبعه أنه يبين دون خفاء في قصور دلالي، و على من يستبين دقيق النظر و حديد البصر ليبلغ مدى بيانه ف «هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ» .

إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (3) .

الكتاب المبين الأم الثاني فضلا عن الأول، لم يكن قرآنا: يقرأ في آيات، و لا عربيا: بيّنا يعرب عن حقيقته «للعالمين» «إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» و لا يعني «عربيا» إلا واضحا لاخفاء فيه، لا أنه باللغة العربية و ان كان بها. إنه عربي في بعدين: باللغة العربية فإنها أعرب اللغات و أظهرها، بلسان عربي في هذه اللغة حيث لا تعقيد فيه و لا ريب يعتريه، و جملة القول في عربيته أنه يعرب عن حقائقه كأوضح ما يمكن في فصاحة التعبير و بلاغته‏ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» : تأخذون ما يعرب عنه دون قصور و خفاء فيما يعرب حيث لا يعزب عن دلالة، و لا يغرب عن لمحة إلا و هو بيان له، يعرب كأعرب بيان و أعذب تبيان.

ف «كم» في لعلكم ليسوا هم العرب فحسب، حيث القرآن شرعة للعالمين و بيان للناس أجمعين، بل هم العالمون أجمع شرط أن يعرفوا هذه اللغة، أو يترجم لهم إلى لغتهم: «كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (41: 3) فرب عربي لا يعلمه و رب أعجمي يعلمه، إن بلغته أم مفهومه أم ماذا.

إنه لسان عربي يعرب، لا لغة عربية قد تعرب و قد تغرب‏ «وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ» (16: 103) «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ. لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» (26: 195) .

إنه لسان عربي كما أنه حكم عربي‏ «وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا» (13: 37) دون أن يختص لسانه و حكمه بالإنسان العربي، و إنما هو عبارة تعرب و حكم يعرب دون عوج في حكمه او خفاء في تعبيره: «قُرْآناً عَرَبِيًّا

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 275

غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» (39: 28) .

أ ترى لو نزل القرآن بغير هذه اللغة ما كان يعقل أو يتقى، فإنما يتقى ما يعقل، و يعقل و يقبل الظاهر دلالة، الموافق للعقل و الفطرة و المصلحة مدلولا.

فكم من عبارة عربية لا تعقل فلا تقبل، و كم من أعجمية تعقل فتقبل، و لكنما القرآن جمع بين عربية اللغة و عربية اللسان و عربية البيان و عربية الحقائق التي يتقبلها العقل و الفطرة، و يصدقها الواقع، فهو حكم عربي في كافة المجالات. و «لعلّ» هنا في موقف ترجّي العقل عن القرآن، لا أن اللَّه يترجى، و إنما العالمون المكلفون بشرعة القرآن، فمنهم من يعقله و منهم من لا يعقله، فالقرآن في نفسه بيان لا عوج فيه، فيه رجاء عقلكم أن تأخذوا حقائقه، لا إثبات في عقله مطلق و لا سلب عن عقله مطلق، و إنما هو عوان، يعقل لمن يعقله و يعقل عنه، و لا يعقل لمن لا يعقله و لا يعقل عنه‏ «وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً» .

وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) .

الكتاب هنا كتاب العلم المحيط من تشريع و تكوين، يحوي كتابات التشريع و مطلق التكوين، و القرآن موقفه في أم الكتاب «علي حكيم».

و «لدينا» هنا تعني: انه لدينا- في أم الكتاب لدينا، إنه في ميزان اللَّه، في أم الكتاب لدى اللَّه «علي حكيم»، «علي» على سائر الكتب السماوية و هي دونه، كما هو علي عن أن تناله الأفهام قبل نزوله و حتى للرسول (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) فكيف بمن دونه!.

«حكيم» من أن يتدخل فيه الأوهام، حكيم من النسخ و التحريف،

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 276

فكما اللَّه علي لا ينال في علوه، و حكيم لا يغتال، كذلك قرآنه المبين، فعلوه و حكمته لزام له لا يزول، و إن كان كلّ درجات في مثلثة الحالات «لدى اللَّه» «لدى رسول الله» «لدى خلق الله» و لكنما الأمر الثابت أنه عليّ يعلو كل عال، حكيم لا يتطرق إليه أي إدغال، و لا ينفذ إليه غيره في أي مجال على أية حال!.

القرآن هنا «علي» و اللَّه تعالى «علي» في آيات سبع، و أين علي من علي!، حيث القرآن قبس من أم الكتاب لدى اللَّه‏ «لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» .

ثم القرآن هنا «حكيم» و في آيات عدة: «ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ» (3: 58) «1» و اللَّه حكيم في (93) آية، و أين حكيم من حكيم! و لا يعني «علي» هنا عليا (عليه السلام) حيث الضمير في «إنه» راجع إلى‏ «الْكِتابِ الْمُبِينِ» فالكتاب المبين في أم الكتاب لدى اللَّه علي حكيم، و إذا أوّلته إلى ضمير شأن- حيث يتطلب مبتدء و خبرا- لا تجد إلا خبرا موصوفا «لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» بلا مبتدء! حيث المبتدء لا يبتدء بلام التأكيد، و لا يعني رواية «على حكيم» إلا تطرفا جاهلا بعيدا عن أدب اللفظ و المعنى‏ «2» اللهم إلا تأويلا يعني النسخة الثانية من الحكمة المحمدية تمثلا في الإمام علي (عليه السلام) و تداوما في الأئمة من أهل بيته‏

(1). كما في‏ «تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ» (10: 1) (31: 2) «يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» (36: 2) .

(2)

نور الثقلين 4: 592 في كتاب معاني الاخبار باسناده متصل عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في قول اللَّه عز و جل‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» قال:

هو امير المؤمنين و معرفته و الدليل على انه امير المؤمنين قوله عز و جل: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» و هو امير المؤمنين (عليه السلام) في ام الكتاب في قوله‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» ؟!.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 277

الطاهرين كما يلوح من الرواية نفسها.

أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) .

هذا ذكر مبارك أنزل قرآنا عربيا لعلكم تعقلون، رحمة عالية غالية لعلكم ترشدون، فإن عقلتم فأنتم مهتدون، و إن أسرفتم في الجهالة و التجاهل فحقّ عليكم عذاب اللَّه أن يضرب عنكم الذكر صفحا، إعراضا عنكم بنعمته و استعراضا لكم بنقمته، و إنه لتهديد مخيف أن يلوح لهم بعد ذلك بالإهمال من حسابه و رعايته جزاء إسرافهم القبيح.

إن ربكم يحدثكم في هذا الذكر بلسانكم كما يتفهمه كل إنسان، لسان الناس دون تكلف ف «هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ» فهل إذا تحولتم من الناس إلى النسناس‏ «أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ» ؟

فلو أن ضرب الذكر صفحا كان عنكم المسرفين برفعه أو محوه فما ذنب غير المسرفين؟ أو أن ضربه عنكم فقط أن يجعل بينه و بينكم حجابا مستورا، فانقطاع لحجة دائبة عليكم من رب العالمين، فليكن الذكر أمامكم و بين أيديكم تعيشونه بأسماعكم و أبصاركم‏ «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» فتتقون شفاء و رحمة للمؤمنين، أم نكالا و خسارا للظالمين:

«وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً» .

وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (7) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضى‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ» (8) .

«الأولين» هنا تعني من قبل الآخرين المسلمين كما «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ» (15: 10) «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏ . قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى‏ مِيقاتِ» (56: 39- 49)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 278

«وَ لَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ» (37: 71) ، و إن كانت تعني أحيانا من قبلكم و قبل الأوسطين: «قالَ رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ» (26: 26) فحين تعني الأولين أولية الرسالة و المرسل إليهم فالآخرون هم المسلمون، لمحة لطيفة إلى أن الرسالات كلها تقدمات و تهيئات لهذه الرسالة الأخيرة السامية، لا شأن لها إلا أوليتها و أنها تعبّد طريق هذه الأخيرة.

«وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ» رسالة تترى دونما انقطاع‏ «فِي الْأَوَّلِينَ» : «ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ» (23: 44) سنة دائبة في تواتر الرسالات رغم تواتر التكذيبات دون أن يضرب عنهم الذكر صفحا أن كانوا مسرفين! «ما يَأْتِيهِمْ» هؤلاء المناكيد الأوغاد «مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» و هم أولاء المترفون: «وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ» (34: 34) و من ثم المستضعفون، و الرسالات الإلهية تحارب المستكبرين و تؤوي المستضعفين:

«فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً» أشد منهم بينهم‏ «1» و أشد منكم‏ «وَ مَضى‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ» مضيا في واقعه حيث الهلاك الواقع، و مضيا في إنباءه حيث الإنباءات الماضية منذ بزوغ وحي القرآن، و مضيا في إمضاءه ككل إنباء لكم، حيث الإنباءات تترى طول نزول القرآن، و مضيا في تحقيقه بينكم:

«لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ» (84: 19) سنن من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل و القذة بالقذة.

(1). ف «هم» يعنيهما، أشد منهم بينهم و أشد من هؤلاء الموجودين زمن الرسول (صلى اللَّه عليه و آله و سلم).

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏26، ص: 279

«أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً» : حملة على الرسل و الرسالات، و حملة على الأفراد و الجماعات، هؤلاء الأشداء أهلكوا بالطاغية.

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ» (9) هنالك خطوات ثلاث إلى اللَّه، أولاها أن هناك مخلوقا أو ان العالم كلّه مخلوق، و ثانيتها أن الخالق عزيز عليم، و ثالثتها انه هو اللَّه.

الخطوة الأولى بيّنة مبرهنة نعيشها ليل نهار، و لا أقل من أنفسنا حيث نخلق تلو بعض و مع بعض، فلا ناكر أن هناك مخلوقا بين المختلفين في اللَّه من ماديين و مشركين أم من ذا؟.

فهنا يأتي دور الخطوة الثانية «من خلق»؟ «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْ‏ءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ» (52: 36) فالخالق لهم و لما سواهم غيرهم، فهل يعلم الخالق أم يجهل؟ «أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» (67: 14) فاللطافة الدقة و الخبرة الحكمة باهرتان في الخلق كله:

«وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ» فالعزة: القدرة الغالبة، و العلم المطلق: اللطافة و الخبرة، نلمسها كلها في هذا الخلق العظيم‏ «فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى‏ مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ» (67: 4) .

فلو أن الحكمة و الإتقان في هذا الصنع البارع البديع دليل الجهل و العجز، أم لا يدل على علم و قدرة، فما هي آثار العلم و القدرة أم ليست لهما آثار؟.

صفحه بعد