کتابخانه تفاسیر
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 609
(هدد): الهد هدم له وقع و سقوط شىء ثقيل، و الهدة صوت وقعه، قال تعالى: وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا و هددت البقرة إذا أوقعتها للذبح، و الهد المهدود كالذبح للمذبوح و يعبر به عن الضعيف و الجبان، و قيل مررت برجل هدك من رجل كقولك حسبك و تحقيقه يهدك و يزعجك وجود مثله، و هددت فلانا و تهددته إذا زعزعته بالوعيد، و الهدهدة تحريك الصبى لينام، و الهدهد طائر معروف، قال تعالى: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ و جمعه هداهد، و الهداهد بالضمّ واحد قال الشاعر:
كهداهد كسر الرماة جناحه
يدعو بقارعة الطريق هديلا
(هدم): الهدم إسقاط البناء، يقال هدمته هدما، و الهدم ما يهدم و منه استعير دم هدم أي هدر، و الهدم بالكسر كذلك لكن اختص بالثوب البالي و جمعه أهدام، و هدمت البناء على التكثير، قال تعالى: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ .
(هدى): الهداية دلالة بلطف و منه الهدية و هوادى الوحش أي متقدماتها الهادية لغيرها، و خص ما كان دلالة بهديت و ما كان إعطاء بأهديت نحو أهديت الهدية و هديت إلى البيت إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف و قد قال اللَّه تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ - وَ يَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ قيل ذلك استعمل فيه استعمال اللفظ على التهكم مبالغة فى المعنى كقوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ و قول الشاعر:
تحية بينهم ضرب وجيع
و هداية اللَّه تعالى للإنسان على أربعة أوجه، الأول: الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل و الفطنة و المعارف الضرورية التي أعم منها كل شىء بقدر فيه حسب احتماله كما قال تعالى: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى ؛ الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء و إنزال القرآن و نحو ذلك و هو المقصود بقوله تعالى: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا الثالث:
التوفيق الذي يختص به من اهتدى و هو المعنى بقوله تعالى: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً و قوله: مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ و قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ و قوله: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا - وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً - فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا - وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 610
يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، الرابع: الهداية فى الآخرة إلى الجنة المعنى بقوله:
سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ - وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ إلى قوله:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا و هذه الهدايات الأربع مترتبة فإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه، و من لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة و الرابعة، و من حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها، و من حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله. ثم ينعكس فقد تحصل الأولى و لا يحصل له الثاني و لا يحصل الثالث، و الإنسان لا يقدر أن يهدى أحدا إلا بالدعاء و تعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات و إلى الأول أشار بقوله:
وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ - يَهْدُونَ بِأَمْرِنا - وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي داع، و إلى سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ و كل هداية ذكر اللَّه عزّ و جلّ أنه منع الظالمين و الكافرين فهى الهداية الثالثة و هى التوفيق الذي يختص به المهتدون، و الرابعة التي هى الثواب فى الآخرة و إدخال الجنة نحو قوله عزّ و جلّ: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً إلى قوله: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ و كقوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ و كل هداية نفاها اللَّه عن النبي صلّى اللَّه عليه و سلّم و عن البشر، و ذكر أنهم غير قادرين عليها فهى ما عدا المختص من الدعاء و تعريف الطريق، و ذلك كإعطاء العقل و التوفيق و إدخال الجنة، كقوله عز ذكره: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ - وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى - وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ - إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ - وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ - وَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ - إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ و إلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ و قوله: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ أي طالب الهدى و متحريه هو الذي يوفقه و يهديه إلى طريق الجنة لا من ضاده فيتحرى طريق الضلال و الكفر كقوله: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ و فى أخرى: الظَّالِمِينَ و قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ الكاذب الكفار هو الذي لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا و إن لم يكن لفظه موضوعا لذلك، و من لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك من لم يقبل هديتى لم أهد له و من لم يقبل عطيتى لم أعطه، و من رغب عنى لم أرغب فيه، و على هذا النحو قوله تعالى: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ و فى أخرى: الْفاسِقِينَ و قوله: أَ فَمَنْ يَهْدِي
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 611
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى و قد قرئ: (يهدى إلى أن يهدى) أي لا يهدى غيره و لكن يهدى أي لا يعلم شيئا و لا يعرف أي لا هداية له و لو هدى أيضا لم يهتد؛ لأنها موات من حجارة و نحوها، و ظاهر اللفظ أنه إذا هدى اهتدى لإخراج الكلام أنها أمثالكم كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ و إنما هى أموات. و قال فى موضع آخر: وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ شَيْئاً وَ لا يَسْتَطِيعُونَ و قوله عزّ و جلّ:
إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ - وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ - وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فذلك إشارة إلى ما عرف من طريق الخير و الشر و طريق الثواب و العقاب بالعقل و الشرع.
و كذا قوله: فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ - إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ - وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ فهو إشارة إلى التوفيق الملقى فى الروع فيما يتحراه الإنسان و إياه عنى بقوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً و عدى الهداية فى مواضع بنفسه و فى مواضع باللام و فى مواضع بإلى، قال تعالى: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ - وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و قال تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ و قال: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وَ أَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى و ما عدى بنفسه نحو: وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً - وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ - اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ - أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ - وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً - أَ فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ - وَ يَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً .
و لما كانت الهداية و التعليم يقتضى شيئين: تعريفا من المعرف، و تعرفا من المعرف، و بهما تم الهداية و التعليم فإنه متى حصل البذل من الهادي و المعلم و لم يحصل القبول صح أن يقال لم يهد و لم يعلم اعتبارا بعدم القبول و صح أن يقال هدى و علم اعتبارا ببذله، فإذا كان كذلك صح أن يقال إن اللَّه تعالى لم يهد الكافرين و الفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذي هو تمام الهداية و التعليم، و صح أن يقال هداهم و علمهم من حيث إنه حصل البذل الذي هو مبدأ الهداية.
فعلى الاعتبار بالأول يصح أن يحمل قوله تعالى: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - وَ الْكافِرِينَ و على الثاني قوله عزّ و جلّ: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى و الأولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال: هداه اللَّه فلم يهتد كقوله:
وَ أَمَّا ثَمُودُ الآية، و قوله: لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى قوله:
وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فهم الذين قبلوا هداه و اهتدوا به و قوله
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 612
تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ - وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً فقد قيل عنى به الهداية العامة التي هى العقل و سنة الأنبياء و أمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا و إن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد و إن كان قد صلى عليه بقوله:
إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ و قيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة و استهواء الشهوات، و قيل هو سؤال للتوفيق الموعود به فى قوله: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً و قيل سؤال للهداية إلى الجنة فى الآخرة و قوله عزّ و جلّ: وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فإنه يعنى به من هداه بالتوافق المذكور فى قوله عزّ و جلّ: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً .
و الهدى و الهداية فى موضوع اللغة واحد لكن قد خص اللَّه عزّ و جلّ لفظة الهدى بما تولاه و أعطاه و اختص هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو قوله تعالى:
هُدىً لِلْمُتَّقِينَ - أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ - وَ هُدىً لِلنَّاسِ - فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ - قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى - وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ - وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى - إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ - أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى .
و الاهتداء يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار إما فى الأمور الدنيوية أو الأخروية قال تعالى: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها و قال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . و يقال ذلك لطلب الهداية نحو قوله تعالى: وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ و قال: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِي وَ لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ - فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا - فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا .
و يقال المهتدى لمن يقتدى بعالم نحو قوله تعالى: أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم و لا يقتدون بعالم و قوله تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها فإن الاهتداء هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية و من الاقتداء و من تحريها، و كذا قوله: وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ و قوله: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى فمعناه ثم أدام طلب الهداية و لم يفتر عن تحريه و لم يرجع إلى المعصية. و قوله: الَّذِينَ إِذا
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 613
أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ إلى قوله: وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ أي الذين تحروا هدايته و قبلوها و عملوا بها، و قال مخبرا عنهم: وَ قالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ .
و الهدى مختص بما يهدى إلى البيت. قال الأخفش و الواحدة هدية، قال:
و يقال للأنثى هدى كأنه مصدر وصف به، قال اللَّه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ - هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ - وَ الْهَدْيَ وَ الْقَلائِدَ - وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً .
و الهدية مختصة باللطف الذي يهدى بعضنا إلى بعض، قال تعالى: وَ إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ - بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ و المهدى الطبق الذي يهدى عليه، و المهداء من يكثر إهداء الهدية، قال الشاعر:
و إنك مهداء الخنا نطف الحشا
و الهدى يقال فى الهدى، و فى العروس يقال هديت العروس إلى زوجها، و ما أحسن هدية فلان و هديه أي طريقته، و فلان يهادى بين اثنين إذا مشى بينهما معتمدا عليهما، و تهادت المرأة إذا مشت مشى الهدى.
(هرع): يقال هرع و أهرع ساقه سوقا بعنف و تخويف، قال اللَّه تعالى: وَ جاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ و هرع برمحه فتهرع إذا أشرعه سريعا، و الهرع السريع المشي و البكاء، قيل و الهريع و الهرعة القملة الصغيرة.
(هرت): قال تعالى: وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ قيل هما الملكان و قال بعض المفسرين هما اسما شيطانين من الإنس أو الجن و جعلهما نصبا بدلا من قوله تعالى: وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ بدل البعض من الكل كقولك القوم قالوا إن كذا زيد و عمرو. و الهرت سعة الشدق، يقال فرس هريت الشدق و أصله من هرت ثوبه إذا مزقه و يقال الهريت المرأة المفضاة.
(هرن): هارون اسم أعجمى و لم يرد فى شىء من كلام العرب.
(هزز): الهز التحريك الشديد، يقال هززت الرمح فاهتز و هززت فلانا للعطاء، قال تعالى: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ - فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ و اهتز
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 614
النبات إذا تحرك لنظارته، قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ و اهتزت الكوكب فى انقضاضه و سيف هزهز و ماء هزهز و رجل هزهز خفيف.
(هزل): قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ الهزل كل كلام لا تحصيل له و لا ريع تشبيها بالهزال.
(هزؤ): الهزء مزح فى خفية و قد يقال لما هو كالمزح، فما قصد به المزح قوله: اتَّخَذُوها هُزُواً وَ لَعِباً - وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً - وَ إِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً - وَ إِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً - أَ تَتَّخِذُنا هُزُواً - وَ لا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً ، فقد عظم تبكيتهم و نبه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، و الوقوف على صحتها بأنهم يهزءون بها، يقال هزئت به و استهزأت، و الاستهزاء ارتياد الهزؤ و إن كان قد يعبر به عن تعاطى الهزؤ، كالاستجابة فى كونها ارتيادا للإجابة، و إن كان قد يجرى مجرى الإيجاب. قال تعالى: قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ - وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ - ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ - إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها - وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ و الاستهزاء من اللَّه فى الحقيقة لا يصح كما لا يصح من اللَّه اللهو و اللعب، تعالى اللَّه عنه.
و قوله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يجازيهم جزاء الهزء. و معناه أنه أمهلهم مدة ثم أخذهم مغافصة فسمى إمهاله إياهم استهزاء من حيث إنهم اغتروا به اغترارهم بالهزء، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لأنهم استهزءوا فعرف ذلك منهم، فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل من خدعك و فطنت له و لم تعرفه فاحترزت منه فقد خدعته. و
قد روى: أن المستهزئين فى الدنيا يفتح لهم باب من الجنة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سد عليهم
فذلك قوله: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ و على هذه الوجوه قوله عزّ و جلّ: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ .
(هزم): أصل الهزم غمز الشيء اليابس حتى ينحطم كهزم الشن، و هزم القثاء و البطيخ و منه الهزيمة؛ لأنه كما يعبر عنه بذلك يعبر عنه بالحطم و الكسر، قال تعالى: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ - جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ و أصابته هازمة الدهر أي كاسرة كقولهم: فاقرة، و هزم الرعد
الموسوعة القرآنية، ج8، ص: 615
تكسر صوته، و المهزام عود يجعل الصبيان فى رأسه نارا فيلعبون به كأنهم يهزمون به الصبيان. و يقولون للرجل الطبع هزم و اهتزم.
(هشش): الهش يقارب الهز فى التحريك و يقع على الشيء اللين كهش الورق أي خبطه بالعصا. قال تعالى: وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي و هش الرغيف فى التنور يهش و ناقة هشوش لينة غزيرة اللبن، و فرس هشوش ضد الصلود، و الصلود الذي لا يكاد يعرق. و رجل هش الوجه طلق المحيا، و قد هششت، و هش للمعروف يهش و فلان ذو هشاش.
(هشم): الهشم كسر الشيء الرخو كالنبات قال تعالى: فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ - فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ يقال هشم عظمه و منه هشمت الخبز قال الشاعر:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه
و رجال مكة مسنتون عجاف
و الهاشمة الشجة تهشم عظم الرأس، و اهتشم كل ما فى ضرع الناقة إذا احتلبه و يقال تهشم فلان على فلان تعطف.
(هضم): الهضم شدخ ما فيه رخاوة، يقال هضمته فانهضم و ذلك كالقصبة المهضومة التي يزمر بها و مزمار مهضم، قال تعالى: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ أي داخل بعضه في بعض كأنما شدخ، و الهاضوم ما يهضم من الطعام و بطن هضوم و كشح مهضم و امرأة هضيمة الكشحين و استعير الهضم للظلم، قال تعالى: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً .
(هطع): هطع الرجل ببصره إذا صوبه، و بعير مهطع إذا صوب عنقه، قال تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ - مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ .