کتابخانه تفاسیر
الميزان فى تفسير القرآن
الجزء الأول
(2)«سورة البقرة و هي مائتان و ست و ثمانون آية»(286)
[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 25]
[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]
[سورة البقرة(2): الآيات 49 الى 61]
الجزء الثاني
بقية سورة البقرة
[سورة البقرة(2): آية 213]
[سورة البقرة(2): الآيات 216 الى 218]
[سورة البقرة(2): الآيات 228 الى 242]
الجزء الثالث
(3) سورة آل عمران مدنية و هي مائتا آية(200)
[سورة آلعمران(3): الآيات 7 الى 9]
الجزء الرابع
بقية سورة آل عمران
[سورة آلعمران(3): آية 200]
كلام في المرابطة في المجتمع الإسلامي
الجزء الخامس
الجزء السادس
بقية سورة المائدة
[سورة المائدة(5): الآيات 116 الى 120]
(كلام في الرق و الاستعباد)
الجزء السابع
الجزء الثامن
الجزء التاسع
الجزء العاشر
(11)(سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرين آية)(123)
[سورة هود(11): الآيات 36 الى 49]
أبحاث حول قصة نوح في فصول و هي أبحاث قرآنية و روائية و تاريخية و فلسفية
(كلام في عبادة الأصنام في فصول)
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
(19) سورة مريم مكية و هي ثمان و تسعون آية(98)
(21) سورة الأنبياء مكية و هي مائة و اثنتا عشرة آية(112)
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
الجزء السابع عشر
(37) سورة الصافات مكية و هي مائة و اثنان و ثمانون آية(182)
(38) سورة ص مكية و هي ثمان و ثمانون آية(88)
الجزء الثامن عشر
الجزء التاسع عشر
الجزء العشرون
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 382
يعط أحد من الأنبياء نصرت بالرعب، و أعطيت مفاتيح الأرض، و سميت أحمد، و جعل التراب لي طهورا، و جعلت أمتي خير الأمم
[سورة آلعمران (3): الآيات 111 الى 120]
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 383
بيان
الآيات الكريمة- كما ترى- تنعطف إلى ما كان الكلام فيه قبل من التعرض لحال أهل الكتاب و خاصة اليهود في كفرهم بآيات الله و إغوائهم أنفسهم، و صدهم المؤمنين عن سبيل الله، و إنما كانت الآيات العشر المتقدمة من قبيل الكلام في طي الكلام، فاتصال الآيات على حاله.
قوله تعالى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً «إلخ» الأذى ما يصل إلى الحيوان من الضرر: إما في نفسه أو جسمه أو تبعاته دنيويا كان أو أخرويا على ما ذكره الراغب مفردات القرآن.
قوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ، الذلة بناء نوع من الذل، و الذل بالضم ما كان عن قهر، و بالكسر ما كان عن تصعب و شماس على ما ذكره الراغب، و معناه العام حال الانكسار و المطاوعة، و يقابله العز و هو الامتناع.
و قوله: ثُقِفُوا أي وجدوا، و الحبل السبب الذي يوجب التمسك به العصمة، و قد أستعير لكل ما يوجب نوعا من الأمن و العصمة و الوقاية كالعهد و الذمة و الأمان، و المراد (و الله أعلم): أن الذلة مضروبة عليهم كضرب السكة على الفاز أو كضرب
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 384
الخيمة على الإنسان فهم مكتوب عليهم أو مسلط عليهم الذلة إلا بحبل و سبب من الله، و حبل و سبب من الناس.
و قد كرر لفظ الحبل بإضافته إلى الله و إلى الناس لاختلاف المعنى بالإضافة فإنه من الله القضاء و الحكم تكوينا أو تشريعا، و من الناس البناء و العمل.
و المراد بضرب الذلة عليهم القضاء التشريعي بذلتهم، و الدليل على ذلك قوله:
أَيْنَ ما ثُقِفُوا فإن ظاهر معناه أينما وجدهم المؤمنون أي تسلطوا عليهم، و هو إنما يناسب الذلة التشريعية التي من آثارها الجزية.
فيئول معنى الآية إلى أنهم أذلاء بحسب حكم الشرع الإسلامي إلا أن يدخلوا تحت الذمة أو أمان من الناس بنحو من الأنحاء.
و ظاهر بعض المفسرين أن قوله: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ، ليس في مقام تشريع الحكم بل إخبار عن ما جرى عليه أمرهم بقضاء من الله و قدر فإن الإسلام أدرك اليهود و هم يؤدون الجزية إلى المجوس، و بعض شعبهم كانوا تحت سلطة النصارى.
و هذا المعنى لا بأس به و ربما أيده ذيل الكلام إلى آخر الآية فإنه ظاهر في أن السبب في ضرب الذلة و المسكنة عليهم ما كسبته أيديهم من الكفر بآيات الله، و قتل الأنبياء، و الاعتداء المستمر إلا أن لازم هذا المعنى اختصاص الكلام في الآية باليهود و لا مخصص ظاهرا، و سيجيء في ذلك كلام في تفسير قوله تعالى: «وَ أَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ» : المائدة- 64.
قوله تعالى: وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ، باءوا أي اتخذوا مباءة و مكانا، أو رجعوا، و المسكنة أشد الفقر، و الظاهر أن المسكنة أن لا يجد الإنسان سبيلا إلى النجاة و الخلاص عما يهدده من فقر أو أي عدم، و على هذا فيتلاءم معنى الآية صدرا و ذيلا.
قوله تعالى: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ ، و المعنى أنهم عصوا و كانوا قبل ذلك يستمرون على الاعتداء.
قوله تعالى: لَيْسُوا سَواءً - إلى قوله: - بِالْمُتَّقِينَ السواء مصدر أريد به معنى
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 385
الوصف أي ليسوا مستوين في الوصف و الحكم فإن منهم أمة قائمة يتلون آيات الله «إلخ»، و من هنا يظهر أن قوله: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ «إلخ» في مقام التعليل يبين به وجه عدم استواء أهل الكتاب.
و قد اختلف في قوله: قائِمَةٌ فقيل: أي ثابتة على أمر الله، و قيل: أي عادلة، و قيل: أي ذو أمة قائمة أي ذو طريقة مستقيمة، و الحق أن اللفظ مطلق يحتمل الجميع غير أن ذكر الكتاب و ذكر أعمالهم الصالحة يعين أن المراد هو القيام على الإيمان و الطاعة.
و الآناء جمع إنى بكسر الهمزة أو فتحها، و قيل: إنو و هو الوقت.
و المسارعة المبادرة و هي مفاعلة من السرعة قال في المجمع،: و الفرق بين السرعة و العجلة أن السرعة هي التقدم فيما يجوز أن يتقدم فيه، و هي محمودة و ضدها الإبطاء، و هو مذموم، و العجلة هي التقدم فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه و هي مذمومة، و ضدها الأناة و هي محمودة، انتهى، و الظاهر أن السرعة في الأصل وصف للحركة، و العجلة وصف للمتحرك.
و الخيرات مطلق الأعمال الصالحة من عبادة أو إنفاق أو عدل أو قضاء حاجة، و هو جمع محلى باللام، و معناه الاستغراق، و يكثر إطلاقه على الخيرات المالية كما أن الخير يكثر إطلاقه على المال.
و قد عد الله سبحانه لهم جمل مهمات الصالحات، و هي الإيمان، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و المسارعة في كل خير، ثم وصفهم بأنهم صالحون فهم أهل الصراط المستقيم و زملاء النبيين و الصديقين و الشهداء لقوله تعالى: «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ» : الحمد- 7، و قوله تعالى:
«فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ» الآية: ا لنساء- 69، قيل: المراد بهؤلاء الممدوحين عبد الله بن سلام و أصحابه.
قوله تعالى: وَ ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ ، من الكفران مقابل الشكر أي يشكر الله لهم فيرده إليهم من غير ضيعة كما قال تعالى: «وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 386
شاكِرٌ عَلِيمٌ» : البقرة- 158، و قال: «وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ - إلى أن قال- وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» : البقرة- 272.
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ ، ظاهر وحدة السياق أن المراد بهؤلاء، الَّذِينَ كَفَرُوا هم الطائفة الأخرى من أهل الكتاب الذين لم يستجيبوا دعوة النبوة، و كانوا يوطئون على الإسلام، و لا يألون جهدا في إطفاء نوره.
و ربما قيل: إن الآية ناظرة إلى حال المشركين فتكون التوطئة لما سيشير إليه من قصة أحد لكن لا يلائمه ما سيأتي من قوله: وَ تُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَ إِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا «إلخ» فإن ذلك بيان لحال اليهود مع المسلمين دون حال المشركين، و من هناك يظهر أن اتصال السياق لم ينقطع بعد.
و ربما جمع بعض المفسرين بين حمل هذه الآية على المشركين و حمل تلك على اليهود، و هو خطأ.
قوله تعالى: مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا الآية الصر البرد الشديد، و إنما قيد الممثل بقوله: فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا ليدل على أنهم منقطعون عن الدار الآخرة فلا يتعلق إنفاقهم إلا بهذه الحيوة، و قيد حرث القوم بقوله: ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ليحسن ارتباطه بقوله بعده: وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ .
و محصل الكلام أن إنفاقهم في هذه الحيوة و هم يريدون به إصلاح شأنهم و نيل مقاصدهم الفاسدة لا يثمر لهم إلا الشقاء، و فساد ما يريدونه و يحسبونه سعادة لأنفسهم كالريح التي فيها صر تهلك حرث الظالمين، و ليس ذلك إلا ظلما منهم لأنفسهم فإن العمل الفاسد لا يأتي إلا بالأثر الفاسد.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ الآية سميت الوليجة بطانة و هي ما يلي البدن من الثوب و هي خلاف الظهارة لكونها تطلع على باطن الإنسان و ما يضمره و يستسره، و قوله: لا يَأْلُونَكُمْ أي لا يقصرون فيكم، و قوله: خَبالًا أي شرا و فسادا، و منه الخبل للجنون لأنه فساد العقل، و قوله: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ ، ما مصدرية أي ودوا و أحبوا عنتكم و شدة ضرركم، و قوله: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ أريد به ظهور البغضاء و العداوة من لحن قولهم و فلتات لسانهم ففيه استعارة
الميزان فى تفسير القرآن، ج3، ص: 387
لطيفة و كناية، و لم يبين ما في صدورهم بل أبهم قوله: وَ ما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ للإيماء إلى أنه لا يوصف لتنوعه و عظمته و به يتأكد قوله: أَكْبَرُ .
قوله تعالى: ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ الآية، الظاهر أن أولاء اسم إشارة و لفظة ها للتنبيه، و قد تخلل لفظة أنتم بين ها و أولاء، و المعنى أنتم هؤلاء على حد قولهم:
زيد هذا و هند هذه كذا و كذا.
و قوله: وَ تُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ ، اللام للجنس أي و أنتم تؤمنون بجميع الكتب السماوية النازلة من عند الله: كتابهم و كتابكم، و هم لا يؤمنون بكتابكم، و قوله ، وَ إِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا ، أي إنهم منافقون، و قوله: وَ إِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ العض هو الأخذ بالأسنان مع ضغط، و الأنامل جمع أنملة و هي طرف الإصبع. و الغيظ هو الحنق، و عض الأنامل على شيء مثل يضرب للتحسر و التأسف غضبا و حنقا.
و قوله: قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ دعاء عليهم في صورة الأمر و بذلك تتصل الجملة بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي اللهم أمتهم بغيظهم إنك عليم بذات الصدور أي القلوب أي النفوس.