کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز

الجزء الثالث

سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة المؤمن سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة«محمد» صلى الله عليه و آله و سلم و تسمى سورة القتال سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة كورت سورة الإنفطار سورة التطفيف سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة ا لم نشرح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة إذا زلزلت سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة تبت سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

الفهارس

فهرس الفرق و المذاهب فهرس مصادر التحقيق فهرس الكتاب

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز


صفحه قبل

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 62

العرف طار.

و صدّرت اسماؤها بها لتكون أول ما يقرع السّمع، إلّا الألف اللّينة، استعير مكان مسمّاها؛ لسكون الألف المتحرّكة المسماة ب «الهمزة».

و هي بدون العوامل موقوفة بلا إعراب؛ لعدم مقتضيه، مع قبولها له، إذ لم تشابه مبنيّ الأصل، و لذا جمع فيها بين السّاكنين، فقيل: «صاد نون» و لم ترك «أين».

و إنّما افتتحت السّور بطائفة منها: ايقاظا للمتحدّى بالقرآن، و تنبيها على أنّ المتلوّ عليهم كلام منظوم ممّا ينظمون منه كلامهم، فلو كان من عند غير اللّه لما عجزوا بأجمعهم عن الإتيان بمثله مع فصاحتهم و تظاهرهم. «1» و ليستقلّ أول ما يقرع الأسماع بنوع إعجاز إذ لم يعتد النطق بأسماء الحروف من الأمي الذي لا يخطّ و لا يتلو، مع ان المورد منها في الفواتح.

(1) تحدّى القرآن الكريم عموم العرب في جميع الازمنة بأن يأتوا بمثل القرآن لكنهم عجزوا و لا يزالون عاجزين عن ذلك مع توفّر الدواعي على إتيانه- خصوصا في عصرنا الحاضر الذي يحاول المستعمرون فيه بكل ما أوتوا من حول و قوة صرف الناس عن الإسلام و القرآن-.

و آيات التحدي على انواع هي:

أ- التحدّي بإتيان كتاب يكون مثل القرآن:

قول تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (الاسراء: 17/ 88).

و قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ‏ (الطور:

52/ 33- 34).

ب- التحدّي بإتيان عشر سور:

قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ (هود: 11/ 13).

ج- التحدّي بإتيان سورة واحدة فقط:

قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ (يونس: 10/ 38).

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 63

و يجمعها: «صراط علي حق نمسكه».

نصفها «1» الأكثر وقوعا في تراكيب الكلم. و إنّما فرّقت على السّور و لم تعدّ متجمعة في أوّل القرآن تكريرا للتحدّي و التّنبيه.

و قيل: هي أسماء للسّور. «2» و استكراههم التسمية بثلاثة أسماء فصاعدا إنّما هو إذا ركّبت تركيب «بعلبك»، لا إذا نثرت نثر أسماء العدد، فإنّها كالتسمية بالجمل المحكيّة.

و ترجيح السّابق- بأنه أوفق بلطائف القرآن-، يخدشه: أن النكات المذكورة في التّعديد من التّحدي و غيره توجد مع العلمية- أيضا-.

نعم يلزمها النّقل و الاشتراك في الأعلام من واضع واحد، المنافي للغرض منها.

و قيل: مختصرة من كلمات، كقولهم «لم» معناه «أنا اللّه أعلم» و نحوه. «3» و قيل: إشارة الى مدد و آجال بحساب الجمّل. «4» و قيل: مقسم بها؛ لشرف الحروف لأنّها مباني أسمائه تعالى و كتبه. «5» و قيل: اسماء القرآن للإخبار عنها به و بالكتاب. «6» و قيل: اسماء اللّه تعالى،

لقول علي عليه السّلام: «يا كهيعص، يا حمعسق» «7»

(1) قال نظام الدين الحسن بن محمّد القمي (ت/ 728 ه) في تفسيره غرائب القرآن 1: 137: و اعلم ان الباقية- بعد حذف المكرر- اربعة عشر، نصف عدد حروف المعجم بعد الكسر ... الى آخر ما قال.

(2) قاله زيد بن أسلم و الحسن- كما في تفسير التبيان 1: 47-.

(3) قاله ابن عباس- كما في تفسير مجمع البيان 1: 32-.

(4) ينظر تفسير التبيان 1: 47.

(5) قاله ابن عباس و عكرمة- كما في تفسير التبيان 1: 47-.

(6) قاله قتادة و مجاهد و ابن جريج- كما في تفسير التبيان 1: 47-.

(7) رواه الطبرسي في تفسير مجمع البيان 3: 502.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 64

و قيل: سرّ اللّه‏ «1» تعالى. «2» و قيل: من المتشابه الذي استأثر اللّه تعالى به. «3» فإن جعلت أسماء للّه تعالى أو السور أو القرآن فمحلّها: الرّفع- على الابتداء أو الخبر-. أو النصب- بتقدير «اتل» أو فعل القسم-، أو الجرّ بإضمار حرف القسم-.

و ان عددت مبقاة على معانيها فإن اولت ب «المؤلّف» فالرفع- كما مرّ- و إن جعلت مقسما بها فالنصب أو الجر، و إلّا فلا محل لها.

[2]- ذلِكَ الْكِتابُ‏ الإشارة الى «الم» أي هذه الحروف الّتي ينتظم منها كلامكم، أو هذا المؤلّف منها أو القرآن أو السّورة. و حيث شابه البعيد لتقصيه، أتى بصيغته، أو الى الكتاب فتكون صفته، أي: الكتاب الموعود به. و هو مصدر اطلق على المكتوب، ثمّ على العبارة قبل الكتب لأنّها مما يكتب.

و أصله: الجمع، ف «الم»- ان جعلت اسما للسّورة أو القرآن أو مؤوّلة بالمؤلّف- مبتدأ، و «ذلك» مبتدأ ثان و «الكتاب» خبره، و الجملة خبر الأوّل.

و معناه: انه الكتاب الكامل الحقيق بأن يسمّى كتابا، أو الخبر «ذلك» و «الكتاب» صفته. أو «الم» خبر لمحذوف. و «ذلك» خبر ثان، أو بدل، و «الكتاب» صفته أو «ذلك» مبتدأ و «الكتاب» خبره، أو صفته و الخبر: لا رَيْبَ فِيهِ‏ .

و «الرّيب» مصدر رابه كذا: إذا وجد فيه الرّبية، و هي: قلق النّفس. سمّي به «الشك» لأنه يقلقها. و هو مبنيّ لتضمّنه معنى «من» و محلّه النّصب ب «لا»، و «فيه» خبره، و لم يقدّم لعدم قصد القصر. و معناه أنه لوضوحه دلالة و برهانا بحيث لا يرتاب‏

(1) في «ط»: أمر اللّه.

(2) في تفسير التبيان 1: 48: قال بعضهم لكلّ كتاب سرّ، و سرّ القرآن في فواتحه.

(3) ذكر هذا القول الطبرسي في تفسير مجمع البيان 1: 32.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 65

فيه عاقل. أو صفته، و «للمتّقين» خبره، و «هدى» حال عن الضّمير المجرور، و عامله: الظرف. أو: الخبر محذوف و لذا وقف على «ريب»، و «فيه» خبر «هدى» قدّم عليه لتنكيره، و التّقدير: لا ريب فيه، فيه هدى.

و على الاوّل‏ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ‏ خبر مبتدأ محذوف أو خبر ل «ذلك» ك «لا ريب».

و الهدى: مصدر، و هو: الدلالة، و التوصيف به للمبالغة، و تنكيره للتعظيم.

و اختصاصه بالمتّقين- و إن كان هدى للناس-، لأنهم المهتدون به. و المراد:

زيادته و ثباته لهم ك اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أو يراد بهم المشارفون للتّقوى.

و المتقي- لغة-: اسم فاعل من وقاه فاتّقى.

و الوقاية: فرط الصّيانة، و شرعا: من يقي نفسه الذنوب.

هذا، و أوفق الوجوه الإعرابية: كون الآية أربع جمل متناسقة تقرّر كلّ لاحقة سابقتها، و لذا لم يتخللها العاطف.

ف «الم» جملة تفيد التّحدّي، و «ذلك الكتاب»- ثانية- تقرير جهة التّحدّي، و «لا ريب فيه»- ثالثة- تسجّل كماله. و هدى للمتقين- رابعة- تقرر كونه يقينا لا يشك فيه.

[3]- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏ . إمّا صفة ل «المتّقين» مجرورة مخصّصة- إن فسّرت التّقوى بترك المعاصي-، أو موضحة- إن فسّرت بفعل الطّاعة و ترك المعصية-، لاشتمالها على أساس الأعمال القلبيّة، و ام العبادات البدنية و المالية من الايمان و الصّلاة و الصّدقة المستتبعة لسائر الطّاعات و ترك المعاصي غالبا إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ ، «1» أو مادحة بأفضل ما تضمّنه التّقوى، أو منصوبة أو مرفوعة على المدح بتقدير: أعني، أو: هم. و إمّا استئناف مرفوع بالابتداء، و خبره «أولئك»، فالوقف على المتّقين تام.

(1) سورة العنكبوت: 29/ 45.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 66

و الإيمان- لغة-: التصديق، أخذ من الأمن، و عدّته الهمزة الى مفعولين كأنّ المصدّق أمن المصدّق التكذيب. و لتضمّنه معنى الإقرار عدّي بالباء.

و شرعا-: التصديق بما جاء به النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع الإقرار باللسان- شرطا- أو بدونه، و عليه الأشاعرة. أو معه- شطرا- و هو متصور الإماميّة. أو هما مع العمل، و عليه المعتزلة.

فالمخلّ بالاعتقاد منافق، و بالإقرار كافر، و بالعمل فاسق، لا كافر- كقول الخوارج-، و لا بين المنزلتين- كقول المعتزلة-، لاقتران الايمان بالمعاصي في آية:

وَ إِنْ طائِفَتانِ‏ «1» و نحوها، و بعض الأخبار. «2» و ما في بعضها من الخروج عنه بها، «3» محمول على نقص كماله بها، فبطل- أيضا- إدخالهم «العمل» فيه.

و «الغيب» مصدر بمعنى: الغائب- ان جعلت الباء صلة للإيمان- فتكون للتّعدية. و المراد به: الخفيّ الّذي لا يعلمه العباد إلّا بتعليمه تعالى كالصانع و صفاته و النبوّة و الشرائع و الإمامة و غيبة المهدي عليه السّلام و خروجه و القيامة و أحوالها.

و إن جعل «بالغيب» حالا، أي: متلبّسين بالغيب، فهو بمعنى: الغيبة، و الباء:

للمصاحبة، أي: يؤمنون حال غيبتهم لا كالمنافقين.

و قيل: الغيب: القلب‏ «4» فالباء للاستعانة وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ أي يعدّلون أركانها و أفعالها، فلا يقع فيها زيغ، من: أقام العود: إذا قوّمه.

(1) في سورة الحجرات: 49/ 9 و تمام الآية: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏ .

(2) ذكر العلامة المجلسي اخبارا في هذا المجال في بحار الأنوار 69: 223 الباب 114 من باب الكذب. الحديث 47 و ما بعده.

(3) كما ورد في بحار الأنوار 66: 73 الباب 30 الحديث 28.

(4) ذكر ذلك الآلوسي في تفسير روح المعاني 1: 33.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 67

أو: يدومون عليها، من أقمت السّوق: إذا جعلتها نافقة، كأنّها بالمداومة عليها جعلت نافقة.

أو: يؤدّونها،- تعبيرا عن أدائها بإقامتها، لاشتمالها على القيام-.

و الصّلاة- لغة- الدعاء، و سميت بها العبادة المخصوصة، لاشتمالها عليه.

وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ الرّزق- لغة-: الحظّ، و عرفا- إعطاء اللّه تعالى الحيوان ما ينتفع به. و يستعمل بمعنى: المرزوق.

و دلّ إسناده اليه تعالى و مدحهم بالإنفاق منه، على أنّ الحرام ليس منه لتعاليه سبحانه عن القبائح و عدم اقتضاء إنفاق الحرام المدح. و أنفق- و ما وافقه في «الفاء» و «العين»- دال على معنى الخروج و الذّهاب. و تقديم المفعول للاهتمام به لحلّيته.

و رعايته الفواصل و إدخال «من» التبعيضية عليه للكفّ عن التّبذير.

و المراد به، قيل: كلّ مال صرف في سبيل الخير- فرضا أو نفلا- «1» و قيل: الزكاة المفروضة، «2» لاقترانه بأختها. و قيل: نفقة الرّجل على أهله، «3» لنزولها قبل فرض الزكاة. و

عن الصادق عليه السّلام: «معناه ممّا علّمناهم يبثّون». «4»

[4]- وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ‏ هم إمّا: مؤمنو أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام و أمثاله، عطف على «الذين يؤمنون بالغيب» فيشاركونهم في صفة التّقوى، أو: على «المتّقين»، كأنّه قيل: هدى لأولئك و هؤلاء.

و إمّا الأوّلون بأعيانهم. و وسّط العاطف على معنى: انهم الجامعون بين تلك الصفات و هذه‏ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏ القرآن و الشريعة بأسرهما. و التّعبير بالماضي مع أنّ‏

(1) ذكره الطوسي في تفسير التبيان 1: 58.

(2) قاله ابن عباس- كما في تفسير مجمع البيان: 1: 39 و تفسير التبيان 1: 58 و الجامع 1: 179-.

(3) قاله ابن مسعود- كما في تفسير مجمع البيان: 1: 39 و تفسير التبيان 1: 58 و الجامع 1: 179-.

(4) رواه الحويزي في نور الثقلين 1/ 26 الحديث 5 و الطبرسي في تفسير مجمع البيان 1: 39.

الوجيز فى تفسير القرآن العزيز، ج‏1، ص: 68

بعضه مترقّب، تغليب للموجود، أو تنزيل للمترقّب منزلة الواقع. وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ‏ الكتب السابقة، و وصف الإعراض بالإنزال بتبعية المحلّ و هو الملك‏ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ إيقانا زال معه ما كانوا عليه من أنّه لا يدخل الجنة ألا من كان هودا أو نصارى، «1» و لن تمسهم النار إلا أياما معدودة «2» و اختلافهم في نعيم الجنة أهو من جنس نعيم الدنيا أم غيره، دائم أم لا. و في تقديم الظّرف. و بناء «يوقنون» على «هم» تعريض بغيرهم من أهل الكتاب، و أنّ ما هم عليه من أمر الآخرة غير مطابق و لا عن إيقان- و «الإيقان»: إحكام العلم بنفي الشك عنه-.

و «الآخرة» تأنيث: آخر، صفة الدار، لقوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ «3» فغلبت كالدّنيا و «نافع» يحذف الهمزة و يلقي حركتها على اللام للتخفيف. «4» [5]- أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ‏ الجملة محلّها: الرّفع، خبر عن «الذين يؤمنون بالغيب»- ان جعل مبتدأ- فكأنّه لمّا قيل: «هدى للمتقين» قيل: لما «5» خصّوا بذلك؟ فقيل: «الذين يؤمنون بالغيب» إلى آخره، و إلّا فاستئناف لا محلّ لها، كأنّه قيل: ما نتيجة الاتّصاف بتلك الأوصاف؟ فقيل: الثّبات على الهدى الكامل عاجلا؛ و الفوز بالفلاح آجلا.

و معنى الاستعلاء في «على هدى»: تشبيه تمسّكهم بالهدى و ثباتهم عليه باعتلاء الرّاكب مركبه. و نكّر «هدى» للتعظيم، و وصف ب «من ربهم» تأكيدا بتعظيمه بأنّه‏

(1) كما ورد عن قولهم في سورة البقرة: 2/ 111 و فيه «لن يدخل ...».

(2) اقتباس من قوله تعالى: «وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً» البقرة: 2/ 81.

(3) سورة القصص: 28/ 83 و تمام الآية: «... نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» .

(4) ذكر البيضاوي هذه القراءة في تفسيره 1: 100. هكذا: و عن نافع: انّه حفّفها بحذف الهمزة و إلقاء حركتها علي اللام.

صفحه بعد