کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم

الجزء السابع

(سورة القصص) مكية و قيل إلا قوله الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله الجاهلين و هى ثمان و ثمانون آية (سورة العنكبوت) مكية و هى تسع و ستون آية (سورة الروم) مكية إلا قوله فسبحان الله الآية. و هى ستون آية (سورة القمان)(مكية و قيل إلا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة فإن وجوبهما بالمدينة و هو ضعيف لأنه ينافى شرعيتهما بمكة و قيل إلا ثلاثا من قوله و لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام و هى أربع و ثلاثون آية) (سورة السجدة مكية و هى ثلاثون آية و قيل تسع و عشرون) (سورة الأحزاب مدنية و هى ثلاث و سبعون آية) (سورة سبأ مكية و قيل إلا و يرى الذين أوتوا العلم الآية و هى أربع و خمسون آية) (سورة فاطر مكية و هى خمس و أربعون آية) (سورة يس مكية. و عنه صلى الله عليه و سلم تدعى المعمة تعم صاحبها خير الدارين و الدافعة و القاضية تدفع عنه كل سوء و تقضى له كل حاجة و آياتها ثلاث و ثمانون) (سورة الصافات مكية و آياتها مائة و اثنتان و ثمانون آية) (سورة ص مكية و آياتها ثمان و ثمانون آية) (سورة الزمر مكية إلا قوله قل يا عبادي الآية و آياتها خمس و سبعون آية) (سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون آية) فهرست الجزء السابع من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

الجزء الثامن

(سورة فصلت مكية و آياتها أربع و خمسون آية) (سورة الشورى مكية و آياتها ثلاث و خمسون آية) (سورة الزخرف مكية و قيل الا قوله و سئل من أرسلنا و آياتها تسع و ثمانون) (سورة الدخان مكية إلا قوله إنا كاشفوا العذاب و آياتها تسع و خمسون آية) (سورة الجاثية مكية و هى سبع و ثلاثون آية) (سورة الأحقاف مكية و آيها خمس و ثلاثون) (سورة محمد صلى الله عليه و سلم و تسمى سورة القتال و هى مدنية و قيل مكية و آياتها ثمان و ثلاثون) (سورة الفتح مدنية نزلت فى مرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحديبية و آياتها تسع و عشرون) (سورة الحجرات مدنية و آياتها ثمانى عشرة) (سورة ق مكية و أياتها خمس و أربعون) (سورة الذاريات مكية و آياتها ستون) (سورة الطور مكية و أياتها تسع و أربعون) (سورة النجم مكية و آياتها إثنتان و ستون) (سورة القمر مكية إلا الآيات 44، 45، 46 فمدنية و آياتها خمس و خمسون) (سورة الرحمن مكية أو مدنية أو متبعضة و آياتها ثمان و سبعون) (سورة الواقعة مكية إلا آية 81، 82 فمدنيتان و آياتها ست و تسعون آية) (سورة الحديد مكية و قيل مدنية و آياتها تسع و عشرون) (سورة المجادلة مدنية و قيل العشر الأول مكى و الباقى مدنى و آياتها إثنتان و عشرون آية) (سورة الحشر مدنية و آياتها أربع و عشرون) (سورة الممتحنة مدنية و آياتها ثلاث عشرة) (سورة الصف مدنية و قيل مكية و آياتها أربع عشرة) (سورة الجمعة مدنية و آياتها إحدى عشرة) (سورة المنافقون مدنية و آياتها إحدى عشرة) (سورة التغابن مدنية مختلف فيها و آياتها ثمانى عشرة) (سورة الطلاق مدنية و آياتها إثنتا عشرة آية) (سورة التحريم مدنية و آياتها إثنتا عشرة) فهرست الجزء الثامن من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

الجزء التاسع

(سورة الملك مكية و تسمى الواقية و المنجية لأنها تقى و تنجى قارئها من عذاب القبر و آياتها ثلاثون) (سورة القلم مكية إلا من آية 17 إلى آية 33 و من آية 48 إلى آية 50 فمدنية و آياتها اثنتان و خمسون) (سورة الحاقة مكية و آياتها إثنتان و خمسون آية) (سورة المعارج مكية و آياتها أربع و أربعون) (سورة نوح عليه السلام مكية و آياتها ثمان و عشرون) (سورة الجن مكية و آياتها ثمان و عشرون) (سورة المزمل مكية إلا آية 10، 11، 20 فمدنية و آياتها عشرون) (سورة المدثر مكية و آياتها ست و خمسون) (سورة القيامة مكية و آياتها أربعون) (سورة الإنسان مدنية و آياتها إحدى و ثلاثون) (سورة المرسلات مكية إلا آية 48 فمدنية و آياتها خمسون) (سورة النبأ مكية و آياتها أربعون) (سورة النازعات مكية و آياتها ست و أربعون) (سورة عبس مكية و آياتها إثنان و أربعون) (سورة التكوير مكية و آياتها تسع و عشرون) (سورة الانفطار مكية و آياتها تسعة عشر) (سورة المطففين مكية مختلف فيها و آيها ست و ثلاثون) (سورة الإنشقاق مكية و آيها خمس و عشرون) (سورة البروج مكية و آيها إثنتان و عشرون) (سورة الطارق مكية و آيها سبع عشرة) (سورة الأعلى مكية و آيها تسع عشرة) (سورة الغاشية مكية و آيها ست و عشرون) (سورة الفجر مكية و آيها ثلاثون) (سورة البلد مكية و آيها عشرون) (سورة الشمس مكية و آيها خمس عشرة) (سورة الليل مكية و آيها إحدى و عشرون) (سورة الضحى مكية و آيها إحدى عشرة) (سورة الشرح مكية و آيها ثمان) (سورة التين مكية و قيل مدنية و آيها ثمان) (سورة العلق مكية و آيها تسع عشرة) (سورة القدر مكية مختلف فيها و آيها خمس) (سورة البينة مدنية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة الزلزلة مدنية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة العاديات مكية مختلف فيها و آيها إحدى عشرة) (سورة القارعة مكية و آيها إحدى عشرة) (سورة التكاثر مكية مختلف فيها و آيها ثمان) (سورة العصر مكية و آيها ثلاث) (سورة الهمزة مكية و آيها تسع) (سورة الفيل مكية و آيها خمس) (سورة قريش مكية و آيها أربع) (سورة الماعون مكية مختلف فيها و آيها سبع) (سورة الكوثر مكية و آيها ثلاث) (سورة الكافرون مكية و آيها ست) (سورة النصر مدنية و آيها ثلاث) (سورة المسد مكية و آيها خمس) (سورة الإخلاص مكية مختلف فيها و آيها أربع) (سورة الفلق مكية مختلف فيها و آيها خمس) (سورة الناس مكية مختلف فيها و آيها ست) خاتمة المؤلف فهرست الجزء التاسع من تفسير قاضى القضاة أبى السعود

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم


صفحه قبل

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 4

بألطف إشارة، لكن الإستدلال بتلك الآيات و الدلائل و الإستشهاد بتيك الأمارات و المخايل و التنبيه لتلك الإشارات السرية و التفطن لمعانى تلك العبارات العبقرية و ما فى تضاعيفها من رموز أسرار القضاء و القدر و كنوز آثار التعاجيب و العبر مما لا يطيق به عقول البشر إلا بتوفيق خلاق القوى و القدر فإذن مدار المراد ليس إلا كلام رب العباد إذ هو المظهر لتفاصيل الشعائر الدينية و المفسر لمشكلات الآيات التكوينية، و الكاشف عن خفايا حظائر القدس و المطلع على خبايا سرائر الأنس و به تكتسب الملكات الفاخرة و به يتوصل إلى سعادة الدنيا و الآخرة كما و أنه أيضا من علو الشأن و سمو المكان و نهاية الغموض و الإعضال و صعوبة المأخذ و عزة المنال فى غاية الغايات القاصية و نهاية النهايات النائية أعز من بيض الأنوق و أبعد من مناط العيوق لا يتسنى العروج إلى معارجه الرفيعة و لا يتأتى الرقى إلى مدارجه المنيعة كيف لا و أنه مع كونه متضمنا لدقائق العلوم النظرية و العملية و منطوبا على دقائق الفنون الخفية و الجلية حاويا لتفاصيل الأحكام الشرعية و محيطا بمناط الدلائل الأصلية و الفرعية منبئا عن أسرار الحقائق و النعوت مخبرا بأطوار الملك و الملكوت عليه يدور فلك الأوامر و النواهى و إليه يستند معرفة الأشياء كما هى قد نسج على أغرب منوال و أبدع طراز و احتجبت طلعته بسبحات الإعجاز طويت حقائقه الأبية عن العقول و زويت دقائقه الخفية عن أذهان الفحول يرد عيون العقول سبحانه و يخطف أبصار البصائر بريقه و لمعانه.

و لقد تصدى لتفسير غوامض مشكلاته أساطين أئمة التفسير فى كل عصر من الأعصار و تولى لتيسير عويصات معضلاته سلاطين أسرة التقرير و التحرير فى كل قطر من الأقطار فغاصوا فى لججه و خاضوا فى ثبجه فنظموا فرائده فى سلك التحرير و أبرزوا فوائده فى معرض التقرير و صنفوا كتبا جليلة الأقدار و ألفوا زبرا جميلة الآثار.

أما المتقدمون المحققون فاقتصروا على تمهيد المعانى و تشييد المبانى و تبيين المرام و ترتيب الأحكام حسبما بلغهم من سيد الأنام عليه شرائف التحية و السلام.

و أما المتأخرون المدققون فراموا مع ذلك إظهار مزاياه الرائقة و إبداء خباياه الفائقة ليعاين الناس دلائل إعجازه و يشاهدوا شواهد فضله و امتيازه عن سائر الكتب الكريمة الربانية و الزبر العظيمة السبحانية فدونوا أسفارا بارعة جامعة لفنون المحاسن الرائعة يتضمن كل منها فوائد شريفة تقربها عيون الأعيان و عوائد لطيفة يتشنف بها آذان الأذهان لا سيما الكشاف و أنوار التنزيل المتفردان بالشأن الجليل و النعت الجميل فإن كلا منهما قد أحرز قصب السبق أى إحراز كأنه مرآة لاجتلاء وجه الإعجاز صحائفهما مرايا المزايا الحسان و سطورهما عقود الجمان و قلائد العقبان و لقد كان فى سوابق الأيام و سوالف الدهور و الأعوام أوان اشتغالى بمطالعتهما و ممارستهما و زمان انتصابى لمفاوضتهما و مدارستهما يدور فى خلدى على استمرار آناء الليل و أطراف النهار أن أنظم درر فوائدهما فى سمط دقيق و أرتب غرر فرائدهما على ترتيب أنيق و أضيف إليها ما ألفيته فى تضاعيف الكتب الفاخرة من جواهر الحقائق و صادفته فى أصداف العيالم الزاخرة من زواهر الدقائق و أسلك خلالها بطريق الترصيع على نسق أنيق و أسلوب بديع حسبما يقتضيه جلالة شأن التنزيل و يستدعيه جزالة نظمه الجليل ما سنح الفكر العليل بالعناية الربانية و سمح به‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 5

النظر الكليل بالهداية السبحانية من عوارف معارف يمتد إليها أعناق الهمم من كل ماهر لبيب و غرائب رغائب ترنوا إليها أحداق الأمم من كل نحرير أريب و تحقيقات رصينة تقيل عثرات الأفهام فى مداحض الأقدام و تدقيقات متينة تزيل خطرات الأوهام من خواطر الأنام فى معارك أفكار يشتبه فيها الشؤن و مدارك أنظار يختلط فيها الظنون و أبرز من وراء أستار الكمون من دقائق السر المخزون فى خزائن الكتاب المكنون ما تطمئن إليه النفوس و تقر به العيون من خفايا الرموز و خبايا الكنوز و أهديها إلى الخزانة العامرة الغامرة للبحار الزاخرة لجناب من خصه اللّه تعالى بخلافة الأرض و اصطفاه لسلطنتها فى الطول و العرض ألا و هو السلطان الأسعد الأعظم و الخاقان الأمجد الأفخم مالك الإمامة العظمى و السلطان الباهر وارث الخلافة الكبرى كابرا عن كابر رافع رايات الدين الأزهر موضح آيات الشرع الأنور مرغم أنوف الفراعنة و الجبابرة معفر جباه القياصرة و الأكاسرة فاتح بلاد المشارق و المغارب بنصر اللّه العزيز و جنده الغالب الهمام الذى شرق عزمه المنير فانتهى إلى المشرق الأسنى و غرب حتى بلغ مغرب الشمس أو دنا بخميس عرمرم متزاحم الأفواج و عسكر كخضم متلاطم الأمواج فأصبح ما بين أفقى الطلوع و الغروب و ما بين نقطتى الشمال و الجنوب منتظما فى سلك ولاياته الواسعة و مندرجا تحت ظلال راياته الرائعة فأصبجت منابر الربع المسكون مشرفة بذكر اسمه الميمون فياله من ملك استوعب ملكه البر البسيط و استعرق فلكه وجه البحر المحيط فكأنه فضاء ضربت فيه خيامه أو نصبت عليه ألويته و أعلامه مالك ممالك العالم ظل اللّه الظليل على كافة الأمم قاصم القياصرة و قاهر القروم سلطان العرب و العجم و الروم و سلطان المشرقين و خاقان الخافقين الإمام المقتدر بالقدرة الربانية و الخليفة المعتز بالعزة السبحانية المفتخر بخدمة الحرمين الجليلين المعظمين و حماية المقامين الجميلين المفخمين ناشر القوانين السلطانية عاشر الخواقين العثمانية السلطان ابن السلطان السلطان سليمان خان بن السلطان المظفر المنصور و الخاقان الموقر المشهور صاحب المغازى المشهورة فى أقطار الأمصار و الفتوحات المذكورة فى صحائف الأسفار السلطان سليم خان بن السلطان السعيد و الخاقان المجيد السلطان بايزيد خان لا زالت سلسلة سلطنته متسلسلة إلى انتهاء سلسلة الزمان و أرواح أسلافه العظام متنزهة فى روضة الرضوان.

و كنت أتردد فى ذلك بين إقدام و إحجام لقصور شأنى و عزة المرام أين الحضيض من الذرى شتان بين الثريا و الثرى و هيهات اصطياد العنقاء بالشباك و اقتياد الجوزاء من بروج الأفلاك فمضت عليه الدهور و السنون و تغيرت الأطوار و تدلت الشئون فابتليت بتدبير مصالح العباد برهة فى قضاء البلاد و أخرى فى قضاء العساكر و الأجناد فحال بينى و بين ما كنت أخال تراكم المهمات و تزاحم الأشغال و جموم العوارض و العلائق و هجوم الصوارف و العوائق و التردد إلى المغازى و الأسفار و التنقل من دار إلى دار و كنت فى تضاعيف هاتيك الأمور أقدر فى نفسى أن أنتهز نهزة من الدهور و يتسنى لى القرار و تطمئن بى الدار و أظفر حينئذ بوقت خال أتبتل فيه إلى جناب ذى العظمة و الجلال و أوجه إليه و جهتى و أسلم له سرى و علانيتى و أنظر إلى كل شى‏ء بعين الشهود و أتعرف سر الحق فى كل موجود تلافيا لما قد فات و استعدادا لما هو آت و أتصدى لتحصيل ما عزمت عليه و أتولى لتكميل ما توجهت إليه برفاهة و اطمئنان و حضور

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 6

قلب و فراغ جنان فبينما أنا فى هذا الخيال إذ بدا لى ما لم يخطر بالبال تحولت الأحوال و الدهر حول فوقعت فى أمر أشق من الأول أمرت بحل مشكلات الأنام فيما شجر بينهم من النزاع و الخصام فلقيت معضلة طويلة الذيول و صرت كالهارب من المطر إلى السيول فبلغ السيل الزبى و غمرنى أى غمر غوارب ما جرى بين زيد و عمر و فأضحيت فى ضيق المجال وسعة الأشغال أشهر ممن يضرب بها الأمثال فجعلت أتمثل بقول من قال:

لقد كنت أشكوك الحوادث برهة

و أستمرض الأيام و هى صحائح‏

إلى أن تغشتنى وقيت حوادث‏

تحقق أن السالفات منائح‏

فلما انصرمت عرى الآمال عن الفوز بفراغ البال و رأيت أن الفرصة على جناح الفوات و شمل الأسباب فى شرف الشتات و قد مسنى الكبر و تضاءلت القوى و القدر و دنا الأجل من الحلول و أشرفت شمس الحياة على الأفول عزمت على إنشاء ما كنت أنويه و توجهت إلى إملاء ما ظلت أبتغيه ناويا أن أسميه عند تمامه بتوفيق اللّه تعالى و إنعامه (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) فشرعت فيه مع تفاقم المكاره على و تزاحم المشادة بين يدى متضرعا إلى رب العظمة و الجبروت خلاق عالم الملك و الملكوت فى أن يعصمنى عن الزيغ و الزلل و يقينى مصارع السوء فى القول و العمل و يوفقنى لتحصيل ما أرومه و أرجوه و يهدينى إلى تكميله على أحسن الوجوه و يجعله خير عدة و عتاد أتمتع به يوم المعاد فيامن توجهت وجوه الذل و الإبتهال نحو بابه المنيع و رفعت أيدى الضراعة و السؤال إلى جنابه الرفيع أفض علينا شوارق أنوار التوفيق و أطلعنا على دقائق أسرار التحقيق و ثبت أقدامنا على مناهج هداك و أنطقنا بما فيه أمرك و رضاك و لا تكلنا إلى أنفسنا فى لحظة و لا آن و خذ بناصيتنا إلى الخير حيث كان جئاك على جباه الإستكانة ضارعين و لأبواب فيضك قارعين أنت الملاذ فى كل أمرمهم و أنت المعاذ فى كل خطب ملم لارب غيرك و لا خير إلا خيرك بيدك مقاليد الأمور لك الخلق و الأمر و إليك النشور.

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 7

(1) سورة الفاتحة مكية و آياتها سبع‏

[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

سورة فاتحة الكتاب و هى سبع آيات‏

[ما معنى فاتحة الكتاب؟]

الفاتحة فى الأصل أول ما من شأنه أن يفتح كالكتاب و الثوب أطلقت عليه لكونه واسطة فى فتح الكل ثم أطلقت على أول كل شى‏ء فيه تدريج بوجه من الوجوه كالكلام التدريجى حصولا و السطور و الأوراق التدريجية قراءة وعدا، و التاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية أو هى مصدر بمعنى الفتح أطلقت عليه تسمية للمفعول باسم المصدر إشعارا بأصالته كأنه نفس الفتح فإن تعلقه به بالذات و بالباقى بواسطئه لكن لا على معنى أنه واسطة فى تعلقه بالباقى ثانيا حتى يرد أنه لا يتسنى فى الخاتمة لما أن ختم الشى‏ء عبارة عن بلوغ آخره و ذلك إنما يتحقق بعد انقطاع الملابسة عن أجزائه الأول بل على معنى أن الفتح المتعلق بالأول فتح له أولا و بالذات و هو بعينه فتح للمجموع بواسطته لكونه جزأ منه و كذا الكلام فى الخاتمة فإن بلوغ آخر الشى‏ء يعرض للآخر أولا و بالذات و للكل بواسطته على الوجه الذى تحققته و المراد بالأول ما يعم الإضافى فلا حاجة إلى الإعتذار بأن إطلاق الفاتحة على السورة الكريمة بتمامها باعتبار جزئها الأول و المراد بالكتاب هو المجموع الشخصى لا القدر المشترك بينه و بين أجزائه على ما عليه اصطلاح أهل الأصول و لا ضير فى اشتهار السورة الكريمة بهذا الاسم فى أوائل عهد النبوة قبل تحصل المجموع بنزول الكل لما أن التسمية من جهة اللّه عز اسمه أو من جهة الرسول صلّى اللّه عليه و سلم بالإذن فيكفى فيها تحصله باعتبار تحققه فى علمه عز و جل أو فى اللوح أو باعتبار أنه أنزل جملة إلى السماء الدنيا و أملاه جبريل على السفرة ثم كان ينزله على النبى صلّى اللّه عليه و سلم نجو ما فى ثلاث و عشرين سنة كما هو المشهور و الإضافة بمعنى اللام كما فى جزء الشى‏ء لا بمعنى من كما فى خاتم فضة لما عرفت أن المضاف جزء من المضاف إليه لا جزئى له و مدار التسمية كونه مبدأ للكتاب على الترتيب المعهود لا فى القراءة فى الصلاة و لا فى التعليم و لا فى‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 8

النزول كما قيل أما الأول فبين إذ ليس المراد بالكتاب القدر المشترك الصادق على ما يقرأ فى الصلاة حتى تعتبر فى التسمية مبدئيتها له و أما الاخيران فلأن اعتبار المبدئية من حيث التعليم أو من حيث النزول يستدعى مراعاة الترتيب فى بقية أجزاء الكتاب من تينك الحيثيتين و لا ريب فى أن الترتيب التعليمى و الترتيب النزولى ليسا على نسق الترتيب المعهود و تسمى أم القرآن لكونها أصلا و منشأ له إما لمبدئيتها له و إما لاشتمالها على ما فيه من الثناء على اللّه عز و جل و التعبد بأمره و نهيه و بيان و عده و وعيده أو على جملة معانيه من الحكم النظرية و الأحكام العملية التى هى سلوك الصراط المستقيم و الاطلاع على معارج السعداء و منازل الأشقياء و المراد بالقرآن هو المراد بالكتاب و تسمى أم الكتاب أيضا كما يسمى بها اللوح المحفوظ لكونه أصلا لكل الكائنات و الآيات الواضحة الدالة على معانيها لكونها بينة تحمل عليها المتشابهات و مناط التسمية ما ذكر فى أم القرآن لا ما أورده الإمام البخارى فى صحيحه من أنه يبدأ بقراءتها فى الصلاة فإنه مما لا تعلق له بالتسمية كما أشير إليه و تسمى سورة الكنز لقوله صلّى اللّه عليه و سلم أنها أنزلت من كنز تحت العرش أو لما ذكر فى أم القرآن كما أنه الوجه فى تسميتها الأساس و الكافية و الوافية و تسمى سورة الحمد و الشكر و الدعاء و تعليم المسئلة لاشتمالها عليها و سورة الصلاة لوجوب قراءتها فيها و سورة الشفاء و الشافية لقوله صلّى اللّه عليه و سلم هى شفاء من كل داء و السبع المثانى لأنها سبع آيات تثنى فى الصلاة أو لتكرر نزولها على ما روى أنها نزلت مرة بمكة حين فرضت الصلاة و بالمدينة أخرى حين حولت القبلة و قد صح أنها مكية لقوله تعالى‏ وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي‏ و هو مكى بالنص‏

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) اختلف الأئمة فى شأن التسمية فى أوائل السور الكريمة فقيل إنها ليست من القرآن أصلا و هو قول ابن مسعود رضى اللّه عنه و مذهب مالك و المشهور من مذهب قدماء الحنفية و عليه قراء المدينة و البصرة و الشام و فقهاؤها و قيل إنها آية فذة من القرآن أنزلت للفصل و التبرك بها و هو الصحيح من مذهب الحنفية و قيل هى آية تامة من كل سورة صدرت بها و هو قول ابن عباس و قد نسب إلى ابن عمر أيضا رضى اللّه عنهم و عليه يحمل إطلاق عبارة ابن الجوزى فى زاد المسير حيث قال روى عن ابن عمر رضى اللّه عنهما أنها أنزلت مع كل سورة و هو أيضا مذهب سعيد بن جبير و الزهرى و عطاء و عبد اللّه بن المبارك و عليه قراء مكة و الكوفة و فقهاؤهما و هو القول الجديد للشافعى رحمه اللّه و لذلك يجهر بها عنده فلا عبرة بما نقل عن الجصاص من أن هذا القول من الشافعى لم يسبقه إليه أحد و قيل إنها آية من الفاتحة مع كونها قرآنا فى سائر السور أيضا من غير تعرض لكونها جزأ منها أو لا و لا لكونها آية تامة أولا و هو أحد قولى الشافعى على ما ذكره القرطبى و نقل عن الخطابى أنه قول ابن عباس و أبى هريرة رضى اللّه عنهم و قيل إنها آية تامة فى الفاتحة و بعض فى البواقى و قيل بعض آية فى الفاتحة و آية تامة فى البواقى و قيل إنها بعض آية فى الكل و قيل إنها آيات من القرآن متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير أن تكون جزأ منها و هذا القول غير معزى فى الكتب إلى أحد و هناك قول آخر ذكره بعض المتأخرين و لم ينسبه إلى أحد و هو إنها آية تامة فى الفاتحة و ليست بقرآن فى سائر السور و لولا اعتبار كونها آية تامة لكان ذلك أحد محملى تردد الشافعى فإنه قد نقل عنه أنها بعض آية فى الفاتحة و أما فى غيرها فقوله فيها

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 9

متردد فقيل بين أن يكون قرآنا أو لا و قيل بين أن يكون آية تامة أو لا قال الإمام الغزالى و الصحيح من الشافعى هو التردد الثانى و عن أحمد بن حنبل فى كونها آية كاملة و فى كونها من الفاتحة روايتان ذكرهما ابن الجوزى و نقل أنه مع مالك و غيره ممن يقول أنها ليست من القرآن هذا و المشهور من هذه الأقاويل هى الثلاث الأول و الاتفاق على إثباتها فى المصاحف مع الإجماع على أن ما بين الدفتين كلام اللّه عز و جل يقضى بنفى القول الأول و ثبوت القدر المشترك بين الأخيرين من غير دلالة على خصوصية أحدهما فإن كونها جزأ من القرآن لا يستدعى كونها جزأ من كل سورة منه كما لا يستدعى كونها آية منفردة منه و أما ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما من أن من تركها فقد ترك مائة و أربع عشرة آية من كتاب اللّه تعالى و ما روى عن أبى هريرة من أنه صلّى اللّه عليه و سلم قال فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ و ما روى عن أم سلمة من أنه صلّى اللّه عليه و سلم قرأ سورة الفاتحة و عد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ آية و إن دل كل واحد منها على نفى القول الثانى فليس شى‏ء منها نصا فى إثبات القول الثالث أما الأول فلأنه لا يدل إلا على كونها آيات من كتاب اللّه تعالى متعددة بعدد السور المصدرة بها لا على ما هو المطلوب من كونها آية تامة من كل واحدة منها إلا أن يلتجأ إلى أن يقال أن كونها آية متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير أن تكون جزأ منها قول لم يقل به أحد و أما الثانى فساكت عن التعرض لحالها فى بقية السور و أما الثالث فناطق بخلافه مع مشاركته للثانى فى السكوت المذكور و الباء فيها متعلقة بمضمر ينبئ عنه الفعل المصدر بها كما أنها كذلك فى تسمية المسافر عند الحلول و الارتحال و تسمية كل فاعل عند مباشرة الأفعال و معناها الإستعانة أو الملابسة تبركا أى باسم اللّه أقرأ أو أتلو و تقديم المعمول للإعتناء به و القصد إلى التخصيص كما فى إياك نعبد و تقدير أبدأ لاقتضائه اقتصار التبرك على البداية مخل بما هو المقصود أعنى شمول البركة للكل و ادعاء أن فيه امتثالا بالحديث الشريف من جهة اللفظ و المعنى معا و فى تقدير اقرأ من جهة المعنى فقط ليس بشى‏ء فإن مدار الامتثال هو البدء بالتسمية لا تقدير فعله إذ لم يقل فى الحديث الكريم كل أمر ذى بال لم يقل فيه أو لم يضمر فيه أبدأ و هذا إلى آخر السورة الكريمة مقول على ألسنة العباد تلقينا لهم و إراشادا إلى كيفية التبرك باسمه تعالى و هداية إلى منهاج الحمد و سؤال الفضل و لذلك سميت السورة الكريمة بما ذكر من تعليم المسألة و إنما كسرت و من حق الحروف المفردة أن تفتح لاختصاصها بلزوم الحرفية و الجر كما كسرت لام الأمر و لام الإضافة داخلة على المظهر للفصل بينهما و بين لام الإبتداء و الاسم عند البصريين من الأسماء المحذوفة الأعجاز المبنية الأوائل على السكون قد أدخلت عليها عند الإبتداء همزة لأن من دأبهم البدء بالمتحرك و الوقف على الساكن و يشهد له تصريفهم على أسماء و سمى و سميت و سمى كهدى لغة فيه قال‏

[ و اللّه أسماك سمى مباركا

آثرك اللّه به إيثاركا ]

و القلب بعيد غير مطرد و اشتقاقه من السمو لأنه رفع للمسمى و تنويه له و عند الكوفيين من السمة و أصله و سم حذفت الواو و عوضت عنها همزة الوصل ليقل إعلالها ورد عليه بأن الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره فى كلامهم و من لغاتهم سم و سم قال باسم الذى فى كل سورة سمه و إنما لم يقل باللّه للفرق بين اليمين و التيمن أو لتحقيق ما هو المقصود بالإستعانة ههنا فإنها تكون تارة بذاته تعالى و حقيقتها طلب المعونة على إيقاع‏

ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم، ج‏1، ص: 10

صفحه بعد