کتابخانه تفاسیر
بيان المعانى، ج1، ص: 112
و سمي يقينا لأن كل البشر موقن به فصار علما على الموت، قال تعالى ردا لما يقال من أسباب الخلاص لمثل هؤلاء «فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ 48» عندنا من الملائكة و الأنبياء و الشهداء و الصالحين في ذلك اليوم الذي تقبل فيه الشفاعة لمن يشاء اللّه.
مطلب الشفاعة و المحروم منها:
في هذه دليل ثبوت الشفاعة فيما عدا الأصناف الأربعة المذكورين، و هو كذلك، لأنهم يشفعون بإذن اللّه لمن يرتضيه، فلا يرد عليه ما جاء بالآيات الأخر. قال ابن مسعود رضي اللّه عنه: تشفع الملائكة و النبيون و الشهداء و الصالحون و جميع المؤمنين فلا يبقى في النار إلا أربعة، ثم تلا هذه الآية (قالُوا لَمْ نَكُ) قال عمران ابن حصين الشفاعة نافعة لكل أحد دون هؤلاء الذين تسمعون المذكورين في الآية و روى البغوي عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال صلى اللّه عليه و سلم يصف أهل النار فيعذبون قال: فيمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول للرجل منهم يا فلان فيقول ما تريد؟
فيقول أما تذكر رجلا سقاك شربة ماء يوم كذا و كذا فيقول و إنك لأنت هو، فيقول نعم فيشفع له فيشفع فيه، قال ثم يمر بهم الرجل فيقول يا فلان فيقول ما تريد؟
فيقول أما تذكر رجلا وهب لك وضوءا يوم كذا و كذا؟ فيقول و انك لأنت هو؟ فيقول نعم فيشفع له فيشفع فيه قال تعالى «فَما لَهُمْ» أي شيء جعل لهؤلاء الكفرة من قومك يا حبيبي (إذا كان حال المعذبين على ما ذكر) «عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ 49» أي عن سماع هذا القرآن مولين ظهورهم عنه بعد أن سمعوا ما سمعوا من آياته و نصح من أنزل عليه و لم يتعظوا «كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ» وحشية «مُسْتَنْفِرَةٌ 50» بكسر الفاء أي نافرة و قرىء بفتحها فتكون بمعنى منفرة مذعورة خائفة كأنها
«فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ 51» أي الأسد أو جماعة أو جماعة الرماة الصيّادين، لا واحد له من لفظه مثل ذلك و رهط راجع الآية الأولى من سورة الفاتحة الآتية، شبه جل جلاله نفور المشركين من سماع مواعظ القرآن و نصائح حضرة الرسول بنفور الحمر الوحشية عند ما تشاهد الأسد أو الرماة فلا يرى مثل نفورها و كذلك هروب
بيان المعانى، ج1، ص: 113
المشركين عند سماع كلام حضرة الرسول في قرآن أو غيره، راجع الآية 127 من سورة التوبة في ج 3 «بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ» أي هؤلاء المعرضون «أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً 52» قراطيس تنشر و تقرأ كالكتب التي يتكاتب بها الناس، أي أنهم لا يكتفون بتلك التذكرة من حضرة الرسول و لا يرضون بها و ذلك أن كفار قريش قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لن نتبعك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان نؤمر فيها باتباعك، و نحو هذا القول ما يأتي في الآية 92 من سورة الإسراء الآتية.
مطلب ما يطلبه قريش من الرسول:
و قالوا بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح و عند رأسه ذنبه و كفارته فأتنا بمثل ذلك، و قالوا إن كان محمد صادقا فيصبح عند رأس كل واحد منا صحيفة فيها براءته و أمنه من النار، فرد اللّه عليهم بقوله عزّ قوله «كَلَّا» لا يؤتون شيئا من ذلك، و هذه كلمة ردع و زجر و نهي لهم عن طلب تلك الاقتراحات و التمنّيات «بَلْ لا يَخافُونَ» بالياء و التاء هؤلاء هول «الْآخِرَةَ 53» و لا يخشون عذابها و ما أو عدوا فيها إذ لو خافوا ذلك لما اقترحوا شيئا من هذه الاقتراحات الواهية و لأن ما حصل من المعجزات و ما قام من الأدلة على اثبات نبوته و صحة ما جاءهم به كاف على وجوب الإيمان به، و لكنهم لن يؤمنوا و لو جئنهم بكل آية، راجع الآية 95 من سورة يونس في ج 2، فطلبهم هذا زيادة في التعنّت و العناد و لهذا زجرهم بقوله «كلّا» حقا «إنّه» القرآن «تَذْكِرَةٌ 54» عظيمة و عظة بليغة كافية لمن وفقه اللّه للايمان «فَمَنْ شاءَ» منكم أيها الناس أن يذكره «ذَكَرَهُ 55» و لم ينسه و اتعظ به و لم يطلب غيره لأن نفعه عائد عليه «وَ ما يَذْكُرُونَ» هؤلاء و غيرهم بمشيئتهم إذ لا يقدرون أن يذكروه «إلّا» وقت «أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» لهم ذلك فإن شاء لهم الهدى تذكروا فيه فاهتدوا و إلا لا، فانه «هو» وحده جل جلاله «أَهْلُ التَّقْوى» و بالحري أن يتقيه عباده و يخافوا عقابه فيؤمنوا به و يطيعوه «وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ 56» و حقيق أن يغفر للطائعين ما سلف ت (8)
بيان المعانى، ج1، ص: 114
منهم إذا آمنوا و صدقوا نيتهم و اللّه أحق أن نتقي محارمه و أكرم من أن يرد من يقبل عليه بإخلاص. هذا و لا يوجد غير هذه السورة مختومة بمثل هذه اللفظة، أخرج أحمد و الترمذي و حسنه الحاكم و صححه النسائي و ابن ماجه و خلق كثير آخرون عن أنس أن رسول اللّه قرأ هذه الآية (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى) إلخ فقال:
قد قال ربكم أنا أهل بأن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها آخر فأنا أهل أن أغفر له. و أخرج ابن مردويه عن عبد بن دينار عن أبي هريرة و ابن عمر عن ابن عباس مرفوعا ما يقرب من ذلك، هذا، و اللّه أعلم و استغفر اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم و صلى اللّه على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تفسير سورة الفاتحة عدد 5- 1
نزلت بعد المدثر في مكة بدليل قوله تعالى في سورة الحجر (وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي إلخ)، الآية 87 في ج 2، و هي مكية فلا برهان لمن قال إنها مدنية كمجاهد رحمه اللّه حتى قال الحسين بن فضيل هذه هفوة من مجاهد لأن العلماء على خلافه، و لا دليل لمن قال انها أول ما نزل أولية مطلقة كما نوهنا به أوائل سورة المدثر المارة، و أضعف من هذين القولين، القول بنزولها مرتين أولا بمكة ثم بالمدينة، و قد جزم جابر بن زيد أن أول ما نزل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ثم (ن) ثم (المزمل) ثم (المدثر) ثم (الفاتحة) و هي سبع آيات و منها في عد الآي سورة الماعون فقط و لو أنها نزلت مرتين لأثبتت بالقرآن مرتين كما هو الحال في الآيات و القصص المكررة، و هذا كاف للرد على من يقول بنزولها مرتين، تدبر، و البسملة ليست آية منها.
مطلب أسماء الفاتحة و ما يتعلق بها و هي تسع و عشرون كلمة و مائة و أربعون حرفا، و تسمى فاتحة الكتاب و أم القرآن و السبع المثاني لأنها تثنى في الصلاة و غيرها، و الوافية لأنها لا تقسم في الصلاة بخلاف غيرها من السور، و الكافية لأنها تكفي عن غيرها و لا يكفي عنها
بيان المعانى، ج1، ص: 115
غيرها عند الإمام الشافعي رحمه اللّه اعتمادا على قوله صلى اللّه عليه و سلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، و على ما رواه مسلم عن أبي هريرة: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج و كررها ثلاثا، أي غير تمام، قال الراوي فقلت يا أبا هريرة إنا أحيانا نكون وراء الإمام، فغمز ذراعي و قال: اقرأها بنفسك يا فارسي (يريد سلمان رضي اللّه عنه) فاني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: قال اللّه تبارك و تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل، فاذا قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال حمدني عبدي، و إذا قال (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال أثني عليّ عبدي، و إذا قال (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال مجّدني عبدي، و إذا قال (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل، و إذا قال (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال هذا لعبدي و لعبدي ما سأل. و قد أول الحنفية الحديث المارّ بأن المراد به الصلاة الكاملة و إلا فهي تصحّ بكل ما قرىء من القرآن و لو كلمتين كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عبادة بن الصامت المار في آخر سورة المزمل المتعلق في هذا البحث. و تسمى سورة الحمد، و في القرآن خمس سور مبدوءة بالحمد للّه، هذه و الأنعام و الكهف و سبأ و فاطر.
هذا و لا يقدح في قول القائل ان الفاتحة مشتملة على معان كثيرة بل على الكتاب كله و جامعة لما فيه، عدم اشتمالها على الأحرف السبعة و هي: (الثاء و الجيم و الزاي و الشين و الخاء و الظاء و الفاء) لأن المراد الكمال المعنوي لا اللفظي و لا ينقصها نقصان الصورة فقد جاء بحق البشر و هو مادي (إن اللّه لا ينظر إلى صوركم) فكيف بالأمور المعنوية. على أن هذه الأحرف من الحروف الظلمانية التي لم تذكر في المتشابه من القرآن في أوائل السور التي يجمعها قولك (صراط على حق نمسكه) أي بعد حذف المكرر منها، تأمل.
الحكم الشرعي وجوب تعيين قراءتها في الصلاة عند الشافعي و أحمد و مالك و من تابعهم بحيث لا تصح الصلاة بدونها و لا يجزى غيرها عنها، و الواجب عندهم كالفرض غالبا و قال أبو حنيفة لا يتعين قراءتها على سبيل الفرض، و عنده الواجب دائما دون الفرض
بيان المعانى، ج1، ص: 116
خلافا لبقية الأئمة، و قال رحمه اللّه بكفاية آية طويلة أو ثلاث آيات قصار من أي سورة كانت من القرآن بل تصح بأقصر آية مثل (ثُمَّ نَظَرَ) الآية 21 من المدثر المارة لأنه الفرض عنده استنادا لقوله تعالى: (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) الآية الأخيرة من سورة المزمل المارة، و قوله صلى اللّه عليه و سلم للأعرابي المسيء صلاته: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن- كما في الصحيحين- أما كون البسملة ليست بآية منها فقد تقدم بحثه في الخاتمة.
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. تقدم البحث عنها بالخاتمة أيضا و قد أسقطت الألف من الياء للخفة و طول الباء خطا ليدل عليها، و الاسم ما يعرف به ذات الشيء و التسمية عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف ذات الشيء فالاسم هو اللفظة المعنية و اشتقاقه من السموّ أي العلو لأن اسم الشيء ما علاه و ظهر به و صار علما له «اللّه» اسم علم خاص له تعالى و هو غير مشتق و من خصائصه أنك إذا حذفت الالف بقي للّه، و إذا حذفت اللام بقي إله، و إذا حذفتهما معا بقي هو، فالواو عوض عن الضمير، و إذا حذفت اللامين بقي آه فهو دائما يدل عليه دون غيره، و لم يسبق أن تسمى به أحد قطعا، قال تعالى (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) الآية 65 من سورة مريم الآتية و معناه المستحق للعبادة وحده «الرّحمن» ذي الرحمة العامة و «الرّحيم» ذي الرحمة الخاصة و هما اسمان من صفات الذات مشتقان من الرحمة، و قد ذكرنا بعض ما يتعلق بمعنى البسملة على القول بانها آية من الفاتحة بالحالة المارة قال تعالى «الْحَمْدُ لِلَّهِ» استحقاقا لذاته الكريمة المستوجبة لجميع المحامد «رَبِّ» المربي الأكبر المالك لجميع الخلق «الْعالَمِينَ 1» جمع عالم بفتح اللام لا واحد له في لفظه مثل خيل و نساء، راجع الآية 5 من سورة المدثر المارة و هو اسم لكل موجود ما سوى اللّه الموجد للوجود، قالوا إن للّه ألف عالم، ستمائة في البحر و اربعمائة في البر و قيل ثمانون الف عالم نصفها في البر و نصفها في البحر و الحقيقة ان له عوالم لا يعلمها غيره و ما العمران في الخراب الا كفسطاط (خيمة) في فلاة «الرَّحْمنِ» المنعم على خلقه بما لا يتصور صدوره من العباد «الرَّحِيمِ» المنعم بما يمكن تصوره من عباده و يجوز التسمية به و هو في جملة أسمائه
بيان المعانى، ج1، ص: 117
صلّى اللّه عليه و سلم لأنه أخص من الرحمن كما تقدم في الخاتمة أيضا «مالِكِ» أبلغ من ملك لأنه لا يكون مالكا للشيء إلا و هو يملكه و لأن الملك لا يكون إلا بالمبايعة و المالك يكون بالقهر، و جاز قراءة ملك بالصلاة لمن يقتصر على الفاتحة في الركعة الثانية لتكون الأولى أطول منها بحرف و هو في سنن القراءة في الصلاة و لأنها قراءة أيضا، و من لم يفهم هذا المعنى من الأئمة يداوم على قراءة ملك في الثانية مع أنه يقرأ معها شيئا من القرآن و يظن أنه يحسن عملا أو ان قراءة ملك مطلوبة او انه واقف على القراءات، و قيل أن ملك أولى لأن كل ملك مالك أيضا و ليس بشيء «يَوْمِ الدِّينِ 3» أي الجزاء المتصرف بأمره و نهيه فيه، و جملة الحمد إخبارية لفظا انشائية معنى و ما بعدها إخبار فقط، ثم رجع الخطاب لعباده فأمرهم ان يقولوا «إِيَّاكَ» يا ربنا «نَعْبُدُ» نخصّك بالعبادة و نوحدك طائعين خاضعين لك كما حققتها بالعبودية و سمي العبد عبدا لذلته لمولاه و انقياده لأوامره «وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 4» لا نطلب المعونة إلا منك يا إلهنا، و تقديم المفعول يكون دائما للحصر، أي أن إعانتنا على عبادتك و أمورنا المحصورة فيك لا نقدر على القيام بها كما ينبغي إلا بقدرتك و معونتك، و قال في المعنى:
إليك و إلّا لا تشد الركائب
و منك و إلّا فالمؤمل خائب
و فيك و الّا فالغرام مضيّع
و عنك و الا فالمحدّث كاذب
ثم أمر عباده أن يسألوه ما يهمهم شأنه، و علمهم كيف يدعونه بقوله عزّ قوله «اهْدِنَا» أرشدنا يا ربنا لسلوك الطريق «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 5» السويّ الموصل إلى رضاك، قال ابن عباس: هو دين الإسلام و قال غيره: القرآن، و الحق أن يقال هو عام في كل ما من شأنه أن يكون عدلا حقا قال جرير:
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموادد مستقيم
و اعلم أن السين قد ينوب عنها الصاد و بالعكس في كل كلمة فيها سين يأتي طاء أو خاء أو غين أو قاف، نقول صراط و سراط، و صخر و سخر، و مصبغة و مسبغة، و صيقل و سيقل، و ما شابهها، أما في غيرها فلا نقول صلح سلح،
بيان المعانى، ج1، ص: 118
كما لا نقول صالح صالح، تدبر «صِراطَ» بدل من الاول «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ» مننت «عَلَيْهِمْ 6» بالهداية و التوفيق و هم الأنبياء و من تابعهم على حقهم و صدّق بما أنزل عليهم قال:
لو لم ترد نيل ما نرجو و نطلبه
من فيض جودك ما علمتنا الطلبا
«غَيْرِ» طريق «الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» الذين غيروا و بدلوا ما أمرتهم به فاستحقوا غضبك و الغضب هو ثوران الدم لإرادة الانتقام قال عليه الصلاة و السلام اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه و حمرة عينيه، و إذا وصف اللّه به فالمراد منه الانتقام فقط و غضبه تعالى يلحق الكافرين دون المؤمنين «وَ لَا» طريق «الضَّالِّينَ 7» عن طريقك السوي المائلين عن هدى أنبيائك و الضلال الهلاك و منه قوله تعالى: (أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) الآية 10 من سورة السجدة في ج 2 أي هلكنا و قوله تعالى: (وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) الآية 13 من سورة محمد في ج 3 أي محقها و الضلال في الدين الانصراف عن الحق.
مطلب المراد بالمغضوب عليهم و الضالين، و حكم (آمين) و علوم الفاتحة:
و من خصّ اليهود بالغضب و النصارى بالضلال في هذه الآية مستدلا ببعض الآيات القرآنية كقوله تعالى: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ) الآية 26 من سورة المائدة في ج 3 و قوله تعالى: (وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا) الآية 80 منها أيضا لم يصب الهدف، لأن الغضب و الضلال وردا في القرآن بحق جميع الكفار على العموم فلم يخص بها اليهود و النصارى قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً) الآية 166 من النساء في ج 3 و سياق الآية ينافي ذلك الإختصاص، لأنها عامة و العبرة لعموم اللفظ عند عدم المخصص و لا مخصّص هنا.