کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن

المجلد الأول

الفهرس

سورة البقرة - 1 -

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 4] [سورة البقرة(2): الآيات 16 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 22 الى 17] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 29 الى 26] [سورة البقرة(2): الآيات 33 الى 30] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): الآيات 37 الى 35] [سورة البقرة(2): الآيات 39 الى 38] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 88] [سورة البقرة(2): الآيات 89 الى 92] [سورة البقرة(2): الآيات 93 الى 101] [سورة البقرة(2): الآيات 102 الى 105] [سورة البقرة(2): الآيات 106 الى 108] [سورة البقرة(2): الآيات 109 الى 114] [سورة البقرة(2): آية 115] [سورة البقرة(2): الآيات 116 الى 123] [سورة البقرة(2): آية 124] [سورة البقرة(2): آية 125] [سورة البقرة(2): آية 126] [سورة البقرة(2): آية 127] [سورة البقرة(2): الآيات 128 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 132] [سورة البقرة(2): الآيات 133 الى 134] [سورة البقرة(2): آية 135] [سورة البقرة(2): الآيات 136 الى 137] [سورة البقرة(2): الآيات 138 الى 141] [سورة البقرة(2): آية 142] [سورة البقرة(2): آية 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 145] [سورة البقرة(2): الآيات 146 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 151] [سورة البقرة(2): آية 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 154] [سورة البقرة(2): الآيات 155 الى 157] [سورة البقرة(2): آية 158] [سورة البقرة(2): الآيات 159 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 164] [سورة البقرة(2): الآيات 165 الى 172] [سورة البقرة(2): آية 173] [سورة البقرة(2): الآيات 174 الى 176] [سورة البقرة(2): آية 177] [سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 183 الى 184] [سورة البقرة(2): آية 185] [سورة البقرة(2): الآيات 186 الى 187] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 194] [سورة البقرة(2): الآيات 195 الى 196] [سورة البقرة(2): الآيات 197 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثانى

الفهرس

تتمة سورة البقرة - 2 -

[سورة البقرة(2): الآيات 200 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 207] [سورة البقرة(2): الآيات 208 الى 209] [سورة البقرة(2): الآيات 210 الى 212] [سورة البقرة(2): الآيات 213 الى 214] [سورة البقرة(2): الآيات 215 الى 217] [سورة البقرة(2): الآيات 218 الى 220] [سورة البقرة(2): الآيات 221 الى 222] [سورة البقرة(2): الآيات 223 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 226 الى 228] [سورة البقرة(2): الآيات 229 الى 232] [سورة البقرة(2): آية 233] [سورة البقرة(2): الآيات 234 الى 237] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 244] [سورة البقرة(2): آية 245] [سورة البقرة(2): الآيات 246 الى 250] [سورة البقرة(2): الآيات 251 الى 252] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 256] [سورة البقرة(2): آية 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 266] [سورة البقرة(2): الآيات 267 الى 272] [سورة البقرة(2): الآيات 273 الى 274] [سورة البقرة(2): آية 275] [سورة البقرة(2): الآيات 276 الى 281] [سورة البقرة(2): الآيات 282 الى 284] [سورة البقرة(2): الآيات 285 الى 286]

سورة آل عمران

فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثالث

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد الرابع

الفهرس

سورة الأعراف

[سورة الأعراف(7): الآيات 9 الى 1] [سورة الأعراف(7): الآيات 21 الى 10] [سورة الأعراف(7): الآيات 25 الى 22] [سورة الأعراف(7): الآيات 32 الى 26] [سورة الأعراف(7): الآيات 36 الى 33] [سورة الأعراف(7): الآيات 42 الى 37] [سورة الأعراف(7): الآيات 53 الى 43] [سورة الأعراف(7): الآيات 58 الى 54] [سورة الأعراف(7): الآيات 69 الى 59] [سورة الأعراف(7): الآيات 72 الى 70] [سورة الأعراف(7): الآيات 81 الى 73] [سورة الأعراف(7): الآيات 84 الى 82] [سورة الأعراف(7): الآيات 91 الى 85] [سورة الأعراف(7): الآيات 102 الى 92] [سورة الأعراف(7): الآيات 119 الى 103] [سورة الأعراف(7): الآيات 126 الى 120] [سورة الأعراف(7): الآيات 135 الى 127] [سورة الأعراف(7): الآيات 137 الى 136] [سورة الأعراف(7): الآيات 144 الى 138] [سورة الأعراف(7): الآيات 147 الى 145] [سورة الأعراف(7): الآيات 154 الى 148] [سورة الأعراف(7): الآيات 158 الى 155] [سورة الأعراف(7): الآيات 160 الى 159] [سورة الأعراف(7): الآيات 168 الى 161] [سورة الأعراف(7): الآيات 171 الى 169] [سورة الأعراف(7): الآيات 174 الى 172] [سورة الأعراف(7): الآيات 180 الى 175] [سورة الأعراف(7): الآيات 188 الى 181] [سورة الأعراف(7): الآيات 198 الى 189] [سورة الأعراف(7): الآيات 206 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الخامس

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد السادس

الفهرس

فهارس

فهرس الآيات الإستشهادية

سورة آل عمران سورة إبراهيم سورة الأحزاب سورة الأحقاف سورة الإخلاص سورة الإسراء سورة الأعراف سورة الأعلى سورة الأنبياء سورة الإنسان سورة الإنشقاق سورة الأنعام سورة الأنفال سورة الإنفطار سورة البروج سورة البقرة سورة البينة سورة التحريم سورة التغابن سورة التكاثر سورة التكوير سورة التوبة سورة الجاثية سورة الجمعة سورة الجن سورة الحاقة سورة الحج سورة الحجر سورة الحجرات سورة الحديد سورة الحشر سورة الدخان سورة الذاريات سورة الرحمن سورة الرعد سورة الروم سورة الزخرف سورة الزلزلة سورة الزمر سورة سبأ سورة السجدة سورة الشعراء سورة الشورى سورة ص سورة الصافات سورة الصف سورة الطارق سورة الطور سورة الطور سورة طه سورة العاديات سورة عبس سورة العلق سورة العنكبوت سورة غافر سورة الفاتحة سورة فاطر سورة الفتح سورة الفجر سورة الفرقان سورة فصلت سورة ق سورة القارعة سورة القدر سورة القصص سورة القلم سورة القمر سورة القيامة سورة الكهف سورة لقمان سورة المؤمنون سورة المائدة سورة المجادلة سورة المدثر سورة المدثر سورة مريم سورة المزمل سورة المطففين سورة المعارج سورة الملك سورة الممتحنة سورة المنافقون سورة النازعات سورة الناس سورة النبأ سورة النجم سورة النحل سورة النساء سورة النمل سورة نوح سورة النور سورة الواقعة سورة هود سورة يس سورة يوسف سورة يونس
فهرس الأحاديث و روايات

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن


صفحه قبل

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 194

أقول: قوله في الحديث: «هي الكلمات التي تلقّاها آدم ...» إلى آخره، قد مرّ من البيان في قوله سبحانه: وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ...، «1» ما يتّضح به هذا الكلام، فالكلمات التي ابتلي بها إبراهيم- عليه السلام- إن كانت صفات طاهرة و أخلاقا فاضلة، فإنّما وجود هذه الكلمات من كلمات تامّة اخرى في خزائن الغيب عند اللّه هي المبتلى بها حقيقة، و إن كانت نفس تلك الكلمات فهي ذلك أيضا.

غير أنّ التقدير الأوّل أوفق برواية العيّاشي، فيعود المعنى إلى أنّه عليه السلام ابتلي بصفات فاضلة إلهيّة، فأتمّهنّ بمفاتيح تلك الصفات من الغيب.

و التقدير الثاني أوفق برواية الصدوق، فيعود المعنى إلى أنّه عليه السلام ابتلى ببعض مفاتيح الغيب فأتمّه ببعض آخر، و الوجهان- مع ذلك- مآلهما واحد، على ما يعطيه التأمّل التامّ.

و قوله: «قلت: فأخبرني عن قول اللّه: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ‏ «2» » الآية في حقّ إبراهيم- عليه السلام-، و ما قبلها: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ* وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏ «3» الآيات؛ و الضمير في قوله: وَ جَعَلَها راجع إلى الهداية التي يتضمنها قوله: سَيَهْدِينِ‏ دون البراءة التي يتضمّنها قوله: إِنَّنِي بَراءٌ و يشهد به قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏ على ما سيأتي من البيان، و قوله: سَيَهْدِينِ‏ سياقه مشعر بأنّ هذه الهداية غير ما يشتمل عليه قوله: إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلَّا

(1). البقرة (2): 31.

(2). الزخرف (43): 28.

(3). الزخرف (43): 26- 28.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 195

الَّذِي فَطَرَنِي‏ و هذا اهتداء ذاتيّ غير متعلّق بهاد غير اللّه سبحانه.

و قد عرفت سابقا من قوله: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏، «1» أنّ المقابلة فيها تعطي: أنّ غير الهادي إلى الحقّ غير مهتد بنفسه، بل مهديّ بغيره، فمن لم يكن مهديّا بالغير- بل مهتديا بالذات- فهو هاد إلى الحقّ، فهذه الهداية هي التي نسمّيها بالإمامة، و هي الهداية بأمر اللّه، و هي التي يشرّف بها عدّة من أنبيائه، إذ يقول سبحانه و تعالى: وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى‏ وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى‏ وَ عِيسى‏ وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ* وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ لَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ «2» الآيات، فسياقها- كما ترى- يعطي أنّ هذه الهداية معنى ليس من شأنه أن يتغيّر و يتخلّف، و أنّ هذه الهداية بعد رسول اللّه لن ترتفع عن أمّته، بل عن ذرّيّة إبراهيم منهم خاصّة، كما قال:

وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ. «3»

فإن قلت: قد ذكر سبحانه فيهم موسى و هارون، و هما أهل عصر واحد، و لا معنى لإمامين مقتديين في عصر واحد، و كذلك زكريّا و يحيى و عيسى، و كذلك‏

(1). يونس (10): 35.

(2). الأنعام (6): 84- 90.

(3). الزخرف (43): 28.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 196

داود و سليمان، و قد مرّ أنّ العصر الواحد لا يكون فيه إلّا إمام واحد.

قلت: إنّما يلغو ذلك إذا كانت الجهة واحدة، و أمّا مع اختلافها- كأن يكون كلّ من الإمامين إماما لامّة على حدة، أو يكون هنالك جهتان يسوق كلّ منهما إلى جهة خاصّة- فلا محذور، كما يستفاد من دعاء موسى، على ما يحكيه تعالى إذ يقول: وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي‏ «1» و يقول: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ* وَ يَضِيقُ صَدْرِي وَ لا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى‏ هارُونَ‏ «2» و الكلام في غيرهما قريب ممّا فيهما.

فإن قلت: لو كان كما ذكرت كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- مقتديا بمن سبقه من الأئمّة، و هم أئمّته؛ إذ يقول تعالى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ. «3»

قلت: إنّه تعالى لم يقل: فبهم اقتده، و إنّما قال: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ و قد قال قبله: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ. «4»

فإن قلت: هب، أنّ الهداية الذاتيّة ثبتت بهذه الآيات، لكنّ الإمامة- على ما مرّت- هي حقيقة الهداية، و سوق الناس بحسب الحقيقة إلى اللّه سبحانه، دون الهداية الظاهريّة فقط، فكيف يمكن إثباتها؟

قلت: الاهتداء الذاتي الظاهري لو تمّ بغير الحقيقة- بالمعنى الذي عرفت- كان المتّصف به مسوقا بسوق غيره، فكان مقتديا بحسب الحقيقة، فلا ينفعه اهتداؤه الذاتي، فهو خلف، و قد مرّ ما ينفع في هذا المقام في قوله: اهْدِنَا

(1). طه (20): 29- 32.

(2). الشعراء (26): 12- 13.

(3). الأنعام (6): 90.

(4). الأنعام (6): 90.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 197

الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. «1»

فإن قلت: الهداية من اللّه، و قد أثبت و قرّر في كلامه، هدايته لجميع المهتدين؛ أعمّ ممّا سمّيته هداية بالذات أو بالغير، فمجرّد نسبة هدايته لجمع من عباده- كعدّة من الأنبياء كما في الآيات المزبورة- لا يستلزم ثبوت الإمامة.

قلت: نعم، و لكنّه سبحانه- مع ذلك- نسب هداية بعض ممّن هداه إلى بعض آخر من عباده، كقوله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا «2» و قوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ «3» و هناك بعض آخر لم ينسب هدايتهم إلّا إلى نفسه سبحانه، كبعض الأنبياء- عليهم السلام-، فعلمنا بذلك أنّ بين الهدايتين فرقا، و كذا بين الطائفتين من المهتدين، على أنّه تعالى أضاف إلى ذلك أوصافا أوجبت تميّز الهدايتين، مثل عدم التغيّر و التخلّف و العصمة و غير ذلك، كما يعطيه سياق الآيات، و فيها قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ‏ «4» فإنّ ظاهرها أنّ هدايتهم نوع خاصّ من الهداية لا ترتفع عن موردها، و هو تعالى حافظها أن تزول عمّا بين الناس، كما يشير إليه قوله: فَقَدْ وَكَّلْنا.

و لنرجع إلى بدء الكلام: فقوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ‏ «5» يدلّ على بقاء الإمامة- التي هي الهداية- في عقب إبراهيم- عليه السلام-، فقوله عليه السلام في الرواية: «يعني بذلك الإمامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم‏

(1). الفاتحة (1): 6.

(2). الأنبياء (21): 73.

(3). الشورى (42): 52.

(4). الأنعام (6): 89.

(5). الزخرف (43): 28.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 198

القيامة» «1» معناه: أنّه تعالى يعني بالكلمة هذه الإمامة التي جعلها في عقب الحسين- عليه السلام-، و ليس المراد به إرجاع ضمير «في عقبه» إلى الحسين- عليه السلام- من غير سبق كلاميّ أو مقاميّ، هذا.

و في الكافي عن الصادق- عليه السلام-: إنّ اللّه- عزّ و جلّ- اتّخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتّخذه نبيا، و إنّ اللّه اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا، و إنّ اللّه اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه‏ «2» خليلا، و إنّ اللّه اتّخذه خليلا قبل أن يتّخذه إماما، فلمّا جمع له الأشياء قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً، قال: فمن عظمها في عين إبراهيم- عليه السلام-: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏ قال: لا يكون السفيه إمام التقيّ». «3»

أقول: و روى هذا المعنى بطريق آخر عنه- عليه السلام- أيضا «4» و بطريق آخر عن الباقر «5» - عليه السلام- و رواه المفيد أيضا عن الصادق‏ «6» - عليه السلام-.

قوله: «إنّ اللّه اتّخذه عبدا قبل أن يتّخذه نبيّا»، يستفاد ذلك من قوله تعالى في سورة الأنبياء: وَ لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا بِهِ عالِمِينَ- إلى قوله:- مِنَ الشَّاهِدِينَ‏ «7» و هو اتّخاذ للعبوديّة.

و قوله: «اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا» يستفاد ذلك من قوله في سورة

(1). معاني الأخبار: 126- 127، الحديث: 1.

(2). في المصدر: «أن يجعله»

(3). الكافي 1: 176، الحديث: 2.

(4). الكافي 1: 175- 176، الحديث: 1.

(5). الكافي 1: 176، الحديث: 4.

(6). الاختصاص: 22.

(7). الأنبياء (21): 56.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 199

طه: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً «1» و هو أوّل أمر إبراهيم لموضع قوله:

إِذْ قالَ.*

و قوله- عليه السلام-: «اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا»، يستفاد ذلك من آيات كثيرة، غير أن الرسالة لمّا كانت أخصّ من النبوّة- على ما سيجي‏ء- كان إثبات نبوّته فقط- كما في الآيات السابقة- هو المحتاج إليه بعد ظهور رسالته في كثير من موارد الآيات، كما لا يخفى.

و قوله- عليه السلام-: «اتّخذه خليلا قبل أن يتّخذه إماما»، يستفاد ذلك من قوله سبحانه: وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا، «2» حيث إنّ الظاهر أنّ اتّخاذه ايّاه خليلا بعد ما صار ذا ملّة حنيفيّة و بسببها، و إنّما صار كذلك بعد ما كان رسولا إذ المقام مقام بيان شرف هذه الملّة الحنيفيّة التي تشرّف بسببها إبراهيم- عليه السلام- بالخلّة.

و قد وصف هذه الملّة بالحنف، و هو ميل في القدم، لميلها عن الشرك إلى التوحيد على ما يعطيه قصص إبراهيم- عليه السلام- و سيجي‏ء بيانه إن شاء اللّه تعالى.

و الخليل من الخلّة؛ و هو: الفقر و الحاجة، و به سمّي الخليل- و هو الصديق- خليلا، و أحد المتحابّين يسمّى صديقا إذا صدق في معاشرته و مؤانسته، ثمّ يصير خليلا لقصره حوائجه على صديقه و بالعكس، فهما خليلان.

و لإبراهيم- عليه السلام- منصب آخر بيّنه بقوله سبحانه: وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي‏

(1). مريم (19): 41- 42.

(2). النساء (4): 125.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏1، ص: 200

الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ* إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ «1» و قال تعالى فيه و في إسحاق و يعقوب: وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ «2» فهو مصطفى بإسلامه، و يشعر به أيضا قوله: وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏ «3» فالمصطفى هو الدين، و إبراهيم- عليه السلام- صار مصطفى بتحقّقه التامّ بالدين، فمقام الاصطفاء هو مقام التحقّق التامّ بالدين، و إنّ الدين عند اللّه الإسلام.

و إذا عرفت هذا علمت أنّ مدلول قوله: وَ اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا «4» أنّ الخلّة مقام متأخّر عن مقام الاصطفاء، حيث جعله وصفا له متفرّعا على الملّة و الحنف جميعا، فافهم ذلك.

فمقام الخلّة متأخّر عن الدين و الاصطفاء، المتفرعين على النبوّة و الرسالة جميعا، و قد عرفت أنّ الإمامة- و هي الاهتداء باللّه، و الهداية بأمر اللّه- أمر وراء هذه الامور جميعا، و محتدها و منشأها غير ما لتلك، و قد قال سبحانه: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً و هو وحي.

و أيضا معظم الابتلاءات التي وقعت له- عليه السلام- كانت في زمان نبوّته و رسالته على ما يحكيه سبحانه في كلامه، فالإمامة آخر هذه المقامات المعدودة؛ أعني العبوديّة و النبوّة و الرسالة و الخلّة ثمّ الإمامة.

(1). البقره (2): 130.

(2). ص (38): 47.

(3). البقرة (2): 132.

صفحه بعد