کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن

المجلد الأول

الفهرس

سورة البقرة - 1 -

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 4] [سورة البقرة(2): الآيات 16 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 22 الى 17] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 25] [سورة البقرة(2): الآيات 29 الى 26] [سورة البقرة(2): الآيات 33 الى 30] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): الآيات 37 الى 35] [سورة البقرة(2): الآيات 39 الى 38] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 84] [سورة البقرة(2): الآيات 85 الى 88] [سورة البقرة(2): الآيات 89 الى 92] [سورة البقرة(2): الآيات 93 الى 101] [سورة البقرة(2): الآيات 102 الى 105] [سورة البقرة(2): الآيات 106 الى 108] [سورة البقرة(2): الآيات 109 الى 114] [سورة البقرة(2): آية 115] [سورة البقرة(2): الآيات 116 الى 123] [سورة البقرة(2): آية 124] [سورة البقرة(2): آية 125] [سورة البقرة(2): آية 126] [سورة البقرة(2): آية 127] [سورة البقرة(2): الآيات 128 الى 129] [سورة البقرة(2): الآيات 130 الى 132] [سورة البقرة(2): الآيات 133 الى 134] [سورة البقرة(2): آية 135] [سورة البقرة(2): الآيات 136 الى 137] [سورة البقرة(2): الآيات 138 الى 141] [سورة البقرة(2): آية 142] [سورة البقرة(2): آية 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 145] [سورة البقرة(2): الآيات 146 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 151] [سورة البقرة(2): آية 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 154] [سورة البقرة(2): الآيات 155 الى 157] [سورة البقرة(2): آية 158] [سورة البقرة(2): الآيات 159 الى 162] [سورة البقرة(2): الآيات 163 الى 164] [سورة البقرة(2): الآيات 165 الى 172] [سورة البقرة(2): آية 173] [سورة البقرة(2): الآيات 174 الى 176] [سورة البقرة(2): آية 177] [سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 183 الى 184] [سورة البقرة(2): آية 185] [سورة البقرة(2): الآيات 186 الى 187] [سورة البقرة(2): الآيات 188 الى 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 194] [سورة البقرة(2): الآيات 195 الى 196] [سورة البقرة(2): الآيات 197 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثانى

الفهرس

تتمة سورة البقرة - 2 -

[سورة البقرة(2): الآيات 200 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 207] [سورة البقرة(2): الآيات 208 الى 209] [سورة البقرة(2): الآيات 210 الى 212] [سورة البقرة(2): الآيات 213 الى 214] [سورة البقرة(2): الآيات 215 الى 217] [سورة البقرة(2): الآيات 218 الى 220] [سورة البقرة(2): الآيات 221 الى 222] [سورة البقرة(2): الآيات 223 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 226 الى 228] [سورة البقرة(2): الآيات 229 الى 232] [سورة البقرة(2): آية 233] [سورة البقرة(2): الآيات 234 الى 237] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 244] [سورة البقرة(2): آية 245] [سورة البقرة(2): الآيات 246 الى 250] [سورة البقرة(2): الآيات 251 الى 252] [سورة البقرة(2): الآيات 253 الى 254] [سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 256] [سورة البقرة(2): آية 257] [سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 266] [سورة البقرة(2): الآيات 267 الى 272] [سورة البقرة(2): الآيات 273 الى 274] [سورة البقرة(2): آية 275] [سورة البقرة(2): الآيات 276 الى 281] [سورة البقرة(2): الآيات 282 الى 284] [سورة البقرة(2): الآيات 285 الى 286]

سورة آل عمران

فهرس مصادر التحقيق

المجلد الثالث

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد الرابع

الفهرس

سورة الأعراف

[سورة الأعراف(7): الآيات 9 الى 1] [سورة الأعراف(7): الآيات 21 الى 10] [سورة الأعراف(7): الآيات 25 الى 22] [سورة الأعراف(7): الآيات 32 الى 26] [سورة الأعراف(7): الآيات 36 الى 33] [سورة الأعراف(7): الآيات 42 الى 37] [سورة الأعراف(7): الآيات 53 الى 43] [سورة الأعراف(7): الآيات 58 الى 54] [سورة الأعراف(7): الآيات 69 الى 59] [سورة الأعراف(7): الآيات 72 الى 70] [سورة الأعراف(7): الآيات 81 الى 73] [سورة الأعراف(7): الآيات 84 الى 82] [سورة الأعراف(7): الآيات 91 الى 85] [سورة الأعراف(7): الآيات 102 الى 92] [سورة الأعراف(7): الآيات 119 الى 103] [سورة الأعراف(7): الآيات 126 الى 120] [سورة الأعراف(7): الآيات 135 الى 127] [سورة الأعراف(7): الآيات 137 الى 136] [سورة الأعراف(7): الآيات 144 الى 138] [سورة الأعراف(7): الآيات 147 الى 145] [سورة الأعراف(7): الآيات 154 الى 148] [سورة الأعراف(7): الآيات 158 الى 155] [سورة الأعراف(7): الآيات 160 الى 159] [سورة الأعراف(7): الآيات 168 الى 161] [سورة الأعراف(7): الآيات 171 الى 169] [سورة الأعراف(7): الآيات 174 الى 172] [سورة الأعراف(7): الآيات 180 الى 175] [سورة الأعراف(7): الآيات 188 الى 181] [سورة الأعراف(7): الآيات 198 الى 189] [سورة الأعراف(7): الآيات 206 الى 199]
فهرس مصادر التحقيق

المجلد الخامس

الفهرس فهرس مصادر التحقيق

المجلد السادس

الفهرس

فهارس

فهرس الآيات الإستشهادية

سورة آل عمران سورة إبراهيم سورة الأحزاب سورة الأحقاف سورة الإخلاص سورة الإسراء سورة الأعراف سورة الأعلى سورة الأنبياء سورة الإنسان سورة الإنشقاق سورة الأنعام سورة الأنفال سورة الإنفطار سورة البروج سورة البقرة سورة البينة سورة التحريم سورة التغابن سورة التكاثر سورة التكوير سورة التوبة سورة الجاثية سورة الجمعة سورة الجن سورة الحاقة سورة الحج سورة الحجر سورة الحجرات سورة الحديد سورة الحشر سورة الدخان سورة الذاريات سورة الرحمن سورة الرعد سورة الروم سورة الزخرف سورة الزلزلة سورة الزمر سورة سبأ سورة السجدة سورة الشعراء سورة الشورى سورة ص سورة الصافات سورة الصف سورة الطارق سورة الطور سورة الطور سورة طه سورة العاديات سورة عبس سورة العلق سورة العنكبوت سورة غافر سورة الفاتحة سورة فاطر سورة الفتح سورة الفجر سورة الفرقان سورة فصلت سورة ق سورة القارعة سورة القدر سورة القصص سورة القلم سورة القمر سورة القيامة سورة الكهف سورة لقمان سورة المؤمنون سورة المائدة سورة المجادلة سورة المدثر سورة المدثر سورة مريم سورة المزمل سورة المطففين سورة المعارج سورة الملك سورة الممتحنة سورة المنافقون سورة النازعات سورة الناس سورة النبأ سورة النجم سورة النحل سورة النساء سورة النمل سورة نوح سورة النور سورة الواقعة سورة هود سورة يس سورة يوسف سورة يونس
فهرس الأحاديث و روايات

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن


صفحه قبل

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 283

و مشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لو لا الآجال التي [قد] كتبت عليهم لم تستقر «1» أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب و شوقا إلى الثواب» «2» .

و لا ينافي ما مرّ و سيجي‏ء أنّ هؤلاء لا يريدون إلّا وجه اللّه، و لا يلتفتون إلى عذاب و لا ثواب، فإنّ الثواب و العذاب يتبدّلان عندهم بالقرب و البعد و الرضا و السخط.

و في الكافي أيضا عن الباقر- عليه السلام- قال: «قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: إذا استحقّت ولاية اللّه و السعادة جاء الأجل بين العينين، و ذهب الأمل وراء الظّهر، و إذا استحقّت ولاية الشيطان و الشقاوة جاء الأمل بين العينين، و ذهب الأجل وراء الظهر» «3» .

و لنرجع إلى ذيل الآية ثم قال سبحانه: وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ‏ «4» .

فأفاد أنّ الولاية لا تجامع الظلم، و قد عرفت في سورة الفاتحة أنّ كلّ شرك و معصية ظلم، بل كلّ ما يشغل الإنسان و يلهيه عن ذكر اللّه ظلم و خسران، قال تعالى: لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏ «5» ، و قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ* أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏ «6» ، و قال تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ‏

(1). في المصدر: «لم تقّر»

(2). الكافي 2: 237، الحديث: 25.

(3). الكافي 3: 257.

(4). الجمعة (62): 7.

(5). المنافقون (63): 9.

(6). يونس (10): 7- 8.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 284

الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ* إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ‏ «1» .

فمن كان من أولياء اللّه و دخل في حظيرتهم و انسلك في زمرتهم لا يشتغل عنه بغيره، و لا يلبس لباس الظلم فيستقرّ في صفّ الذين عنوا بقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ‏ «2» و تنطبق الآية على قوله: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ‏ «3» فهم المأمونون لا يخافون منه شرا و لا ظلما و لا هضما، إذ لم يلبسوا إيمانهم بظلم و لا من غيره تعالى، إذ ايمانهم باللّه حق الإيمان، و معرفتهم بحقيقة الملك الربوبي يمنع عن ذلك، و قد تقدم في سورة الفاتحة في قوله: صِراطَ الَّذِينَ‏ «4» أنّ صراط العبادة الذي لا ظلم و لا ضلال فيه هو صراط اللّه و هو الصراط المستقيم، فصراط الولاية هو صراط اللّه و هو الصراط المستقيم.

ثم أقول: و هو صراط التوحيد، صراط لا يعبد فيه إلّا اللّه كما يفيده أمثال قوله: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي‏ «5» و قوله: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ‏ «6» .

و الناس في تلقّي المراد من هذا اللفظ،- أعني إخلاص العبادة و إخلاص الدين- على مراتب مختلفة و درجات متفاوتة، تذهب في الجانبين إلى غايات‏

(1). الاعراف (7): 205- 206.

(2). الأنعام (6): 82.

(3). يونس (10): 62- 63.

(4). الفاتحة (1): 7.

(5). الزمر (39): 14.

(6). غافر (40): 14.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 285

بعيدة، قال سبحانه: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ‏ «1» و قال سبحانه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ‏ «2» .

و لا يغرّنك إطلاق العلم على كلّ صورة ذهنيّة مأخوذة من معلوم على ما يعتوره الناس من هذا اللفظ، فهو سبحانه لا يعدّ علما إلا ما يرتضيه، قال سبحانه: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‏ عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى‏ بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ‏ «3» ، فتراه سبحانه يعدّ العلم- و هو علم- ضلالا، و السمع صمما و البصر عمى، و فهم القلب ركودا، و إنّما يرتضى لمعنى العلم الهداية التي منه تعالى، التي سمّاها في موارد أخر نورا، قال: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ‏ «4» . و لهذا قال صلّى اللّه عليه و آله على ما روي عنه: «ليس العلم بكثرة التعلّم و إنّما هو نور يقذفه اللّه في قلب من يشاء» «5» .

و قد مرّ فيما مرّ جمل من القول في هذه المعاني.

و بالجملة، فما نتلقّاه من الإخلاص في الدين في بادئ النظر ما يقابل فعال الوثنيّين و عبدة الأصنام، ثم كلّما أمعنّا و رمنا حقيقة الكلمة وجدنا الإخلاص و التوحيد أدقّ، حتى إذا جرّدنا اللفظ عن كل تجوّز و مسامحة و أخذنا حقيقته حقا، وجدنا أنّ أدنى الركون و الإلتفات إلى غيره سبحانه شرك يجب تنزّه الموحّد عنه، فلا ينفكّ عنه و لا يلتفت إلى غيره إلّا به، فيعود عامّة العبادة شركا،

(1). يوسف (12): 76.

(2). المجادلة (58): 11.

(3). الجاثية (45): 23.

(4). الانعام (6): 122.

(5). منية المريد: 167 مع تفاوت؛ مصباح الشريعة: 16؛ بحار الأنوار 67: 139.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 286

و من جملتها عبادة العابد رغبة في الجنة، و عبادته خوفا من النار، و عبادته حبّا للعبادة، فكلّ ذلك من الشرك حقيقة غير مندوب إليه في حقيقة الخطابات الإلهية، و قد مرّت عدّة من الروايات في سورة الفاتحة عند قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ «1» في ذلك.

ثم أقول: و أنت إذا تأمّلت في إراداتك وجدنك لا تزيد شيئا إلّا لغاية تحبّ أن تنالها، فلا إرادة إلّا عن حبّ، و هذا حكم وجداني لا يحتاج إلى إقامة برهان، و هذا هو السبب لما يقال: إنّ صراط الولاية صراط الحبّ، أي سبيل مقطوع بالحب.

و قد تحصّل من قوله: قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إلى قوله: بِالظَّالِمِينَ‏ «2» فيما مرّ أنّ آية ذلك تمنّي اللقاء و عدم الظلم، أي فقدان المعصية و وجدان الحبّ، فجلّ عتبة الحق سبحانه أن ينسب إليه المجاز في أمثال هذه الحقائق، و عزّ جنابه أن يتحقّق معه لقاء جسماني، فما حبّ لقاء اللّه سبحانه إلّا حبّ اللّه عزّ و جلّ حيث لا يحجب عن الحضور معه حواجب الذنوب و موانع المعاصي، فالولاية كما مرّ هي طريق الحب المنعكس، و يغفر عنده الذنوب فينطبق بعينه على قوله سبحانه. قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏ «3» .

و من الدليل على رفعة قدر الحب ما في سورة يوسف و خاصة من قوله:

وَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ «4» إلى آخرها، و قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ‏

(1). الفاتحة (1): 7.

(2). الجمعة (62): 6- 7.

(3). آل عمران (3): 31.

(4). يوسف (13): 30.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 287

كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً* عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً «1» و لم يقيّد بالآخرة و ظاهرها الدنيا.

و يظهر من هنا أنّ من وجد نفسه بالحبّ و الإتباع فليستبشر بالولاية و مغفرة الذنب، و أيضا، إنّ من إنقلع عن ذنب حبا للّه سبحانه فليتحقق بمغفرته، فما المغفرة إلّا ستره سبحانه أو إمحائه و بال الذنب عن القلب، قال سبحانه:

وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ‏ «2» ، فإذا أحسّ بانقلاع القلب عن الذنب فهو المغفرة.

و بالجملة، فصراط الولاية صراط الحبّ.

ثم أقول: و أفعال الإنسان يرتضع من الوصف الغالب الراسخ في نفسه، و كذا عامة أوصافه من الوصف النفساني المستقر فيه، و ذلك كمواليد الأنواع تشاكل أمهاتها، و أبناء النوع تستأنس و تجتمع عند صاحبتها كالحمام على الحمامة، فلا تكاد ترى متكبرا طاغيا إلّا و عامّة أفعاله و أقواله مصاديق للتكبّر و الطغيان، و لا مترفا لاهيا إلّا و قيامه و قعوده و كلامه و سكوته أنواع الأتراف و اللهو و هكذا، و قد قال سبحانه: كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ‏ «3» .

و إذ كان الأمر على ذلك، فغريزة المحبة هي العنوان لما يستقبله المحبّ من أوصاف و أفعال و هي و إن كانت محدودة يسيرة في جنب جماعات الأوصاف و الأفعال التي في حومة النفوس عند أول بروق بارقتها، لكنّها لا تزال تسري من واحد إلى آخر، و من قرين إلى قرين حتى تفني الجميع و تهدم الأساس‏

(1). الإنسان (76): 5- 6.

(2). البقرة (2): 225.

(3). الإسراء (17): 84.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 288

كمثل الحريق يبدأ من نويرة، ثمّ تأخذ في الاتّساع حتى تستوعب المكان فتكون بلوى، و هذا حال المؤمن إذا أراد أن يهاجر إلى ربّه بدليل المحبّة الإلهية، و راحلته اتّباع الرسول فيما آتاه لقوله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏ «1» ، يأخذ في تهذيب نفسه في أوصافها و أفعالها على بصيرة حسبما يفسّرها الدين الحنيف، و يدعو إليها كتاب اللّه و سنة رسوله- صلّى اللّه عليه و آله- غير أن عامّة الوعد و الوعيد، و الإنذار و التبشير تتبدّل في حقّه كما مرّ، فلا يريد إلّا وجه اللّه سبحانه.

و لئن تذكّرت ما قدّمناه في قوله تعالى: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ‏ «2» ، من سورة البقرة وجدت أنّ هذا المسلك هو المسلك الثالث من مسالك تهذيب الأخلاق الثلاثة في الإسلام، و أوّل ما يطلع عليه من طلائع الحب أنّ نفسه تأخذ في الإنصراف عن زخارف الدنيا و الإقبال إلى الحياة التي عند اللّه سبحانه فيجد الحياة الدنيا على نظامها و جهاتها بناء مشيّدا على أساس تعارفات و رسومات لا تزيد على الوهم و الخيال، و لعبا و لهوا تشتغل، بها أبنائها و ترتضيها طلّابها و حقّت عنده كلمة ربّه، إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ «3» ، و قوله: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها «4» ، و قوله: أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ‏ «5» ، ثم إذا سمع قوله تعالى: وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ* ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ‏

(1). آل عمران (3): 31.

(2). البقرة (2): 156.

(3). محمد (47): 36.

(4). الكهف (18): 7.

(5). النور (24): 39.

تفسير البيان فى الموافقة بين الحديث و القرآن، ج‏3، ص: 289

وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ‏ «1» . بان عنده بطلان العلوم و الآراء المبني عليها نظام الإجتماع و أساس الحياة الدنيا و تبدّل عنده ما كان يذعنه و يعتبره مما يسمعه أو يعقله من المعارف الإلهية المتعلّقة بالمبدأ و المعاد و غيرهما من الحقائق، تبدّل الباطل بالحق و نسخ الظلمة بالنور، اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ «2» .

ثم بعدئذ يأخذ اساس الاسباب التي كانت تقف عندها القلوب، و تغترّ بتأثيرها النفوس، في الإضطراب و التزلزل، فلا يزال يشتدّ إيمانه بأنّ الأمر إلى اللّه سبحانه، و أنّ الملك و الربوبيّة و الولاية له وحده لا شريك له، فلا يزال يتسع نطاقه في الأفعال، ثم في الأوصاف، فيعقل حقيقة الملك و حدّ النسب الذي في الأشياء، و مكان ملكه سبحانه لها، فليس لها من نفسها و تأثيراتها شي‏ء إلّا بإذن اللّه، يعقّل ذلك تعقّل المشاهد لا خيال المتوهّم، فهذا الإنسان يسير من جانب إلى الراحة و السلام، كلّما بدا له سقوط سبب من الإستقلال في تأثيره، انهدم من أركان اضطرابه و تشويشه، و خوفه و حزنه، و كل مكروه يناله بمقداره، حتى إذا سرى الأمر في الجميع تخلّص عن كل محذور يهابه، و شرّ يخافه و مكروه يتوقّعه، فليس له شي‏ء يخاف عليه، أو يحزن له، و لا لغير اللّه سبحانه تأثير و أمر يخشاه. قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ‏ «3» ، و قال: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ‏ «4» .

(1). الدخان (44): 38- 39.

(2). البقرة (2): 257.

(3). الرعد (13): 28.

صفحه بعد