کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير القرآن الكريم-صدرا

الجزء الأول

تقديم حول الكتاب و المؤلف

7 تفسير القرآن الكريم

كيفية العمل في هذا الطبع المحشي المقدمة

سورة الفاتحة

قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 3]

سورة البقرة

فتوح استفاضية[تشابه النفس الانساني و النفس الرحماني‏] فصل في نبذ من أسرار الحروف بحث و تنبيه‏[الالف و أسرارها] كشف غطاء[الروح البخاري مثال العماء] فصل في الإشارة إلى سر هذه الصفوة من المفاتيح الحرفية الواقعة في فواتيح السور تنبيه‏[رد على القائلين بعدم إمكان فهم تفسير الحروف المقطعة] حكمة قرآنية[تفسير الحروف المقطعة حسبما قاله ابن سينا] فصل آخر في الدلالة على كيفية دلالة الحروف على هذه المراتب الوجودية فصل آخر في الغرض فصل في أحوال أواخرها من حيث الاعراب تنبيهات: قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 13]

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22]

نكتة هاهنا لأهل الإشارة: تبصرة: تذكرة فصل قد اختلفوا في أن السماء أفضل، أم الأرض؟ أبحاث لفظية: فصل فصل في مذاهب الذين جعلوا لله أندادا تنبيه تتمة
تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الثالث

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 34]

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 47] قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 54] قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 57] تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الرابع

المقدمة مقدمة المؤلف

[سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257]

المقالة الخامسة عشرة في قوله سبحانه«و الله سميع عليم»

المقالة التاسعة عشرة في قوله سبحانه«أولئك أصحاب النار»

تفسير آية النور[سورة النور(24): آية 35]

مقدمة

الجزء الخامس

مقدمة الناشر مقدمة المصحح

تفسير القران الكريم سورة يس

[سورة يس(36): آية 1] [سورة يس(36): آية 2] [سورة يس(36): آية 3] [سورة يس(36): آية 4] [سورة يس(36): آية 5] [سورة يس(36): آية 6] [سورة يس(36): آية 7] [سورة يس(36): آية 8] [سورة يس(36): آية 9] [سورة يس(36): آية 10] [سورة يس(36): آية 11] [سورة يس(36): آية 13] [سورة يس(36): آية 14] [سورة يس(36): آية 15] [سورة يس(36): آية 16] و قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 17] [سورة يس(36): آية 18] [سورة يس(36): آية 19] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 20] [سورة يس(36): آية 21] [سورة يس(36): آية 22] [سورة يس(36): الآيات 23 الى 24] [سورة يس(36): آية 25] [سورة يس(36): الآيات 26 الى 27] [سورة يس(36): آية 28] [سورة يس(36): آية 29] [سورة يس(36): آية 30] [سورة يس(36): آية 31] [سورة يس(36): آية 32] [سورة يس(36): آية 33] [سورة يس(36): آية 34] [سورة يس(36): آية 35] [سورة يس(36): آية 36] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 37] [سورة يس(36): آية 38] [سورة يس(36): آية 39] [سورة يس(36): آية 41] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 50] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 53] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 57] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 63] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 64] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 73] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 76] خاتمة في موضع نزول هذه السورة و عدد آيها و بيان فضلها. تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري قدس سره الشريف على تفسير سورة يس

الجزء السادس

مقدمة المصحح مقدمة المؤلف - أشرف العلوم الحكمة تمهيد فيه تشييد

سورة السجدة

قوله عز و جل:[سورة السجده(32): آية 2] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 6 الى 7] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 13] [سورة السجده(32): آية 14] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 15] [سورة السجده(32): آية 16] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 19 الى 20]

سورة الحديد مدنية و آياتها تسع و عشرون

قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 6] قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 20] خاتمة

الجزء السابع

مقدمه المصحح

(56) سورة الواقعة مكية و آياتها ست و تسعون

مقدمه المؤلف قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 1 الى 2] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 3] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 4 الى 6] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 7] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 8 الى 10] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 11] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 12] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 13 الى 14] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 15] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 16] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 17] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 18] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 19] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 20 الى 21] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 22 الى 23] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 24] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 25] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 26] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 27] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 28 الى 31] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 32 الى 33] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 34 الى 37] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 38] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 39 الى 40] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 41] فقال - عز اسمه -:[سورة الواقعة(56): الآيات 42 الى 44] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 45 الى 48] [سورة الواقعة(56): الآيات 49 الى 50] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 51 الى 53] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 54 الى 55] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 56] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 57] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 58 الى 59] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 60 الى 61] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 62] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 63 الى 67] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 68 الى 70] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 71 الى 72] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 73] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 74] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 75 الى 76] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 77 الى 78] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 79] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 80] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 81 الى 82] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 83 الى 87] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 88 الى 89] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 90 الى 91] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 92 الى 94] [سورة الواقعة(56): آية 95] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 96]

سورة الجمعة مدنية و آياتها احدى عشرة

خاتمة

تفسير القرآن الكريم صدرا


صفحه قبل

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 95

و لهذا اقتصر إدراكها على ما يخصّها و لا يتجاوز عنه إلى المحسوسات الأربع الباقية و لخلوص القوّة المتخيّلة عن هذه الكيفيّات المحسوسة كلّها أدركت الجميع و أحضرتها لأنّ جوهر النفس الخياليّة غير مبصرة و لا مسموعة و لا مشمومة و لا مذوقة و لا ملموسة و لها قوّة قبول هذه الأشياء كلّها فلا جرم تقبلها كلّها.

و منها: إنّ ملكة العدالة النفسانية التي هي عبارة عن توسّط النفس الإنسانيّة في الشهوة بين الفجور و الخمود و في الغضب بين الجبن و التهوّر و في القوّة الإدراكيّة بين الجربزة و البلاهة لمّا كانت بمنزلة كون النفس خالية عن الاتّصاف بهذه الصفات الستّة التي كلّ منها هيئة نفسانيّة شاغلة إيّاها إذا كانت راسخة عن طلب الحقّ و سلوك الآخرة صارت بسببها مستعدّة للكمال العلمي، لأنّها عند انكسار هذه القوى و انقهارها عن طلب مشتهياتها و مقتضياتها تخلص عن انقيادها و طاعتها فيقع لها بقوّة عقلها الهيولاني- هيئة استعلائيّة عليها و قوّة نوريّة استعداديّة لطاعة الحقّ و انقياده و قبول أنوار المعارف الإلهيّة و أسرار المقاصد الربوبيّة فيصير عقله المنفعل علّامة بالحق مطيعا للّه تعالى.

فإذا علمت حال هذه الأمثلة فقس عليها حال السالك العارف باللّه عند عدم التفاته بما سواه و عند كونه غير مشغول السرّ بغير اللّه و غير متبجح بزينة ذاته من حيث هي ذاته و إن كانت بصورة المعرفة و هيئة العبوديّة بل مع غيبته‏ 80 عن ذاته و غيبته عن غيبة ذاته و فنائه عن فنائه و حينئذ يكون باقيا ببقاء اللّه‏ 81 فوق ما كان باقيا بابقاء اللّه‏ 82 كما كان قبل الوصول و هذا هو مقام الفناء في التوحيد و المحو و إليه الإشارة بقوله: إيّاك نعبد.

فإذا بقي في هذا المحو و لم يرجع إلى الصحو كان مستغرقا في الحقّ محجوبا بالحقّ عن الخلق كما كان قبل ذلك محجوبا بالخلق عن الحقّ لضيق وعائه الوجودي و امتناع قبوله التجلّي الذاتي الشهودي فكذلك الموجود في مقام هذا التجلّى و الشهود احتجب‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 96

التفصيل عن شهوده و اضمحلّت الكثرة في وجوده ما زاغ بصره عن مشاهدة جماله و سبحات نور جلاله لاستغراقه في بحر التوحيد فلا ينظر إلى ما سواه و لا يستعين إلّا إيّاه فيقول عند ذلك: إيّاك نستعين. أي في مشاهدة آلائك بمشاهدة ذاتك و صفاتك فحينئذ يرجع من الحقّ بالحقّ‏ 83 84 إلى الخلق و هذا هو السفر الثالث من الأسفار الأربعة الواقعة من الكاملين المكملين.

فإذا رجع بالوجود الحقّاني الموهوب إلى حالة الصحو بعد المحو و انشرح صدره و وسع الحقّ و الخلق صار منتصبا في مقام الاستقامة كما أمر اللّه به الرسول- صلّى اللّه عليه و آله في قوله: فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ‏ [81/ 112] متوسّطا في صراط الحقّ بين التشبيه و التعطيل، ناظرا بعين الجمع إلى التفصيل و إليه الإشارة بقوله: اهدنا الصراط المستقيم.

و ذلك هو الفوز العظيم و المنّ الجسيم فقوله: ايّاك نعبد إشارة إلى مقام السلوك إلى اللّه و التقرّب إليه بالعبوديّة التامّة له و هي مرتبة الولاية المشار إليها في قوله: «1» لا يزال يتقرّب العبد إليّ بالنوافل حتّى أحببته. و قوله: و ايّاك نستعين. إشارة إلى مقام الصحو بعد المحو و هي مرتبة النبوة، المشار إليها في قوله تعالى: فإذا أحببته كنت سمعه و بصره‏ 85 و يده و رجله- الحديث.

بصيرة [سر تقديم العبادة على الاستعانة]

قيل: قدّمت‏ 86 العبادة على الاستعانة ليتوافق رؤس الآي. و قيل: إنّ العبادة وسيلة لطلب الحاجة و تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة و أسرع للقبول.

(1) راجع التوحيد للصدوق (ره): 400. و البخاري: 8/ 131.

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 97

و أقول: لمّا علمت إنّ أشرف مراتب الإنسان بما هو إنسان و أجلّ مقاماته تحصيل نسبة الإمكان و الافتقار إليه سبحانه بالعبادة و العبوديّة و لهذا قدّم ذكر العبوديّة على ذكر الرسالة في قولك: أشهد انّ محمدا عبده و رسوله‏ 87 و ذلك لأن الاولى عبارة عن نسبة العبد إليه تعالى و الثانية عبارة عن نسبته إلى الخلق فالاولى يكون أقدم من الثانية بالشرف و إن كان الرسول أفضل من الوليّ لكونه جامعا للمنزلتين جميعا فكذلك الكلام هاهنا فإنّ العبادة لكونها وسيلة إلى الحقّ أشرف من الاستعانة لكونها وسيلة إلى الخلق.

و اعلم إنّ في تقديم العبوديّة على الرسالة في التشهّد وجها آخر و هو إنّ لكلّ من الولاية و النبوّة حدوثا و بقاء فالولاية أقدم حدوثا و أدوم بقاء من الرسالة فناسب التقدم الوضعي للتقديم الزماني.

وجه آخر

قيل لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه كأنّه أوهم ذلك تبجحا بزينة ذاته من جهة نسبة العبادة و اعتدادا منه بما يصدر عنه. فعقّبه بقوله إيّاك نستعين ليدل على أن العبادة أيضا مما لا يتمّ و لا يستتبّ إلّا بمعونة منه و توفيق و قيل الواو للحال. 88

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 98

قوله جل اسمه: [سورة الفاتحة (1): آية 6]

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

الهداية لغة الإرشاد بلطف و لهذا يستعمل في الخير لا في الشر و قوله تعالى:

فَاهْدُوهُمْ إِلى‏ صِراطِ الْجَحِيمِ‏ [37/ 23] يحتمل أن يكون على سبيل التحكّم‏ 89 90 و منه الهديّة و هوادي الوحش‏ 91 لمقدّماتها و الفعل منه هدى.

و قيل: معناه الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب و نقض بقوله‏ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏ [28/ 56] و قيل: بل الدلالة الموصلة إلى المطلوب و هو أيضا منقوض بقوله‏ وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ [41/ 17] و الحمل على المجاز في كل منهما و الحقيقة في الاخرى متصوّر.

و قيل: إنّه تارة يتعدّى بنفسها و تارة باللام أو بإلى كما في قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‏ [17/ 9] و قوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ [42/ 52] و معناه على الاول الإيصال و على الأخيرين إرائة الطريق.

و في الكشاف‏ «1» : إنّ أصله أن يعدى باللام أو إلى فعومل معاملة «اختار» في قوله تعالى:

وَ اخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ‏ [7/ 155].

و الصراط: الطريق الواضح المتّسع و أصله السين لأنه من سرط الطعام إذا ابتلعه فكأنه يسرط السابلة «2» و لهذا سمّي لقما لأنّه يلتقمهم فمن قرء بالسين كابن كثير برواية قنبل و رويس عن يعقوب راعى الأصل، و من قرء بالصاد فلما بين الصاد و الطاء من المواخاة في‏

(1) الكشاف: في تفسير الاية: 1/ 53.

(2) السابلة: المارة.

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 99

الاطباق و الاستعلاء كقولهم مصيطر في مسيطر.

و قرء حمزة بإشمام الصاد الزاي ليكون أقرب إلى المبدل عنه إذ قد يشمّ الصاد صوت الزاي و فصحاهنّ اخلاص الصاد و هي لغة قريش و يجمع على «فعل» ككتاب على كتب و يستوي فيه المذكّر و المؤنث كالطريق و السبيل.

و اعلم إنّ الأمر و الدعاء يتشاركان صيغة و معنى لأنّ كلّا منهما طلب و إنّما يتفاوتان بالاستعلاء و التسفّل أو بالرتبة. و أمّا معنى هذا الدعاء ففيه وجوه:

منها: إنّ معناه ثبّتنا على الدين الحقّ لأن اللّه قد هدى الخلق كلّهم إلى الصراط.

أي طريق الحقّ من ملّة الإسلام إلّا انّ الإنسان قد تزلّ قدمه عن جادته و ترد عليه الخواطر الرديّة فيحسن منه أن يسأل اللّه التثبّت على دينه و الزيادة على هذا كما قال اللّه تعالى:

وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً‏ [47/ 17] و هذا كقولك لمن يأكل الطعام عندك:

كل أي: دم على أكله.

و منها: إن المراد دلّنا على الدين الحقّ في مستقبل العمر، كما دللتنا عليه في الماضي و يجوز الدعاء بالشي‏ء الذي يكون حاصلا كقوله تعالى: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ‏ [21/ 112] و ليس فيه تحصيل للحاصل. 92 و منها: إنّ نفس الدعاء 93 عبادة شريفة من جملة العبادات و فيه اظهار للانقطاع إليه تعالى، و يجوز أن يكون لنا فيه مصلحة من الخضوع و الخشوع و التذلّل و سائر ما يوجب تليين القلوب و التبتّل إليه فتحسن المسألة.

و قيل في معنى الصراط المستقيم وجوه:

أحدها:

إنّه كتاب اللّه‏ 94 و هو المروي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و عن على عليه السلام‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 100

و ابن مسعود «1» .

و ثانيها: إنّه الإسلام و هو المرويّ عن جابر و ابن عبّاس.

و ثالثها: إنّه دين اللّه الذي لا يقبل غيره عن محمد بن الحنفيّة.

و الرابع:

إنّه النبيّ و الأئمة القائمون مقامه‏ و هو المروي‏ «2» في أخبار أصحابنا و المأثور من أئمّتنا و أنوارنا 95 عليهم السلام.

و الأولى حمل الآية 96 على العموم ليكون أجمع و أشبه‏ 97 منه بكلام من له الأحديّة الجمعيّة.

قال بعض المحقّقين: هداية اللّه يتنوّع أنواعا لا يحصيها عدّ لكنّها في أجناس مرتبة.

الأول: إفاضة القوى التي بها يتمكّن المرء من الاهتداء إلى مصالحه. كالقوّة العقليّة و الحواسّ الباطنة و المشاعر الظاهرة كما في قوله: الَّذِي أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏ [20/ 50] و الثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحقّ و الباطل في الاعتقادات و الصلاح و الفساد في الأعمال حيث قال: وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ [90/ 10] و قال‏ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ [41/ 17] و الثالث: الهداية بإرسال الرسل و إنزال الكتب و ايّاها عنى بقوله: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا [21/ 73] و قوله: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‏ و الرابع: أن يكشف على قلوبهم السرائر و يريهم الأشياء كما هي بالوحي أو الإلهام و المنامات الصادقة و هذا القسم يختصّ بنيله الأنبياء و الأولياء و إيّاه عنى بقوله:

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ [6/ 90] و قوله:

(1) الدر المنثور: 1/ 15.

(2) نور الثقلين: 1/ 21.

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 101

وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏ [29/ 69] فالمطلوب هاهنا إمّا زيادة ما منحوه من الهدى أو الثبات عليه أو حصول المراتب المرتّبة عليه، فإذا قال العارف الواصل: اهدنا عنى أرشدنا طريق السير فيك لتمحو عنّا ظلمات أحوالنا و تميط غواشي أبداننا لنستضي‏ء بنور قدسك فنراك بنورك.

مكاشفة [الصراط و مرور الإنسان عليه‏]

اعلم إنّ معرفة حقيقة الصراط و استقامتها و المرور عليه و الضلال عنه من المعارف القرآنيّة التي يختص بدركها أهل المكاشفة و المشاهدة و ليس لغيرهم من سائر المسلمين إلّا مجرّد التصديق و الإذعان به تسليما و ايمانا بالغيب لا ببصيرة حاصلة من نور اليقين و نعم ما قيل: من لا كشف له لا علم له.

و اللمعة اليسيرة من هذا العلم:

صفحه بعد