کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير القرآن الكريم-صدرا

الجزء الأول

تقديم حول الكتاب و المؤلف

7 تفسير القرآن الكريم

كيفية العمل في هذا الطبع المحشي المقدمة

سورة الفاتحة

قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 3]

سورة البقرة

فتوح استفاضية[تشابه النفس الانساني و النفس الرحماني‏] فصل في نبذ من أسرار الحروف بحث و تنبيه‏[الالف و أسرارها] كشف غطاء[الروح البخاري مثال العماء] فصل في الإشارة إلى سر هذه الصفوة من المفاتيح الحرفية الواقعة في فواتيح السور تنبيه‏[رد على القائلين بعدم إمكان فهم تفسير الحروف المقطعة] حكمة قرآنية[تفسير الحروف المقطعة حسبما قاله ابن سينا] فصل آخر في الدلالة على كيفية دلالة الحروف على هذه المراتب الوجودية فصل آخر في الغرض فصل في أحوال أواخرها من حيث الاعراب تنبيهات: قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 13]

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22]

نكتة هاهنا لأهل الإشارة: تبصرة: تذكرة فصل قد اختلفوا في أن السماء أفضل، أم الأرض؟ أبحاث لفظية: فصل فصل في مذاهب الذين جعلوا لله أندادا تنبيه تتمة
تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الثالث

بقية سورة البقرة

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 34]

قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 47] قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 54] قوله تعالى:[سورة البقرة(2): آية 57] تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري(قده)

الجزء الرابع

المقدمة مقدمة المؤلف

[سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257]

المقالة الخامسة عشرة في قوله سبحانه«و الله سميع عليم»

المقالة التاسعة عشرة في قوله سبحانه«أولئك أصحاب النار»

تفسير آية النور[سورة النور(24): آية 35]

مقدمة

الجزء الخامس

مقدمة الناشر مقدمة المصحح

تفسير القران الكريم سورة يس

[سورة يس(36): آية 1] [سورة يس(36): آية 2] [سورة يس(36): آية 3] [سورة يس(36): آية 4] [سورة يس(36): آية 5] [سورة يس(36): آية 6] [سورة يس(36): آية 7] [سورة يس(36): آية 8] [سورة يس(36): آية 9] [سورة يس(36): آية 10] [سورة يس(36): آية 11] [سورة يس(36): آية 13] [سورة يس(36): آية 14] [سورة يس(36): آية 15] [سورة يس(36): آية 16] و قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 17] [سورة يس(36): آية 18] [سورة يس(36): آية 19] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 20] [سورة يس(36): آية 21] [سورة يس(36): آية 22] [سورة يس(36): الآيات 23 الى 24] [سورة يس(36): آية 25] [سورة يس(36): الآيات 26 الى 27] [سورة يس(36): آية 28] [سورة يس(36): آية 29] [سورة يس(36): آية 30] [سورة يس(36): آية 31] [سورة يس(36): آية 32] [سورة يس(36): آية 33] [سورة يس(36): آية 34] [سورة يس(36): آية 35] [سورة يس(36): آية 36] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 37] [سورة يس(36): آية 38] [سورة يس(36): آية 39] [سورة يس(36): آية 41] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 50] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 53] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 57] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 63] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 64] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 73] قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 76] خاتمة في موضع نزول هذه السورة و عدد آيها و بيان فضلها. تعليقات الحكيم الإلهي المولى على النوري قدس سره الشريف على تفسير سورة يس

الجزء السادس

مقدمة المصحح مقدمة المؤلف - أشرف العلوم الحكمة تمهيد فيه تشييد

سورة السجدة

قوله عز و جل:[سورة السجده(32): آية 2] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 6 الى 7] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 13] [سورة السجده(32): آية 14] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): آية 15] [سورة السجده(32): آية 16] قوله سبحانه:[سورة السجده(32): الآيات 19 الى 20]

سورة الحديد مدنية و آياتها تسع و عشرون

قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 6] قوله عز و جل:[سورة الحديد(57): آية 20] خاتمة

الجزء السابع

مقدمه المصحح

(56) سورة الواقعة مكية و آياتها ست و تسعون

مقدمه المؤلف قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 1 الى 2] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 3] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 4 الى 6] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 7] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 8 الى 10] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 11] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 12] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 13 الى 14] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 15] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 16] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 17] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 18] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 19] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 20 الى 21] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 22 الى 23] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 24] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 25] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 26] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 27] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 28 الى 31] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 32 الى 33] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 34 الى 37] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 38] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 39 الى 40] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 41] فقال - عز اسمه -:[سورة الواقعة(56): الآيات 42 الى 44] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 45 الى 48] [سورة الواقعة(56): الآيات 49 الى 50] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 51 الى 53] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 54 الى 55] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 56] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 57] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 58 الى 59] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 60 الى 61] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 62] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 63 الى 67] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 68 الى 70] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 71 الى 72] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 73] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 74] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 75 الى 76] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 77 الى 78] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 79] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 80] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 81 الى 82] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 83 الى 87] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 88 الى 89] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 90 الى 91] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): الآيات 92 الى 94] [سورة الواقعة(56): آية 95] قوله عز اسمه:[سورة الواقعة(56): آية 96]

سورة الجمعة مدنية و آياتها احدى عشرة

خاتمة

تفسير القرآن الكريم صدرا


صفحه قبل

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 163

فصل في بيان نبذ من فضائل سورة الفاتحة

اعلم إنّ المقصد الأقصى و اللباب الأصفى من إنزال القرآن و تنزيله على أشرف خلق اللّه صلّى اللّه عليه و آله أولا و على امّته الذين هم خير الأمم ثانيا، هو هداية الخلق و إرشادهم و تكميلهم بسياقتهم إلى اللّه و دار كرامته على أتمّ وجه و أشرفه.

و ذلك إنّما يحصل بتزيين نفوسهم بأنوار الحكمة و المعرفة و تجريدها عن رقّ الطبيعة، و أسر قواها الشهويّة و الغضبيّة و الوهميّة التي هي مداخل الشيطان في باطن الإنسان و تطهيرها عن أرجاس العنصريّات و قاذوراتها و تخليصها عن مكائد الشياطين و جنودها الداخليّة و الخارجيّة.

فالقرآن مشتمل من الحكمة و المعرفة على عظائمها و أصولها التي عجزت عن دركها أفهام السابقين و اللاحقين، و من الشريعة و الطريقة على لطائفها و لبابها التي خلت عنها زبر المتقدّمين و المتأخّرين.

و لعمري إنّه كصورة جمعيّة العالم المخلوق على صورة الرحمن الدالّ بهيئته و نظامه و اشتماله على مظاهر الصفات الجماليّة من الملائكة و أنوارها و من ضاهاها، و الصفات الجلاليّة من الأجسام و قواها و ما شابهها على وجود من له الخلق و الأمر.

و نسبة سورة الفاتحة إلى القرآن كلّه كنسبة الإنسان و هو العالم الصغير، إلى العالم و هو الإنسان الكبير.

و كما إن الإنسان الكامل كتاب وجيز و نسخة منتخبة يوجد فيه كلّ ما في‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 164

الكتاب الكبير الجامع الذي لا رطب و لا يابس إلّا و يوجد فيه، و لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلّا أحصاها. كما قيل:

من كلّ أمر لبّه و لطيفه‏

مستودع في هذه المجموعة

فكذلك فاتحة الكتاب مع قصرها و و جازتها يوجد فيها مجامع مقاصد القرآن و أسرارها و أنوارها و ليس لغيرها من سائر السور القرآنيّة هذه الجامعيّة كما ليس لواحد من صور أجزاء العالم ما للإنسان من صورة الجمعيّة الإلهيّة على ما قيل:

ليس من اللّه بمستنكر

أن يجمع العالم في واحد

و العارف المحقّق يفهم من هذه السورة الواحدة جميع المعارف و العلوم الكليّة المنتشرة في آيات القرآن و سوره كما وقع التنبيه عليه. و من لم يفهم هذه السورة على وجه يستنبط منها عمدة أسرار العلوم الإلهيّة و المعالم الربّانيّة من أحوال المبدإ و المعاد و علم النفس و ما بعدها و ما فوقها الذي هو مفتاح سائر العلوم كلّها، فليس هو بعالم ربّاني و لا مهتد بتفسيرها على وجهه.

و لو لم يكن هذه السورة مشتملة كما قلنا على أسرار المبدإ و المعاد و علم سلوك الإنسان إلى ربّه لما وردت الأخبار على فضلها و أنّها تعادل كلّ القرآن إذ لا مرتبة و لا فضيلة لشي‏ء بالحقيقة إلّا بسبب اشتماله على الأمور الإلهيّة و أحوالها كما مرّ مرارا.

و لو أنّ إنسانا أراد أن يعلم انّ أي الأشياء هو أفضل ما به يتقرّب العبد إلى اللّه تعالى، و أيّها اكسير السعادة الاخرويّة التي يجعل حديد قلب الإنسان ذهبا خالصا و إبريزا صافيا يليق أن يتختم به يد الملك و يختم به خزائنه الشريفة، فليتامّل و ليذعن ان ذلك يجب أن يكون من الأمور التي أنزلها اللّه على قلب بشر و يجب أن يكون ذلك الشي‏ء من قبيل ما يوجد في كتب الأنبياء سلام اللّه عليهم و خزائن أسرارهم، و الذي أفاض على قلوبهم من العلوم و المعارف.

و لا بدّ أن يكون النبيّ الذي أوحى اللّه إليه بهذا الأمر الذي هو أشرف ما يستكمل‏

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 165

به جوهر الإنسان، هو أشرف الأنبياء و أفضلهم و خاتمهم عليه و آله أفضل التحيّات و أنور التحميدات.

و لا بدّ أن يكون المكان و الزمان الذي وقع الإيحاء و التكليم و الهداية له صلّى اللّه عليه و آله بهذا أعلى الأمكنة و أسعد الأزمنة. فلا بدّ أن يكون ذلك الإنعام عليه عند عروجه إليه تعالى ليلة المعراج و الذي نزل ليلة المعراج على النبي صلّى اللّه عليه و آله من السور و الآيات، كان هذه السورة و خواتيم سورة البقرة.

فهذا مما دلّ على أنّ أفضل السور سورة الفاتحة، و أفضل الآيات خواتيم سورة البقرة، و لهذا لا بدّ و أن يكون كلّا منهما مشتملا على غاية الكمال الإنساني.

و سبب ذلك إن سعادة الدارين إنّما يتمّ بدعوة الخلق من قبله تعالى بواسطة متوسّط مؤيّد شريف مطاع أمين كما قال تعالى‏ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ‏ [81/ 21] و لكلّ مؤيّد مطاع في الروحانيات مطاع في الجسمانيات بل المطاع في الروحانيّات ثمرة المطاع في الجسمانيّات، فإنّ الدنيا بحذافيرها مظاهر و فروع لما في الروحانيات لأنّ نسبة عالم الغيب إلى عالم الشهادة نسبة الأصل إلى الفرع، و نسبة النور إلى الظلّ فكلّ شاهد فله في الغائب أصل و إلّا لكان كسراب زايل و خيال باطل و كلّ غائب فله في الشاهد مثال و إلّا لكان الشاهد كشجرة بلا ثمرة و دليل بلا مدلول فالمطاع هاهنا صورة المطاع هناك و المطاع في عالم الأرواح هو المصدر و المطاع في عالم الأجسام هو المظهر و بينهما ملاقاة و اتّصال‏ 200 و بهما يتمّ سعادة 201 الدارين لأنهما يدعوان إلى اللّه بالرسالة.

و حاصل الدعوة و الرسالة امور سبعة يشتمل عليها خواتيم سورة البقرة. منها أربعة متعلقة بأسرار المبدإ و هي معرفة الربوبيّة و علم المفارقات من الحكمة الإلهيّة أعني معرفة اللّه و ملائكته و كتبه و رسله‏ آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ‏ [2/ 285].

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 166

و منها ما يتعلّق بالوسط و هو اثنان: أحدهما معرفة العبوديّة: وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا و الثاني كمال العبوديّة و هو الالتجاء إلى اللّه تعالى و طلب المغفرة منه:

غُفْرانَكَ رَبَّنا 202 و واحد يتعلق بالمعاد و هو الذهاب إلى الملك الجواد وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ فكذلك تشتمل هذه السورة 203 على هذه الأمور السبعة:

فقوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ مشتمل على توحيد الذات و الصفات.

و قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ فيه توحيد الأفعال و هي قسمان: عالم الأمر و فيه الملائكة المقرّبون و عالم الخلق و أصله و صفوته الأنبياء و المرسلون و من يتلوهم.

و قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ إشارة إلى عالم التحميد و التقديس و التسبيح و فيه الملائكة المسبّحون بحمده تعالى.

و قوله: رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إشارة إلى كمّل أهل العلم و العرفان و هم الأنبياء و الأولياء و من يتلوهم.

و قوله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ أي رحمن الدنيا و رحيم الآخرة فيه إشارة إلى أهل الرحمة الإلهيّة في كلا العالمين و هم الملائكة و الرسل.

و قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ إشارة إلى حقيقة المعاد و رجوع الكل إليه تعالى لأنه غاية الغايات.

و قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ إشارة إلى كيفية العبودية بتهذيب الأخلاق و تصفية الباطن و إلى طلب الالتجاء إلى اللّه و هي حالة الإنسان فيما بين البداية و النهاية.

و قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ إشارة إلى العلم بكلمات اللّه‏ 204 و آياته.

و قوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ إلى آخر السورة- إشارة إلى القرآن المجيد الذي هو أشرف الكتب السماوية و هي الألواح النفسية النازلة على الأنبياء السابقين لأن الجوهر النفسي‏ 205 العقلي من النبي صلّى اللّه عليه و آله الذي هو جوهر النبوة كلمة إلهية بوجه و كتاب مبين فيه آيات الحكمة و المعرفة بوجه هو بعينه صراط اللّه العزيز الحميد إذ

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 167

لا يمكن وصول العبد إلى اللّه إلا بعد الوصول إلى معرفة ذاته و كذا من ينوب عنه عليهما السّلام كما دلّ عليه الحروف المقطّعات القرآنية «1» : «علىّ صراط حقّ نمسكه».

و تنبعث من هذه المراتب سبع مقامات في المكالمة الحقيقية 206 مع اللّه بالدعاء:

أولها الذكر رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا فضد النسيان و هو الذكر وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ‏ [18/ 24] و هذا الذكر إنما يحصل بقوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ و ثانيها: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا و رفع الإصر و المشقة في الحمل يوجب الحمد الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

و ثالثها: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ‏ و ذلك إشارة إلى كمال رحمته:

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

و رابعها: وَ اعْفُ عَنَّا لأنك أنت المالك للقضاء و الحكومة يوم الآخرة مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ .

و خامسها: وَ اغْفِرْ لَنا لأنا التجأنا بكليّتنا إليك و توكّلنا في جميع الأمور عليك: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ .

و سادسها: وَ ارْحَمْنا لأنا طلبنا الهداية منك‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و سابعها: أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ .

فهذه المراتب ذكرها محمد صلّى اللّه عليه و آله في عالم الأرواح عند صعوده إلى المعراج، فلمّا نزل من المعراج الجسماني السماوي فاض أثر المصدر على المظهر فوقع التعبير عنها بالمكالمة الصورية في عالم السماء الدنيا بينهما بسورة الفاتحة فمن‏

(1) مؤلّفة من مجموع الحروف المقطعة بإسقاط مكرراتها.

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 168

قرأها في صلاته صعدت هذه الأنوار من المظهر إلى المصدر كما نزلت في عهد محمّد عليه و آله السلام من المصدر إلى المظهر و لهذا السبب‏

قال صلوات اللّه عليه و آله: الصلوة معراج المؤمن.

و أما الأخبار الدالّة على فضلها فكثيرة منها ما

روي مسندا إلى ابىّ بن كعب قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّما مسلم قرء فاتحة الكتاب اعطي من الأجر كأنّما قرء ثلثي القرآن. و في رواية كأنّما قرء القرآن.

و

روى عنه بسند آخر قال: قرأت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاتحة الكتاب، فقال: و الذي نفسي بيده ما أنزل اللّه في التورية و الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن مثلها. هي أمّ الكتاب و هي السبع المثاني و هي مقسومة بين اللّه و بين عبده و لعبده ما سأل.

و

في كتاب محمد بن مسعود العيّاشي بإسناده عن النبي عليه و آله السلام قال لجابر بن عبد اللّه: يا جابر ألا اعلّمك بفضل سورة أنزلها اللّه في كتابه؟ قال: فقال له جابر:

بلى بأبى أنت و أمّي يا رسول اللّه علّمنيها. قال: فعلّمه الحمد امّ الكتاب ثمّ قال:

يا جابر ألا أخبرك عنها؟ قال: بلى بأبي أنت و أمّي فأخبرنى. فقال: هي شفاء من كلّ داء إلّا السام و السام الموت.

و

عن جعفر الصادق عليه السّلام قال‏ «1» : من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شي‏ء.

و

روى عن امير المؤمنين عليه السلام قال: «2» قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ قال: يا محمد و لقد آتيناك سبعا من المثاني و القرآن العظيم. فأفرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب و جعلها بإزاء القرآن و إنّ فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرض و إنّ اللّه خصّ محمدا و شرّفه بها و لم يشرك فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان‏

(1) الكافي: كتاب فضل القرآن: 2/ 626.

(2) عيون الاخبار: الباب 28 و فيه فروق يسيرة: 1/ 302.

تفسير القرآن الكريم، ج‏1، ص: 169

عليه السلام فإنّه أعطاه منها بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا ترى يحكى عن بلقيس حين قالت انّى القى الىّ كتاب كريم انّه من سليمان و انّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد و آله، منقادا لأمرها مؤمنا بظاهرها و باطنها، أعطاه اللّه بكلّ حرف منها حسنة كلّ واحد منها أفضل له من الدنيا بما فيها و من استمع إلى قارئ يقرأها كان له قدر ثلث ما للقاري، «1» فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض له فإنّه غنيمة لا يذهبن أوانه فيبقى في قلوبكم الحسرة.

و

عن حذيفة ابن اليمان رضي اللّه عنه إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ القوم ليبعث اللّه عليهم العذاب حتما مقضيّا فيقرأ صبيّ من صبيانهم في الكتاب: الحمد للّه ربّ العالمين فيسمعه اللّه تعالى، فيرفع عنهم العذاب أربعين سنة.

و

عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: بينا نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أتاه ملك فقال: ابشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك: فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة لن يقرأ [أحد] حرفا منها إلا أعطيته (ما يتضمّنه- ن).

أقول: و في طىّ هذه الأخبار- سيما هذا الأخير- إشارات علميّة و تعريفات سرّية و رموز معنويّة و تنبيهات عرفانيّة على جوامع الكمالات العقليّة و المعارج الإلهية المندرجة في هذه السورة لا يعرف قدرها و لا يفهم غورها إلّا الراسخون في العلم و الدين و السالكون طرق الكشف و اليقين. لا المتشبّثون بذيل العبارات و المتردّدون كالخفافيش في ظلمات هذه الاستعارات.

صفحه بعد