کتابخانه تفاسیر
تفسير القرآن الكريم-صدرا
الجزء الأول
3 المباحث الهامة في الحكمة المتعالية
7 تفسير القرآن الكريم
سورة الفاتحة
قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 1]
قوله جل اسمه:[سورة الفاتحة(1): آية 7]
سورة البقرة
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 3]
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 6]
الجزء الثاني
بقية سورة البقرة
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22]
فصل
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 26]
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 29]
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 31]
الجزء الثالث
بقية سورة البقرة
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 34]
قوله جل اسمه:[سورة البقرة(2): آية 48]
الجزء الرابع
[سورة البقرة(2): الآيات 255 الى 257]
المقالة الاولى فيما يتعلق باسمه تعالى«الله»
المقالة الثانية فيما يتعلق بقوله سبحانه:«لا اله الا هو» و فيه مشارع:
المقالة السابعة عشرة في معنى قوله سبحانه:«يخرجهم من الظلمات إلى النور»
المقالة التاسعة عشرة في قوله سبحانه«أولئك أصحاب النار»
المقالة العشرون في قوله تعالى:«هم فيها خالدون».
تفسير آية النور[سورة النور(24): آية 35]
الجزء الخامس
تفسير القران الكريم سورة يس
قوله سبحانه:[سورة يس(36): آية 82]
الجزء السادس
سورة السجدة
الجزء السابع
(56) سورة الواقعة مكية و آياتها ست و تسعون
سورة الجمعة مدنية و آياتها احدى عشرة
المطلع الثاني في قوله سبحانه[سورة الجمعة(62): آية 2]
المطلع السادس في قوله تعالى[سورة الجمعة(62): الآيات 6 الى 7]
المطلع السابع في قوله تعالى[سورة الجمعة(62): آية 8]
و فيه إشراقات:
المطلع الثامن في قوله سبحانه[سورة الجمعة(62): آية 9]
و فيه إشراقات:
سورة الطارق مكية و آياتها سبع عشرة
تفسير القرآن الكريم، ج1، ص: 180
وحده لا شريك له ليتمّ لك بهذه الشهادة معرفة المبدأ. و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله، ليتمّ لك معرفة المعاد و ليصعد إليه نور روحك و ينزل إليك روح محمّد صلّى اللّه عليه و آله فيتلاقى الروحان و يحصل هناك الروح و الريحان فقل: السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، فعند ذلك يقول محمد صلّى اللّه عليه و آله: السلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين ثمّ إذا ذكرت اللّه في صلاتك بهذه الأثنية و المحامد، ذكر اللّه ايّاك في محافل الملائكة كما
قال «1» : من ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير من ملائه.
و إذا سمع الملائكة ذلك اشتاقوا إلى العبد فقال اللّه: إن الملائكة اشتاقوا إلى زيارتك و قد جاؤك زائرين، فابدأ بالسلام عليهم لتكون من السابقين، فقل: السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته، كلام أهل الجنة الذين تحيّتهم فيها سلام فلا جرم إذا دخل المصلّون الجنة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار.
الوجه الثالث «2»
إنّ آيات الفاتحة سبع و الأعمال المحسوسة في الصلوة غير القراءة و الأذكار سبعة: القيام و الركوع و الانتصاب منه و السجود الأول و الانتصاب منه و السجود الثاني و القعدة.
فهذه الأعمال كالشخص و الفاتحة لها كالروح، و إنّما يحصل الكمال و الحيوة عند اتّصال الروح بالجسد. فقوله: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، بإزاء القيام، ألا ترى أنّ الباء في بسم اللّه لمّا اتّصل باسم اللّه حصل قائما مرتفعا.
(1) المحاسن للبرقي: 1/ 39. و جاء ما يقرب منه في الكافي: 2/ 498 و 50.
(2) تفسير الفخر الرازي: 1/ 213.
تفسير القرآن الكريم، ج1، ص: 181
و أيضا التسمية لبداية الأمور،
كلّ امر ذي بال لم يبدأ فيه باسم اللّه فهو أبتر
«1» و القيام أيضا أول الأعمال.
و قوله: الحمد للّه ربّ العالمين بإزاء الركوع لأنّ الحمد في مقام التوحيد نظرا إلى «2» الحقّ و إلى الخلق و المنعم و النعمة. لأنّه الثّناء على اللّه بسبب الإنعام الصادر منه إلى العبد.
فهو حالة متوسّطة بين الإعراض و الاستغراق. كما انّ الركوع حالة متوسّطة بين القيام و السجود، و أيضا ذكر النعمة الكثيرة مما يثقل الظهر فينحنى.
و قوله: الرحمن الرحيم مناسب للانتصاب لأنّ العبد لما تضرّع إلى الله بالركوع فاللائق برحمته أن يردّه إلى الانتصاب، و لهذا
قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا قال العبد «سمع اللّه لمن حمده» نظر إليه بالرحمة.
و قوله: مالك يوم الدين مناسب للسجدة الاولى لدلالته على كمال القهر و الجلال و الكبرياء و ذلك يوجب الخوف الشديد المستتبع لغاية الخضوع.
و قوله: إيّاك نعبد و إياك نستعين مناسب للقعدة بين، السجدتين لأنّ إيّاك نعبد إخبار عن السجدة التي تقدّمت و إيّاك نستعين استعانة باللّه في أن يوفّقه للسجدة الثانية.
و قوله: اهدنا الصّراط المستقيم، سؤال لأهم الأشياء، فيليق به السجدة الثانية ليدلّ على نهاية الخضوع.
و قوله: صراط الذّين أنعمت عليهم إلى آخره، مناسب للقعود لأنّ العبد لما أتى بغاية التواضع قابله الله بالإكرام و القعود بين يديه، و حينئذ يقرأ ما قرأها محمّد صلّى اللّه عليه و آله في معراجه، فالصلوة معراج المؤمن.
(1) جاء ما يقرب منه في البحار: كتاب الآداب و السنن، باب الافتتاح بالتسمية:
76/ 305. المسند: 2/ 359.
(2) في تفسير الرازي: لان العبد في مقام التحميد ناظر الى.
تفسير القرآن الكريم، ج1، ص: 182
وجه رابع «1»
إنّ المداخل التي يأتي الشيطان من قبلها ثلاثة: الشهوة و الغضب و الهوى. و الشهوة بهيمة و الغضب سبع و الهوى شيطان فالشهوة آفة عظيمة لكن الغضب أعظم منها. و الغضب آفة عظيمة لكن الهوى أعظم منه. قال سبحانه وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ [16/ 90].
الفحشاء: الشهوة و المنكر: الغضب و البغي: الهوى و بهذه الثلاثة وقع المسخ في امّة موسى عليه السلام وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً [5/ 60].
فبالشهوة يصير الإنسان ظالما لنفسه و بالغضب ظالما لغيره و بالهوى لربه. و لهذا
قال صلّى اللّه عليه و آله «2» : الظلم ثلاثة ظلم لا يغفر و ظلم لا يترك و ظلم عسى الله أن يتركه.
فالظلم الذي لا يغفر هو الشرك بالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [31/ 12] و الظلم الذي لا يترك هو ظلم العباد بعضهم بعضا. و الظلم الذي عسى الله أن يتركه هو ظلم الإنسان نفسه.
و نتيجة الشهوة الحرص و البخل و نتيجة الغضب العجب و الكبر و نتيجة الهوى الكفر و البدعة، و يحصل من اجتماع هذه الستّة في بني آدم خصلة سابعة هي العدوان المستلزم للبعد عن رحمة اللّه أي الاحتجاب عنه، و هي نهاية الأخلاق الذميمة، كما انّ الشيطان هو النهاية في الأشخاص المذمومة.
فإذا تقرّر هذا نقول: الأسماء الثلاثة في التسمية دافعة للأخلاق الثلاثة الأصليّة،
(1) العنوان غير موجود في المطبوعتين: و الوجه منقول من تفسير الفخر 1/ 207.
(2) جاء ما يقرب منه في الجامع الصغير: 2/ 57.
تفسير القرآن الكريم، ج1، ص: 183
و الآيات السبع التي هي الفاتحة دافعة للأخلاق السبعة.
بيان ذلك انّ من عرف اللّه تباعد عنه شيطان الهوى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [45/ 23]
يا موسى خالف هواك فإنّي ما خلقت خلقا نازعني في ملكي إلّا هواك.
و من عرف انّه رحمن لم يغضب. لأن منشأ الغضب طلب الولاية و الولاية للرحمن الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [25/ 26].
و من عرف انّه رحيم صحّح نسبته إليه فلا يظلم نفسه و لا يلطخها بالأفعال البهيميّة.
و أما الفاتحة فإذا قال الْحَمْدُ لِلَّهِ فقد شكر اللّه و اكتفى بالحاصل فزالت شهوته و من عرف انّه رَبِّ الْعالَمِينَ زال حرصه فيما لم يجد و بخله فيما وجد، و من عرف انّه مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بعد أن عرف انّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ زال غضبه.
و من قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ زال كبره بالأول و عجبه بالثاني.
و إذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ اندفع عنه شيطان الهوى، و إذا قال: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ زال عنه كفره و إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ اندفعت بدعته، و إذا زالت عنه الأخلاق الستّة التي هي مجامع الشرور كلّها، زال عنه حجابه و بعده عن جناب القدس.
تفسير القرآن الكريم، ج1، ص: 186
[سورة البقرة]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم سورة البقرة مدنيّة إلّا آية منها، و هي قوله تعالى وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فيه- إلى آخر الآية- [2/ 281] فإنّها نزلت بمنى في حجّة الوداع.
عدد آياتها مائتان و ستّ و ثمانون.
الحمد للّه مبدع الوجود و فائض الخير و الجود الذي أبدع العالم الأعلى بالقول و الكلام، و أنشأ كتاب الصنع و الإيجاد على غاية النظام و هيئة التمام. فأفاد الكلمات 213 التامّات و بسائط الموجودات و الحروف العاليات قبل كتابة المركّبات بمداد الموادّ على ألواح مقادير الاستعدادات، الذي جعل العرش المحيط أول ما نشأ من هذا العالم كالقلب الذي هو أول ما يتكوّن و يتحرّك، و آخر ما يسكن من عالم الإنسان. فاستوى عليه باسمه الرحمن استواء الروح على القلب المتكوّن من الأركان.