کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الوسيط

الجزء الأول

تقديم

تفسير سورة البقرة

تفسير سورة آل عمران

تفسير سورة النساء

تفسير سورة المائدة

تفسير سورة الأنعام

تفسير سورة الأعراف

تفسير سورة الأنفال

تفسير سورة التوبة

الجزء الثاني

تفسير سورة يونس

تفسير سورة هود

تفسير سورة يوسف

تفسير سورة النحل

تفسير سورة الإسراء

تفسير سورة الكهف

تفسير سورة مريم

تفسير سورة طه

تفسير سورة الأنبياء

تفسير سورة الحج

تفسير سورة المؤمنون

تفسير سورة النور

تفسير سورة الفرقان

تفسير سورة الشعراء

الجزء الثالث

تفسير سورة القصص

تفسير سورة العنكبوت

تفسير سورة الأحزاب

تفسير الوسيط


صفحه قبل

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 7

و في البعد عن القصص و الرّوايات الإسرائيليّة التي لا يخلو منها تفسير قديم، و في التزام أصول التفسير بالمأثور و المعقول معا، و بالاعتماد على أمهات كتب التفسير الكبرى، بمختلف مناهجها.

- و ينفرد (التفسير المنير) ببيان أوسع و أجلى للآيات، و بالتعرف على مضامين كل سورة في بدء تفسيرها في الجملة، و على فضائل السّور القرآنية مما يصح من أخبارها، و استبعاد الموضوع و الضعيف، و على مناسبات السّور القرآنية و الآيات بعضها مع بعض، و على تفصيل و تحقيق القصص و الأحداث التاريخية القديمة، و وقائع السّيرة النّبوية، و استنباط الأحكام الشّرعية بالمعنى الواسع للحكم بحيث يشمل العقيدة و العبادة، و الأخلاق و الآداب، و العبر و العظات، و نظام الحياة و المعاملات، و أصول الحياة الإسلامية العامة. كما يمتاز ببيان المفردات اللغوية بيانا كافيا شافيا، و بمعرفة وجوه البلاغة و الإعراب، و كل ذلك مع تعقيبات و ملاحظات و مقارنات و تنويه بالمعجزات، و الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بحسب تقدم العلوم العصرية.

- و يقتصر (التفسير الوجيز) على بيان المقصود بكل آية، بعبارة شاملة غير مخلّة بالمعنى المراد، و لا مبتورة، و من غير استطراد و لا تطويل، و شرح بعض الكلمات الغامضة غموضا شديدا، و بيان أسباب النزول مع كل آية أثناء شرحها.

- و أما (التفسير الوسيط) هذا، فقد يزاد فيه تفسير بعض الآيات عما هو مذكور في (التفسير المنير)، و يشتمل على إيضاح معاني أهم الكلمات الغامضة، مع التّعرض لأسباب النزول مع كل آية. و حينئذ قد تتطابق عبارات التفاسير الثلاثة، و قد تختلف بحسب الحاجة، و بما يقتضيه المقام في تسليط الأضواء على بعض الألفاظ و الجمل، و قد يذكر الوجه الإعرابي الضروري للبيان. و تميّز هذا التفسير ببساطته و عمقه في آن واحد، و بإيراد مقدمة عن كل مجموعة من الآيات، تكوّن موضوعا واحدا.

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 8

إن ما عملته في مجال التفسير، و في غيره من المصنفات العلمية الكثيرة، إنما هو بقصد تيسير العلم بأسلوب واضح متّزن، و بعبارات لا إشكال فيها و لا غموض.

و قد سعدت كل السعادة أن أقبل الناس على التفسيرين السابقين: المنير و الوجيز، لأنهم وجدوا فيهما ما يحقق بغيتهم، و ما تصبو إليه نفوسهم. و الله أسأل أن يديم النفع بما يعلّمنا من فضله، و أن يزيدنا علما، فإن على العالم أمانة البيان و التبليغ، على قدر الوسع و الطاقة، و هو خادم العلم، و تقريبه للناس، تقبّل الله منا، و جعله في ميزان حسناتنا، و ثقّل به الموازين، و الله لا يضيع أجر المحسنين.

أ. د.: وهبة مصطفى الزحيلي‏

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 9

فاتحة القرآن الكريم‏

[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

[الفاتحة: 1- 7] الفاتحة المعروفة، المكّية النزول (النازلة قبل الهجرة)، من أوائل ما نزل من القرآن الكريم، قال ابن عباس:

«أول ما نزل به جبريل عليه السّلام على النّبي صلّى اللّه عليه و سلم: يا محمد، استعذ، ثم قل:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ».

و الاستعاذة مستحبة في بداية تلاوة القرآن و في بداية الصلاة، قال الله تعالى:

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98) [النّحل: 16/ 98] و

كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إذا قام من الليل، فاستفتح صلاته و كبّر، قال:

«سبحانك اللهم و بحمدك، و تبارك اسمك، و تعالى جدّك، و لا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا اللّه- ثلاثا-، ثم يقول: أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم من همزه و نفخه و نفثه» و الهمز: الخنق، و النفخ و النفث بالشي‏ء الضّال.

ثم يقرأ الإنسان البسملة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) و هي آية فاصلة بين السّور القرآنية، و نزلت مع كل سورة كما ورد عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، و لم‏

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 10

توضع في أول سورة التّوبة (براءة) بأمر الوحي؛ لأن هذه السورة نزلت في الحرب و الجهاد و البراءة من المشركين بعد غزوة تبوك.

ثم يقرأ المصلّي الفاتحة،

عن أبي ميسرة عن علي بن أبي طالب: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كان إذا سمع مناديا يناديه: يا محمد، فإذا سمع الصوت انطلق هاربا، فقال له ورقة بن نوفل: إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك، قال: فلما برز سمع النداء:

يا محمد، فقال: لبيك، قال: قل: أشهد أن لا إله إلا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه، ثم قال: قل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ‏ «1» الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ «2» ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ «3» صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ «4» ».

نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش، فهي سورة مكّية بالإجماع، لعظم مكانتها و علوّ شرفها، من بين سور القرآن،

قال الرسول صلّى اللّه عليه و سلم لأبي بن كعب، رضي اللّه عنه، بعد أن قرأ أمّ القرآن:

«و الذي نفسي بيده ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن مثلها، إنها لهي السّبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته».

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لا يصلّي إلا بفاتحة الكتاب.

و سميت (الفاتحة) لأنها أول ما يفتتح بها كتابة القرآن الكريم في المصاحف، و بها تفتتح القراءة في جميع الصلوات، و لها أربعة عشر اسما منها: أم الكتاب، و أساس القرآن، و سورة الحمد، و السّبع المثاني، أي تثنى و تعاد كل ركعة.

(1) مربّي الإنس و الجنّ و مالكهم و مدبّر أمورهم.

(2) يوم الجزاء و الحساب.

(3) وفقنا للثبات على الطريق القويم.

(4) المنحرفون عن طريق الاستقامة من أتباع الملل الأخرى.

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 11

جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: «قال اللّه عزّ و جلّ: قسمت الصّلاة (أي قراءة الفاتحة) بيني و بين عبدي نصفين، و لعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) قال اللّه:

حمدني عبدي، و إذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ قال اللّه: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) قال اللّه: مجدني عبدي أو فوّض إلي عبدي، فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) قال اللّه: هذا بيني و بين عبدي، و لعبدي ما سأل. فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ (7) قال اللّه: هذا لعبدي، و لعبدي ما سأل».

و يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها (آمين) أي اللهم استجب لنا.

قال صلّى اللّه عليه و سلم في فضل الفاتحة: «إذا وضعت جنبك على الفراش و قرأت فاتحة الكتاب، و قل هو اللّه أحد، فقد أمنت من كل شي‏ء إلا الموت».

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 12

تفسير سورة البقرة

موقف الناس من القرآن الكريم‏

ابتدأ اللّه تعالى سورة البقرة، المدنيّة النزول (ما بعد الهجرة و لو في مكّة)، ببيان موقف الناس من القرآن الكريم، و ذكر أنهم ثلاثة أصناف، فمنهم من آمن به و عمل صالحا، و أولئك هم المفلحون، و منهم من كفر به و استكبر عن الحق قولا و عملا، و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. و منهم من آمن بالله و باليوم الآخر قولا باللسان فقط، و بقي قلبه مملوءا بالكفر و الضّلال، و أولئك لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون، و هم المنافقون.

قال مجاهد: أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين، و آيتان في الكفار، و ثلاث عشرة آية في المنافقين.

أما المؤمنون المتّقون فلهم أوصاف أربعة: الإيمان الصادق بالغيب الذي أخبر اللّه عنه، و قام الدليل عليه، فلا يقتصرون على المادّيات و المحسوسات، و إنما يؤمنون بما وراء المادة، و يقيمون الصلاة باعتبارها عماد الدين، و يؤتون الزكاة للفقراء و المساكين، و الزكاة أساس بناء المجتمع، كما أن الصلاة أساس بناء الفرد، و يؤمنون بجميع ما أنزل اللّه على رسله من الكتب السماوية و يؤمنون بالآخرة إيمانا يقينيا لا شبهة فيه، و لا شك.

تفسير الوسيط، ج‏1، ص: 13

قال اللّه تعالى مبيّنا منزلة القرآن السامية و أنه الكتاب الكامل، و واصفا هؤلاء المؤمنين:

[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)

«1» «2» «3» [البقرة: 2/ 1- 5].

ثم ذكر اللّه صفات الكافرين كأبي جهل و أبي لهب و نحوهما ممن جاهر بتكذيب القرآن، فاستوى عندهم الإنذار و عدمه، إذ لا ينتفعون به، فقلوبهم مغلقة لا يصل إليها النور الإلهي المتمثل في آيات القرآن، و يحجبون أسماعهم و أبصارهم عن هذه الآيات و يتعامون عنها، فأولئك لهم عذاب عظيم شديد خاص بهم، و كان العيب فيهم و في أطباعهم لا في القرآن، لذا ختم اللّه على قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم بكفرهم و عنادهم، قال اللّه تعالى مبينا صفات هؤلاء الكافرين:

[سورة البقرة (2): الآيات 6 الى 7]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7)

«4» «5» [البقرة: 2/ 6- 7].

إن البصير العاقل هو الذي يتأمل في مستقبله و في الحق الذي ينفعه، و ينفر من الباطل و الضلال، و يوازن بين صفات المؤمنين البنّاءة التي هي إيمان بالغيب و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و إيمان باليوم الآخر، و صفات الكفار الهدامة التي هي دمار و خراب، و ابتعاد عن هداية اللّه الحقّة، و انكباب في نار جهنم، و المؤمن هو المواطن الصالح الأمين، و الكافر هو العدو الخائن لنفسه و أمته و مجتمعة.

(1) القرآن العظيم.

(2) لا شك في أنه من عند اللّه.

(3) الذين امتثلوا الأوامر و أدّوا الفرائض و تجنّبوا المعاصي‏

(4) طبع اللّه تعالى عليها.

صفحه بعد