کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن

الجزء الأول

الفصل الأول في فضل القرآن الكريم و تلاوته، و تعلمه، و تعليمه الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، و ما يكره منها، و ما يحرم، و اختلاف الناس في ذلك الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن و العلم من الرياء، و غيره الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، و لا يغفل عنه الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، و تعليمه، و الحث عليه، و ثواب من قرأ القرآن معربا الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، و أهله الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، و وضعه الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، و من هو، و فيمن عاداه الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارى‏ء القرآن، و حامله من تعظيم القرآن و حرمته الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسنة الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلم، و الفقه لكتاب الله، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم. و ما جاء أنه يسهل على من تقدم العمل به، دون حفظه الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم:«إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، و سبب كتب عثمان المصاحف، و إحراقه ما سواه، و ذكر من حفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، و كلماته، و حروفه الفصل السابع عشر في أجزائه، و أحزابه، و أرباعه، و أنصافه، و أثلاثه، و أسباعه الفصل الثامن عشر في تعشيره و تخميسه، و الكتابة في فواتح السور، أو خواتمها، و وضع النقط في منتهى الآية، و غير ذلك الفصل التاسع عشر في بيان أول من وضع النقط، و الشكل، و الشدة، و المدة، و الهمزة، و علامة الغنة في المصاحف، و أول من وضع النحو، و جعل الإعراب فيها الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية الفصل الحادي و العشرون في بيان معنى القرآن، و معنى السورة، و الكلمة، و الحرف الفصل الثاني و العشرون في بيان معنى النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، و أقسامه، و شرائطه، و الرد على من أنكره، و بيان معنى الناسخ، و المنسوخ، و غير ذلك الفصل الثالث و العشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، و المنسوخ الفصل الرابع و العشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف. الفصل الخامس و العشرون في بيان قواعد أصولية لأسباب النزول الفصل السادس و العشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، و غيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، و اختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، و الأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، و غير ذلك من فضائل الأعمال، و قد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغرا الفصل السابع و العشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الرد على من طعن في القرآن، و خالف مصحف عثمان بالزيادة، و النقصان الفصل الثامن و العشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا؟ الفصل التاسع و العشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، و شرائط المعجزة، و حقيقتها الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات الفهرس مقدمة مقدمة في مبادى‏ء فن التفسير

سورة البقرة

فائدة:

المجلد التاسع

استهلال:

تابع إلى سورة الأنعام:

[سورة الأنعام(6): الآيات 145 الى 153]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

سورة الأعراف

المناسبة: و مناسبة ذكرها بعد سورة الأنعام الناسخ و المنسوخ:

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 18]

[سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 43]

المناسبة أسباب النزول الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: التكرار في قوله: يا بني آدم و منها: المجاز المرسل في قوله: عند كل مسجد و منها: الجناس المغاير بين و لا تسرفوا و بين المسرفين و منها: الطباق بين ظهر و بطن في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الظرفية المجازية في قوله: ادخلوا في أمم و منها: عطف العام على الخاص في قوله: و الإثم و منها: عطف الخاص على العام؛ لمزيد الاعتناء به و منها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: سلطانا و منها: التفصيل بعد الإجمال في قوله: ما ظهر منها و ما بطن و منها: الطباق بين لا يستأخرون.. و لا يستقدمون و منها: الاعتراض في قوله: لا نكلف نفسا إلا وسعها و منها: التهكم في قوله: فذوقوا العذاب و منها: الكناية في قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء و منها: تعليق الممكن بالمستحيل إفادة لاستحالته في قوله: و منها: المجاز المرسل في قوله: و منها: الإتيان باسم الإشارة البعيدة في قوله: أن تلكم الجنة و منها: الاستعارة في قوله: لهم من جهنم مهاد و من فوقهم غواش و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع

[سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 58]

المناسبة الإعراب التصريف و مفردات اللغة

البلاغة

فمنها: المقابلة في قوله: و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار و منها: المشاكلة في قوله: ما وعد ربكم و منها: التعبير بالماضي عما في المستقبل، في قوله: و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: فأذن مؤذن و منها: الاستعارة التصريحية في قوله: حرمهما و منها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: و منها: الالتفات في قوله: سقناه لبلد ميت و منها: التتميم في قوله: و البلد الطيب... و منها: تخصيص خروج النبات الطيب بقوله: و منها: الكناية في قوله: بإذن ربه و منها: الطباق بين قوله: و البلد الطيب و قوله: و الذي خبث و منها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: كذلك نخرج الموتى و منها: إيجاز القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر و منها: الاكتفاء في قوله: يغشي الليل النهار و منها: التكرار في قوله: و نادى و نادى و منها: جناس الاشتقاق في قوله: من شفعاء فيشفعوا لنا و منها: الجناس المماثل في قوله: فاليوم ننساهم كما نسوا و منها: الاستفهام التوبيخي في مواضع و منها: الإنكاري في قوله: هل ينظرون إلا تأويله و منها: الإضافة للتشريف في قوله: رسل ربنا و منها: الزيادة و الحذف في عدة مواضع و منها: القصر في قوله: ألا له الخلق و الأمر

[سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 74]

المناسبة الإعراب

المجلد العاشر

تتمة سورة الأعراف

خاتمة في خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة من الموضوعات شعر الفهرس

المجلد السادس عشر

سورة الإسراء

شعر الفهرس

المجلد الرابع و العشرون

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن


صفحه قبل

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 80

غير محكيّة عن القرّاء. عليهمي بضمّ الهاء و كسر الميم، و زيادة ياء بعد الميم، حكاها الأخفش البصري عن العرب، و عليهم بضمّ الهاء و كسر الميم من غير زيادة ياء، و عليهم بكسر الهاء و ضمّ الميم من غير إلحاق واو، و عليهم بكسر الهاء و الميم و لا ياء بعد الميم. و كلّها صواب قاله ابن الأنباري. اه.

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ بدل من‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بدل كلّ من كلّ. أي: صراط غير اليهود الذين غضبت عليهم و خذلتهم، و انتقمت منهم؛ لقوله تعالى فيهم: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏ .

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ . أي: و صراط غير النصارى الذين ضلّوا و أخطأوا عن الهدى لقوله تعالى فيهم: وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏ و قيل: غير المغضوب عليهم بالبدعة، و لا الضالّين عن السنّة، و اللّه أعلم.

و المعنى: وفّقنا طريق الهدى و الرشاد التي هي طريق الأنبياء و المؤمنين، و جنّبنا عن طريق أهل الغضب و الضلال التي هي طريق الكفار و المنافقين. و ورد في الحديث: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إنّ المغضوب عليهم اليهود، و إنّ الضالّين هم النصارى» رواه ابن حبّان و صحّحه. و إنّما سمّي كلّ من اليهود و النصارى بما ذكر، مع أنّ كلّا منهم مغضوب عليه و ضالّ؛ لاختصاص كلّ منهما بما غلب عليه. اه. خطيب. و يتجه أن يقال: المغضوب عليهم العصاة، و الضالون الجاهلون باللّه؛ لأنّ المنعم عليه من وفّق للجمع بين معرفة الحقّ لذاته، و الخير للعمل به، و كان المقابل له من اختلّ إحدى قوّتيه العاقلة و العاملة، و المخل بالعمل فاسق مغضوب عليه؛ لقوله تعالى في القاتل عمدا: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏ ، و المخل بالعلم جاهل ضالّ؛ لقوله تعالى: فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ‏ .

اه. من «البيضاوي».

و الحاصل: أنّ‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ بدل‏ «1» من‏ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ‏ على‏

(1) الشوكاني.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 81

معنى: أنّ المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب و الضلال، أو صفة له مبيّنة، أو مقيّدة على معنى: أنّهم جمعوا بين النعمة المطلقة، و هي نعمة الإيمان، و بين السلامة من الغضب و الضلال، و ذلك إنّما يصحّ بأحد تأويلين: أجراء الموصول مجرى النكرة في الإبهام، إذ لم يقصد به معهود كالمحلّى ب (أل) الجنسية في قوله:

و لقد أمرّ على اللئيم يسبّني‏

فمضيت ثم قلت لا يعنيني‏

و كقولهم: إنّي لأمرّ على الرجل مثلك فيكرمني. أو جعل‏ غَيْرِ معرّفا بالإضافة؛ لأنه أضيف إلى ما له ضدّ واحد، و هو المنعم عليه، فيتعيّن تعيّن الحركة من غير السكون، و عن ابن كثير: نصبه على الحال من الضمير المجرور في‏ عَلَيْهِمْ‏ ، و العامل‏ أَنْعَمْتَ‏ أو بإضمار أعني أو بالاستثناء، إن فسّر المنعم بما يعمّ القبيلين، و به قرأ عمر، و ابن مسعود، و عليّ، و ابن الزبير و ليست في المتواتر عن ابن كثير.

و الغضب: ثوران النفس لإرادة الانتقام، و معنى الغضب في صفة اللّه: إرادة العقوبة، فهو صفة ذاته، أو نفس العقوبة. و منه الحديث: «إنّ الصدقة تطفى‏ء غضب الربّ»، فهو صفة فعله. قال في «الكشاف»: غضب اللّه إرادته الانتقام من العصاة، و إنزال العقوبة بهم، و أن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده.

و الفرق‏ «1» بين‏ عَلَيْهِمْ‏ الأولى و عَلَيْهِمْ‏ الثانية: أنّ الأولى في محل نصب على المفعولية، و الثانية في محل رفع على النيابة عن الفاعل. و (لا) في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ زائدة لتأكيد النفي المفهوم من‏ غَيْرِ ، فكأنّه قال: لا المغضوب عليهم و لا الضّالّين.

و قرأ عمر و أبيّ‏ «2» : و غير الضالّين، و روي عنهما في الراء في الحرفين النصب و الخفض، و يدلّ على أنّ المغضوب عليهم هم غير الضالين. و التأكيد

(1) البحر المحيط.

(2) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 82

فيها أبعد، و التأكيد في لا، أقرب. و قرأ أيوب السختياني‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ بإبدال الألف همزة؛ فرارا من التقاء الساكنين. و حكى أبو زيد: دأبّة و شأبّة في دابّة و شابّة في كتاب الهمز، و مع ذلك فلا ينقاس هذا الإبدال؛ لأنّه لم يكثر كثرة توجب القياس، نصّ على أنّه لا ينقاس النحويّون.

قال القرطبي: الضلال في لسان العرب: هو الذهاب عن سنن القصد و طريق الحقّ، و منه ضلّ اللبن في الماء؛ أي: غاب. و منه: أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ‏ ؛ أي: غبنا بالموت و صرنا ترابا. و يقال: ضللت الشي‏ء: جهلت المكان الذي وضعته فيه، و أضللت الشي‏ء: ضيعته، و أضل أعمالهم و ضلّ: غفل و نسي، وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ‏ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ، و الضلال: سلوك سبيل غير القصد. ضل عن الطريق: سلك غير جادتها، و الضلال: الحيرة و التردّد. و منه: قيل لحجر أملس يردده الماء في الوادي: ضلضلة.

و في «الخطيب»: و في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ مدّان: مدّ لازم، و مدّ عارض، فاللازم: هو الذي على الألف بعد الضاد و قبل اللام المشدّدة، و العارض: هو الذي على الياء قبل النون. اه. و الأصل في الضالّين: الضاللين، ثمّ أدغمت اللام في اللام، فاجتمع ساكنان مدّت الألف و اللام المدغمة.

و الحاصل من معنى الآيتين، كما قاله المراغي: أنّ اللّه سبحانه و تعالى أمرنا «1» باتباع صراط من تقدّمنا؛ لأنّ دين اللّه واحد في جميع الأزمان، فهو إيمان باللّه و رسله، و اليوم الآخر، و تخلّق بفاضل الأخلاق، و عمل الخير، و ترك الشرّ، و ما عدا ذلك فهو فروع و أحكام تختلف باختلاف الزمان و المكان، يرشد إلى ذلك قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى‏ نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ‏ .

ع‏ق‏2%) الْمَغْضُوبِ‏ قيل: هم الذين بلغهم الدين الحقّ الذي شرعه اللّه تعالى لعباده، فرفضوه و نبذوه وراءهم ظهريّا، و انصرفوا عن النظر في الأدلّة؛ تقليدا لما ورثوه عن الآباء و الأجداد، و هؤلاء عاقبتهم النكال و الوبال في نار جهنم و بئس القرار.

(1) المراغي.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 83

و الضالّون: هم الذين لم يعرفوا الحقّ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، و هؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة، أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحقّ، فهم تائهون في عماية، لا يهتدون معها إلى مطلوب تعترضهم الشّبهات التي تلبّس الحق بالباطل و الصواب بالخطأ، إن لم يضلّوا في شؤون الدنيا، فقد ضلّوا في شؤون الحياة الآخرة، فمن حرم هدى الدين ظهر له أثر الاضطراب في أحواله المعيشيّة، و حلّت به الرزايا، و الذين جاؤوا على فترة من الرسل لا يكلّفون بشريعة، و لا يعذّبون في الآخرة؛ لقوله تعالى: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا .

و هذا رأي جمهرة العلماء «1» ، و ترى فئة منهم: أنّ العقل وحده كاف في التكليف، فمتى أوتيه الإنسان وجب عليه النظر في ملكوت السموات و الأرض، و التدبّر، و التفكّر في خالق الكون، و ما يجب له من عبادة و إجلال بقدر ما يهديه عقله، و يصل إليه اجتهاده، و بذلك ينجو من عذاب النار يوم القيامة، فإن لم يفعل ذلك كان من الهالكين.

تنبيه: آخر (الفاتحة) «2» : وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، و أما لفظ آمين: فليس منها و لا من القرآن مطلقا، بل هو سنّة يسنّ لقارى‏ء (الفاتحة) في الصلاة، و غيرها أن يختم به، و هو اسم فعل دعاء بمعنى استجب و تقبّل يا اللّه هذا الدعاء! و هو قوله:

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ إلى آخرها. و هذا الاسم مبنّي؛ لشبهه بالحرف شبها استعماليّا على الفتح؛ فرارا من التقاء الساكنين و للخفّة، كما في أين و كيف.

و فيه لغتان: المد على وزن فاعيل، كياسين، أو قابيل و هابيل، فيكون اسما أعجميا، و القصر على وزن يمين، و من المدّ قول الشاعر:

يا رب لا تسلبنّي حبّها أبدا

و يرحم اللّه عبدا قال آمينا

(1) المراغي.

(2) الفتوحات.

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 84

و قال الآخر:

آمين آمين لا أرضى بواحدة

حتى أكمّلها ألفين آمينا

و من القصر قول الآخر:

أمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا

قال الجوهري: و تشديد الميم خطأ، و روي عن الحسن، و جعفر الصادق، و الحسين بن فضل: التشديد من أمّ إذا قصد؛ أي: نحن قاصدون نحوك، و منه قوله تعالى: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ‏ حكى ذلك القرطبيّ. و قيل: ليست اسم فعل، بل هي من أسماء اللّه، و التقدير: يا آمين، و ضعفه أبو البقاء بوجهين:

أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضمّ؛ لأنّه منادى مفرد معرفة.

الثاني: أنّ أسماء اللّه تعالى توقيفيّة. و وجّه الفارسيّ قول من جعله اسما للّه تعالى على معنى: أنّ فيه ضميرا يعود على اللّه تعالى، فكأنّه اسم فعل، و هو توجيه حسن، نقله صاحب المغرب، و يكون المعنى: إنّا نتوجه إليك يا إلهنا فإليك المرجع و المصير.

و في «الخطيب»: و السنّة للقارى‏ء: أن يقول بعد فراغه من (الفاتحة): آمين مفصولا عن‏ الضَّالِّينَ‏ بسكتة؛ ليتميّز ما هو قرآن عمّا ليس بقرآن، و هو اسم الفعل الذي معناه: استجب دعاءنا.

فائدة: في مشروعيّة التأمين بعد قراءة (الفاتحة):

اعلم: أنّ السنّة الصحيحة، الصريحة، الثابتة تواترا، قد دلّت على ذلك، فمن ذلك: ما أخرجه أحمد، و أبو داود، و الترمذي عن وائل بن حجر قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقال: آمين، مدّ بها صوته. و لأبي داود: رفع بها صوته، و قد حسّنه الترمذي. و أخرجه أيضا النسائي، و ابن أبي شيبة، و ابن ماجه، و الحاكم و صحّحه، و في لفظ من حديثه:

أنّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «رب اغفر لي آمين». و أخرجه الطبراني و البيهقي. و في لفظ أنه‏

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 85

قال: آمين ثلاث مرّات، و أخرجه الطبراني. و أخرج وكيع، و ابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال: لمّا أقرأ جبريل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فاتحة الكتاب، فبلغ‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال: قل: «آمين»، فقال: «آمين». و أخرج ابن ماجه عن عليّ قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قال: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال: آمين. و أخرج مسلم، و أبو داود، و النسائي، و ابن ماجه عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا قرأ- يعني: الإمام- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقولوا: آمين يحبّكم اللّه».

و أخرج البخاري، و مسلم، و أصحاب السنن، و أحمد، و ابن أبي شيبة، و غيرهم عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».

و أخرج أحمد، و ابن ماجه، و البيهقي بسند. قال السيوطي صحيح عن عائشة: أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «ما حسدتكم اليهود على شي‏ء، ما حسدتكم على السلام و التأمين». و أخرج ابن عديّ من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اليهود قوم حسّد، حسدوكم على ثلاثة: إفشاء السلام، و إقامة الصفّ، و آمين».

و أخرج الديلميّ عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، ثمّ قرأ فاتحة الكتاب، ثمّ قال: آمين. لم يبق ملك في السماء مقرّب إلّا استغفر له».

و أخرج الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول» عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اللّه سبحانه، أعطى أمتي ثلاثا، لم تعط أحدا قبلهم: السلام، و هو تحية أهل الجنة، و صفوف الملائكة، و آمين، إلّا ما كان موسى و هارون». قال أبو عبد اللّه: معناه: أنّ موسى دعا على فرعون، و أمّن هارون، فقال اللّه تبارك و تعالى عند ما ذكر دعاء موسى في تنزيله: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ، و لم يذكر مقالة هارون، و قال موسى: رَبَّنا* ، فكان من هارون التأمين، فسمّاه داعيا في تنزيله، إذ صير ذلك دعوة منه. و قيل: إنّ آمين خاصّ بهذه الأمّة، كما مرّ قريبا.

فائدة أخرى: في حكم (الفاتحة):

تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج‏1، ص: 86

اختلف العلماء في وجوب قراءة (الفاتحة): فذهب مالك، و الشافعيّ، و أحمد، و جمهور العلماء إلى وجوب (الفاتحة)، فإنّها متعيّنة في الصلاة، و لا تجزى‏ء إلّا بها، و احتجّوا بما روى عبادة بن الصامت: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

«لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجاه في الصحيحين. و بحديث أبي هريرة: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج ثلاثا غير تمام» الحديث و قد تقدم في بحث فضل (سورة الفاتحة). و ذهب أبو حنيفة: إلى أنّ (الفاتحة) لا تتعيّن على المصلّي، بل الواجب عليه قراءة آية من القرآن طويلة، أو ثلاث آيات قصار، و احتج بقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ‏ ، و بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم في حديث الأعرابيّ المسي‏ء صلاته: «ثمّ اقرأ بما تيّسر معك من القرآن»، أخرجاه في الصحيحين.

دليل الجمهور: ما تقدم من الأحاديث، فإن قيل: المراد من الحديث: لا صلاة كاملة. قلت: هذا خلاف ظاهر لفظ الحديث، و مما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجزى‏ء صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجه الدارقطني، و قال: إسناده صحيح. و عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمره أن يخرج فينادي «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، فما زاد» أخرجه أحمد، و أبو داود. و أجيب عن حديث الأعرابيّ: بأنه محمول على (الفاتحة)، فإنّها متيسرة، أو على ما زاد على (الفاتحة)، أو على العاجز عن قراءة (الفاتحة)، و اللّه أعلم.

الإعراب‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ (2).

الْحَمْدُ مبتدأ مرفوع بالابتداء. لِلَّهِ‏ جار و مجرور، متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، تقديره: مستحقّ للّه، و الجملة الإسمية مستأنفة استئنافا نحويّا، أو في محل النصب مقول لقول محذوف تقديره: قولوا: الحمد للّه ربّ العالمين.

صفحه بعد