کتابخانه تفاسیر
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 84
و قال الآخر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة
حتى أكمّلها ألفين آمينا
و من القصر قول الآخر:
أمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا
قال الجوهري: و تشديد الميم خطأ، و روي عن الحسن، و جعفر الصادق، و الحسين بن فضل: التشديد من أمّ إذا قصد؛ أي: نحن قاصدون نحوك، و منه قوله تعالى: وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ حكى ذلك القرطبيّ. و قيل: ليست اسم فعل، بل هي من أسماء اللّه، و التقدير: يا آمين، و ضعفه أبو البقاء بوجهين:
أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان ينبغي أن يبنى على الضمّ؛ لأنّه منادى مفرد معرفة.
الثاني: أنّ أسماء اللّه تعالى توقيفيّة. و وجّه الفارسيّ قول من جعله اسما للّه تعالى على معنى: أنّ فيه ضميرا يعود على اللّه تعالى، فكأنّه اسم فعل، و هو توجيه حسن، نقله صاحب المغرب، و يكون المعنى: إنّا نتوجه إليك يا إلهنا فإليك المرجع و المصير.
و في «الخطيب»: و السنّة للقارىء: أن يقول بعد فراغه من (الفاتحة): آمين مفصولا عن الضَّالِّينَ بسكتة؛ ليتميّز ما هو قرآن عمّا ليس بقرآن، و هو اسم الفعل الذي معناه: استجب دعاءنا.
فائدة: في مشروعيّة التأمين بعد قراءة (الفاتحة):
اعلم: أنّ السنّة الصحيحة، الصريحة، الثابتة تواترا، قد دلّت على ذلك، فمن ذلك: ما أخرجه أحمد، و أبو داود، و الترمذي عن وائل بن حجر قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ فقال: آمين، مدّ بها صوته. و لأبي داود: رفع بها صوته، و قد حسّنه الترمذي. و أخرجه أيضا النسائي، و ابن أبي شيبة، و ابن ماجه، و الحاكم و صحّحه، و في لفظ من حديثه:
أنّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «رب اغفر لي آمين». و أخرجه الطبراني و البيهقي. و في لفظ أنه
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 85
قال: آمين ثلاث مرّات، و أخرجه الطبراني. و أخرج وكيع، و ابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال: لمّا أقرأ جبريل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فاتحة الكتاب، فبلغ وَ لَا الضَّالِّينَ قال: قل: «آمين»، فقال: «آمين». و أخرج ابن ماجه عن عليّ قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إذا قال: وَ لَا الضَّالِّينَ قال: آمين. و أخرج مسلم، و أبو داود، و النسائي، و ابن ماجه عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا قرأ- يعني: الإمام- غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ فقولوا: آمين يحبّكم اللّه».
و أخرج البخاري، و مسلم، و أصحاب السنن، و أحمد، و ابن أبي شيبة، و غيرهم عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».
و أخرج أحمد، و ابن ماجه، و البيهقي بسند. قال السيوطي صحيح عن عائشة: أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء، ما حسدتكم على السلام و التأمين». و أخرج ابن عديّ من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اليهود قوم حسّد، حسدوكم على ثلاثة: إفشاء السلام، و إقامة الصفّ، و آمين».
و أخرج الديلميّ عن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم، ثمّ قرأ فاتحة الكتاب، ثمّ قال: آمين. لم يبق ملك في السماء مقرّب إلّا استغفر له».
و أخرج الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول» عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ اللّه سبحانه، أعطى أمتي ثلاثا، لم تعط أحدا قبلهم: السلام، و هو تحية أهل الجنة، و صفوف الملائكة، و آمين، إلّا ما كان موسى و هارون». قال أبو عبد اللّه: معناه: أنّ موسى دعا على فرعون، و أمّن هارون، فقال اللّه تبارك و تعالى عند ما ذكر دعاء موسى في تنزيله: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ، و لم يذكر مقالة هارون، و قال موسى: رَبَّنا* ، فكان من هارون التأمين، فسمّاه داعيا في تنزيله، إذ صير ذلك دعوة منه. و قيل: إنّ آمين خاصّ بهذه الأمّة، كما مرّ قريبا.
فائدة أخرى: في حكم (الفاتحة):
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 86
اختلف العلماء في وجوب قراءة (الفاتحة): فذهب مالك، و الشافعيّ، و أحمد، و جمهور العلماء إلى وجوب (الفاتحة)، فإنّها متعيّنة في الصلاة، و لا تجزىء إلّا بها، و احتجّوا بما روى عبادة بن الصامت: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
«لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجاه في الصحيحين. و بحديث أبي هريرة: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج ثلاثا غير تمام» الحديث و قد تقدم في بحث فضل (سورة الفاتحة). و ذهب أبو حنيفة: إلى أنّ (الفاتحة) لا تتعيّن على المصلّي، بل الواجب عليه قراءة آية من القرآن طويلة، أو ثلاث آيات قصار، و احتج بقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ، و بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم في حديث الأعرابيّ المسيء صلاته: «ثمّ اقرأ بما تيّسر معك من القرآن»، أخرجاه في الصحيحين.
دليل الجمهور: ما تقدم من الأحاديث، فإن قيل: المراد من الحديث: لا صلاة كاملة. قلت: هذا خلاف ظاهر لفظ الحديث، و مما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجزىء صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجه الدارقطني، و قال: إسناده صحيح. و عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمره أن يخرج فينادي «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، فما زاد» أخرجه أحمد، و أبو داود. و أجيب عن حديث الأعرابيّ: بأنه محمول على (الفاتحة)، فإنّها متيسرة، أو على ما زاد على (الفاتحة)، أو على العاجز عن قراءة (الفاتحة)، و اللّه أعلم.
الإعراب
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2).
الْحَمْدُ مبتدأ مرفوع بالابتداء. لِلَّهِ جار و مجرور، متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، تقديره: مستحقّ للّه، و الجملة الإسمية مستأنفة استئنافا نحويّا، أو في محل النصب مقول لقول محذوف تقديره: قولوا: الحمد للّه ربّ العالمين.
رَبِ صفة أولى للجلالة، مجرور بالكسرة الظاهرة، و هو مضاف. الْعالَمِينَ مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 87
الرَّحْمنِ صفة ثانية للجلالة، مجرور بالكسرة الظاهرة. الرَّحِيمِ صفة ثالثة لها. مالِكِ صفة رابعة لها، و هو مضاف. يَوْمِ الدِّينِ مضاف إليه.
إِيَّاكَ إيّا ضمير نصب منفصل، في محل النصب مفعول به مقدم؛ لغرض الحصر، و الكاف حرف دالّ على الخطاب. نَعْبُدُ فعل مضارع مرفوع بالضمة، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا؛ لإسناده إلى المتكلم، تقديره: نحن يعود على القارىء و من معه، أو على المعظم نفسه، و الجملة مستأنفة استئنافا نحويا.
وَ إِيَّاكَ الواو عاطفة. إِيَّاكَ ضمير نصب منفصل في محل النصب مفعول مقدم. نَسْتَعِينُ فعل مضارع مرفوع، و فاعله ضمير مستتر يعود على القارىء و من معه، و الجملة معطوفة على جملة نَعْبُدُ . اهْدِنَا (اهد) فعل دعاء سلوكا مسلك الأدب مع البارىء سبحانه، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا؛ لإسناده إلى المخاطب، تقديره: أنت يعود على اللّه، و الجملة مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب، أو في محلّ النصب مقول قولوا كسابقها، أو جملة دعائية لا محل لها من الإعراب. (نا) ضمير نصب متصل، يعود على القارىء و من معه، في محل النصب مفعول أول، مبني بسكون على الألف المحذوفة؛ للتخلّص من التقاء الساكنين. الصِّراطَ مفعول ثان الْمُسْتَقِيمَ صفة للصراط.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ (7).
صِراطَ بدل من الصراط، بدل كلّ من كلّ، و هو مضاف. الَّذِينَ اسم موصول للجمع المذكر في محلّ الجر بالإضافة، مبني على الفتح، أو على الياء على الخلاف المذكور في محلّه؛ لشبهه بالحرف شبها افتقاريا، و إنّما حرك مع كون الأصل في المبني السكون؛ ليعلم أنّ له أصلا في الإعراب، و كانت الحركة فتحة؛ للخفة مع ثقل الموصول. أَنْعَمْتَ فعل و فاعل. عَلَيْهِمْ متعلّق بأنعمت، و الجملة صلة الموصول، و العائد ضمير عليهم. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ غَيْرِ بدل من الذين، أو من الضمير في عليهم، بدل كلّ من كلّ، أو نعت للموصول، مجرور بالكسرة الظاهرة، و هو مضاف. الْمَغْضُوبِ مضاف إليه،
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 88
مجرور بالكسرة الظاهرة. عَلَيْهِمْ جار و مجرور في محلّ الرفع نائب فاعل للمغضوب؛ لأنّه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المغيّر. وَ لَا الواو عاطفة. لا:
زائدة زيدت؛ لتأكيد النفي المفهوم من غير. الضَّالِّينَ . معطوف على المغضوب عليهم، مجرور بالياء؛ لأنّه جمع مذكر سالم، و النون عوض عن التنوين و الحركة اللذين كانا في الاسم المفرد.
آمين: اسم فعل أمر؛ أي: دعاء سلوكا مسلك الأدب مع البارىء سبحانه؛ بمعنى: استجب، مبنّي على الفتح؛ لشبهه بالحرف شبها استعماليا، و الشبه الاستعمالي: هو أن يشبه الاسم الحرف في كونه عاملا لا معمولا، و إنّما حرك؛ ليعلم أنّ له أصلا في الإعراب، أو فرارا من التقاء الساكنين، كما في أين و كيف، و كانت الحركة فتحة؛ للخفة، و فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا لإسناده إلى المخاطب، تقديره: أنت يعود على البارىء سبحانه، و الجملة من اسم الفعل و فاعله لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّ اسم الفعل عامل غير معمول، أو جملة دعائية، و المعنى: اسمع يا اللّه قراءتنا و استجب دعاءنا! و تقدم الخلاف في معناه.
التّصريف و مفردات اللغة
رَبِّ الْعالَمِينَ و الرب: هو السيّد، و المالك، و المصلح، و غير ذلك من المعاني المارّة، فهو اسم فاعل من ربّ يربّ ربّا، نظير: نمّ ينم نمّا، إذا نقل الحديث على وجه الإفساد، فهو ربّ و ذاك مربوب. أصله: رابّ، حذفوا ألفه؛ اعتباطا، كما في برّ و بارّ. الْعالَمِينَ : جمع عالم بفتح اللام، و جمع جمع المذكر السالم العاقل؛ تغليبا للعقلاء، و المراد به جميع الكائنات، و العالم لا واحد له من لفظه، و لا من غير لفظه؛ لأنّه اسم جمع لأشياء مختلفة الحقائق.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ و المالك: إمّا من الملك بضمّ الميم، و هو عبارة عن السلطان القاهر و الاستيلاء الباهر، أو من الملك بكسر الميم، و هو السلطنة الخاصّة، و الدين: الجزاء، و هو المراد هنا، و يوم الجزاء: هو يوم القيامة، و الطاعة، كقوله تعالى: فِي دِينِ الْمَلِكِ ، و الدين أيضا الملّة، و في «القرطبي» ما نصّه: إن قال قائل: كيف قال: مالك يوم الدين، و يوم الدين لم يوجد بعد،
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 89
فكيف وصف نفسه سبحانه بملك ما لم يوجد؟ قيل له: اعلم أنّ مالكا: اسم فاعل من ملك يملك، و اسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده، و هو بمعنى الفعل المستقبل، و يكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا، كقولك: هذا ضارب زيد غدا؛ أي: سيضرب زيدا، و هكذا حاجّ بيت اللّه في العام المستقبل تأويله: سيحج في العام المستقبل، أفلا ترى أنّ الفعل قد ينسب إليه و هو لم يفعل بعد؛ و إنّما أريد به الاستقبال، فكذلك قوله عزّ و جل: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ على تأويل الاستقبال؛ أي: سيملك يوم الدين، أو في يوم الدين إذا حضر.
وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أصله: نستعون بوزن نستخرج، فهو سداسيّ أجوف واويّ؛ لأنّه من العون، ففيه إعلال بالنقل و القلب، فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى الساكن قبلها على حدّ قول ابن مالك في «الخلاصة» في باب التصريف:
لساكن صحّ انقل التحريك من
ذي لين آت عين فعل كأبن
فسكنت الواو بعد النقل، و انكسر ما قبلها فقلبت ياء، و هذه قاعدة مطردة عند الصرفيّين، نحو: ميزان و ميقات، و هما من الوزن و الوقت. اه. «سمين» مع زيادة. و في «المصباح»: استعان به فأعانه، و قد يتعدى بنفسه، فيقال: أعانه، و الاسم: المعونة و المعانة بالفتح. اه. و الاستعانة: طلب العون، و الطلب أحد معاني استفعل، و هي ثلاثة عشر، فمنها: هذا، و الاتخاذ، و التحوّل، و إلقاء الشيء بمعنى: ما صيغ منه و عدّه كذلك، و مطاوعة أفعل و موافقته، و موافقة تفعّل، و افتعل، و الفعل المجرد، و الاغناء عنه و عن فعّل، و موافقة تفاعل. مثل ذلك: استطعم، و استعبده، و استنسر، و استعظمه، و استحسنه، و إن لم يكن كذلك، و استشلى مطاوع أشلّ، و استنبل موافق و مطاوع أبل، و استكبر موافق تكبّر، و استعصم موافق اعتصم، و استغنى موافق غني، و استنكف، و استحيا مغنيان عن المجرّد، و استرجع، و استعان حلق عانته مغنيا عن فعل، فاستعان طلب العون، كاستغفر، و استعظم، و استمسك بالشيء، و تماسك به، و مسك به بمعنى واحد أي: احتبست به. اه. من «البحر المحيط». و قد بسطنا الكلام على
تفسير حدائق الروح و الريحان فى روابى علوم القرآن، ج1، ص: 90
أبنية الفعل المزيد، و وضعنا لها جدولا في كتابنا «مناهل الرجال على لاميّة الأفعال» في الصرف، فراجعه.
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ و وزن اهد إفع، حذفت لامه، و هي الياء حملا للأمر على المضارع المجزوم، و المجزوم تحذف لامه إذا كانت حرف علة.
و الصراط، كالطريق و السبيل في التذكير و التأنيث، كما مرّ، يجمع على صرط، ككتاب و كتب. و المستقيم: اسم فاعل من استقام السداسيّ الذي من باب استفعل بمعنى: الفعل المجرد من الزوائد، فهو هنا بمعنى: قام إذا استوى و انتصب، و أصله: مستقوم بوزن مستفعل، استثقلت الكسرة على الواو، ثمّ نقلت إلى الساكن قبلها، فقلبت الواو ياء؛ لسكونها و انكسار ما قبلها، فصار مستقيم.
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و همزة أنعم؛ لجعل الشيء صاحب ما صيغ منه؛ أي:
جعلتهم أصحاب نعمة، و هذا أحد المعاني التي لأفعل، و هي أربعة و عشرون معنى، و هذا أحدها، و التعدية، و الكثرة، و الصيرورة، و الإعانة، و التعريض، و السلب إلى آخر ما في مطوّلات الصرف فراجعها. و التاء المتصلة بأنعمت:
ضمير المخاطب المنزه عن الذكورة و الأنوثة الباري سبحانه، و هي حرف خطاب في أنت، و الضمير هناك أن، فهو مركب من اسم و حرف.
وَ لَا الضَّالِّينَ جمع ضالّ، اسم فاعل من ضلّ الثلاثي، فأصله:
الضّاللين، سكّنت اللام الأولى؛ لثقل توالي كسرتين فالتقى ساكنان، فأدغمت اللام في اللام، فصار ضالّين، و وزن ضالّين فاعلين، و قد تقدم لك أنّ أيّوب السختياني يقرأ وَ لَا الضَّالِّينَ ؛ فرارا من التقاء الساكنين، قال أبو زيد: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌ ، فظننته قد لحن، حتى سمعت من العرب دأبّة، و شأبّة.
البلاغة