کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب


صفحه قبل

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 33

الجزء الثاني عشر

تفسير سورة الزّخرف‏

مكّيّة.

و قيل‏ «1» : إلا قوله: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا .

و آياتها تسع، أو ثمان و ثمانون آية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

في كتاب ثواب الأعمال‏ «2» ، بإسناده إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال‏ : من أدمن قراءة حم الزّخرف، آمنه اللَّه في قبره من هوامّ الأرض و ضغطة القبر حتّى يقف بين يدي اللَّه- عزّ و جلّ-. ثمّ جاءت حتى تدخله الجنّة بأمر اللَّه- تبارك و تعالى-.

و في مجمع البيان‏ «3» : أبيّ بن كعب، عن النّبي- صلّى اللَّه عليه و آله- قال‏ : من قرأ سورة الزّخرف كان ممّن يقال له يوم القيامة: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ‏ ادخلوا الجنة بغير حساب.

حم‏ (1).

قد مرّ تفسيره.

و في كتاب معاني الأخبار «4» ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ: عن الصّادق- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: و أمّا «حم» فمعناه: الحميد المجيد.

(1) أنوار التنزيل 2/ 362.

(2) ثواب الأعمال/ 141، ح 1.

(3) المجمع 5/ 38.

(4) معاني الأخبار/ 22، ح 1.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 34

و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ «1» : «حم» حروف‏ «2» من الاسم الأعظم.

وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ‏ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا أقسم بالقرآن المبيّن للحلال و الحرام و جميع ما يحتاج إليه الأنام من شرائع الإسلام، على أنّه جعله قرآنا عربيّا. و هو من البدائع لتناسب القسم و المقسم عليه، و لعلّ إقسام اللَّه بالأشياء استشهاد بما فيها من الدّلالة على المقسم عليه.

لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ (3): لكي تفقهوا معانيه.

وَ إِنَّهُ‏ : عطف على «إنّا».

و قرأ «3» حمزة و الكسائيّ بالكسر على الاستئناف.

فِي أُمِّ الْكِتابِ‏ : في اللّوح المحفوظ، فإنّه أصل الكتاب السّماويّة.

و قرئ‏ «4» : «أمّ الكتاب» بالكسر.

لَدَيْنا : محفوظا عندنا عن التّغيير.

لَعَلِيٌ‏ : رفيع الشأن في الكتب، لكونه معجزا من بينها.

حَكِيمٌ‏ (4): ذو حكمة بالغة، أو محكم لا ينسخه غيره.

و هما خبران «لإنّ». و «في أمّ الكتاب» متعلّق «بعليّ» و اللّام لا تمنعه‏ «5» ، أو حال منه و «لدينا» بدل منه‏ «6» ، أو حال من «أمّ الكتاب»، [أو حال من «الكتاب»] «7» .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ «8» : و قوله- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ ، يعني: أمير المؤمنين- عليه السّلام- مكتوب في الفاتحة في قوله- عز و جلّ-:

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ .

قال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

و في تهذيب الأحكام‏ «9» ، في الدّعاء المنقول بعد صلاة يوم الغدير: عن أبى عبد اللَّه‏

(1) تفسير القمّي 2/ 280.

(2) ق، ش، المصدر: حرف.

(3) أنوار التنزيل 2/ 362.

(4) نفس المصدر و الموضع.

(5) أي: اللام في «لعليّ» لا تمنع تقديم ما يتعلّق ب «عليّ» عليه: كما جاز: إن زيدا في الدار لقائم. و المعنى: لعليّ في أمّ الكتاب.

(6) أي: من «عليّ»

(7) ليس في ق، ش.

(8) تفسير القمّي 2/ 280.

(9) التهذيب 3/ 145، ح 317.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 35

- عليه السّلام-: ربّنا، آمنّا و اتّبعنا مولانا و وليّنا و هادينا و داعينا و داعي الأنام و صراطك المستقيم‏ «1» السّويّ و حجّتك و سبيلك الدّاعي إليك على بصيرة هو و من اتّبعه، سبحان اللَّه عمّا يشركون بولايته و ما يلحدون باتّخاذ الولائج دونه.

نشهد «2» يا إلهي، أنّه الإمام الهادي المرشد الرّشيد، عليّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- الّذي ذكرته في كتابك فقلت: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ . لا أشرك معه إماما و لا أتّخذ من دونه وليجة.

و في كتاب معاني الأخبار «3» : حدّثنا أحمد بن عبد اللَّه‏ «4» بن إبراهيم بن هاشم قال:

حدّثنا أبي، عن جدّي، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ قال: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام- و معرفته، و الدليل على أنّه أمير المؤمنين قوله- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ .

و هو أمير المؤمنين- عليه السّلام- في أمّ الكتاب في قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ .

و في شرح الآيات الباهرة «5» : روى الحسن بن [أبي‏] «6» الحسن الدّيلميّ- رحمه اللَّه- بإسناده: عن رجاله إلى حمّاد السّنديّ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- و قد سأله سائل عن قول اللَّه- عزّ و جلّ-: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ .

قال: هو أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

و روى محمّد بن العبّاس‏ «7» - رحمه اللَّه-، عن أحمد بن إدريس، عن عبد اللَّه بن محمّد [بن عيسى،] «8» عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عليّ بن جعفر قال: سمعت الرّضا- عليه السّلام- و هو يقول: قال‏ «9» أبي- عليه السّلام- و قد تلا هذه الآية: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ قال: عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

و روي‏ «10» عنه‏ أنّه سئل: أين ذكر عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- في أمّ‏

(1) ليس في ق.

(2) المصدر: فاشهد.

(3) معاني الأخبار/ 32، ح 3.

(4) المصدر: عليّ.

(5) تأويل الآيات الباهرة 2/ 552، ح 1.

(6) من المصدر.

(7) نفس المصدر، ح 2.

(8) ليس في ق، ش، ت، ن. و في سائر النسخ: عن عيسى. و ما في المتن موافق المصدر.

(9) ليس في ق.

(10) نفس المصدر، ح 3.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 36

الكتاب؟

فقال: في قوله- سبحانه-: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ . و هو عليّ- عليه السّلام-.

و قال- أيضا- «1» : حدّثنا أحمد بن محمّد النّوفليّ، عن محمّد بن حمّاد الشّاشي‏ «2» ، عن الحسين بن أسد الطّفاوي‏ «3» ، عن عليّ بن إسماعيل الميثميّ، عن عبّاس الضايع‏ «4» ، عن سعد الإسكاف، عن الأصبغ بن نباتة قال‏: خرجنا مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- حتّى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان، فإذا هو على فراشه، فلمّا رأى عليّا خفّ له‏ «5» .

فقال له علي- عليه السّلام-: لا تتّخذن زيارتنا إيّاك فخرا على قومك.

قال: لا يا أمير المؤمنين [و لكن‏] «6» ذخرا و أجرا.

فقال له: و اللَّه، ما كنت علمتك إلّا خفيف المئونة كثير المعونة.

فقال صعصعة: و أنت، و اللَّه، يا أمير المؤمنين‏ «7» ما علمتك إلّا [أنّك‏] «8» باللَّه لعليم، و أنّ اللَّه في عينك لعظيم، و أنّك في كتاب اللَّه لعليّ حكيم، و أنّك بالمؤمنين رؤوف رحيم.

و قال- أيضا- «9» : حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن واصل‏ «10» بن سليمان، عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال‏ : لمّا صرع‏ «11» زيد بن صوحان يوم الجمل جاء أمير المؤمنين- عليه السّلام- حتى جلس عند رأسه، فقال: رحمك اللَّه، يا زيد، قد كنت خفيف المئونة عظيم المعونة.

فرفع زيد رأسه إليه فقال: و أنت، جزاك اللَّه خيرا، يا أمير المؤمنين- عليه السّلام-. فو اللَّه ما علمتك إلّا باللَّه عليما [و في أمّ الكتاب عليّا] «12» حكيما، و أنّ اللَّه في‏

(1) نفس المصدر/ 553، ح 4.

(2) كذا في المصدر. و في ق، ش: الشامي. و في سائر النسخ: الشاسي.

(3) كذا في المصدر. و في النسخ: التقاوي.

(4) ق، ش، م، ر: الصانع.

(5) كذا في المصدر. و في ق، ش: خفّاه. و في سائر النسخ: خفاله.

(6) من المصدر.

(7) كذا في المصدر و في النسخ زيادة: إنّك.

(8) من المصدر.

(9) نفس المصدر/ 553، ح 5.

(10) كذا في المصدر. و في النسخ: و اهل.

(11) ن: صدع.

(12) ليس في ق.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 37

صدرك عظيما.

أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً : أ فنذوده و نبعده عنكم، من قولهم: ضرب الغرائب عن الحوض.

و «الفاء» للعطف على محذوف، أي: أ نهملكم فنضرب عنكم الذّكر.

و «صفحا» مصدر من غير لفظه فإنّ تنحية الذّكر عنهم إعراض، أو مفعول له، أو حال بمعنى: صافحين. و أصله: أن تولّي الشّي‏ء صفحة عنقك.

و قيل‏ «1» : إنّه بمعنى: الجانب، فيكون ظرفا، و يؤيّده أنّه قرئ: «صفحا» و حينئذ يحتمل أن يكون تخفيف صفح، جمع صفوح، بمعنى: صافحين.

و المراد: إنكار أن يكون الأمر على خلاف ما ذكر من إنزال الكتاب على لغتهم ليفهموه.

أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ‏ (5)، أي: لأن كنتم. و هو في الحقيقة علّة مقتضية لترك الإعراض.

و قرأ «2» نافع و حمزة و الكسائي: «إن» بالكسر، على أنّ الجملة شرطيّة مخرجة للمحقّق‏ «3» مخرج المشكوك استجهالا لهم، و ما قبلها دليل للجزاء.

وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ‏ (6) وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‏ (7): تسلية لرسول اللَّه- صلى اللَّه عليه و آله- عن استهزاء قومه.

فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً ، أي من الوقم المسرفين، لأنّه صرف الخطاب عنهم إلى الرّسول مخبرا عنهم.

وَ مَضى‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ‏ (8): و سلف في القرآن قصّتهم العجيبة. و في وعد للرّسول و وعيد لهم بمثل ما جرى على الأوّلين.

وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ‏ (9):

لعلّه لازم مقولهم، أو ما دلّ عليه إجمالا أقيم مقامه تقريرا لإلزام الحجّة عليهم، فكأنّه قالوا: اللَّه، كما حكى عنهم في موضع آخر، و هو الّذي من صفته ما سرد من‏

(1) أنوار التنزيل 2/ 363.

(2) نفس المصدر و الموضع.

(3) في ق زيادة: فخرج.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏12، ص: 38

الصّفات. و يجوز أن يكون مقولهم و ما بعده استئناف.

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً : فتستقرّون فيها.

و قرأ «1» غير الكوفيّين: «مهادا» بالألف.

وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا : تسلكونها.

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏ (10): لكي تهتدوا إلى مقاصدكم، أو إلى حكمة الصّانع بالنّظر في ذلك.

وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ : بمقدار ينفع و لا يضر.

فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً : زال عنه النمّاء «2» .

و تذكيره، لأنّ البلدة بمعنى: البلد و المكان.

كَذلِكَ‏ : مثل ذلك الانشار تُخْرَجُونَ‏ (11): تنشرون من قبوركم.

و قرأ «3» ابن عامر و حمزة و الكسائيّ: «تخرجون» بفتح التّاء [و ضمّ الراء] «4» .

وَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها : أصناف المخلوقات.

وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ‏ (12): ما تركبونه، على تغليب [المتعدّي بنفسه على‏] «5» المعتدّي بغيره، إذ يقال: ركبت الدّابّة، و ركبت في السّفينة. أو المخلوق للرّكوب على المصنوع له، أو الغالب على النّادر و لذلك قال: لِتَسْتَوُوا عَلى‏ ظُهُورِهِ‏ ، أي: ظهور ما تركبون. و جمعه للمعنى.

ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ‏ : تذكروها بقلوبكم، معترفين بها، حامدين عليها.

وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ‏ (13): مطيقين، من أقرن الشّي‏ء: إذا أطاقه. و أصله: وجده قرينه، إذ الصّعب لا يكون قرينة الضّعيف.

و قرئ‏ «6» بالتّشديد [و المعنى واحد] «7» .

وَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ‏ (14)، أي: راجعون.

(1) نفس المصدر و الموضع.

(2) كذا في أنوار التنزيل 2/ 363. و في النسخ:

السّماء.

(3) نفس المصدر و الموضع.

(4) ليس في ق، ش، م.

(5) ليس في ق.

(6) نفس المصدر و الموضع.

صفحه بعد