کتابخانه روایات شیعه
مقدمة المؤلف
[تصوير نسخه خطى]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي دلنا على جادة النجاة و هدانا إلى ما يوجب علو الدرجات و الصلاة على أشرف البريات و أفضل أهل الأرض و السماوات محمد و آله الذين بموالاتهم تقبل الصلوات و ببركاتهم تستجاب الدعوات و بعد فإن أقل العباد عملا و أكثرهم زللا محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده يقول قد التمس مني جماعة من إخوان الدين و خلان اليقين تأليف مختصر يحتوي على ما لا بد لأهل الديانة من الإتيان به في كل يوم و ليلة من واجب العبادات و مندوبها و محمود الآداب و مرغوبها مقتصرا في الأعمال المسنونة على ما هو قليل المئونة كثير المعونة فأجبت مسئولهم و حققت بتوفيق الله مأمولهم و سميته بمفتاح الفلاح سائلا من الله سبحانه أن ينفع به الطالبين و أن يجعله من أحسن الذخائر ليوم الدين-
و رتبته على ستة أبواب متوكلا على ملهم الصواب في كل باب الباب الأول فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس الباب الثاني فيما يعمل ما بين طلوع الشمس إلى الزوال الباب الثالث فيما يعمل ما بين الزوال إلى المغرب الباب الرابع فيما يعمل ما بين المغرب إلى وقت النوم الباب الخامس فيما يعمل ما بين وقت النوم إلى انتصاف الليل الباب السادس فيما يعمل ما بين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر
الباب الأول فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
و فيه مقدمة و فصول
مقدمة
قد ورد عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم في فضيلة هذا الوقت روايات عديدة و يطلق عليه ساعة الغفلة كما يطلق ذلك على ما بين غروب الشمس و ذهاب الشفق أيضا و ينبغي أن يكون الإنسان فيه متيقظا فإن النوم في ذلك الوقت شؤم
رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ قَالَ: نَوْمَةُ الْغَدَاةِ مَشْئُومَةٌ تَطْرُدُ الرِّزْقَ وَ تُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَ تُغَيِّرُهُ وَ هُوَ نَوْمُ كُلِّ مَشْئُومٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِيَّاكُمْ وَ تِلْكَ النَّوْمَةَ.
وَ رَوَى أَيْضاً فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُقَسِّمُ أَرْزَاقَ بَنِي آدَمَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فَمَنْ نَامَ مَا بَيْنَهُمَا نَامَ عَنْ رِزْقِهِ.
وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ 1 تُكْتَبُ فِي أَعْمَالِ اللَّيْلِ وَ أَعْمَالِ النَّهَارِ مَعاً.
رَوَى ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً قَالَ يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ فَإِذَا صَلَّى الْعَبْدُ الصُّبْحَ فِي [مَعَ] [مِنْ] طُلُوعِ الْفَجْرِ أُثْبِتَتْ لَهُ مَرَّتَيْنِ أَثْبَتَهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ.
و هاهنا إشكال و هو أنه قد
رَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ رَجُلًا مِنَ النَّصَارَى سَأَلَ أَبَاهُ الْبَاقِرَ ع عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ لَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَقَالَ ع هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي
بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
و لا يخفى أن هذا ينافي ما نقل أصحابنا عليه الإجماع من أن صلاة الصبح من صلاة النهار و أنه لم يخالف في ذلك إلا سليمان بن مهران الأعمش 2 حيث عدها من صلاة الليل مستدلا
بِقَوْلِ النَّبِيِّ ص صَلَاةُ اللَّيْلِ عجمي [عَجْمَاءُ].
أي إخفاتية و قد يستدل له أيضا-
بِمَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يُصَلِّي بِالنَّهَارِ شَيْئاً حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.
و يمكن التفصي عن هذا الإشكال بأن الرواية قد وردت بأن ذلك السائل كان قسيسا من علماء النصارى و أنه سأل الباقر ع عن مسائل عديدة لم تكن معروفة إلا بين أكابر علمائهم و هذه المسألة من جملتها فلعل الإمام ع أجاب السائل عما يوافق عزمه [على ما يوافق عرفه] و اعتقاده و ذلك لا ينافي كون النهار حقيقة شرعية فيما بين طلوع الفجر و غروب الشمس و أما ما استدل به
الأعمش 3 من
قَوْلِ النَّبِيِّ ص صَلَاةُ النَّهَارِ عجمي [عَجْمَاءُ].
فقد أجاب عنه علماؤنا قدس الله أرواحهم بأنه من قبيل تغليب الأكثر على الأقل أو أنه ع جعل صلاة الصبح من صلاة الليل مبالغة في التغليس بها-
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَانَ يُغَلِّسُ بِهَا حَتَّى إِنَّهُ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا انْصَرَفَ النِّسَاءُ وَ هُنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ 4 .
وَ رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ 5 الْأَوَّلَ ع عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ لا [لِمَ] يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَ هِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ فَقَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يُغَلِّسُ بِهَا فَقُرْآنُهَا مِنَ اللَّيْلِ.