کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
و به ثقتي أخبرنا السيّد الأجلّ عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي بن حا 8 [حَيَاءٍ] أدام الله علوه قراءة عليه سنة أربعين و خمسمائة قال حدّثنا القاضي الأجلّ أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة في سنة ثمان و سبعين و أربعمائة قال حدّثني الشيخ السعيد المفيد أبو عبد الله محمد بن النعمان رضي الله عنه في سنة إحدى عشرة و أربعمائة قال 9 - الحمد لله على ما ألهم من معرفته و هدى إليه من سبيل طاعته و صلواته على خيرته من بريته محمد سيد أنبيائه و صفوته و على الأئمة المعصومين الراشدين من عترته و سلم.
و بعد فإني مُثْبِتٌ بتوفيق الله و معونته ما سألتَ أيدك الله إثباتَه من أسماء أئمة الهدى ع و تاريخ أعمارهم و ذكر مشاهدهم و أسماء أولادهم و طرف من أخبارهم المفيدة لعلم أحوالهم لتقف على ذلك وقوف العارف بهم و يظهر لك الفرق ما بين الدعاوي و الاعتقادات فيهم فتميز بنظرك فيه ما بين الشبهات منه و البينات و تعتمد الحق فيه اعتماد ذوي الإنصاف و الديانات و أنا مجيبك إلى ما سألت و متحر فيه الإيجاز و الاختصار حسب ما أثرت من ذلك و التمست و بالله أثق و إياه أستهدي إلى سبيل الرشاد
[باب تاريخ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع]
[فصل تاريخ ولادة علي بن أبي طالب ع و شهادته و ذكر نسبه و أمور أخرى]
[في ذكر أسرته و نسبه]
(باب الخبر عن أمير المؤمنين ع) أوّل أئمة المؤمنين و ولاة المسلمين و خلفاء الله تعالى في الدين بعد رسول الله الصادق الأمين محمد بن عبد الله خاتم النبيين صلوات الله عليه و آله الطاهرين أخوه و ابن عمّه و وزيره على أمره و صهره على ابنته فاطمة البتول سيدة نساء العالمين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد الوصيين عليه أفضل الصلاة و التسليم.
كنيته أبو الحسن ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراما من الله تعالى له بذلك و إجلالا لمحله في التعظيم.
و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها و كانت كالأمّ لرسول الله ص رُبِّيَ في حَجْرِهَا و كان شاكرا لبرّها و آمنت به ص في الأولين و هاجرت معه في جملة المهاجرين و لما قبضها الله تعالى إليه كفنها النبي ص بقميصه ليدرأ به عنها هوام الأرض و توسد في قبرها لتأمن بذلك من ضغطة القبر و لقنها الإقرار بولاية ابنها أمير المؤمنين ع لتجيب به عند المسألة بعد الدفن فخصها بهذا الفضل
العظيم لمنزلتها من الله تعالى و منه ع و الخبر بذلك مشهور 10 .
[نبذة عن حياته و جهاده ع]
فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و إخوته أول من ولده هاشم مرتين 11 و حاز بذلك مع النشوء في حجر رسول الله ص و التأدب به الشرفين و كان أول من آمن بالله عز و جل و برسوله ص من أهل البيت و الأصحاب و أول ذكر دعاه رسول الله ص إلى الإسلام فأجاب و لم يزل ينصر الدين و يجاهد المشركين و يذب عن الإيمان و يقتل أهل الزيغ و الطغيان و ينشر معالم السنة و القرآن و يحكم بالعدل و يأمر بالإحسان فكان مقامه مع رسول الله ص بعد البعثة ثلاثا و عشرين سنة منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها متحملا عنه أكبر أثقاله و عشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه المشركين و يجاهد دونه الكافرين و يقيه بنفسه من أعدائه في الدين إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته و رفعه في عليين فمضى ص و لأمير المؤمنين ع يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة.
[في النص على ولاية أمير المؤمنين ع]
فاختلفت الأمة في إمامته يوم وفاة رسول الله ص فقالت شيعته و هم بنو هاشم و سلمان و عمار و أبو ذر و المقداد و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و أبو أيوب الأنصاري و جابر بن عبد الله الأنصاري
و أبو سعيد الخدري و أمثالهم من جلة 12 المهاجرين و الأنصار أنه كان الخليفة بعد رسول الله ص و الإمام لفضله على كافة الأنام بما اجتمع له من خصال الفضل و الرأي و الكمال من سبقه الجماعة إلى الإيمان و التبريز عليهم في العلم بالأحكام و التقدم لهم في الجهاد و البينونة منهم بالغاية في الورع و الزهد و الصلاح و اختصاصه من النبي ص في القربى بما لم يشركه فيه أحد من ذوي الأرحام.
ثم لنص الله على ولايته في القرآن حيث يقول جل اسمه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ 13 و معلوم أنه لم يزك في حال ركوعه أحد سواه ع و قد ثبت في اللغة أن الولي هو الأولى بلا خلاف.
و إذا كان أمير المؤمنين ع بحكم القرآن أولى بالناس من أنفسهم لكونه وليهم بالنص في التبيان وجبت طاعته على كافتهم بجلي البيان كما وجبت طاعة الله و طاعة رسوله ع بما تضمنه الخبر عن ولايتهما للخلق في هذه الآية بواضح البرهان.
وَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ص يَوْمَ الدَّارِ: وَ قَدْ جَمَعَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً فِيهَا لِلْإِنْذَارِ مَنْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يَكُنْ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي فَقَامَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع مِنْ بَيْنِ جَمَاعَتِهِمْ وَ هُوَ أَصْغَرُهُمْ يَوْمَئِذٍ سِنّاً فَقَالَ أَنَا أُؤَازِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص اجْلِسْ فَأَنْتَ أَخِي وَ وَصِيِّي
وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي- و هذا صريح القول في الاستخلاف.
وَ بِقَوْلِهِ أَيْضاً ع يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: وَ قَدْ جَمَعَ الْأُمَّةَ لِسَمَاعِ الْخِطَابِ أَ لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ فَقَالُوا اللَّهُمَّ بَلَى فَقَالَ لَهُمْ ع عَلَى النَّسَقِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْكَلَامِ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ- فأوجب له عليهم من فرض الطاعة و الولاية ما كان له عليهم بما قررهم به من ذلك و لم يتناكروه و هذا أيضا ظاهر في النص عليه بالإمامة و الاستخلاف له في المقام.
وَ بِقَوْلِهِ ع لَهُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى تَبُوكَ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
- فأوجب له الوزارة و التخصص بالمودة و الفضل على الكافة و الخلافة عليهم في حياته و بعد وفاته لشهادة القرآن بذلك كله لهارون من موسى ع قال الله عز و جل مخبرا عن موسى ع وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَ نَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى 14 فثبت لهارون ع شركة موسى في النبوة و وزارته على تأدية الرسالة و شد أزره به في النصرة و قال في استخلافه له اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ 15 فثبتت له خلافته بمحكم التنزيل.