کتابخانه روایات شیعه
للنبي و المراد به أمته كما قال- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ
فصل [في الرحمة و شرح الصدر]
قوله تعالى- وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ اقترحوا أن يأتيهم بها من جنس ما شاءوا لما قالوا فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ يعنون فلق البحر و إحياء الموتى و إنما قالوا ذلك حين عجزوا عن معارضة القرآن فقال تعالى أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ و قال هاهنا قُلْ يا محمد- إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ما في إنزالها من وجوب الاستيصال لهم إذ لم يؤمنوا عند نزولها و بين أنه لو أنزل عليهم ما أنزل لم يؤمنوا قوله- وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ إلى قوله ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ معناه إلا أن يشاء الله أن يكرههم و قال وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ يعني الآيات التي اقترحوها للإيمان فلم يؤمنوا لما رأوها فوجب استيصالهم و قال- وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ الآية.
قوله سبحانه وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ فيه دلالة على أنهم كانوا على شبهة لأن العارف بالله تعالى لا يقول هذا لأنه لا يجوز عليه تعالى المقابلة و لا لهم استعمال هذا على معنى دلائل آيات الله إذ لا دليل يدل على ذلك فلا يشرط الظاهر ما ليس فيه لأنه لم يثبت معرفتهم و حكمتهم فينصرف ذلك على الظاهر فلذلك أجابهم الله تعالى بقوله- قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا و إنما أجابهم بذلك لأن المعنى الذي يقترحون من الآيات ليس أمرها إلي و إنما هي إلى الذي أرسلني و الذي هو أعلم بالتدبير مني و ما ينصبه من الدليل فلا وجه لطلبكم هذا مني و لا يلزم إظهار المعجزات بحسب اقتراح المقترحين لأنه لو لزم ذلك للزم في كل حال لكل مكلف.
قوله سبحانه وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ رد على المجبرة من أنه ليس لله على
الكافر نعمة لأنه تعالى بين أن إرسال الله رسوله نعمة على العالمين و على كل من أرسل إليه و وجه النعمة على الكافر عرضة الإيمان و لطف له في ترك معاصيه و قال ابن عباس هي نعمة على الكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم قبلهم من الخسف و القذف.
قوله سبحانه أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ليس فيه ما بهتوه و الشرح غير الشق و لا يحيا الحي بعد ما شق صدره و المعصوم قلبه خال من الرين و ليس في الظاهر ما يدل على مقالهم و الوزر هو الثقل و سميت الذنوب أوزارا تشبيها بالثقل و المراد هاهنا عمة من قومه يوضحه قوله وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ .
قوله سبحانه لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ الذنب مصدر و قد يضاف إلى فاعل و مفعول قولهم أعجبني ضرب زيد عمرا إذا أضافوه إلى الفاعل و أعجبني ضرب زيد عمرو إذا أضافوه إلى المفعول فيكون هذا مضافا إلى المفعول و المراد ما تقدم من ذنبهم إليك في منعهم إياك من مكة و المغفرة الإزالة و النسخ لأحكام المشركين عليه أي يزيل الله ذلك عنك و يستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فستدخلها فيما بعد و على هذا الوجه تكون المغفرة غرضا في الفتح و جزاء على الجهاد و لو أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله- إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ معنى معقول و قالوا- ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ أي ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح بك و بقومك و ما تأخر و قالوا ما تقدم من ذنب أمتك و ما تأخر بشفاعتك و معنى التقدم و التأخر ما تقدم زمانه و تأخر كما تقول صفحت عن السالف و الأنف من ذنوبك و غفرت لك ما قدمت و أخرت كما يقال لرجل من قبيله أنتم فعلتم كذا أو قتلتم فلانا و إن كان المخاطب غير شاهد و حسنت إضافة ذنوب أمته إليه للاتصال-
و روي أن الصادق سئل عنها فقال و الله ما كان له ذنب و لكن ضمن له أن يغفر ذنوب شيعته على ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر.
قوله سبحانه سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا حديث المعراج على أربعة أوجه منها ما يقطع على صحته الكتاب و السنة أنه أسرى به على الجملة و
ثانيها ما ورد في ذلك مما تجوزه العقول و لا يأباه الأصول فنحن نجوزه ثم نقطع على أن ذلك كان في يقظته نحو ما روي أنه طاف في السماوات و رأى الأنبياء و العرش و سدرة المنتهى و الجنة و النار و ثالثها ما يكون ظاهره مخالفا لبعض الأصول إلا أنه يمكن تأويله على وجه يوافق المعقول فالأولى أن ناوله على ما يطابق الحق نحو أنه رأى قوما في النار يعذبون و قوما في الجنة فرحين فيحمل على أنه رأى صفتهم و أسماءهم و رابعها ما لا يصح ظاهره و لا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد فالأولى أن لا نقبله نحو أنه كلم الله جهرة و رآه و قعد على سريره و أنه شق بطنه و غسل ثم إن الناس مختلفون في المعراج- فالخوارج ينكرونه و قالت الجهمية عرج بروحه دون جسمه على طريق الرؤيا و قالت المعتزلة بل عرج بروحه و جسمه إلى بيت المقدس و قال أصحابنا و جميع أصحاب الحديث و التأويل و الجبائي و الطوسي بل عرج بروحه و بجسمه إلى السماوات حتى بلغ سدرة المنتهى في السماء السابعة و الذي يشهد به القرآن أن الإسراء من المسجد الحرام إلى بيت المقدس و الباقي يعلم بالخبر.
قوله سبحانه قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ و هل الجحد بآياته إلا تكذيب نبيه نفى تكذيبهم بقلوبهم تدينا و اعتقادا و إن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب كما قال وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال أبو زيد المدني لقي أبو جهل النبي ص فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك فقال و الله أعلم أنه نبي و لكن متى كنا تبعا لبني عبد مناف فأنزل الله الآية و قال الأخنس و قد سئل عن النبي بالسر و الله إن محمدا لصادق و ما كذب قط و لكن إذا ذهب بنو قصي باللواء و الحجابة و السقاية و الندوة و النبوة ما ذا يكون لقريش فإنهم لا يكذبونك لا يفعلون ذلك بحجة و لا يتمكنون من إبطال ما جئت به يقال فلان لا يستطيع أن يكذبني و لا يدفع قولي لا يكذبونك لا يلقونك متقولا كما تقول قاتلته فما أحييته و حادثته فما أكذبته قال الكسائي أي لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنه كان عندهم أمينا قوله- وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُ و لم يقل و كذب قومك المعنى في قوله لا يُكَذِّبُونَكَ إن تكذيبك راجع إلي و عائد علي و لست المختص به لأنه رسول الله فمن كذبه كذب الله لا يكذبونك في
الأمر الذي توافق فيه كتبهم و إن كذبوك في غيره و قال المرتضى لا يكذبونك جميعهم و إن كذبوك بعضهم و هم الظالمون الذين ذكر في الآية أنهم يجحدون بآيات الله و هذا تسلية للنبي أنه إن كذبك بعضهم فإن فيهم من يصدقك.
قوله سبحانه عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى الآيات ظاهرها لا يدل على أنها خطاب له بل هو خير محض لم يصرح بالمخبر عنه يدل عليه أنه وصفه بالعبوس و ليس هذا من صفات النبي في القرآن و لا خبر مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين بل في القرآن وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثم إنه نفى عنه العبوس و نحوه بقوله- وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ثم إنه وصفه بأنه يتصدى للأغنياء و يتلهى بالفقراء و هذا مما لا يوصف به النبي لأنه كان متعطفا متحننا و قد أمره الله تعالى بقوله- وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ و كيف يقول وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى و هو مبعوث للدعاء و التنبيه و كيف يجوز ذلك عليه و كان هذا القول إغراء بترك حرصه على إيمان قومه و إنما عبس صحابي ذكرنا شرحه في المثالب.
قوله سبحانه إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ الخطاب و إن توجه إلى النبي ص من حيث خاصم من وراءه على ظاهر الإيمان و العدالة و كان في الباطن بخلافه فلم يكن ذلك معصية لأنه ص منزه عن القبائح و إنما ذكر ذلك على وجه التأديب له في أن لا يبادر إلى دفع الخصم إلا بعد أن يبين الحق منه و المراد بذلك أمته على أنا لا نعلم أن ما روي في هذا الباب وقع من النبي ص لأن طريقه الآحاد و ليس توجه النهي إليه بدال على أنه وقع منه ذلك المنهي عنه كما قال لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و لا يدل ذلك على وقوع الشرك منه و خلاصة الحديث في ذلك أن قتادة البدري رمى بني أبيرق بالسرق فشكا قومه إلى رسول الله ص و زكوا الأبيرق فقال عمدت إلى أهل بيت حسب و نسب و رميتهم بالسرق و عاتبه فنزلت الآية
فصل [في الهدى و الضلال]
قوله تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أي من
الغضاب الآنفين من عبد فلان يعبد عبدا إذا غضب و يقال أول العابدين أي الجاحدين بما يقولون و يقال أنا أول من يعبد على الوحدانية و يقال أول العابدين لأني إذا كنت من العابدين فقد نفيت ذلك عن الرحمن لأن من زعم أن له ولدا فليس بعابد و يقال إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ أي ما كان قال المرقش
متى ما يشأ ذو الوصل يصرم خليله
و يعبد عليه لا محالة ظالما
قوله سبحانه وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ليس من النبي ص شك و لكنه أبهم ذلك عليهم و هو يعلمه كقولنا قل إن شاء الله و الحق عندك في خلاف ما قال إلا أنه كأنك أردت الكناية عن تكذيبه و ذلك أنه ص أراد أن يستعطفهم و لا يغلظ عليهم و قيل تقديره و إنا لعلى هدى و أنتم في ضلال مبين و قيل إنما قال على وجه الإنصاف في الحجاج دون الشك كما يقول القائل لغيره أحدنا كاذب و إن كان هو عالما بالكاذب و قال أبو الأسود
فإن يك حبهم رشدا أصبه
و لست بمخطئ إن كان غيا
و قال أبو عبيدة أو بمعنى الواو كما قال الأعشى
أ ثعلبة الفوارس أو رياحا
عدلت بهم طمية و الخشايا
قوله سبحانه قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً أي لا أقدر على دفع الضرر عنكم و لا إيصال الخير إليكم و إنما يقدر الله على ذلك و إنما أقدر على أن أدعوكم إلى الخير و أهديكم إلى الحق ثم قل لهم يا محمد لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أي لا يقدر أن يجير على الله أحد حتى يدفع ما يريده من العقاب- وَ لَنْ أَجِدَ أيضا من دون الله مُلْتَحَداً أي ملتجأ إليه ألجأ أطلب به السلامة مما يريد الله تعالى فعله من العذاب و أضافه إلى نفسه و المراد به أمته لأنه لا يفعل قبيحا فيخاف العقاب.
قوله سبحانه قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَ لا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أمر الله نبيه أن يقول لهم على وجه الإنكار عليهم إني لا أملك لنفسي ضرا و لا نفعا من الثواب و العقاب بل ذلك
إلى الله و لا أملك إلا ما ملكني الله فكيف أملك لكم و قوله إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إن يملكني إياه من نفع أو ضر فيمكنه مما جعل له أخذه أو أوجب عليه تركه.
قوله سبحانه وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ أي من كثرة الثواب و مقدار ما لي و للمؤمنين و كثرة العقاب للكافرين و المنافقين و ليس فيها ما يدل على ضعف يقين النبي ص بالله تعالى أو جهله بشيء لأن ذلك من علم الغيب لا يعلمه إلا الله أو من أنبأه و سبب نزوله أن النبي ص كان رأى في منامه أنه هاجر إلى أرض ذات نخل و شجر فقصها على أصحابه فاستبشروا بذلك و كانوا في أذى من المشركين فقالوا يا رسول الله متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت فنزلت الآية ثم قال إنما هو شيء رأيته في منامي ما أتبع إلا ما يوحى إلي.
قوله سبحانه وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ يقول لهيات لسنة الجدب ما يكفينا
فصل [في الحبط]
قوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ المراد به أمته قال ابن عباس نزل القرآن بإياك أعني فاسمعي يا جار مثل قوله- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ قال السيد عبد العظيم و السيد المرتضى سبب نزول هذه الآية أن النبي ص لما نص على أمير المؤمنين ع بالإمامة في ابتداء الأمر جاء قوم من قريش فقالوا يا رسول الله إن الناس قريبو عهد بالإسلام و لا يرضون أن تكون النبوة فيك و الإمامة في ابن عمك فلو عدلت بها إلى غيره لكان صوابا فقال لهم النبي ص ما فعلت ذلك برأيي فأتخير فيه و لكن الله أمرني به و فرضه علي فقالوا فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك فأشرك معه في الخلافة رجلا من قريش ليسكن إليه الناس ليتم لك أمرك و لا يخالف الناس فنزلت الآية. قوله سبحانه فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ نهى
الله تعالى نبيه و المراد به أمته لأنهم لم يكونوا في شك من عبادة الكفار المقدم ذكرهم.
قوله سبحانه فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ أي في شك يلزمك العلم به و قال الحسن و الجبائي- فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ في الحق الذي تقدم إخبار الله تعالى به من أمر القبلة و عناد من كتم النبوة و امتناعهم من الاجتماع على ما قامت به الحجة.
قوله سبحانه فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ نهي محض عن الجهل و لا بدل ذلك على أن الجهل كان جائزا عليه بل يقيد كونه قادرا عليه كما قال لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ و إن كان الشرك لا يجوز عليه لكن لما كان قادرا عليه جاز أن ينهاه عنه.
قوله سبحانه فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الآية الشك وقوف الأمر على أحد المعتقدين و النبي مبرأ من ذلك هذا و إن كان خطابا للنبي فإن المراد به الذين كانوا شاكين في نبوته و قيل معناه فإن كنت أيها السامع في شك مما أنزلنا على نبينا إليك كما يقول القائل لعبده إن كنت مملوكي فانته إلى أمري و قول الرجل لابنه إن كنت ابني فبرني و قوله إن كنت والدي فتعطف علي و قال الزجاج معنى إن معنى ما و التقدير ما كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين أي لسنا نريد أن نأمرك لأنك في شاك لكن لتزداد بصيرة كما قال إبراهيم أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .
قوله سبحانه قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنما قال إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي مع اعتقادهم بطلان دينه لأنه على وجه التقدير و الثاني أنهم في حكم الشاكين للاضطراب الذي يجدون نفوسهم عليه عند ورود الآيات و الثالث أن فيهم الشاك فغلب ذكرهم.