کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير روح البيان

الجزء العاشر

تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم سورة الملك مكية تفسير سورة ن تفسير سورة الحاقة تفسير سورة المعارج سورة نوح تفسير سورة الجن تفسير سورة المزمل تفسير سورة المدثر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الإنسان تفسير سورة المرسلات تفسير سورة النبأ تفسير سورة النازعات تفسير سورة عبس تفسير سورة التكوير تفسير سورة الانفطار تفسير سورة المطففين تفسير سورة الانشقاق تفسير سورة البروج تفسير سورة الطارق تفسير سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد تفسير سورة الشمس تفسير سورة الليل تفسير سورة الضحى تفسير سورة الم نشرح تفسير سورة التين تفسير سورة العلق تفسير سورة القدر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة تفسير سورة التكاثر تفسير سورة العصر تفسير سورة الهمزة تفسير سورة الفيل تفسير سورة الإيلاف تفسير سورة الماعون تفسير سورة الكوثر تفسير سورة الكافرين تفسير سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص تفسير سورة الفلق تفسير سورة الناس

تفسير روح البيان


صفحه قبل

تفسير روح البيان، ج‏1، ص: 2

الجزء الأول‏

من تفسير روح البيان‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الحمد للّه الذي اظهر من نسخة حقائقه الذاتية الكمالية نقوش العوالم و الاعلام* و اخرج من نون الجمع الذاتي انواع الحروف و الكلمات و الكلام* انزل من مقام الجمع و التنزيه قرآنا عربيا غير ذى عوج* و جعله معجزة باقية على وجه كل زمان ساطعة البراهين و الحجج* و الصلاة و السلام على من هو فاتح باب الحضرة في العلم و العين و اليقين* سيدنا محمد الذي كان نبينا و آدم بين الماء و الطين* و على آله و أصحابه المتخلقين بخلق القرآن* و من تبعهم بإحسان الى آخر الزمان و بعد: فيقول العبد الفقير سمى الذبيح الشيخ إسماعيل حقى الناصح المهاجر* كلأه اللّه من فتن الغدايا و العشايا و الهواجر* لما أشار الى شيخى الامام العلامه* و أستاذي الجهبذ الفهامة سلطان وقته و نادرة زمانه* حجة اللّه على الخلق بعلمه و عرفانه* مطلع أنوار العناية و التوفيق وارث اسرار الخليفى على التحقيق* المشهود له بسر التجديد في رأس العقد الثاني من الالف الثاني* معدن الإلهام الرباني السيد الثاني* الشيخ الحسيب النسيب سمى ابن عفان نزيل قسطنطينيه امده اللّه و أمدنا به في السر و العلانية* بالنقل الى برج الأولياء مدينة بروسا* صينت عن تطاول يد الضراء و البؤسى* في العشر السادس من العشر العاشر من العقد الاول من الالف الثاني و لم أجد بدا من الوعظ و التذكير* في الجامع الكبير و المعبد المنير الشهير* و قد كان منى حين انتواء الاقامة ببعض ديار الروم* بعض صحائف ملتقطة من صفحات التفاسير و أدوات العلوم* مشتملة على ما يزيد على آل عمران* من سور القرآن* لكنها مع الاطناب الواقع فيها كانت متفرقة كايادى سبا* جزء منها حوته الدبور و جزء منها حوته الصبا* أردت ان ألخص ما فرط من الالتقاط* و أخلص الأوراق المتفرقة من مسامحات الألفاظ و الحروف و النقاط* و اضم إليها نبذا مما سنح لى من المعارف* و اجعله في سمط ما انظمه من اللطائف* و اسرد بانملة البراعة*

تفسير روح البيان، ج‏1، ص: 3

و ان كنت قليل البضاعة قصير الباعه* ما يليه الى آخر النظم الكريم* ان أمهلني اللّه العظيم الى قضاء هذا الوطر الجسيم* و ابيض للناس قدر ما حررته بين الأسابيع و الشهور* و افرزته بالتسويد أثناء السطور* ليكون ذخرا للآخرة يوم لا ينفع مال و لا بنون* و شفيعا لى حين لا يجدى نفعا غير الصاد و النون* و اسأل اللّه تعالى ان يجعله من صالحات الأعمال و خالصات الآثار* و باقيات الحسنات الى آخر الأعمار* فانه إذا أراد بعبد خيرا حسن عمله في الناس* و اهله لخيرات هي بمنزلة العين من الراس* و هو الفياض اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم اعلم ان الحكمة في التعوذ الاستئذان و قرع الباب لان من اتى باب ملك من الملوك لا يدخل الا باذنه كذلك من أراد قراءة القرآن انما يريد الدخول في المناجاة مع الحبيب فيحتاج الى طهارة اللسان لانه قد تنجس بفضول الكلام و البهتان فيطهره بالتعوذ* قال اهل المعرفة هذه الكلمة وسيلة المتقربين و اعتصام الخائفين و عتبى المجرمين و رجعى الهالكين و مباسطة المحبين و هو امتثال قول رب العالمين في سورة النحل‏ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ‏ فالاستعاذة مقدمة على القراءة عند عامة المسلمين و قولهم الجزاء متأخر عن الشرط فيلزم ان يؤخر الاستعاذة قلنا المعنى إذا أردت القراءة و هو تأويل شائع جار مجرى الحقيقة العرفية ثم المختار قول الجمهور و هو أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و هو اثبت رواية و في الحديث (هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح المحفوظ) و ان كان أستعيذ باللّه أوفق دراية لمطابقة المأمور به في قوله فاستعذ و أول ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى اللّه تعالى عليه و سلم الاستعاذة و البسملة و قوله تعالى‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ اعوذ بمعنى التجئ «پناه ميخواهم» او أستعصم «نكاه داشت ميخواهم» او أستجير «أمان ميخواهم» او أستعين «يارى ميخواهم» او أستغيث «فرياد و مدد ميخواهم» و العوذ و العياذ مصدران كاللوذ و اللياذ و الصوم و الصيام و قول القائل أعوذ اخبار عن فعله و هو في التقدير سؤال اللّه عز و جل من فضله اى أعذنى يا رب و في العدول الى لفظ الخبر فائدة التفأل بالوقوع كانه وقع الاعاذة فيخبر عن مطاوعه* و سره ما في التفسير الكبير ان بين الرب و عبده عهدا قال اللّه‏ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ‏ فكانه يقول انا مع نقص البشرية وفيت بعهد عبوديتى و قلت أعوذ باللّه او استغفر اللّه فانت مع كمال الكرم و الفضل اولى ان تفى بعهد الربوبية و تعيذنى بالله مذهب اهل الحقائق فيه عدم الاشتقاق لانه لا سبيل الى كنه معرفته و لذا قال السعد التفتازانيّ في حواشى الكشاف اعلم انه كما تحيرت الأوهام في ذاته و صفاته فكذا في اللفظ الدال عليه من انه اسم او صفة مشتق او غير مشتق علم او غير علم الى غير ذلك: قال مولانا جلال الدين قدس سره‏

در تصور ذات او را گنج گو

تا در آيد در تصور مثل او

و اعلم ان كلمات الاستعاذة ثلاث صفاتية و أفعالية و ذاتية كما قال صلى اللّه تعالى عليه و سلم (أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك) فاختير اسم الجلالة الجامع لتتناول عبارة الاستعاذة انواع الاستعاذة* قال في التفسير الكبير الشرور اما من الاعتقاديات و يدخل فيها جميع المذاهب الباطلة و عقائد فرق الضلال الاثنتين و السبعين فرقة و اما من الأعمال البدنية فمنها ما

تفسير روح البيان، ج‏1، ص: 4

يضر في الدين و هو منهيات التكاليف و ضبطها كالمتعذر و منها ما ضرره لا في الدين كالامراض و الآلام و الحرق و الغرق و الفقر و العمى و الزمانة و غيرها من البلايا و النوازل و يقرب ان لا يتناهى فاعوذ باللّه يتناول الاستعاذة من كلها* فعلى العاقل إذا أراد الاستعاذة ان يستحضر هذه الأجناس الثلاثة و أنواعها المتناولة فاذا عرف عدم تناهيها عرف ان قدرة الخلق لا تفى بدفعها فحمله عقله ان يقول أعوذ باللّه القادر على كل المقدورات من جميع المخاوف و الآفات قيل كل العلوم في الكتب الاربعة و علومها في القرآن و علومه في الفاتحة و علومها في البسملة و علومها فى الباء* ففى التفسير الكبير لان المقصود من العلوم وصول العبد الى الرب فباء الإلصاق في باللّه تلصقه اليه و سيجئ اسرار الباء في البسملة ان شاء اللّه تعالى من الشيطان اى المبعد من رحمة اللّه تعالى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما لما عصى لعن و صار شيطانا فدل على انه انما سمى بهذا الاسم بعد لعن اللّه له و اما قبله فاسمه عزازيل او نائل و انما لم يقيد المستعاذ منه بشئ من قبائحه و مضاره كالهمز و اللمز و اللمس و الوسوسة و النزغة و غيرها لتذهب الهمة كل مذهب ليستعاذ من شره عموما* قال في روضة الأخيار الشياطين ذكور و إناث يتوالدون و لا يموتون بل يخلدون و الجن ذكور و إناث يتوالدون و يموتون و الملائكة ليسوا بذكور و لا إناث و لا يتوالدون و لا يأكلون و لا يشربون فثبت بهذا ان للشيطان و الجن حقيقة و وجودا و لم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهال الفلاسفة و الأطباء و نحوهم- حكى- ان الامام الغزالي محيى السنة كان مفتى الثقلين فسألهم يوما عن الحوادث قالوا ان الزمخشري صنف كتابا في التفسير و بلغ الى النصف فطلب منهم ان يأتوا به فاتوه فكتب جميع ما ألفه ثم وضعوا النسخة في مكانها فلما جاء الزمخشري اليه أراه إياه فتعجب الزمخشري و تحير و قال ان قلت هولى و انا خبأته و ما اطلع عليه أحد غيرى فمن اين جاء هذا و ان هو لغيرى فالتوارد في اللفظ و المعنى و الوضع و الترتيب في هذا القدر من الكتاب لا يقبله العقل قال الامام هو لك و قد وصل إلينا من أيدي الجن و كان الزمخشري ينكر الجن فاعترف في مجلسه و لا يلزم من هذا علم الجن بالغيب كما لا يخفى قال تعالى‏ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ‏ ثم حقيقتهم عند من لم يقل بالمجردات هي أجسام هوائية و قيل نارية قادرة على التشكل باشكال مختلفة كصور الحيات و العقارب و الكلاب و الإبل و البقر و الغنم و الخيل و البغال و الحمير و الطير و بنى آدم لها عقول و إفهام تقدر على الأعمال الشاقة كما كانوا يعملون لسليمان عليه السلام المحاريب و التماثيل و الجفان و القدور و عند من قال بها مجردات ارضية سفلية و ذلك لان المجردات اعنى الموجودات الغير المتحيزة و لا الحالة في المتحيز اما عالية مقدسة عن تدبير الأجسام و هم الملائكة المقربون و يسميها المشائيون عقولا و الإشراقيون أنوارا عالية قاهرة او متعلقة بتدبيرها و يسميها المشائيون نفوسا سماوية و الإشراقيون أنوارا مدبرة و أشرفها حملة العرش و هم الآن اربعة و يوم القيامة ثمانية ثم الحافون حوله ثم ملائكة الكرسي ثم ملائكة السموات طبقة طبقة ثم ملائكة كرة الأثير و الهواء الذي في طبع النسيم ثم ملائكة كرة الزمهرير ثم ملائكة البحار ثم الجبال ثم الأرواح السفلية المتصرفة في الأجسام النباتية و الحيوانية و هذه قد تكون مشرقة

تفسير روح البيان، ج‏1، ص: 5

الهية خيرة و هي المسماة بصالحى الجن و قد تكون كدرة شريرة و هي الشياطين كذا في تفسير الفاتحة للفنارى* و الظاهر ان المراد بالشيطان إبليس و أعوانه و قيل عام في كل متمرد عات مضل عن الجادة المستقيمة من جن و انس كما قال اللّه تعالى‏ شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ‏ الرجيم اى المرمى من السموات بإلقاء الملائكة حين لعن او المرمى بشهب السماء إذا قصدها و هذه صفة مذمومة للشيطان و له في القرآن اسماء مشئومة و صفات مذمومة فاجمع مساويه هو الرجيم لانه جامع لجميع ما يقع عليه من العقوبات فلذلك خص به الابتداء من بين تلك الأسماء و الصفات* يقال ظهور حقيقة الاستعاذة لا يمكن بمجرد القول بل لا بد من حضور القلب و موافقة القول بالحال و الفعل و ان لا يقول لسانك أعوذ باللّه و فعلك و حالك أعوذ بالشيطان و ذلك بمشاركة النفس مع الشيطان في ارتكاب المعاصي و الطغيان و استعاذة العارف من رؤية غير اللّه تعالى و حجاب الكثرة فان الشيطان يهرب من نور العارف- حكى- ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس في المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف من العصا و انما أخاف من شعاع شمس المعرفة إذا طلعت من سماء قلب العارف* قالوا فى الاستعاذة من الشيطان اظهار الخوف من غير اللّه و هو يخل بالعبودية قلنا اتخاذ العدو عدوا تحقيق للمحبة و الفرار من غير اللّه الى اللّه تتميم للعبودية و الامتثال لامر اللّه تقديم للطاعة و الخوف ممن لا يخاف اللّه اظهار للمسكنة كما قيل أخاف من اللّه اى من عذابه و غضبه و أخاف ممن يخاف اللّه اى من سوء دعائه و أخاف ممن لا يخاف اى من سوء أفعاله: قال المولى جلال الدين قدس سره‏

آدمي را دشمن پنهان بسيست‏

آدمى‏ء با حذر عاقل كسيست‏

صفحه بعد