کتابخانه روایات شیعه
الباب الرابع في كيفية الدعاء
و له آداب ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
فمنها
[القسم الاول] ما يكون قبل الدعاء
كالطهارة و شم الطيب و استقبال القبلة و الصدقة 475 .
قال الله تعالى فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً 476 و لقوله تعالى وَ لْيُؤْمِنُوا بِي 477 أي و ليتحققوا أني قادر على إعطائهم ما سألوا.
وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ مَنْ سَأَلَنِي وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنِّي أَضُرُّ وَ أَنْفَعُ أَسْتَجِيبُ لَهُ.
فصل
و من الآداب حسن الظن بمالك العباد في إجابته 478 .
قال الله تعالى وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً -
ففي الحديث القدسي أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي 479 بِي فَلَا يَظُنَّ عَبْدِي بِي إِلَّا خَيْراً.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ادْعُوا اللَّهَ وَ أَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ.
وَ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ع يَا مُوسَى مَا دَعَوْتَنِي وَ رَجَوْتَنِي فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَكَ.
وَ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ الْفَرَّاءِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِذَا دَعَوْتَ فَظُنَّ حَاجَتَكَ بِالْبَابِ 480 وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ وَ ظُنَّ حَاجَتَكَ بِالْبَابِ.
فصل
481 و كيف لا يحسن الظن به و هو أكرم الأكرمين و أرحم الراحمين- و هو الذي سبقت رحمته غضبه.
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا نَفَخَ فِي آدَمَ مِنْ رُوحِهِ وَ صَارَ بَشَراً فَعِنْدَ مَا
اسْتَوَى جَالِساً عَطَسَ فَأُلْهِمَ أَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ فَكَانَ أَوَّلُ خِطَابٍ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْهُ بِالرَّحْمَةِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ لِمُوسَى حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ يَتَوَعَّدُهُ- وَ أَخْبَرَهُ أَنِّي إِلَى الْعَفْوِ وَ الْمَغْفِرَةِ أَسْرَعُ مِنِّي إِلَى الْغَضَبِ وَ الْعُقُوبَةِ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ اسْتَغَاثَ بِمُوسَى ع حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وَ لَمْ يَسْتَغِثْ بِاللَّهِ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَمْ تُغِثْ فِرْعَوْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَخْلُقْهُ وَ لَوِ اسْتَغَاثَ بِي لَأَغَثْتُهُ.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ فِي كِتَابِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ لَمَّا صَارَ يُونُسُ ع إِلَى الْبَحْرِ الَّذِي فِيهِ قَارُونُ قَالَ الْقَارُونُ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ مَا هَذَا الدَّوِيُّ وَ الْهَوْلُ الَّذِي أَسْمَعُهُ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ هَذَا يُونُسُ الَّذِي حَبَسَهُ اللَّهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَجَالَتْ بِهِ الْبِحَارُ السَّبْعَةُ حَتَّى صَارَتْ إِلَى هَذَا الْبَحْرِ فَهَذَا الدَّوِيُّ وَ الْهَوْلُ لِمَكَانِهِ فَقَالَ أَ تَأْذَنُ لِي فِي مُكَالَمَتِهِ فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فَقَالَ لَهُ قَارُونُ إِنَّ تَوْبَتِي جُعِلَتْ إِلَى مُوسَى وَ قَدْ تُبْتُ إِلَى مُوسَى فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي- وَ أَنْتَ لَوْ تُبْتَ إِلَى اللَّهِ لَوَجَدْتَهُ عِنْدَ أَوَّلِ قَدَمٍ تَرْجِعُ بِهَا إِلَيْهِ أَ وَ لَا تَنْظُرُ إِلَى حُسْنِ صَنَائِعِهِ بِعِبَادِهِ وَ كَيْفَ تَعَلَّقَتْ عِنَايَتُهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ الرَّحْمَةِ لَهُمْ.
فمن ذلك ما ندب إليه و رغب فيه من دعاء بعضهم لبعض حيث
قال ادْعُنِي عَلَى لِسَانٍ لَمْ تَعْصِنِي بِهِ وَ هُوَ لِسَانُ غَيْرِكَ و أجاب الداعي لأخيه و لك أضعافه 482 .
و سيأتي مفصلا في موضعه 483 .
و من ذلك ما رغب فيه من إهداء ثواب الطاعات للأموات و ما جعل عليه من تضاعف الحسنات.
حَتَّى رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ كَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِيهَا حَسَنَاتٍ 484 .
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع تَدْخُلُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ الصَّلَاةُ وَ الصَّوْمُ- وَ الْحَجُّ وَ الصَّدَقَةُ وَ الدُّعَاءُ وَ الْبِرُّ وَ يُكْتَبُ أَجْرُهُ لِلَّذِي يَفْعَلُهُ وَ لِلْمَيِّتِ 485 .
وَ قَالَ ع مَنْ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مَيِّتٍ عَمَلَ خَيْرٍ [عَمَلًا] [خَيْراً] أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَهُ وَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ الْمَيِّتَ.
و من ذلك ما أمر به نبيه ص في قوله- فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ 486 فانظر كيف قرن الأمر بالاستغفار مع شهادة التوحيد التي هي أساس الإسلام و عليها مدار الأحكام و هل هذا إلا غاية العناية و أتم الرحمة و أكمل الفضل ثم أكد البيان بالمقال في هذا المثال مع ما أظهر من شواهد الحال أنا عند ظن عبدي بي و توعد من أساء ظنه به و غضب عليه 487 .
و من أوضح الأدلة على وفور كرمه و محبته لحسن الظن به و أنه يحقق ظن عبده به إذا كان حسنا لا يخلفه لا محالة ما أمر به سبحانه من التوكل عليه فقال عز من قائل- وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 488 و كفاك بهذه الآية حثا على التوكل و ترغيبا فيه حيث جعله شرط الإيمان ثم أكد سبحانه ذلك بتبشيره لهم بالمجازات و الكفاية و الإفضال و الرعاية لما ثابوا 489 إلى هذا النداء الجليل- وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ- لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ 490 ثم زاد في سرورهم بالبشارة لهم- بمصادفة قبوله و محبته فقال- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 491 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ حَدِّ التَّوَكُّلِ فَقَالَ أَلَّا يَخَافَ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً
- فكان عقد التوكل و مداره على حسن الظن بالله لأن الذي لا يخاف شيئا مع الله- لا بد و أن يكون حسن الظن به ثم انظر إلى ما ورد عن سادات الأنام- في هذا المعنى من الكلام.
رُوِيَ عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ قَطُّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجَائِهِ لَهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ عَبْداً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ وَ تَقْصِيرِهِ فِي رَجَائِهِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِيَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ- وَ لَيْسَ يَحْسُنُ ظَنُّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّهِ لِأَنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يَسْتَحِي أَنْ يُخْلِفَ ظَنَّ عَبْدِهِ وَ رَجَاءَهُ فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ- فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ- الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ 492 .
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَاسَبَ الْخَلْقَ يَبْقَى رَجُلٌ قَدْ فَضَلَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَتَأْخُذُهُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى النَّارِ وَ هُوَ يَلْتَفِتُ فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَدِّهِ فَيَقُولُ لَهُ لِمَ تَلْتَفِتُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا كَانَ هَذَا حُسْنَ ظَنِّي بِكَ- فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَلَائِكَتِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا أَحْسَنَ ظَنَّهُ بِي يَوْماً وَ لَكِنِ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ لِادِّعَائِهِ حُسْنَ الظَّنِّ بِي.
رَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُوقَفُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى فَيَقُولُ قِيسُوا بَيْنَ نِعْمَتِي عَلَيْهِ وَ بَيْنَ عَمَلِهِ- فَيَسْتَغْرِقُ النِّعَمُ الْعَمَلَ فَيَقُولُ اللَّهُ وَ قَدْ وَهَبْتُ لَهُ نِعْمَتِي عَلَيْهِ فَقيِسُوا بَيْنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ فَإِنِ اسْتَوَى الْعَمَلَانِ أَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّرَّ بِالْخَيْرِ وَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ- وَ إِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِفَضْلِهِ وَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَضْلٌ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَ اتَّقَى الشِّرْكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَغْفِرَةِ يَغْفِرُ لَهُ رَبُّهُ بِرَحْمَتِهِ وَ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ إِنْ شَاءَ بِعَفْوِهِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى يَجْمَعُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقٌ وَ لَهُ تَعَالَى قِبَلَهُ تَبِعَاتٌ فَيَقُولُ عِبَادِي مَا كَانَ لِي قِبَلَكُمْ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكُمْ فَهِبُوا بَعْضُكُمْ تَبِعَاتِ بَعْضٍ وَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ جَمِيعاً بِرَحْمَتِي 493 .