کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تبيين القرآن

الخطبة كلمة الناشر المقدمة 1: سورة الفاتحة 2: سورة البقرة 3: سورة آل عمران 4: سورة النساء 5: سورة المائدة 6: سورة الأنعام 7: سورة الأعراف 8: سورة الأنفال 9: سورة التوبة 10: سورة يونس 11: سورة هود 12: سورة يوسف 13: سورة الرعد 14: سورة إبراهيم 15: سورة الحجر 16: سورة النحل 17: سورة الإسراء 18: سورة الكهف 19: سورة مريم 20: سورة طه 21: سورة الأنبياء 22: سورة الحج 23: سورة(المؤمنون) 24: سورة النور 25: سورة الفرقان 26: سورة الشعراء 27: سورة النمل 28: سورة القصص 29: سورة العنكبوت 30: سورة الروم 31: سورة لقمان 32: سورة السجدة 33: سورة الأحزاب 34: سورة سبأ 35: سورة فاطر 36: سورة يس 37: سورة الصافات 38: سورة ص 39: سورة الزمر 40: سورة غافر 41: سورة فصلت 42: سورة الشورى 43: سورة الزخرف 44: سورة الدخان 45: سورة الجاثية 46: سورة الأحقاف 47: سورة محمد صلى الله عليه و آله و سلم 48: سورة الفتح 49: سورة الحجرات 50: سورة ق 51: سورة الذاريات 52: سورة الطور 53: سورة النجم 54: سورة القمر 55: سورة الرحمن 56: سورة الواقعة 57: سورة الحديد 58: سورة المجادلة 59: سورة الحشر 60: سورة الممتحنة 61: سورة الصف 62: سورة الجمعة 63: سورة(المنافقون) 64: سورة التغابن 65: سورة الطلاق 66: سورة التحريم 67: سورة الملك 68: سورة القلم 69: سورة الحاقة 70: سورة المعارج 71: سورة نوح 72: سورة الجن 73: سورة المزمل 74: سورة المدثر 75: سورة القيامة 76: سورة الإنسان(الدهر) 77: سورة المرسلات 78: سورة النبأ 79: سورة النازعات 80: سورة عبس 81: سورة التكوير 82: سورة الانفطار 83: سورة المطففين 84: سورة الانشقاق 85: سورة البروج 86: سورة الطارق 87: سورة الأعلى 88: سورة الغاشية 89: سورة الفجر 90: سورة البلد 91: سورة الشمس 92: سورة الليل 93: سورة الضحى 94: سورة الشرح 95: سورة التين 96: سورة العلق 97: سورة القدر 98: سورة البينة 99: سورة الزلزلة 100: سورة العاديات 101: سورة القارعة 102: سورة التكاثر 103: سورة العصر 104: سورة الهمزة 105: سورة الفيل 106: سورة قريش 107: سورة الماعون 108: سورة الكوثر 109: سورة الكافرون 110: سورة النصر 111: سورة المسد 112: سورة الإخلاص 113: سورة الفلق 114: سورة الناس دعا ختم القران الفهرس

تبيين القرآن


صفحه قبل

تبيين القرآن، ص: 462

[103] فَلَمَّا أَسْلَما أي الأب و الابن لأمر الله‏ وَ تَلَّهُ‏ ألقاه إبراهيم عليه السّلام‏ لِلْجَبِينِ‏ على وجهه على الأرض، و جواب لمّا محذوف، أي كان ما كان.

[104- 105] وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا بأن عملت ما هو مربوط بك، أما عدم ذبح الولد فلم يك مقدورا لإبراهيم عليه السّلام لأن القطع إنما هو بإذن الله‏ إِنَّا كَذلِكَ‏ هكذا بإعطائه درجة المطيع من دون وصول أذى إليه‏ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ‏ .

[106] إِنَّ هذا الأمر بالذبح‏ لَهُوَ الْبَلاءُ الامتحان‏ الْمُبِينُ‏ الظاهر.

[107] وَ فَدَيْناهُ‏ أي إسماعيل عليه السّلام‏ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏ فقد جاء كبش من الجنة فذبحه إبراهيم عليه السّلام عوض إسماعيل عليه السّلام و ما أعظمها من كرامة، و في التأويل إنه عوّض بالحسين عليه السّلام.

[108] وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ‏ على إبراهيم عليه السّلام ذكرا حسنا فِي الْآخِرِينَ‏ الأمم المتأخرة.

[109- 113] سَلامٌ عَلى‏ إِبْراهِيمَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَ بارَكْنا عَلَيْهِ‏ على إبراهيم عليه السّلام‏ وَ عَلى‏ إِسْحاقَ‏ بأن أخرجنا من ذريتهما الأنبياء عليهم السّلام‏ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ‏ على نفسه و هم المؤمنون الطائعون‏ وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ‏ بالكفر و المعاصي‏ مُبِينٌ‏ بيّن الضلال و الظلم.

[114] وَ لَقَدْ مَنَنَّا أنعمنا عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ‏ .

[115] وَ نَجَّيْناهُما وَ قَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ‏ من أذى فرعون.

[116] وَ نَصَرْناهُمْ‏ موسى و هارون عليهما السّلام و قومهما فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ‏ على فرعون و قومه.

[117] وَ آتَيْناهُمَا الْكِتابَ‏ التوراة الْمُسْتَبِينَ‏ البين.

[118- 122] وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ وَ تَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ‏ .

[123- 124] وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ‏ الكفر و المعاصي، على نحو استفهام الإرشاد.

[125] أَ تَدْعُونَ‏ تعبدون‏ بَعْلًا صنما كانوا يعبدونه يسمى البعل، أو البعل في لغته بمعنى الرب‏ وَ تَذَرُونَ‏ تتركون عبادة أَحْسَنَ الْخالِقِينَ‏ .

[126] اللَّهَ‏ بدل من (أحسن) رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ‏ .

تبيين القرآن، ص: 463

[127] فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ‏ يوم القيامة للحساب.

[128- 129] إِلَّا استثناء من (كذبوه) عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ‏ .

[130- 132] سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ياسِينَ‏ لغة في إلياس‏ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ‏ و في التأويل إن ياسين اسم النبي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و آله أهل بيته عليهم السّلام.

[133- 135] وَ إِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً زوجته الكافرة فِي الْغابِرِينَ‏ الباقين الذين أهلكوا بالعذاب.

[136] ثُمَّ دَمَّرْنَا أهلكنا بعد نجاة لوط عليه السّلام‏ الْآخَرِينَ‏ .

[137- 138] وَ إِنَّكُمْ‏ يا أهل مكة لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ‏ على منازلهم القريبة من الشام‏ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ‏ صباحا و مساء عند سفركم إلى الشام‏ أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏ تعتبرون بهم.

[139- 140] وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ‏ هرب من قومه‏ إِلَى الْفُلْكِ‏ السفينة الْمَشْحُونِ‏ المملوء من الناس.

[141] فَساهَمَ‏ فقارع، لأن السفينة أشرفت على الغرق فرأوا أنهم إن طرحوا واحدا في البحر لم يغرق الباقون فاقرعوا و خرجت القرعة باسم يونس عليه السّلام‏ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏ المغلوبين بالقرعة فألقي في البحر.

[142] فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ‏ ابتلعه‏ وَ هُوَ مُلِيمٌ‏ مستحق اللوم لأنه خرج من قومه من غير أمر ربه و كان ذلك ترك الأولى.

[143] فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ‏ في بطن الحوت.

[144] لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ‏ بطن الحوت‏ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ‏ بأن صار بطنه قبرا له إلى يوم القيامة، أي لم يخرج منه حيّا.

[145] فَنَبَذْناهُ‏ طرحناه‏ بِالْعَراءِ بالصحراء وَ هُوَ سَقِيمٌ‏ مريض من جراء حبسه في بطن الحوت.

[146] وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ‏ القرع فغطته بأوراقها.

[147] وَ أَرْسَلْناهُ إِلى‏ مِائَةِ أَلْفٍ‏ إنسان‏ أَوْ بمعنى الواو يَزِيدُونَ‏ على هذا العدد.

[148] فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ‏ آجالهم فلم يأخذهم العذاب.

[149] فَاسْتَفْتِهِمْ‏ سل قومك، توبيخا لهم‏ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ‏ إذ قال المشركون إن الملائكة بنات الله‏ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ‏ بأن يولد لهم الابن.

[150] أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ‏ حاضرون وقت خلقهم.

[151] أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ‏ كذبهم‏ لَيَقُولُونَ‏ .

[152] وَلَدَ اللَّهُ‏ صارت له أولاد وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ‏ في قولهم.

[153] أَصْطَفَى‏ أي هل اختار الله‏ الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ‏ و الاستفهام للإنكار.

تبيين القرآن، ص: 464

[154] ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ‏ بما لا يقبله عقل و لا دليل لكم عليه.

[155] أَ فَلا تَذَكَّرُونَ‏ إنه سبحانه منزه عن ذلك.

[156] أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ‏ حجة مُبِينٌ‏ ظاهرة بأن الله ولد البنات.

[157] فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ‏ الدال على قولكم‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ في قولكم.

[158] وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ‏ بين الله‏ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ الجن‏ نَسَباً قالوا إن الله صاهر الجن فوجدت الملائكة وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ‏ للحساب، و لو كان بينهم و بين الله نسبا لم يحاسبهم للجزاء.

[159] سُبْحانَ اللَّهِ‏ أنزهه تنزيها عَمَّا يَصِفُونَ‏ يصفونه من الولد و الزوجة.

[160] إِلَّا استثناء عن (يصفون) فإن المخلصين لم يصفوا الله بالوصف الباطل‏ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ‏ الذين أخلصهم الله لطاعته.

[161] فَإِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ‏ من الأصنام.

[162] ما أَنْتُمْ‏ أيها الكفار عَلَيْهِ‏ على الله‏ بِفاتِنِينَ‏ بمفسدين الناس.

[163- 164] إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ‏ يصلي النار أي أن الذين يتمكن الكفار و أصنامهم إفساده و إضلاله هم الذين سبق في علم الله إنهم أصحاب الجحيم. وَ ما مِنَّا معاشر الملائكة، و هذا كلامهم ردّا على قول الكفار إن الملائكة بنات الله‏ إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ‏ من الطاعة لا يتمكن أن يتجاوزه.

[165- 166] وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ‏ حول العرش أو نصطف للعبادة. وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ‏ المنزهون لله تعالى.

[167- 169] وَ إِنْ‏ مخففة من الثقيلة كانُوا لَيَقُولُونَ‏ أي كفار مكة لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً كتابا مِنَ الْأَوَّلِينَ‏ من كتبهم بأن نزل علينا كتاب مثل كتبهم. لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ‏ الذين أخلصهم الله لطاعته.

[170] فلما أنزل عليهم الكتاب كفروا به و تبين كذبهم‏ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏ عاقبة كفرهم.

[171] وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا وعدنا بالنصر لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ‏ .

[172] إِنَّهُمْ‏ مفسر ل (كلمتنا) لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ‏ ننصرهم على أعدائهم.

[173] وَ إِنَّ جُنْدَنا و هم المؤمنون‏ لَهُمُ الْغالِبُونَ‏ على أعدائهم.

[174] فَتَوَلَ‏ أعرض يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ‏ حين تؤمر بقتالهم.

[175] وَ أَبْصِرْهُمْ‏ بالأصول و الشرائع‏ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ‏ يرون حقية ما قلت لهم.

[176] أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ‏ فإنهم كانوا يقولون لو أنك صادق ائتنا بالعذاب، و الاستفهام للتهديد.

[177- 178] فَإِذا نَزَلَ‏ العذاب‏ بِساحَتِهِمْ‏ بفناء دارهم‏ فَساءَ بئس‏ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ‏ صباحهم، فإن الغارة غالبا كانت قبل الصباح. وَ تَوَلَ‏ أعرض‏ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ‏ حين تؤمر بقتالهم.

[179] وَ أَبْصِرْ أي أبصرهم‏ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ‏ .

[180- 181] سُبْحانَ رَبِّكَ‏ تنزيها لربك يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ رَبِّ الْعِزَّةِ الذي له كل عزة عَمَّا يَصِفُونَ‏ يصف الكفار الله به من الأولاد و الشريك و الزوجة. وَ سَلامٌ‏ تحية عَلَى الْمُرْسَلِينَ‏ .

[182] وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ على ما أنعم‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ كل عالم من عوالم الكون.

تبيين القرآن، ص: 465

38: سورة ص‏

مكية آياتها ثمان و ثمانون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] ص‏ رمز بين الله و الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ وَ الْقُرْآنِ‏ قسما بالقرآن‏ ذِي الذِّكْرِ الذي يذكر الناس بالله و الآخرة.

[2] لم يكفر من كفر بالقرآن لخلل فيه‏ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ استكبار عن الحق‏ وَ شِقاقٍ‏ خلاف يريدون به مخالفة الله.

[3] كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ‏ جماعة و أمة، و هذا تهديد للكفار فَنادَوْا بالاستغاثة عند إهلاكهم‏ وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ‏ و ليس الحين- أي حين نزول العذاب- حين مناص و خلاص، لأن العذاب إذا نزل لا يرجع.

[4] وَ عَجِبُوا أي الكفار أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ نبي‏ مِنْهُمْ‏ من أنفسهم لا أجنبي عنهم‏ وَ قالَ الْكافِرُونَ هذا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ ساحِرٌ كَذَّابٌ‏ كثير الكذب.

[5] أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً بأن قال ببطلان كل الآلهة إلا الله‏ إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ‏ بليغ في التعجب.

[6- 7] وَ انْطَلَقَ‏ تكلم‏ الْمَلَأُ الأشراف‏ مِنْهُمْ‏ قال بعضهم لبعض‏ أَنِ امْشُوا في طريقكم الشركي‏ وَ اصْبِرُوا عَلى‏ آلِهَتِكُمْ‏ عبادتها إِنَّ هذا الأمر و هو الشرك‏ لَشَيْ‏ءٌ يُرادُ منا فلا يجوز لنا أن نعدل إلى غيره. ما سَمِعْنا بِهذا أي بالتوحيد فِي الْمِلَّةِ الدين‏ الْآخِرَةِ أي ما أدركنا عليه آباءنا من الدين‏ إِنْ هذا ما هذا التوحيد إِلَّا اخْتِلاقٌ‏ كذب.

[8] أَ أُنْزِلَ‏ كيف أنزل‏ عَلَيْهِ‏ على محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ الذِّكْرُ القرآن‏ مِنْ بَيْنِنا و لم ينزل علينا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي‏ فلا يحملهم على هذا الكلام إلا الشك، أي ليسوا بمتيقنين ببطلانه‏ بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ‏ لم يذوقوا عذابي بعد، فإذا ذاقوا زال شكهم.

[9] أَمْ‏ هل‏ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ‏ التي من جملتها النبوة حتى لا يعطوها النبي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إنما يعطوا النبوة لإنسان آخر الْعَزِيزِ الغالب‏ الْوَهَّابِ‏ ما يشاء لمن يشاء.

[10] أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا أي إن زعموا ذلك فليصعدوا فِي الْأَسْبابِ‏ في المعارج الموصلة إلى السماء ليأتوا بالوحي إلى من يختاروا، فإن لم يكن لهم ملك السماوات و الأرض فلما ذا يتحكمون في الاعتراض على أنه لما ذا نزل الوحي على محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

[11] جُنْدٌ ما أي إن الكفار جند و جماعته قليلون‏ هُنالِكَ‏ أيضا للتحقير، كما أن (ما) للتحقير مَهْزُومٌ‏ عما قريب‏ مِنَ الْأَحْزابِ‏ فمن أين لهم التدابير الإلهية و التحكم في شؤون الوحي.

[12] كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عادٌ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ فإنه كان يعذب الناس بشدهم بالأوتاد.

[13] وَ ثَمُودُ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ أي الذين كانوا في قرب الشجرة الملتفة و هم قوم شعيب‏ أُولئِكَ الْأَحْزابُ‏ الذين تحزبوا على الرسل و كان منهم هذا الجند المنهزم.

[14] إِنْ‏ ما كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَ‏ فثبت‏ عِقابِ‏ عقابي عليهم.

[15] وَ ما يَنْظُرُ لا ينتظر هؤُلاءِ الكفار إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً نفخة لقبض أرواحهم‏ ما لَها مِنْ فَواقٍ‏ توقف.

[16] وَ قالُوا أي الكفار رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قسطنا من العذاب‏ قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ‏ و هذا قالوه على سبيل الاستهزاء.

تبيين القرآن، ص: 466

[17] اصْبِرْ يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ عَلى‏ ما يَقُولُونَ‏ هؤلاء الكفار وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ أي القوة إِنَّهُ أَوَّابٌ‏ كثير الرجوع إلى الله.

[18] إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ‏ مع داود عليه السّلام فإذا سبح‏ يُسَبِّحْنَ‏ معه‏ بِالْعَشِيِ‏ عصرا وَ الْإِشْراقِ‏ صبحا.

[19] وَ سخرنا الطَّيْرَ معه‏ مَحْشُورَةً مجموعة كُلٌ‏ من الجبال و الطير لَهُ‏ لداود عليه السّلام‏ أَوَّابٌ‏ رجّاع في التسبيح.

[20] وَ شَدَدْنا قوينا مُلْكَهُ‏ بالجنود وَ آتَيْناهُ‏ أعطيناه‏ الْحِكْمَةَ معرفة وضع الأشياء موضعها وَ فَصْلَ الْخِطابِ‏ أي الخطاب الفاصل بين الحق و الباطل.

[21] وَ هَلْ أَتاكَ‏ استفهام للتعجب و التشويق‏ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ‏ صعدوا سور محراب داود عليه السّلام.

[22] إِذْ دَخَلُوا عَلى‏ داوُدَ فَفَزِعَ‏ خاف‏ مِنْهُمْ‏ لأنهم دخلوا من غير استئذان و من غير الباب‏ قالُوا له‏ لا تَخَفْ‏ فلا نريد بك شرا و إنما نحن‏ خَصْمانِ‏ فريقان متخاصمان‏ بَغى‏ تعدى و ظلم‏ بَعْضُنا عَلى‏ بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ أي لا تتجاوز الحق‏ وَ اهْدِنا إِلى‏ سَواءِ وسط الصِّراطِ أي العدل، و قد أراد الله بهذه القصة اختبار داود عليه السّلام و كان مغزى الاختبار إنه حكم بمجرد سماع المدعي ثم انتبه فاستغفر من هذا التعجيل و لعل دخول الخصم من السور لأجل إيقاع الدهشة في نفسه و الإنسان المندهش يستعجل في الكلام.

[23] فقال أحد الخصمين و كانا ملائكة لأجل الامتحان‏ إِنَّ هذا أَخِي‏ في الدين أو في الجنس‏ لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً الشاة وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فقط فَقالَ‏ الأخ‏ أَكْفِلْنِيها أي اجعلني كفيلا «1» لنعجتك الواحدة حتى تتم لي مائة نعجة وَ عَزَّنِي‏ غلبني الأخ‏ فِي الْخِطابِ‏ أي التكلم و الحجاج.

[24] قالَ‏ داود عليه السّلام بمجرد أن سمع كلام المدعي: لَقَدْ ظَلَمَكَ‏ أخوك بسبب سؤال‏ نَعْجَتِكَ‏ الواحدة إِلى‏ نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ الشركاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِيلٌ ما زائدة للتأكيد هُمْ‏ أي قليل من لا يظلم شريكه‏ وَ ظَنَ‏ علم‏ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ‏ اختبرناه بهذه القصة فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ‏ من تعجيله في الحكم و كان ترك الأولى‏ وَ خَرَّ سقط راكِعاً لله في استغفاره‏ وَ أَنابَ‏ رجع إلى الله بالتوبة.

[25] فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ‏ الترك للأولى‏ وَ إِنَّ لَهُ‏ لداود عليه السّلام‏ عِنْدَنا لَزُلْفى‏ أي قربى في المنزلة وَ حُسْنَ مَآبٍ‏ أي المرجع الحسن في الآخرة.

[26] يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ هوى النفس‏ فَيُضِلَّكَ‏ اتباع الهوى‏ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا أي بسبب نسيانهم‏ يَوْمَ الْحِسابِ‏ أي لم يهتموا به و لم يعملوا لأجل إنقاذ أنفسهم فيه.

(1) الكافل و الكفيل: هو الذي يلزم نفسه القيام بالأمر و حياطته.

تبيين القرآن، ص: 467

[27] وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا لا حكمة فيها حتى يكون خلق الإنسان أيضا بلا جزاء و لا حساب‏ ذلِكَ‏ أي كون الخلق باطلا ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أي وا سوء أحوالهم من دخولهم في النار.

[28] أَمْ‏ أي هل، على نحو استفهام الإنكار نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ‏ الذين اتقوا الكفر و المعاصي‏ كَالْفُجَّارِ الذين يكثرون الفجور و الخروج عن طاعة الله.

[29] هذا القرآن‏ كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ‏ كثير نفعه و خيره‏ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ‏ ليتفكروا في آيات هذا الكتاب‏ وَ لِيَتَذَكَّرَ ليتعظ به‏ أُولُوا الْأَلْبابِ‏ أصحاب العقول.

[30] وَ وَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ سليمان عليه السّلام‏ إِنَّهُ أَوَّابٌ‏ كثير الرجوع إلى الله تعالى.

[31] إِذْ اذكر زمان‏ عُرِضَ عَلَيْهِ‏ على سليمان عليه السّلام‏ بِالْعَشِيِ‏ وقت العصر الصَّافِناتُ‏ الأفراس‏ الْجِيادُ الجيدات‏ «1» ، و ذلك لتهيئتها للحرب في سبيل الله، و لما طال العرض تأخرت صلاته عن وقت الفضيلة و تلافيا لذلك قدّم تلك الأفراس كلها في سبيل الله.

[32] فَقالَ‏ سليمان عليه السّلام: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ أي هذا النوع من الحب بأن أحببت الجياد التي أعدت لسبيل الله، فانصرفت‏ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي‏ في وقت الفضيلة حَتَّى تَوارَتْ‏ الصافنات‏ بِالْحِجابِ‏ في محلاتها، أي انصرافي عن ذكر الله كان من أول العرض إلى حين التواري.

[33] رُدُّوها أي الصافنات، عَلَيَ‏ ارجعوها إليّ لأنفقها في سبيل الله فلما ردت (طفق) شرع سليمان عليه السّلام يمسح الصافنات‏ مَسْحاً بِالسُّوقِ‏ جمع ساق‏ وَ الْأَعْناقِ‏ جمع عنق، فإن الإعطاء كان بأن يأخذ ساقها فيعطيها أو عنقها فيعطيها.

[34] وَ لَقَدْ فَتَنَّا اختبرنا سُلَيْمانَ وَ أَلْقَيْنا طرحنا عَلى‏ كُرْسِيِّهِ‏ سريره‏ جَسَداً بلا روح حيث ولد له مولود ميت، لأنه لم يقل إن شاء الله حال المواقعة حيث رجا أن يرزق أولادا يجعلهم في الجهاد، و يحتمل أن يراد بالفتنة اختباره كيف يفعل بهذا الأمر هل يصبر أو يجزع‏ ثُمَّ أَنابَ‏ إلى الله بالتوبة عن تركه الأولى، و لا يخفى أنه كرر في القرآن الحكيم ذكر ترك الأولى للأنبياء عليهم السّلام لئلا يتخذهم الناس أربابا.

[35] قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي‏ ترك الأولى‏ وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي‏ حتى يكون معجزة لي، أو المراد لا يتسهل لسائر الناس ليكون دليلا لفضلك عليّ‏ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ‏ كثير الهبة لمن تشاء.

[36] فَسَخَّرْنا لَهُ‏ ذلّلنا لطاعته‏ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً لينا حَيْثُ أَصابَ‏ أراد سليمان عليه السّلام فكانت تحمل بساطه و تسير في السماء كما يشاء.

[37] وَ سخّرنا له‏ الشَّياطِينَ‏ الجن‏ «2» كُلَّ بَنَّاءٍ يبني في البر وَ غَوَّاصٍ‏ يغوص في البحر، و (كل) بدل من (الشياطين) أي سخرنا البناء و الغواص من الشياطين له.

(1) و قالوا: الجياد جمع جواد و هو السريع في الجري.

(2) فسرت بالأجنة، لأنها مستورة عن الأنظار كالجن.

تبيين القرآن، ص: 468

[38] وَ آخَرِينَ‏ من الشياطين الذين كانوا عصاة مُقَرَّنِينَ‏ بالسلاسل‏ فِي الْأَصْفادِ جمع صفد و هو الوثاق.

[39] و قلنا لسليمان عليه السّلام‏ هذا الملك‏ عَطاؤُنا لك‏ فَامْنُنْ‏ أعط ما شئت لمن شئت‏ أَوْ أَمْسِكْ‏ و لا تعط بِغَيْرِ حِسابٍ‏ و لا حرج لك في ذلك.

[40] وَ إِنَّ لَهُ‏ لسليمان عليه السّلام‏ عِنْدَنا لَزُلْفى‏ قرب المنزلة وَ حُسْنَ مَآبٍ‏ المرجع الحسن بالجنة.

[41] وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى‏ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ‏ أصابني‏ بِنُصْبٍ‏ تعب‏ وَ عَذابٍ‏ و شدة مكروه، و ذلك إن الشيطان سبب إحراق زرعه و ضرعه و موت أولاده و مرض جسمه، أو المراد إنه كان يوسوس إليه الشيطان بأنك نبي و لا يرحمك ربك.

صفحه بعد