کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تبيين القرآن

الخطبة كلمة الناشر المقدمة 1: سورة الفاتحة 2: سورة البقرة 3: سورة آل عمران 4: سورة النساء 5: سورة المائدة 6: سورة الأنعام 7: سورة الأعراف 8: سورة الأنفال 9: سورة التوبة 10: سورة يونس 11: سورة هود 12: سورة يوسف 13: سورة الرعد 14: سورة إبراهيم 15: سورة الحجر 16: سورة النحل 17: سورة الإسراء 18: سورة الكهف 19: سورة مريم 20: سورة طه 21: سورة الأنبياء 22: سورة الحج 23: سورة(المؤمنون) 24: سورة النور 25: سورة الفرقان 26: سورة الشعراء 27: سورة النمل 28: سورة القصص 29: سورة العنكبوت 30: سورة الروم 31: سورة لقمان 32: سورة السجدة 33: سورة الأحزاب 34: سورة سبأ 35: سورة فاطر 36: سورة يس 37: سورة الصافات 38: سورة ص 39: سورة الزمر 40: سورة غافر 41: سورة فصلت 42: سورة الشورى 43: سورة الزخرف 44: سورة الدخان 45: سورة الجاثية 46: سورة الأحقاف 47: سورة محمد صلى الله عليه و آله و سلم 48: سورة الفتح 49: سورة الحجرات 50: سورة ق 51: سورة الذاريات 52: سورة الطور 53: سورة النجم 54: سورة القمر 55: سورة الرحمن 56: سورة الواقعة 57: سورة الحديد 58: سورة المجادلة 59: سورة الحشر 60: سورة الممتحنة 61: سورة الصف 62: سورة الجمعة 63: سورة(المنافقون) 64: سورة التغابن 65: سورة الطلاق 66: سورة التحريم 67: سورة الملك 68: سورة القلم 69: سورة الحاقة 70: سورة المعارج 71: سورة نوح 72: سورة الجن 73: سورة المزمل 74: سورة المدثر 75: سورة القيامة 76: سورة الإنسان(الدهر) 77: سورة المرسلات 78: سورة النبأ 79: سورة النازعات 80: سورة عبس 81: سورة التكوير 82: سورة الانفطار 83: سورة المطففين 84: سورة الانشقاق 85: سورة البروج 86: سورة الطارق 87: سورة الأعلى 88: سورة الغاشية 89: سورة الفجر 90: سورة البلد 91: سورة الشمس 92: سورة الليل 93: سورة الضحى 94: سورة الشرح 95: سورة التين 96: سورة العلق 97: سورة القدر 98: سورة البينة 99: سورة الزلزلة 100: سورة العاديات 101: سورة القارعة 102: سورة التكاثر 103: سورة العصر 104: سورة الهمزة 105: سورة الفيل 106: سورة قريش 107: سورة الماعون 108: سورة الكوثر 109: سورة الكافرون 110: سورة النصر 111: سورة المسد 112: سورة الإخلاص 113: سورة الفلق 114: سورة الناس دعا ختم القران الفهرس

تبيين القرآن


صفحه قبل

تبيين القرآن، ص: 517

[15] وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً بأن يحسن إليهما إحسانا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً بمشقة و صعوبة، و لذا يجب عليه الإحسان إليهما وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ‏ عن اللبن‏ ثَلاثُونَ شَهْراً ستة أشهر للحمل و سنتان للرضاع‏ حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ‏ كمال قوته‏ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً و هي وقت استحكام الرأي‏ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي‏ ألهمني‏ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ أنعمت‏ عَلى‏ والِدَيَ‏ إذ نعمة الوالدين نعمة الولد أيضا وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‏ اجعل الصلاح ساريا في أولادي‏ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ‏ رجعت إليك من سيأتي‏ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ المنقادين لأوامرك.

[16] أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا أحسن قبول لعملهم، أي نقبله بأحسن القبول فنجازيهم أحسن الجزاء وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ‏ نغفرها لهم و هم معدودون‏ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ أهلها وَعْدَ الصِّدْقِ‏ نعدهم هذا وعدا لا خلف فيه‏ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ‏ في الدنيا.

[17] وَ الَّذِي‏ مبتدأ خبره (أولئك) قالَ لِوالِدَيْهِ‏ حينما دعياه إلى الإيمان‏ أُفٍّ لَكُما بعدا لكما، فإن (أف) كلمة لإظهار السخط أَ تَعِدانِنِي‏ من الوعد أَنْ أُخْرَجَ‏ من القبر للبعث‏ وَ قَدْ خَلَتِ‏ مضت‏ الْقُرُونُ‏ الأمم‏ مِنْ قَبْلِي‏ و لم يخرج أحد منهم من القبر وَ هُما والداه‏ يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ‏ يسألان الله الغوث و الإعانة بتوفيقه للإيمان، قائلين له‏ وَيْلَكَ‏ كلمة تضجر، أي الهلاك لك‏ آمِنْ‏ بالله و اليوم الآخر إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ‏ بالبعث‏ حَقٌّ فَيَقُولُ‏ في جوابهما ما هذا القول بالبعث‏ إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏ خرافاتهم و ليس له حقيقة.

[18] أُولئِكَ‏ هؤلاء الأولاد الذين هذا شأنهم‏ الَّذِينَ حَقَ‏ ثبت‏ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ‏ أي كلمة العذاب‏ فِي‏ جملة أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ‏ مضت‏ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ‏ الذين كانوا كافرين بالله و المعاد إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ‏ قد خسروا دنياهم و آخرتهم.

[19] وَ لِكُلٍ‏ من المؤمن و الكافر دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا حسب تفاوت أعمالهم‏ وَ لِيُوَفِّيَهُمْ‏ يعطيهم الله جزاء أَعْمالَهُمْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ‏ بنقص في الثواب أو زيادة في العقاب.

[20] وَ اذكر يَوْمَ‏ هو يوم القيامة يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ يؤتون إليها فيقال لهم‏ أَذْهَبْتُمْ‏ آثرتم‏ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا بأن أخذتم قسطكم منها في الدنيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها تمتعتم و تلذذتم بالطيبات فما بقي لكم شي‏ء منها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ‏ العذاب الذي فيه الهوان‏ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ‏ بسبب تكبركم‏ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ‏ إذ لا يحق للإنسان أن يتكبر وَ بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ‏ تخرجون عن طاعة الله.

تبيين القرآن، ص: 518

[21] وَ اذْكُرْ يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ أَخا عادٍ أي هود النبي عليه السّلام الذي بعث إلى قبيلته عاد إِذْ أَنْذَرَ خوّف‏ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ‏ جمع حقف: رمل مرتفع دون الجبل و هو واد كان يسكنه عاد قرب عمان‏ وَ قَدْ خَلَتِ‏ مضت‏ النُّذُرُ المنذرون‏ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ‏ أمامه قبل زمانه‏ وَ مِنْ خَلْفِهِ‏ بعد أن أرسل في زمانه، أو بمعنى قبله و بعده‏ «1» ، قائلين أولئك الرسل للقوم‏ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏ إن عبدتم غيره.

[22] قالُوا يا هود أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا لتصرفنا عَنْ آلِهَتِنا التي نعبدها فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب‏ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ‏ في مجي‏ء العذاب.

[23] قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ‏ فهو يعلم الوقت الصالح لعذابكم‏ وَ أُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ‏ و إنما أنا مبلغ إليكم‏ وَ لكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ‏ بالله و بآياته و بعذابه لمن كذب و كفر.

[24] فجاءهم العذاب في صورة سحاب و قد اشتد حر الهواء قبل ذلك و لما رَأَوْهُ‏ العذاب الموعود عارِضاً سحابا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ‏ يأتي نحو واديهم‏ قالُوا فرحا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا يمطر فيبرد الهواء و نخلص من هذا الحر بَلْ‏ ليس سحابا ممطرا و إنما هُوَ مَا العذاب الذي‏ اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ‏ طلبتم تعجيله عليكم‏ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ‏ مؤلم.

[25] تُدَمِّرُ تهلك‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ من النفوس و النبات و الحيوان و غيرها بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا ميتين بحيث‏ لا يُرى‏ إذا جاءهم الرائي‏ إِلَّا مَساكِنُهُمْ‏ فقط بدون أن يكونوا فيها كَذلِكَ‏ هكذا نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ‏ الذين أجرموا بالكفر و العصيان.

[26] وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ‏ أي عادا فِيما إِنْ‏ ما مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ‏ أي جعلنا لهم من الأموال و القوة ما لم نجعل مثله لكم‏ وَ جَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً ليسمعوا الآيات‏ وَ أَبْصاراً ليروا العبر وَ أَفْئِدَةً قلوبا ليفهموا الأشياء فَما أَغْنى‏ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَ لا أَبْصارُهُمْ وَ لا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إذ لم يستعملوها في صلاحهم‏ إِذْ لأنهم‏ كانُوا يَجْحَدُونَ‏ ينكرون‏ بِآياتِ اللَّهِ‏ أدلته‏ وَ حاقَ‏ حل‏ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‏ أي العذاب الذي استهزءوا به، و هذا تهديد للكفار بأنهم عذبوا على كثرة قوتهم و بأسهم فكيف بكم و أنتم أقل منهم قوة و بأسا.

[27] وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ‏ يا أهل مكة مِنَ الْقُرى‏ البلاد كعاد و ثمود و قوم لوط حيث كانت بلادهم في أطراف الجزيرة وَ صَرَّفْنَا الْآياتِ‏ كررناها ليعتبروا بها لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏ عن كفرهم و لكن لما أصروا أهلكناهم.

[28] فَلَوْ لا فهلا نَصَرَهُمُ‏ منعهم من العذاب الأصنام‏ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً لأجل أن تقربهم إلى الله‏ آلِهَةً بدل من (قربانا) بَلْ ضَلُّوا تلك الآلهة عَنْهُمْ‏ وقت نزول العذاب‏ وَ ذلِكَ‏ الاتخاذ إِفْكُهُمْ‏ كذبهم‏ وَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ‏ على الله من أنها شركاءه، و من المعلوم أن الإله الكاذب لا ينصر.

(1) الضمائر المفردة ترجع إلى هود عليه السّلام.

تبيين القرآن، ص: 519

[29] وَ اذكر إِذْ زمانا صَرَفْنا وجّهنا إِلَيْكَ نَفَراً جماعة مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ‏ حضر الجن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند قراءته القرآن ببطن نخلة عند انصرافه من الطائف إلى مكة، و ذلك قبل الهجرة قالُوا قال بعضهم لبعض‏ أَنْصِتُوا اسكتوا حتى نستمع للقرآن‏ فَلَمَّا قُضِيَ‏ تم القرآن بأن فرغ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من التلاوة وَلَّوْا انصرفوا إِلى‏ قَوْمِهِمْ‏ من الجن‏ مُنْذِرِينَ‏ يخوفونهم من الكفر و العصيان.

[30] قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أي القرآن‏ أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‏ لعلهم لم يكونوا سمعوا بالمسيح عليه السّلام أو كانوا يهودا مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ‏ لما تقدمه من الكتب‏ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى‏ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ‏ لا انحراف فيه.

[31] يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ‏ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيما يدعوكم إليه‏ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ الله‏ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ‏ أي من هذا الجنس‏ وَ يُجِرْكُمْ‏ يمنعكم‏ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ‏ مؤلم في الآخرة.

[32] وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ‏ أي لا يقدر أن يعجز الله في الأرض بأن يفوته حتى لا يتمكن الله من عقابه‏ وَ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ‏ دون الله‏ أَوْلِياءُ ينصرونه من بأس الله‏ أُولئِكَ‏ الذين لا يجيبون داعي الله‏ فِي ضَلالٍ‏ انحراف عن الحق‏ مُبِينٍ‏ واضح.

[33] أَ وَ لَمْ يَرَوْا ألم يعلم الكفار المنكرون للبعث‏ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ‏ أي لم يتعب في خلقه لهما، أي الذي بهذه القدرة العظيمة بِقادِرٍ أي قادر خبر (إن) و الباء للتأكيد عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ للبعث‏ بَلى‏ إِنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و منه إحياء الموتى.

[34] وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ يقدمون إليها بقصد إدخالهم فيها، فيقال لهم‏ أَ لَيْسَ هذا الذي تشاهدون‏ بِالْحَقِ‏ لأنهم كانوا يقولون في الدنيا ليست النار إلا كذبا قالُوا بَلى‏ وَ رَبِّنا قسما به إنه حق‏ قالَ‏ الله لهم‏ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ‏ أي بسبب كفركم في الدنيا.

[35] فَاصْبِرْ يا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ‏ أصحاب العزم و الثبات الشديد مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ‏ بأن تطلب عذابهم عاجلا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ‏ من العذاب في الآخرة لَمْ يَلْبَثُوا لم يبقوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ كأن لبثهم في الدنيا ساعة واحدة فقط بَلاغٌ‏ هذا تبليغ لكم حتى تتم الحجة عليكم‏ فَهَلْ يُهْلَكُ‏ و يعذب بعد البلاغ‏ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ‏ الخارجون عن طاعة الله بعد إتمام الحجة عليهم، و الاستفهام في معنى النفي، أي لا يهلك إلا الفاسقون.

تبيين القرآن، ص: 520

47: سورة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏

مدنية آياتها ثمان و ثلاثون‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ بأن منعوا الناس عن الإيمان، أي ضلوا و أضلوا أَضَلَ‏ أبطل الله‏ أَعْمالَهُمْ‏ الحسنة كصلة الرحم و إطعام الفقراء لأن الكفر مبطل للأعمال.

[2] وَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله‏ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ بكل الأحكام‏ وَ الحال إن ما نزل على محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ هُوَ الْحَقُّ مِنْ‏ قبل‏ رَبِّهِمْ كَفَّرَ ستر الله بالغفران‏ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ‏ حالهم في دنياهم و أخراهم.

[3] ذلِكَ‏ الإضلال لأولئك، و الغفران لهؤلاء بسبب أن‏ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ‏ الذي جاءهم من قبل الله‏ كَذلِكَ‏ هكذا يَضْرِبُ‏ يبين‏ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ‏ أحوالهم، ليعتبر الناس بهم.

[4] فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا رأيتموهم في حال القتال‏ فَضَرْبَ الرِّقابِ‏ اضربوا أعناقهم ضربا حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ‏ أكثرتم من القتل فيهم فأسروهم و شدوا أحكموا الْوَثاقَ‏ أي الحبل الذي يوثق به لئلا يفروا فَإِمَّا تمنون عليهم‏ مَنًّا بَعْدُ الأسر بأن تطلقوا سراحهم بدون فداء وَ إِمَّا تفادوهم و تأخذوا منهم‏ فِداءً في مقابل إطلاقهم‏ حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها أثقالها بأن تنتهي، و ذلك بأن يضع المسلمون و الكفار سلاحهم‏ ذلِكَ‏ الأمر هكذا وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ‏ بإهلاكهم بدون قتال‏ وَ لكِنْ‏ يبقيهم و يأمركم بحربهم‏ لِيَبْلُوَا ليختبر بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ‏ المؤمنين بالكافرين فيظهر المطيع من العاصي‏ وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ في الجهاد من المؤمنين‏ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ‏ لن يضيع الله ما عملوا بل يثيبهم عليها.

[5] سَيَهْدِيهِمْ‏ إلى طريق الجنة وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ‏ حالهم في الآخرة.

[6] وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ في حال كونه‏ عَرَّفَها لَهُمْ‏ في الدنيا.

[7] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ‏ أي دينه‏ يَنْصُرْكُمْ‏ على أعدائكم‏ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ‏ في مواقف الخوف و الصعوبات.

[8] وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ‏ أي هلاكا لهم، و هذا دعاء عليهم بالهلاك‏ وَ أَضَلَ‏ ضيع الله‏ أَعْمالَهُمْ‏ الصالحة كالإحسان و الصلة.

[9] ذلِكَ‏ الإضلال لأعمالهم‏ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ‏ من الأحكام‏ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ‏ أبطلها و لم يثبهم عليها.

[10] أَ فَلَمْ يَسِيرُوا ليسافر هؤلاء الكافرون‏ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ من الأمم الذين أهلكوا، فإن المسافر يرى آثار بلادهم و يسمع أخبار هلاكهم‏ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏ أهلكهم الله‏ وَ لِلْكافِرِينَ‏ في المستقبل‏ أَمْثالُها أمثال تلك العقوبات التي نزلت بالأمم السابقة.

[11] ذلِكَ‏ نصر المؤمنين و تدمير الكافرين بسبب أن‏ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ناصرهم و المتولي لشئونهم‏ وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى‏ لَهُمْ‏ ينصرهم.

تبيين القرآن، ص: 521

[12] إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا تحت أشجارها و قصورها الْأَنْهارُ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ‏ بمتاع الدنيا وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ‏ غافلين عن العاقبة وَ النَّارُ مَثْوىً‏ منزل‏ لَهُمْ‏ للكافرين.

[13] وَ كَأَيِّنْ‏ بمعنى كم للتكثير مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ‏ أي من مكة الَّتِي أَخْرَجَتْكَ‏ فإن أهل مكة أخرجوا الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ‏ يدفع العذاب عنهم.

[14] أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ حجة واضحة مِنْ‏ قبل‏ رَبِّهِ‏ كالرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و المؤمنون‏ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ‏ زين الشيطان في أنظارهم أعمالهم السيئة وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ‏ شهواتهم النفسية.

[15] مَثَلُ‏ أي حاله حال‏ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ‏ غير متغير بالعفونة وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ‏ فلم يفسد وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لذيذة لا مثل خمر الدنيا لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى‏ لم يخالطه الشمع‏ وَ لَهُمْ فِيها في الجنة مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ‏ أنواع الفواكه‏ وَ مَغْفِرَةٌ غفران، فمن هو خالد في الجنة بهذه النعم‏ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً شديد الحرارة فَقَطَّعَ‏ ذلك الماء من شدة حرارته‏ أَمْعاءَهُمْ‏ أحشاءهم.

[16] وَ مِنْهُمْ‏ من المنافقين‏ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ‏ حين تتكلم‏ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ‏ من المجلس‏ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ العلماء من المؤمنين‏ ما ذا قالَ‏ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ آنِفاً قبل ساعة، يقولون ذلك استهزاء أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏ لأنهم لما ضلوا عنادا و سم الله قلوبهم بسمة النفاق‏ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ‏ بدل أن يتبعوا الحق.

[17] وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا قبلوا الهدى و لم ينافقوا زادَهُمْ‏ كلام الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ هُدىً‏ ثبوتا على الهدى و هداية جديدة وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ‏ وفقهم الله للتقوى.

[18] فَهَلْ يَنْظُرُونَ‏ ينتظر هؤلاء المنافقون‏ إِلَّا السَّاعَةَ القيامة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فجأة فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها علائمها التي منها بعثة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و انشقاق القمر و ما أشبه‏ فَأَنَّى‏ فمن أين‏ لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ‏ الساعة ذِكْراهُمْ‏ أي تذكرهم فلا ينفعهم التذكر حينذاك.

[19] فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ‏ قد سبق أن الحاجات الضرورية للبدن يعدها الأنبياء عليهم السّلام ذنبا أمام الله تعالى كمن يعد مدّ رجله لمرض في قبال الملك ذنبا وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ‏ انتشاركم بالنهار وَ مَثْواكُمْ‏ مستقركم بالليل، أو محل عملكم في الدنيا و مصيركم في الآخرة.

تبيين القرآن، ص: 522

[20] وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أي من أظهروا الإيمان‏ لَوْ لا هلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ تأمرنا بالقتال‏ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ صريحة وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ‏ الأمر بالقتال‏ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ شك و نفاق‏ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ‏ الذي أخذته الغشوة مِنَ الْمَوْتِ‏ من جهة قرب موته، و المراد إن حالتهم تصبح كحالة المحتضر من الخوف و الجبن‏ فَأَوْلى‏ لَهُمْ‏ هذا مثال بمعنى وليهم المكروه، يقال: أولى لك أي وليك المكروه، أو بمعنى أولى لهم.

[21] طاعَةٌ بأن يطيعوا وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ‏ يقولون قولا معروفا بإظهار الموافقة للحرب‏ فَإِذا عَزَمَ‏ جد الْأَمْرُ مجاز «1» ، أي عزم أصحاب الأمر للقتال‏ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ‏ بامتثال أمره‏ لَكانَ‏ الصدق‏ خَيْراً لَهُمْ‏ في دنياهم و آخرتهم.

[22] فَهَلْ عَسَيْتُمْ‏ أي هل يتوقع منكم يا معاشر المنافقين‏ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ‏ أعرضتم عن الدين و ذهبتم‏ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ‏ أي أنتم أهل الفساد لا أهل القتال.

[23] أُولئِكَ‏ المنافقون هم‏ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ‏ أبعدهم عن رحمته‏ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ‏ أي تركهم أصم عن سماع الحق و أعمى عن رؤية الحق.

[24] أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ‏ بأن يتفكروا فيه حتى يعتبروا أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها جمع قفل فلا يدخل قلوبهم معانيه.

[25] إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ‏ بأن كفروا قلبا و نافقوا كمن يرجع موليا دبره‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ‏ ظهر لَهُمُ الْهُدَى‏ بحقيقة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ الشَّيْطانُ سَوَّلَ‏ زين‏ لَهُمُ‏ النفاق و العصيان‏ وَ أَمْلى‏ أمدّ لَهُمُ‏ في الآمال.

[26] ذلِكَ‏ التسويل و الإملاء بسبب أنهم أي المنافقين‏ قالُوا لِلَّذِينَ‏ لأسيادهم الكفار كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ‏ أي كرهوا الإسلام و الدين‏ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ كالتظاهر على عداوة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و التشكيك في القرآن‏ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ‏ ما يسره بعضهم إلى بعض فيجازيهم.

[27] فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ‏ أخذت أرواحهم‏ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ‏ المواضع التي كانوا لم يقاتلوا توقيا منهم لها.

[28] ذلِكَ‏ التوفي بهذا الحال بسبب أنهم أي المنافقين‏ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ‏ أغضبه‏ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ‏ رضاه بأن لم يفعلوا ما يرضيه‏ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ‏ أبطلها و لم يثبهم على أعمالهم الحسنة كصلة الرحم و الإنفاق.

[29] أَمْ‏ بل‏ حَسِبَ‏ زعم‏ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ النفاق‏ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ‏ أحقادهم للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و المؤمنين.

(1) أي نسبة العزم إلى الأمر مجاز، لأن الأمر لا يتصف بالعزم، بل الآمر يتصف به.

تبيين القرآن، ص: 523

[30] وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ‏ أي عرفناك يا رسول الله المنافقين بدلائل تدل على نفاقهم‏ فَلَعَرَفْتَهُمْ‏ بعد أن أريناكهم‏ بِسِيماهُمْ‏ بعلاماتهم‏ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ‏ كيفية كلامهم فإن في كلامهم التواء و انحرافا وَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ‏ فيجازيكم عليها.

[31] وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ‏ أي نختبرنكم بالجهاد و نحوه‏ حَتَّى نَعْلَمَ‏ يظهر علمنا إلى عالم الخارج‏ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ‏ على الشدائد وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ‏ أي ما تقولونه عن أنفسكم: بأنكم مؤمنون صابرون مجاهدون، نمتحن هل هذا الكلام صدق أم لا.

[32] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ بأن منعوا الناس عن سلوك طريق الحق‏ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ‏ خالفوه‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ‏ ظهر لَهُمُ الْهُدى‏ بأن علموا بصدق الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم‏ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً و إنما يضرون أنفسهم‏ وَ سَيُحْبِطُ يبطل الله‏ أَعْمالَهُمْ‏ الحسنة بسبب كفرهم و نفاقهم.

[33] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ‏ الحسنة بالشك و النفاق.

[34] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَ هُمْ كُفَّارٌ بأن لم يتوبوا فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ‏ لأن الكافر المعاند لا غفران له.

[35] فَلا تَهِنُوا لا تضعفوا أيها المسلمون‏ وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ‏ الهدنة، أي لا تدعوا إلى ذلك‏ وَ الحال‏ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ‏ قوة وعدة وَ اللَّهُ مَعَكُمْ‏ ناصركم‏ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ‏ لن ينقصكم أجر أَعْمالَكُمْ‏ فإن اللازم محاربة الكافرين لأجل إحقاق الحق و إنقاذ المظلومين من براثن الحكام الجائرين.

[36] إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ ما يلهي الإنسان عن المقصد، فلا ترجحوا الدنيا حتى لا تقاتلوا وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا الكفر و العصيان‏ يُؤْتِكُمْ‏ يعطكم الله‏ أُجُورَكُمْ‏ ثواب أعمالكم‏ وَ لا يَسْئَلْكُمْ‏ الله‏ أَمْوالَكُمْ‏ حتى تفروا خوفا و تحفظا على الأموال.

[37] إِنْ يَسْئَلْكُمُوها أي إن يسألكم أن تعطوا جميع أموالكم في سبيل الله‏ فَيُحْفِكُمْ‏ يجهدكم بطلب كل أموالكم‏ تَبْخَلُوا و لم تبذلوا وَ يُخْرِجْ‏ البخل‏ أَضْغانَكُمْ‏ أحقادكم على الدين، و لذا لا يكلفكم تكليفا شاقا يوجب انحرافكم، تفضلا منه.

صفحه بعد