کتابخانه تفاسیر
تبيين القرآن، ص: 608
81: سورة التكوير
مكية آياتها تسع و عشرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ رفع ضوءها.
[2] وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أظلمت.
[3] وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ بأن قلعت و سارت في الفضاء.
[4] وَ إِذَا الْعِشارُ جمع عشراء: الناقة الحامل عُطِّلَتْ أهملت لأن أصحابها في هول يوم القيامة.
[5] وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ جمعت ليقتص منها بما ظلمت.
[6] وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أوقدت نارا، من سجر التنور.
[7] وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قرنت بالأجساد.
[8- 9] وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ البنت التي دفنت حية سُئِلَتْ تبكيتا لقاتلها. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ فإذا قالت إنها قتلت بلا ذنب، عذب الله قاتلها.
[10] وَ إِذَا الصُّحُفُ للأعمال نُشِرَتْ لحساب الناس.
[11] وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ أي قلعت كما يكشط الجلد، و ذلك بهدم نظام الكواكب.
[12] وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ أو قدت فازدادت حرارة.
[13- 14] وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ قربت ليراها الناس. عَلِمَتْ جواب (إذا) نَفْسٌ كل نفس ما أَحْضَرَتْ من خير و شر.
[15- 16] فَلا إما زائدة للتأكيد، أو للنفي و ذلك للتلميح بالقسم كما تقدم أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ أي النجوم التي تخنس «1» و ترجع و تختفي. الْجَوارِ الجاريات في السماء الْكُنَّسِ التي تكنس أي تختفي نهارا.
[17] وَ قسما ب اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أقبل ظلامه.
[18] وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أضاء، عبّر به لإقبال النسيم عند الصبح.
[19] إِنَّهُ أي القرآن، و هذا جواب القسم لَقَوْلُ رَسُولٍ أي جبرئيل الذي جاء به من عند الله كَرِيمٍ ذي كرامة.
[20] ذِي قُوَّةٍ في الجسم و العمل عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ذي مكانة و جاه عند الله.
[21] مُطاعٍ تطيعه الملائكة ثَمَ هناك أَمِينٍ عند الله.
[22] وَ ما صاحِبُكُمْ محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بِمَجْنُونٍ كما زعمتم.
[23] وَ لَقَدْ رَآهُ رأى محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جبرئيل بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ الواضح، أي في طرف الأفق.
[24- 25] وَ ما هُوَ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عَلَى ما يخبره من الْغَيْبِ كالقرآن و الشريعة و المبدأ و المعاد بِضَنِينٍ بمهتم، فلا يكذب. وَ ما هُوَ القرآن بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مرجوم مطرود، كما هو شأن الكاهن حيث ينقل عن الشيطان.
[26] فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ أيها الكفار من الحق إلى الباطل.
[27] إِنْ ما هُوَ القرآن إِلَّا ذِكْرٌ موعظة لِلْعالَمِينَ للإنس و الجن.
[28- 29] لِمَنْ بدل من (العالمين) شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ في العقيدة و العمل. وَ ما تَشاؤُنَ الاستقامة إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ بأن يرسل الرسول و ينزل الكتاب إذ لو لا ذلك لا يقدر أحد على الهداية.
(1) تخنس: تستتر.
تبيين القرآن، ص: 609
82: سورة الانفطار
مكية آياتها تسع عشرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ انشقت.
[2] وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أي تفرقت ببطلان نظامها.
[3] وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ فتحت بعضها على بعض حتى صارت بحرا واحدا.
[4] وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها و أخرج أمواتها.
[5] عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ في حياتها إلى الآخرة وَ أَخَّرَتْ من سنّة حسنة أو سيئة أو صدقة خلفها لمن بعده.
[6] يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ حتى عصيته.
[7] الَّذِي خَلَقَكَ أوجد أصلك فَسَوَّاكَ جعلك إنسانا فَعَدَلَكَ جعلك معتدل الأعضاء.
[8] فِي أَيِّ صُورَةٍ ما زائدة للتأكيد شاءَ الله رَكَّبَكَ حسنة أو قبيحة ذكرا أو أنثى.
[9] كَلَّا لا تشكرون الله بالإيمان و الإطاعة بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ بالجزاء.
[10] وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ يحفظون أعمالكم، و هم الملائكة.
[11] كِراماً جمع كريم كاتِبِينَ يكتبون أعمالكم.
[12] يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ من خير و شر فيكتبونها.
[13] إِنَّ الْأَبْرارَ الأخيار لَفِي نَعِيمٍ الجنة ذات النعمة.
[14] وَ إِنَّ الْفُجَّارَ الفاجرين و هم العصاة لَفِي جَحِيمٍ النار.
[15] يَصْلَوْنَها يدخلونها يَوْمَ الدِّينِ يوم القيامة.
[16] وَ ما هُمْ عَنْها عن الجحيم بِغائِبِينَ بل يكونون فيها دائما.
[17- 18] وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ تفخيم لشأنه حتى كأن الإنسان لا يطّلع على حقيقته.
[19] يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً دفاعا عن عذابها، أو إثابتها وَ الْأَمْرُ في الثواب و العقاب يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وحده.
83: سورة المطففين
مكية آياتها ست و ثلاثون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] وَيْلٌ هلاك لِلْمُطَفِّفِينَ التطفيف بخس المكيال و الميزان.
[2] الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ أي كالوا لأجل أن يأخذوا بأن كانوا مشترين يَسْتَوْفُونَ يأخذون الكيل وافيا.
[3] وَ إِذا كالُوهُمْ أي كالوا لهم، بأن باعوا للناس شيئا أَوْ وَزَنُوهُمْ أي وزنوا للناس يُخْسِرُونَ ينقصون حق الناس.
[4] أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ المطففون أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ بعد الموت.
[5] لِيَوْمٍ عَظِيمٍ هو القيامة، إذ لو ظنوا الحساب لما تجرأوا على هذا العصيان.
[6] يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لحكم رب الْعالَمِينَ .
تبيين القرآن، ص: 610
[7] كَلَّا لا تطففوا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ ما يكتب من أعمالهم لَفِي سِجِّينٍ الكتاب الذي يجمع فيه أعمال الكفار و العصاة.
[8] وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كأنه لا تدري حقيقته و هول ما فيه و ما أعدّ لأصحابه.
[9] كِتابٌ مَرْقُومٌ رقّم و كتب فيه أعمال الطغاة.
[10] وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ في يوم القيامة لِلْمُكَذِّبِينَ بالله و الرسول و المعاد.
[11] الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ يوم القيامة.
[12] وَ ما يُكَذِّبُ بِهِ بيوم الدين إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ مجاوز للحد أَثِيمٍ عاص لله تعالى.
[13] إِذا تُتْلى تقرأ عَلَيْهِ آياتُنا القرآن قالَ هذا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أكاذيبهم و خرافاتهم.
[14] كَلَّا ليس الأمر كما يقول بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ غلبت ذنوبهم على قلوبهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ من العصيان فصارت قلوبهم كأنها في غلاف و لذا لا يدركون الحقائق.
[15] كَلَّا لا يتركون هكذا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ يوم القيامة لَمَحْجُوبُونَ يحجبون و يمنعون عن رحمته.
[16] ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا لداخلون في الْجَحِيمِ .
[17] ثُمَّ يُقالُ يقول لهم الزبانية هذَا اليوم هو الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ في الدنيا حيث كنتم تقولون لا بعث.
[18] كَلَّا ليس الأمر كما زعم الكفار إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ كتاب يجمع فيه أعمال المؤمنين الصالحين.
[19- 21] وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ يحضره الملائكة المقربون لأنه كتاب مهم فاللازم أن يكون بيد المقربين.
[22] إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ الجنة ذات النعمة.
[23] عَلَى الْأَرائِكِ جمع أريكة و هي السرير يَنْظُرُونَ إلى جمال الجنة.
[24] تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ بهجة التنعم، فإذا نظرت إلى وجوههم ترى فيها آثار النعمة.
[25] يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ خمر الجنة الذي لا غش فيه مَخْتُومٍ قد ختم على ظرفه علامة أنه لم يمسّه أحد من قبل.
[26] خِتامُهُ ما ختم به مِسْكٌ بدل الطين و المداد. وَ فِي ذلِكَ النعيم فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ الذين يتسابقون في الخير، ينبغي أن يتسابقوا لتحصيل هذا النعيم.
[27] وَ مِزاجُهُ ما مزج به هذا الرحيق مِنْ تَسْنِيمٍ ماء في الجنة في كمال الحلاوة و الصفاء و العطر.
[28] عَيْناً حال من (تسنيم) يَشْرَبُ بِهَا أي منها الْمُقَرَّبُونَ إلى الله تعالى بالمنزلة.
[29] إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا من الكفار كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ استهزاء.
[30] وَ إِذا مَرُّوا أي المؤمنون بِهِمْ بالمجرمين يَتَغامَزُونَ يشير بعضهم إلى بعض بعيونهم و أيديهم استهزاء بالمؤمنين.
[31] وَ إِذَا انْقَلَبُوا أي المجرمون إِلى أَهْلِهِمُ ذهبوا إلى بيوتهم انْقَلَبُوا فَكِهِينَ متلذذين بالسخرية بالمؤمنين.
[32] وَ إِذا رَأَوْهُمْ قالُوا أي المجرمون إِنَّ هؤُلاءِ المؤمنين لَضالُّونَ عن الطريق حيث آمنوا.
[33] وَ ما أُرْسِلُوا أي الكفار عَلَيْهِمْ على المؤمنين حافِظِينَ موكلين بحفظ أعمالهم، فلم هذا الاستهزاء و السباب.
[34] فَالْيَوْمَ يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ حين يرون حالهم في النار و العذاب.
تبيين القرآن، ص: 611
[35] عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ إليهم نظر احتقار و استخفاف، كما كان المجرمون ينظرون إليهم في الدنيا.
[36] هَلْ ثُوِّبَ جوزي الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ من الكفر و العصيان، و الاستفهام للتقرير، أي لقد عوقبوا جزاء لأعمالهم.
84: سورة الانشقاق
مكية آياتها خمس و عشرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ علامة للقيامة، بأن ظهرت فيها الفرج.
[2] وَ أَذِنَتْ انقادت لِرَبِّها في ما يريد أن يفعل بها من التشقيق وَ حُقَّتْ أي حق بها أن تنقاد.
[3] وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ بسطت، لأن الجبال تنقلع منها، و الأغوار تملأ.
[4] وَ أَلْقَتْ ما فِيها من الأموات و الكنوز وَ تَخَلَّتْ خلت غاية الخلو.
[5] وَ أَذِنَتْ الأرض لِرَبِّها وَ حُقَّتْ .
[6] يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ ساع سعيا متواصلا إِلى أن تنتهي إلى رَبِّكَ عند الموت كَدْحاً تأكيد فَمُلاقِيهِ ترى ثوابه و عقابه.
[7- 9] فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ بيده اليمنى فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً لا يناقش في الحساب و يتجاوز الله عن سيئاته. وَ يَنْقَلِبُ يرجع إِلى أَهْلِهِ الذين معه في الجنة مَسْرُوراً .
[10] وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ بأن تجعل شماله مغلولة وراء ظهره و يعطى كتابه بها.
[11- 12] فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً أي هلاكا، فيقول يا ليتني أموت. وَ يَصْلى يدخل سَعِيراً نارا ملتهبة.
[13] إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ في الدنيا مَسْرُوراً بالملذات و المحرمات لا يدخله خوف الآخرة.
[14] إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لن يرجع بعد الموت.
[15] بَلى يرجع إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً فقد حفظ أعماله السيئة و يجزيه بها.
[16] فَلا أُقْسِمُ (لا) زائدة للتأكيد، أو نفي للقسم تلميحا إليه بِالشَّفَقِ الحمرة عند الغروب.
[17] وَ ب اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ جمعه فإن الليل يجمع الإنسان و الحيوان المنتشر إلى أماكنها.
[18- 19] وَ ب الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ تم بدرا. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي تركبون حالا بعد حال، الموت و مواقف القيامة و غيرها، فليس كما تزعمون من الفناء بعد الموت.
[20] فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بالقيامة، فأي عذر لهم في ترك الإيمان.
[21] وَ إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ لله، بأن لا يعترفون به مع ظهور الإعجاز في القرآن.
[22] بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ بالله و اليوم الآخر و القرآن.
[23] وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ يحفظون في صدورهم من الكفر و الضلال، و سوف يجازيهم عليه.
[24] فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ مؤلم، و هذا من باب التهكم.
[25] إِلَّا لكن الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي الأعمال الصالحة لَهُمْ أَجْرٌ جزاء حسن غَيْرُ مَمْنُونٍ غير مقطوع، بل دائم أبدي.
تبيين القرآن، ص: 612
85: سورة البروج
مكية آياتها اثنتان و عشرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] وَ السَّماءِ قسما بالسماء ذاتِ الْبُرُوجِ الاثني عشر.
[2] وَ قسما ب الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ يوم القيامة.
[3] وَ قسما ب شاهِدٍ هو النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يشهد على أمته وَ مَشْهُودٍ الأمة، و جواب القسم محذوف: أي إن الكفار يلعنون كما لعن الكفار السابقون، و يدل عليه قوله:
[4] قُتِلَ أي قاتلهم الله، و المراد تعذيبهم أَصْحابُ الْأُخْدُودِ فإن جماعة آمنوا بعيسى عليه السّلام فأخذهم الكفار و ألقوهم في أخاديد من النار و أحرقوهم، و الأخدود الشق في الأرض.
[5] النَّارِ بدل عن (الأخدود) ذاتِ الْوَقُودِ ما يوقد به النار.
[6] إِذْ هُمْ أولئك الأصحاب، الكافرون عَلَيْها على النار قُعُودٌ جالسون يتفرجون.
[7] وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ من إلقائهم في النار شُهُودٌ حاضرون يرونه.
[8] وَ ما نَقَمُوا أنكروا أولئك الكافرون مِنْهُمْ من المؤمنين إِلَّا إيمانهم أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ في سلطانه الْحَمِيدِ المحمود.
[9] الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ حاضر فيجازي المحق بالثواب و المبطل بالعقاب.
[10] إِنَّ الَّذِينَ من الكفار فَتَنُوا بلوا بالأذى و الإحراق الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ماتوا كفارا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ الزائد في الإحراق، لأنهم زادوا على كفرهم فتنة المؤمنين أيضا.
[11] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا تحت أشجارها و قصورها الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ الذي لا فوز يشبهه.
[12] إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ أخذه لأجل العذاب لَشَدِيدٌ في كمال الألم.
[13] إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ الخلق وَ يُعِيدُ هم بعد الموت للحساب.
[14] وَ هُوَ الْغَفُورُ لمن تاب الْوَدُودُ المحب لمن أطاع.
[15] ذُو الْعَرْشِ صاحب الملك الْمَجِيدُ العظيم.
[16] فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ يفعل كل ما يريد و لا يمتنع عليه شيء.
[17] هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ حتى يدلّك على أنه تعالى كيف يفعل ما يريد.
[18] فِرْعَوْنَ و قومه وَ ثَمُودَ و حديثهم إن الله أهلكهم بتكذيبهم.
[19] بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ لما جئت به، معرضين عن العبر و الآيات.
[20] وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ بهم قدرة و علما فلا يمكنهم الفرار منه.
[21] بَلْ هُوَ الذي كذبوا به قُرْآنٌ مَجِيدٌ ذو مجد و عظمة.
[22] فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ عن التغيير و التحريف.
تبيين القرآن، ص: 613
86: سورة الطارق
مكية آياتها سبع عشرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] وَ السَّماءِ قسما بالسماء وَ الطَّارِقِ الكوكب الذي يظهر ليلا.
[2] وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ لأنه شيء عظيم لا يحيط بحقيقته الإنسان- و هذا للتعظيم-.
[3] النَّجْمُ الثَّاقِبُ الذي يثقب بضيائه ظلام الليل.
[4] إِنْ ما كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا إلا عَلَيْها حافِظٌ من الملائكة يحفظ أعمالها- و هذا جواب القسم-.
[5] فَلْيَنْظُرِ يفكر الْإِنْسانُ مِمَ من ماذا خُلِقَ و ذلك ليعتبر، و يعترف بالمبدأ و المعاد.
[6] خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ المني الذي يخرج بدفق و شدة.
[7] يَخْرُجُ ذلك الماء مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ عظام الظهر وَ التَّرائِبِ عظام الصدر.
[8] إِنَّهُ أي الخالق له عَلى رَجْعِهِ أن يرجعه إلى الحياة بعد أن مات لَقادِرٌ كما قدر على ابتداء خلقته.
[9] يَوْمَ ظرف (رجعه) تُبْلَى تظهر و تختبر السَّرائِرُ الضمائر ليظهر ما فيها من خير و شر.
[10] فَما لَهُ للإنسان مِنْ قُوَّةٍ يمتنع بها عن ما يراد بها من العذاب وَ لا ناصِرٍ ينصره.
[11] وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ترجع نيراتها في كل دورة إلى الموضع الذي تحركت منه.
[12] وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ التشقق بالأنهار و النباتات.
[13] إِنَّهُ أي القرآن لَقَوْلٌ فَصْلٌ بين الحق و الباطل.
[14] وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ فإنه جد كله.
[15] إِنَّهُمْ أي الكفار يَكِيدُونَ كَيْداً لإبطال القرآن.
[16] وَ أَكِيدُ كَيْداً أي أعالج و أهيئ الأسباب في الخفاء لإبقاء القرآن و إعلاء شأن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
[17] فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ لا تتعرض لهم أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً قليلا حتى ترى ما ذا أفعل بهم.
87: سورة الأعلى
مكية آياتها تسع عشرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] سَبِّحِ نزه اسْمَ إما المراد المسمى، أو الاسم، و تنزيه الاسم عدم اقترانه بأسماء الأصنام و وصفه بالصفات السيئة رَبِّكَ الْأَعْلَى الذي لا يساويه شيء.
[2] الَّذِي خَلَقَ الخلائق فَسَوَّى خلقها بجعلها مستعدة للكمال اللائق بها.
[3] وَ الَّذِي قَدَّرَ لكل مخلوق ما يصلحه فَهَدى أرشده إلى منافعه و مضاره.
[4] وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى محل رعي الحيوان، أي النبات.
تبيين القرآن، ص: 614
[5] فَجَعَلَهُ بعد خضرته غُثاءً يابسا أَحْوى أسود.
[6] سَنُقْرِئُكَ القرآن، أي نعلّمك فَلا تَنْسى شيئا منه، و هذا من إعجاز النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
[7] إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أن تنساه، إشارة إلى أن الأمر بيد الله فلو شاء أن ينسيك تمكن منه إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ ما ظهر وَ ما يَخْفى ما خفي.
[8] وَ نُيَسِّرُكَ أي نسهل لك لِلْيُسْرى أي الشريعة السهلة اليسيرة في العمل.
[9] فَذَكِّرْ الناس بالله و المعاد إِنْ قد نَفَعَتِ الذِّكْرى التذكير.
[10] سَيَذَّكَّرُ يتعظ بقولك مَنْ يَخْشى التردي و العقاب.
[11] وَ يَتَجَنَّبُهَا يبتعد عن الذكرى الْأَشْقَى الأكثر شقوة بسبب المعاصي، و المراد به الكافر.
[12] الَّذِي يَصْلَى يدخل النَّارَ الْكُبْرى جهنم.
[13] ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها في النار ليستريح وَ لا يَحْيى حياة طيبة.
[14] قَدْ أَفْلَحَ فاز بالثواب مَنْ تَزَكَّى تطهر من الكفر و الإثم.