کتابخانه روایات شیعه
إلى آخرتي، و اعتبرت هذا الخاطر بالاستخارة الصادرة عن الاشارة الإلهية، فرأيته موافقا لما رجوته من المراحم الربانيّة.
[الفصل العاشر في بيان وصية الأنبياء و الأئمة ع و العلماء بعدة وصايا لأولادهم]
(الفصل العاشر) و كنت قد رأيت و رويت في تواريخ الأنبياء و الأوصياء وصايا لمن يعزّ عليهم صلوات اللّه عليهم، و وجدت سيدنا محمّد الأعظم و رسوله الأكرم قد أوصى مولانا و أبانا عليا المعظم صلوات اللّه عليهما و آلهما، و أوصى كل منهما جماعة ممن يعزّ عليهما، و وجدت وصايا مشهورة لمولانا علي صلوات اللّه عليه إلى ولده العزيز عليه السّلام و إلى شيعته و خاصته.
و وجدت جماعة ممن تأخّر زمانهم عن لقائه قد أوصوا برسائل إلى أولادهم، دلّوهم بها على مرادهم، منهم محمّد بن أحمد الصفواني 63 ، و منهم علي بن الحسين بن بابويه 64 ، و منهم محمّد بن محمّد بن النعمان 65 تغمدهم اللّه برحمته و رضوانه، و منهم
مصنّف كتاب الوسيلة الى نيل الفضيلة 66 ، و هو كتاب جيد فيما أشار إليه رحمة اللّه عليه.
فرأيت ذلك سبيلا مسلوكا للأنبياء و الأوصياء و الأولياء و العلما، فامتثلت أمر اللّه جلّ جلاله في المتابعة لهم و الاقتداء بهم و الاهتداء [بنورهم] 67 .
[الفصل الحادي عشر في بيان سبب اختصاص هذا الكتاب بولده محمد]
(الفصل الحادي عشر) و وجدت اللّه جلّ جلاله قد آثر ولدي الأكبر محمّدا على سائر ولدي بمهمات، مما جعله جلّ جلاله ملكا في يدي، و خصّه بمصحفي و سيفي و خاتمي و ثياب جسدي، فرأيت أن هذا الايثار و الاختصاص تنبيه عند من يريد المعاملة للّه جلّ جلاله بالاخلاص، على أني اوثر ولدي هذا محمّدا، و أخصّه من ذخائر واهب العقول و القلوب مما أرجو أن يكون مرادا لعلّام الغيوب، و جامعا بينه و بين
كل محبوب فمما يكون مناسبا لما خصه اللّه جلّ جلاله من تركتي على سائر ورثتي، فإن له في هذه الرسالة على ما يدل المصحف الشريف عليه من معرفة صاحب الجلالة و المؤيّد بالرسالة و ما يريد منه و له من السعادة الباهرة و حفظ النعم الباطنة و الظاهرة.
و أخصه في هذا الكتاب بما يكون كالسيف الذي يدفع به أعداء مولاه الذين يريدون أن يشغلوه عن رضاه، و بما يكون كالخاتم الذي يختم به على أفواه قدرة الناطقين بالشواغل عن معاده، و يختم به على جوارحه أن تسعى في غير مراده، و بما يكون منها كالخلع التي خلعها اللّه جلّ جلاله على مهجتي، ليسلمني بها من الحر و البرد، و يصون بها ضرورتي.
فأوثره من الخلع الشريفة و الملابس المنيفة، التي خلعها اللّه جلّ جلاله على الالباب، و جعلها جننا و دروعا واقية من العذاب و العار، و جعل منها ألوية للملوك الرّكاب إلى دوام نعيم دار الثواب. و من خلع السرائر و الخواطر و القلوب ما يبقى جمالها عليه مع فناء كل ملبس مسلوب.
[الفصل الثاني عشر في تفصيل الله الذكور على الإناث في الإرث]
(الفصل الثاني عشر) و وجدت اولادي الذكور قد وفّر اللّه جلّ جلاله نصيبهم من تركتي على البنات، فوفّرت نصيبهم من ذخائر السعادات و العنايات.
[الفصل الثالث عشر في تسميته هذا الكتاب بعدة أسماء]
(الفصل الثالث عشر) و قد سميّته كتاب (كشف المحجّة لثمرة المهجة)، و إن شئت فسمّه كتاب (اسعاد ثمرة الفؤاد على سعادة الدنيا و المعاد)، و إن شئت فسمّه كتاب (كشف المحجّة بأكف الحجة). و سوف ارتّبه باللّه جلّ جلاله في فصول، بحسب ما يجريه على عقلي و قلبي و لساني و قلمي واهب العقول، فأقول مستمليا من فائض بحور علومه جلّ جلاله لذاته الزاخرة الباهرة، ما أرجو به لي و لأولادي و لغيرهم من سعادة الدنيا و الآخرة
[الفصل الرابع عشر في بيانه سبب الاختصار في هذا الكتاب على المواهب العقلية]
(الفصل الرابع عشر) فيما أذكره من العذر في الاقتصار في الوصية على المواهب العقلية، دون استيفاء الأحكام الشرعية:
اعلم أن جماعة ممن عرفته من المصنفين اقتصروا على المعروف و المألوف من آداب و أسباب في وصايا أولادهم تتعلّق بالدنيا و الدين، و رأيت أنا أن متابعتهم في تلك الأسباب تضيع لوقتي، إذ كان يكفي أن أدلّهم على تلك الكتب و ما فيها من الآداب، و ما كنت أن احتاج إلى أن أتكلّف تصنيف كتاب، و إنّما أذكر ما أعتقد أنّه أو أكثره مما لا يوجد في رسائل من ذكرت من أصحابنا العلماء في تصانيفهم لأولادهم، مما أخاف أنّ أولادي لا يظفرون من غير كتابي هذا بمرادهم لدنياهم و معادهم، إلّا أن يتداركهم اللّه جلّ جلاله، الذي هو بهم أرحم و عليهم أكرم- من خزانته- و عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ 68 .
[الفصل الخامس عشر في بيان طرق معرفة الله]
(الفصل الخامس عشر) فيما أذكره من التنبيه 69 على معرفة اللّه جلّ جلاله و التشريف بذلك التعريف:
اعلم يا ولدي محمّد و جميع ذريّتي و ذوي مودتي، أنني وجدت كثيرا ممن رأيته و سمعت به من علماء الإسلام، قد ضيّقوا على الأنام ما كان سهّله اللّه جلّ جلاله و رسوله صلّى اللّه عليه و آله من معرفة مولاهم و مالك دنياهم و اخراهم، فإنك تجد كتب اللّه جلّ جلاله السالفة و القرآن الشريف مملوء من التنبيهات على الدلالات على معرفة مولاهم و مالك دنياهم، محدث الحادثات و مغيّر المتغيّرات و مقلّب الأوقات.
و ترى علوم سيّدنا خاتم الأنبياء، و علوم من سلف من الأنبياء صلوات اللّه عليه و آله و عليهم على سبيل كتب اللّه جلّ جلاله المنزلة عليهم في التنبيه اللطيف و التشريف بالتكليف. و مضى على ذلك الصدر الأوّل من علماء المسلمين و إلى أواخر أيّام من كان ظاهرا من الأئمّة المعصومين عليهم السّلام أجمعين.
فإنّك 70 تجد من نفسك بغير اشكال أنّك لم تخلق جسدك و لا روحك و لا حياتك و لا عقلك، و لا ما خرج عن اختيارك من الآمال و الأحوال و الآجال، و لا خلق ذلك أبوك و لا امك، و لا من تقلّبت بينهم من الآباء و الامهات؛ لأنّك تعلم يقينا أنّهم كانوا عاجزين عن هذه المقامات، و لو كان لهم قدرة على تلك المهمات ما كان قد حيل بينهم و بين المرادات، و صاروا من الأموات، فلم تبق مندوحة أبدا عن واحد منزّه عن امكان المتجددات خلق هذه الموجودات، و إنّما تحتاج إلى أن تعلم ما هو عليه جلّ جلاله من الصفات.
أقول: و لأجل شهادات العقول الصريحة، و الأفهام الصحيحة بالتصديق بالصانع أطبقوا جميعا على فاطر و خالق، و إنّما اختلفوا في ماهيته و حقيقة ذاته، و في صفاته بحسب اختلاف الطرائق.
اقول: و انني وجدت قد جعل اللّه جلّ جلاله في جملتي حكما 71 أدركته عقول العقلاء، فجعلني من جواهر و أعراض، و عقل روحاني، و نفس و روح. فلو سألت بلسان الحال الجواهر التي في صورتي: هل كان لها نصيب من خلقي و فطرتي؟! لوجدتها تشهد لي بالعجز و الافتقار، و أنها لو كانت قادرة على هذا المقدار ما اختلف عليها الحادثات و التغيرات و التقلبات، و وجدتها معترفة أنها ما كان لها حديث يفترى في تلك التدبيرات، و أنها ما تعلم كيفية ما فيها من التركيبات، و لا عدد و لا وزن ما جمع فيها من المفردات.
و لو سألت بلسان الحال الأعراض، لقالت: أنا أضعف من الجواهر؛ لأنني
فرع عليها، فأنا أفقر منها؛ لحاجتي إليها.
و لو سألت بلسان الحال عقلي و روحي و نفسي، لقالوا جميعا: أنت تعلم أن الضعف يدخل على بعضنا بالنسيان، و بعضنا بالموت، و بعضنا بالذل و الهوان، و اننا تحت حكم غيرنا ممن ينقلنا كما يريد من نقص إلى تمام و من تمام إلى نقصان، و يقلّبنا كما يشاء مع تقلبات الأزمان.
فإذا رأيت تحقيق هذا من لسان الحال، و عرفت تساوي الجواهر و الأعراض، و تساوي معنى العقول و الأرواح و النفوس و سائر الموجودات و الأشكال، تحققت أن لنا جميعا فاطرا و خالقا، منزّها عن عجزنا و افتقارنا و تغيّراتنا و انتقالاتنا و تقلباتنا. و لو دخل عليه نقصان في كمال أو زوال، كان محتاجا و مفتقرا افتقار 72 مثلنا إلى غيره بغير اشكال.
و قد تضمّن كما ذكرت لك كتاب اللّه جلّ جلاله، و كتبه التي وصلت إلينا، و كلام جدك رسول اللّه ربّ العالمين، و كلام أمير المؤمنين، و كلام عترتهما الطاهرين، من التنبيه على دلائل معرفة اللّه جلّ جلاله بما في بعضها كفاية لذوي الألباب و هداية إلى أبواب الصواب.
[الفصل السادس عشر في بيان حثه على النظر في نهج البلاغة و كتاب المفضل بن عمر و الإهليلجة]
(الفصل السادس عشر) فانظر في كتاب (نهج البلاغة) و ما فيه من الأسرار، و انظر (كتاب المفضّل بن عمر) 73 ، الّذي أملاه عليه مولانا الصادق عليه السّلام فيما خلق اللّه جلّ جلاله من
الآثار، و انظر كتاب الاهليلجة 74 و ما فيه من الاعتبار، فإن 75 الاعتناء بقول سابق الأنبياء و الأوصياء و الأولياء عليهم أفضل السّلام موافق لفطرة العقول و الأحلام.
[الفصلالسابع عشر في بيان تحذيره من متابعة المعتزلة في طريق معرفة الله تعالى]
(الفصل السابع عشر) و إيّاك و ما عقدت المعتزلة 76 و من تابعهم على طريقتهم البعيدة من اليقين، فانني اعتبرتها فوجدتها كثيرة الاحتمال لشبهات المعترضين، إلّا قليل منها سلكه أهل الدين.