کتابخانه روایات شیعه
يحتمل الغلط و الخطأ بل قد كان عندهم غلطا و خطأ لتقديمهم على قريش فكذا كان عقد من عقد منهم الخلافة لأبي بكر يحتمل الغلط و الخطأ، بل قد كان غلطا و خطأ؛ لما جرى من سوء عاقبته، و اختلاف المسلمين، و اطباق أهل البيت على غلط ذلك العقد و مضرته.
و لو لم يكن من دلائل غلطهم، إلّا سبقهم لشيوخ آل أبي طالب و آل العباس و بني هاشم، و أعيان المهاجرين و الزهاد من الناس، إلى الاختيار لرجل يقدّمونه عليهم من غير مشاورة لهم و لا طلب حضورهم و لا مراسلة إليهم.
و من عجائب ذلك الاجتماع أن أبا بكر لما غلب الأنصار بقوله: إن الأئمة من قريش، فقد صار الحديث في الإمامة مع قريش كلها على قوله، فهلا رجعوا من السقيفة إلى قريش فشاوروها في الإمامة، و حيث قد شهدوا أن قد تعيّنت الإمامة لهم، فكيف تقدم أبو بكر عليهم قبل مشاورتهم لهم؟!
[الفصل الثامن و الستون. حسد المنحرفين و غير المتدينين لأهل الصلاح و السداد]
(الفصل الثامن و الستون) و ليس بغريب يا ولدي محمد اجتماع الحسّاد و الأضداد على خلاف الصلاح و السداد، و هذه حال قد جرت لها العادات مذ حسد ابليس لآدم عليه السّلام، و حسد قابيل لهابيل، و حسد أهل الدنيا لأهل الآخرة، و نفورهم من أنبيائهم و الناصحين لهم، و رضاهم بالهلكات، و ما احتاج أن احيلك على ما سلف من الأوقات، فإنك إن اعتبرت حال أهل زمانك وجدت بينهم من الحسد و العداوات ما قد أعمى العيون من الحاسدين على الصواب، و رضوا بمعادات سلطان الحساب و فوات دار الثواب.
[الفصل التاسع و الستون: عمى المخالفين للنص على الإمام علي (ع)]
(الفصل التاسع و الستون) و ليس بغريب يا ولدي محمّد عمى من عمي عن نص اللّه جلّ جلاله على جدك علي بن أبي طالب عليه السّلام بالامامة، و قد عمي كثير منهم من نص اللّه
جلّ جلاله على وجود ذاته المقدسة الإلهية بوجود آثاره و دلائله الباهرة في جميع البرية.
[الفصل السبعون: مخالفة الأصحاب للنبيّ (ص) في نصّه على الإمام علي (ع) و تركه (ص) في حنين و احد، و خذله في خيبر]
(الفصل السبعون) و ليس بغريب يا ولدي محمد أن يقع من أكثر أصحاب جدك محمد صلوات اللّه عليه و آله مخالفة له في نصه على أبيك علي صلوات اللّه عليه بعد وفاته، و قد خالفوه في أمور كثيرة في حياته و عند 164 مماته، و قد كان في وقت الحياة يرجى و يخاف، فالوحي ينزل إليه باسرارهم. و لما مات انقطع الرجاء و الخوف و انسد باب الوحي، و شمروا في طلب شهواتهم و فساد اختياراتهم.
أما علمت أنهم فارقوه في حنين، و في احد، و عند الحاجة إليهم. و خذلوه في خيبر، و فارقوه و هو يتلو كلام اللّه جلّ جلاله و مواعظه عليهم و بادروا إلى نظر تجارة انفضوا إليها. و طلب اللّه جلّ جلاله عند مناجاته صدقة يسيرة فتركوا مناجاته حتى عاتبهم اللّه تعالى عليها. و سيأتي تفصيل هذه المفارقات 165 في جملة مناظرة لنا مع فقيه من أهل المخالفات في بعض هذه الرسالة و انتفع الفقيه و رجع عن الضلالة.
[الفصل الحادي و السبعون: عدم حفظ الصحابة لألفاظ الأذان و اختلافهم فيه]
(الفصل الحادي و السبعون) و ليس بغريب من قوم لم يحفظوا ألفاظ الأذان، و هي تتلى عليهم في كل يوم و ليلة مرات على سبيل الإعلان، حتى اختلفوا في صفاتها، أن يضيّعوا كثيرا من نصوص الإمامة مع ميلهم و حسدهم و عداوتهم الى جحودها، و قطعهم لروايتها، و قد رأيناهم أهملوا ما هو عندهم من المهمات، مثل موضع قبر عثمان و قد كان قتله من الامور المشهورات، و مثل جهلهم بقبر عائشة التي هي عندهم من أفضل الامهات، و غير ذلك من الامور المهمات، فكذا أهملوا النصوص على أبيك عليه
السّلام كإهمالهم أمثالها؛ لأجل الحسد و العدوان.
[الفصل الثاني و السبعون: بيان عدد الأنبياء، و عدم بعثهم بعبادة الأصنام]
(الفصل الثاني و السبعون) و اعلم يا ولدي محمد ملأ اللّه جلّ جلاله قلبك نورا، و وهبك تعظيما لقدره، و نعيما و ملكا كبيرا، أن الأنبياء عليهم السّلام ما بعث أحد منهم بعبادة الأصنام، و لا عبادة شمس و لا قمر، و لا نور و لا ظلمة، و لا حجر و لا شجر، و لا عبادة غير فاطرهم و خالقهم و رازقهم.
و ورد النقل عنهم أنّهم كانوا مائة ألف نبي و أربعة و عشرين ألف نبي صلوات اللّه عليهم، كل واحد منهم كان هاديا و داعيا إليهم، و مع هذا كله فإن أكثر الخلائق ضلوا عن هؤلاء الأنبياء الماضين و عبدوا غير ربّ العالمين، فلا عجب أن تضل أكثر هذه الامة عن واحد من جملة مائة ألف و أربعة و عشرين ألف نبي قد وقع الضلال عنهم، و ادعى عليهم اتباعهم ما لم يقع منهم، بل لو لم تضل أكثر هذه الامة كان ذلك ناقضا للعادات، و خلاف ما يقتضيه طباع البشر و اختلافهم في الاعتقادات.
[الفصل الثالث و السبعون: مخالفة الصحابة للإمام علي (ع) ناشئة من امور دنيوية]
(الفصل الثالث و السبعون) و ليس بغريب من قوم كابروا، أو اشتبه عليهم الحال بين اللّه جلّ جلاله و بين خشبة عبدوها من دونه أو حجر، أن يكابروا أو يشتبه عليهم الحال بين جدك مولانا علي بن ابي طالب عليه السّلام و من تقدمه من البشر، و ما كان يحصل لهم من الأصنام ذهب و لا فضة و لا ولاية و لا أنعام، فكيف لا يفارقون جدك عليا عليه السّلام و قد حصل لهم من يعطيهم، و يرجون منه ما لا يرجون من جدك علي عليه السّلام من الآمال و الأموال. و اللّه إن بقاءه بينهم إلى الوقت الذي بقي إليه صلوات اللّه عليه، آية للّه جلّ جلاله، يعرفها المطلعون على تلك الأحوال 166 .
[الفصل الرابع و السبعون: معرفة الأئمّة عليهم السلام]
(الفصل الرابع و السبعون) و أما تفصيل معرفة صحة الإمامة الاثني عشر من عترة سيد البشر، رسول ربّ العالمين صلوات اللّه عليه و عليهم أجمعين، فقد تقدّم التنبيه عليها و الهداية إليها.
و نزيدك بيانا أن كل من ادعى له أحد من المسلمين الإمامة في زمان واحد من أئمتك عليهم السّلام فاعتبر حاله في الكتب و التواريخ، فإنك تجده لا يصلح لرعاية بلد واحد، و لا تدبير جيش واحد، و لا تدبير نفسه على وجه واحد، و أن الّذين اختاروه قد رووا الطعون عليه و هدموا ما بنوه، فانظر كتاب (الطرائف) تجد الامور كلها كما أشرت إليه.
[الفصل الخامس و السبعون: دلالة قوله (ص): «لا يزال الإسلام عزيزا ما وليهم اثنا عشر خليقة كلّهم من قريش» على امامة الأئمّة الإثني عشر (ع)]
(الفصل الخامس و السبعون) و قد كشف اللّه جلّ جلاله لك يا ولدي محمد على لسان المخالف و المؤالف
أَنَّ جَدَّكَ مُحَمَّداً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ: «لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزاً مَا وَلِيَهُمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ» 167 .
و هذا العدد ما عرفنا أن أحدا اعتقده غير الامامية، و هو تصديق لما أنت عليه و سلفك من اعتقاد إمامة الاثني
عشر من الصفوة النبوية، و قد تضمن كتاب (الطرائف) ذكر الأحاديث بذلك و أمثاله على وجه لا يشك فيه عقل العارف.
[الفصل السادس و السبعون: حديث الثقلين]
(الفصل السادس و السبعون) و ما أوضح اللّه جلّ جلاله على يدي في كتاب (الطرائف) من النصوص الصحيحة الصريحة على أبيك علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه و على عترته بالإمامة ما لا يخفى على أهل الاستقامة، مثل
قَوْلِ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى الْمَنَابِرِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ: «وَ إِنِّي بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» 168 . وَ إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ بَيْتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَمَاعَةً أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي الْقُرْآنِ تَعْيِينَ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 169 .
فَجَمَعَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَبَاكَ عَلِيّاً، وَ أُمَّكَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَ أَبَاكَ الْحَسَنَ، وَ عَمَّكَ الْحُسَيْنَ وَ هُوَ جَدُّكَ أَيْضاً مِنْ جِهَةِ أُمِّكَ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ، وَ قَالَ: «هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي».
و ما أبقى عذرا في مخالفته للمعتذرين.
و كفى سلفك الطاهرين حجة على المخالفين و حجة للمؤالفين التعيين عليهم يوم المباهلة، مباهلة المسلمين و الكافرين، و كان ذلك اليوم من أعظم أيام آيات جدك محمّد سيد المرسلين صلوات اللّه عليه و آله، و معجزاته و كشف الحجة للسامعين و لمن يبلغهم إلى يوم الدين، فإن كل من عرف تلك الاصول عرف عدد الأثني عشر على اليقين.
و هل كان يقتضي كمال صفات ربّ العالمين، و كمال صفات رسوله المفضّل
على الأولين و الآخرين أن يكون نوّابهما غير كاملين معصومين، و هما يريدان أن يحفظوا أسرارهما و شريعتهما، و يقوموا بأمور الدنيا و الآخرة قياما مستمرا بغير تهوين و لا توهين.
[الفصل السابع و السبعون: غيبة الإمام المهدي (عج)]
(الفصل السابع و السبعون) و اعلم يا ولدي محمد ألهمك اللّه ما يريده منك، و يرضى به عنك، أن غيبة مولانا المهدي صلوات اللّه عليه التي حيّرت المخالف و بعض المؤالف، هي من جملة الحجج على ثبوت إمامته و إمامة آبائه الطاهرين صلوات اللّه على جده محمد و عليهم أجمعين؛ لأنك إذا وقفت على كتب الشيعة أو غيرهم مثل كتاب (الغيبة) لابن بابويه، و كتاب (الغيبة) للنعماني، و مثل كتاب (الشفاء و الجلاء)، و مثل (كتاب أبي نعيم الحافظ في أخبار المهدي و نعوته و حقيقة مخرجه و ثبوته)، و الكتب التي أشرت إليها في كتاب (الطرائف)، وجدتها أو أكثرها تضمّنت قبل ولادته أنه يغيب عليه السّلام غيبة طويلة، حتى يرجع عن إمامته بعض من كان يقول بها، فلو لم يغب هذه الغيبة كان ذلك طعنا في إمامة آبائه و فيه، فصارت الغيبة حجة لهم عليهم السّلام، و حجة له على مخالفيه في ثبوت إمامته و صحة غيبته، مع أنه عليه السّلام حاضر مع اللّه جلّ جلاله على اليقين، و إنّما غاب من لم يلقه عنهم لغيبتهم عمن حضره المتابعة له و لربّ العالمين.
[الفصل الثامن و السبعون: توصيته لولده محمد بالاعتقاد بغيبة المهدي (عج)]