کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة المحقق الأستاد ولي]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد لمن خلق الإنسان، و علّمه البيان، و جعل العلم وزير الإيمان، و روّح الأنفس ببديع الحكمة فانّها تكلّ كما تكلّ الأبدان، و يقذفه في قلب من يشاء من عباده بعد التمحيص و الامتحان. و الصّلاة و السّلام على سيّد- الإنس و الجانّ محمّد المصطفى، و على آله الّذين هم كنوز الرّحمن، و فيهم نزل كرائم القرآن.
أمّا بعد: قد أولهني منذ سنين اشتياقي إلى إحياء أثر قيّم من تراثنا الدّينيّ الذّهبيّ، و نشر عرفه الورديّ إلى الملأ الثّقافيّ المذهبيّ، حيث إنّ في انتشار ما أسلفت رجالات الهدى و قادة العلم و التّقى من مآثر آل البيت عليهم السّلام إحياء لمثلى طريقتهم، و حثّا على اقتصاص آثارهم، و قياما بواجب حقوقهم و إشادة بجميل ذكرهم إلى غيرها ممّا يشاد به صرّح المدنيّة، و يقام علالي الحضارة الرّاقية، و يبثّ من الأخلاق الفاضلة و الآراء النّاضجة، و يعضد من دعائم- الاجتماع، و يوطّد من أسس الوئام.
و كنت بذلك مشعوفا، قد ملأ قلبي حبّه، و أخذ بزمام نفسي شوقه، و كان ذلك مكنونا في سرّي، مضمرا في خلدي، و لم أجد للتّنبيه إليه مساغا، أو للإصحار به مجالا، و ما أظنّني في هذا الميل المفرط جانحا إلى خيال، أو محلقا في جواء من التصوّر الحالم، أو الوهم الهائم ... لا، لا، بل أجد في نفسي شدّة حرّه و التهاب وجده.
فمرّ عليّ بذلك أيّام و شهور، و كنت أغدو و أروح في فجوة الرّجاء، متى يدركني مدد ذي المنّ و العطاء، إذ ساعدني الفوز يوما بلقاء الأستاذ، المكبّ
الدّءوب على تصحيح كتب الحديث، العارف بصريح اللّفظ من دخيله و بصحيحه من منتحله، ناشر آثار أهل بيت العصمة، المعتكف على بابهم، المغترف من مزنهم الميرزا على أكبر الغفّارى- أدام اللّه له سوابغ نعمه، و قرائن قسمه، و وصل له سوالفها بعواطفها، و رواهنها بروادفها- فذاكرت به جنابه، و سألته أن يشرّفني بتصحيح بعض المتون الخبريّة الّتي خلّدها التاريخ لعلمائنا الماضين- رحمهم اللّه- فوعدني بموعدة فسري بها عنّي، و اطمأنّ بها قلبي، و مكث غير بعيد إذ أمرني بتصحيح هذا الكتاب القيّم الفخم و تحقيقه و تنميقه، مع أنّه قد طبع مرّة بالنجف الأشرف حروفيّا و أخرى بقم المشرّفة بطريق الافست، و لكنّ الطبعة غير منقّحة، ذات أغلاط و أسقاط بحيث يسوّغ طبعا جديدا و عرضا مستأنفا.
فتقبّلت منه بيد الإكرام، و شكرت جزيل ألطافه العظام، بيد أنّي وضعت نفسي في الميزان و لم أجدني من فرسان هذا الميدان، فتعذّرت إليه بقصر الباع و خشية النّقصان، فأبى إلّا أن يتحفني بهذه الكرامة، و عهد إليّ أن يعينني على هذا المشروع. فشرعت في المقصود مستمدّا من الملك المعبود، و تصفّحت عن نسخه، فأرسل إليّ غير واحد من الأعلام و الأفاضل الكرام بأربع نسخ الّتي ستقف على أوصافها، و جعلتها أصلا، و قابلتها بعين الدّقة و التّثبّت، و لم آل جهدا، و جعلت الصحيح متنا و ما خالفه هامشا، إلّا ما اتّفقت عليه النسخ فأثبّته في الصّلب و إن كان سقيما و أشرت إلى الصّواب ذيلا، ثمّ قابلت جلّ أخباره بمنقولها في البحار، و استفدت منه كثيرا في التوضيح و البيان، و جعلت له فهرسا عامّا يشمل كلّ ما احتواه من الأخبار.
و الكتاب كما ترى أكثر أخباره من طرق العامّة، و أسانيدها مشتملة على كثيرين من رجالهم، و صحّف أكثرها بالتشابه الخطّيّ، و حرّف بعضها بتعكيس النّسبة و المنسوب، و كان جلّ ما فيها من نسبة الرّجل إلى الجدّ
فيعسر الوقوف عليه جدّا، فكلّما أغلق عليّ في ذلك الباب و ضاق عليّ المخرج إلى صوب الصواب راجعت الأستاذ، فبذل- أيّده اللّه- بما عنده من جهد جهيد، و عمل بتكلّف شديد حتّى عيّن أكثرها، و ردّها على ما كانت في أوّلها، فجاء الكتاب- بحمد اللّه سبحانه- بهذه الصورة البهيّة المزدانة بالحواشي، خاليا من الأخطاء و الغواشي، مترجمة رجاله، مبيّنة لغاته، مضبوطة ألفاظه مصحّحة أغلاطه، إلّا ما زاغ عنه البصر، أو كلّ عنه النّظر.
فالمرجوّ من القرّاء الكرام أن ينظروا فيه بعين الإنصاف، و يبتعدوا عن طريق الاعتساف، و من أوقفنا على سهو أو خطأ فيه فللّه درّه و عليه برّه، مضافا إلى ماله من شكرنا المتواصل و ثنائنا العاطر.
تهران- حسين الأستاد ولى
7 ذى القعدة الحرام 1403- 25 مرداد ماه 1362
وصف النسخ:
عندي من الكتاب أربع نسخ مخطوطة و إليك تعريفها:
1- نسخة عتيقة ثمينة مقروءة مصحّحة بإسقاط الأسناد لمكتبة المباركة الّتي أسّسها سماحة الحجّة الآية «السيّد شهاب الدّين النجفيّ المرعشيّ- مدّ ظلّه العالي- تقع في 134 صفحة طولها 27 سم في عرض 5/ 16، و طول كتابتها 21 سم في عرض 12، كلّ صفحة 25 سطرا، كاتبها: عليّ بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن مظاهر، تاريخ كتابتها: ثاني عشر من ذي القعدة من سنة خمس و خمسين و سبعمائة. و من المؤسف عليه أن النسخة ناقصة لفقد أوراق منها.
2- نسخة للمكتبة المذكورة أيضا تقع في 244 صفحة طولها 24 سم في عرض 16، طول الكتابة 15 سم في عرض 8، كلّ صفحة 25 سطرا، و لم يذكر تاريخها و لا كاتبها إلّا أنّ في هامش الصحيفة الأولى منها ما هذا لفظه:
« بسم اللّه الرّحمن الرّحيم استكتبته لنفسي و أنا العبد الضعيف محمّد تقيّ ابن محمّد بن الحسين الشريف في 1295.
3- نسخة نفيسة مقروءة من جملة الكتب الموقوفة الّتي وقفها ميرزا أبو طالب القمّيّ- رحمه اللّه- تفضّل بإرسالها الحجّة الحاجّ السيّد حسن السيّديّ- مدّ ظلّه- تقع في 228 صفحة طولها 18 سم في عرض 12، طول كتابها 17 سم في عرض 7، كلّ صفحة 17 سطرا، و لم يذكر فيها كاتبها و لا تاريخها.
4- نسخة متوسطة في الخطّ ثمينة من حيث الضبط بمكتبة «المرحوم الأستاذ السيّد جلال الدّين الأرمويّ»- أعلى اللّه مقامه في العلّيّين- تفضّل
بها خلفه الصالح صديقي الأعزّ الفاضل المدقّق السيّد عليّ المحدّث- أدام اللّه تأييده-، تقع في 306 صفحة، طولها 22 سم في عرض 16، طول الكتابة 18 في عرض 11، كلّ صفحة 19 سطرا و أضيف في آخره تفسير النعمانيّ (ره)، و لم يذكر الكاتب اسمه و لا تاريخه، و يشبه خطّ النسخة جدّا بخطّ نسخة من جامع الرّواة و كتاب الغارات و التفصيل يطلب من الغارات ص فح من مقدّمته. هذا؛